بقلم جينفر فوس-فيج و ايڤا وڤيلثورست
٢٨ مايو ٢٠١٩
المترجم : أبو طه/ عدنان أحمد الحاجي
مراجعة وتدقيق: الدكتورة أمل حسين العوامي ، استشارية طب وسلوك الأطفال
المقالة ١٧٥ لسنة ٢٠١٩
التصنيف : ابحاث التوحد
BY JENNIFER FOSS-FEIG, EVA VELTHORST
28 MAY 2019
عندما يفكر الناس في اضطراب انفصام الشخصية (شِيزُوفْرانيَا) ، قد يفكرون في فيلم "عقل جميل (١)" أو امرأة على الرصيف مروا عليها والتي كانت تبدو أنها تتنازع مع أصوات غاضبة في رأسها. ولكن من غير المرجح أن يستطيع هؤلاء الناس تصوير شخص لديه توحد.
الذهان يُعرّف على أنه فترة من التصورات غير الطبيعية (الهلوسة) وتشوهات الواقع (الأوهام). يعاني الشخص المصاب بالفصام من نوبات ذهانية متكررة ومن ضعف الأداء في حياتهم اليومية - في المدرسة أو في العمل - وفيما بينهما.
يعتقد الناس ان معظم الشباب الذين لديهم توحد ليس لديهم ولن يكون لديهم ذهان أو فصام . كصنف ، الاضطرابات الذهانية نادرة نسبيا في عموم السكان. تحدث في حوالي ١ من كل ١٠٠ شخص. ولكن - وهذه اللاكن مهمة - تشير الأبحاث بشكل متزايد إلى أن الذهان يحدث في أكثر من ٣ من بين كل ١٠٠ شخص لديه توحد ، أي أكثر من ثلاثة أضعاف التواتر في عامة السكان (٢).
نحن باحثتان ندرس الذهان والتوحد: إحدانا متخصصة في اضطراب التوحد ولها اهتمام في الذهان، والآخرى متخصصة في الذهان ولها اهتمام بالتوحد. نهدف معًا إلى رفع مستوى الوعي لدى الناس ، وخاصة بين الأطباء ، بأن هذه الحالات تحدث بشكل متزامن. من خلال القيام بذلك ، نأمل أن نتيح للأشخاص الذين لديهم توحد ويعانون من الذهان إمكانية الوصول إلى التشخيص والعلاج المناسبين.
العديد من الأطباء في عيادات علاج الذهان المبكر يفشلون في تصور وفهم حقيقة /طبيعة الذهان لدى الذين عندهم توحد. في أغلب الأحيان ، يعزون الهلوسة والأوهام الى إضطراب التوحد الذي لديهم. وعلى نفس المنوال ، عندما يزور شخص لديه نفس الممارسات ( الفصام والذهان) عيادة التوحد ، فمن غير المرجح أن يتم تحويله إلى أخصائيين في الذهان. أي من هذه السيناريوهات يعرض الشباب الذين لديهم توحد ولديهم علامات ذهان مبكرة لخطر أن يبقوا دون تقديم أي رعاية لهم.
حالات مختلطة:
يشترك التوحد والفصام في تاريخ معقد. قبل دخول اضطراب التوحد في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (النفسية) (٣) ، تم تشخيص من لديهم توحد بانفصام الشخصية الذي بدأ في مرحلة الطفولة. عندما صُنف التوحد أخيرًا في عام ١٩٨٠ ، حظرت المعايير ازدواج التشخيص للتوحد وانفصام الشخصية ، ربما لتفادي الارتباك السابق.
التوحد وانفصام الشخصية سيستمران منفصلين تمامًا من حيث الأبحاث والرعاية الإكلينيكية . على الرغم من وجود عيادات متخصصة لكل حالة ، إلا أنهما معزولتان عن بعضهما البعض. توضح دراسات الحالة التالية المشكلة.
تمت إحالة صبي لديه توحد يبلغ من العمر ١٧ عامًا وسنسميه فيليب إلى عيادة علاج الذهان المبكر لأنه أوجد اثنين من المستشارين شخصيين في رأسه. خلال زيارته لإحدانا ، نقل فيليب آراء مستشاريه الوهمية. وخلص الفريق إلى أن فيليب عرضة لخطر الإصابة بذهان كامل في غضون عام. ومع ذلك ، خلصنا أيضًا إلى أن أعراضه يمكن رؤيتها من خلال عدسة التوحد. لسوء الحظ أعدناه إلى عيادة التوحد دون أي خطط لمتابعة حالة الذهان لديه .
في حالة أخرى ، فتاة لديها توحد تبلغ من العمر ١٤ عامًا وسنسميها سارة بدأت بالتعبير عن مخاوفها من تعرضها للتسمم. أثناء تقييمها في عيادة التوحد ، أصبحت مذعورة وغاضبة من الكاميرات في الغرفة ، على الرغم من أنها أبلغت أنهم لا يقومون بتصويرها. بعد التقييم ، لم يكن الأطباء متأكدين مما إذا كانت الأعراض تفي بمعايير الحالة الذهانية ، لذلك لم تتم إحالتها إلى عيادة علاج الذهان المبكر. لم يكن هناك متابعة مع اخصائي الذهان.
علامات مماثلة:
أردنا أن نرى ما إذا كان الذهان الناشئ لدى شخص لديه توحد يبدو مختلفًا عن عامة الناس. في البحث المنشور هذا العام ، قمنا بجمع بيانات من المشاركين في الدراسة الطولية لمبادرة أمريكا الشمالية ، والتي تابعت الشباب الذين لديهم علامات ذهان مبكرة لمدة عامين (٤) . استخدمنا المعلومات من المقابلات الإكلينيكية والاستبيانات والفحوصات المعرفية ( الإدراكية) في ٢٦ شخصًا لديهم توحد و ٧٣٨ شخص كمجموعة تحكم لتقييم العلامات المبكرة للذهان ، واحتمال تطوير حالة ذهانية كاملة وعوامل تنبؤية ، مثل العمر وتاريخ الذهان لدى الأسرة ووقائع الحياة المجهدة. .
نتائجنا قد تفاجيء أولئك الذين يعتقدون أن الذين لديهم توحد لا يصابون بالذهان. أظهرت النتائج ان الأشخاص الذين لديهم توحد وأشخاص التحكم لديهم أنماطًا مشابهة لسمات الذهان بشكل ملحوظ . المجموعتان قد تكون لهما نفس الإحتمالية للإصابة بذهان كامل في غضون عامين - حوالي ٢٠ بالمائة في كل مجموعة. أخيرًا ، فإن العوامل التي تتنبأ بخطر الإصابة بالذهان لدى عامة السكان تتنبأ أيضًا بالخطر للأشخاص الذين لديهم توحد.
النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أن علامات الذهان الناشئة يجب أن تؤخذ على محمل الجد لدى الذين لديهم توحد.
دراستنا ليست قطعية ، ولكنها شملت فقط عدداً متواضعاً من الذين لديهم توحد ومقتصرة على أولئك الذين لدى مقدمي الرعاية لهم مخاوف أدت إلى تقييمهم للذهان . كان جميع المشاركين لدينا قادرين على التحدث بما يكفي للإبلاغ عما تعرضوا له. لمعرفة كيف تطور الذهان في التوحد بشكل أفضل ، نحتاج إلى دراسات كبيرة يتم فيها مراقبة من لديهم توحد بمرور الوقت ، ونحن بحاجة إلى أن تشمل اشخاصاً لديهم توحد وغير قادرين (او ضعيفي القدرة) على الكلام.
قد نحتاج أيضًا إلى أدوات أفضل لتقييم الذهان عند من لديهم توحد وفهم ما إذا كانت العلاجات التقليدية للذهان - الأدوية والتدخلات المعرفية cognitive والدعم النفسي - فعالة أيضًا لهؤلاء الأشخاص. قائمة المهام طويلة ، لكن الحاجة ملحة.
في الشهر الماضي ، تلقينا رسالة بريد إلكتروني من أم كانت تطلب المساعدة لابنها البالغ من العمر ١٥ عامًا. تم تشخيصه بالتوحد في مرحلة ما قبل المدرسة ، وقد أصبح معزولاً disengaged بشكل متزايد ومنغمساً في أفكاره ومذعوراً. على الرغم من أنه كان يعاني اجتماعيًا من صعوبات ومع التحدث مع الغير بشكل دائم ، إلا أن تعبيراته كانت لا تُفهم . كان يتحدث إلى نفسه ، وهو يصرخ راداً على الأصوات التي تبدو له في رأسه. كان مضطرباً باستمرار. سألتنا الأم عما نعرفه عن علاج الذهان لمن لديه توحد.
لسوء الحظ ، البحث المحدود يعني أنه لم يكن لدينا إجابة جيدة لهذه الأم ، على الرغم من أننا شجعناها على احضار ولدها للتقييم وأن تأخذ في الإعتبار العلاج الدوائي. على الرغم من عدم وجود مسارات مجربة للعمل ، من الأهمية بمكان أن تؤخذ أعراض ظهور الذهان الناشئة على محمل الجد . أطفال مثل فيليب وسارة بحاجة إلى أن تؤخذ حالاتهم على محمل الجد الآن.
جينيفر فوس - فيج وإيفا فيلتورست أستاذتان مساعدتان في الطب النفسي في كلية إيكان للطب بكلية ماونت سيناي وعضوتا هيئة التدريس في مركز سيفر للتوحد للبحوث والعلاج في نيويورك.
مصادر من داخل وخارج النص:
١-https://ar.m.wikipedia.org/wiki/عقل_جميل_(فيلم)
٢-https://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed/30284394/
٣-https://www.spectrumnews.org/features/special-reports/dsm-5s-take-autism-five-years/
٤-https://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed/30797038/
المصدر الرئيسي
https://www.spectrumnews.org/opinion/viewpoint/signs-psychosis-people-autism-warrant-serious-concern/
للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على صفحتنا على الإنترنت على هذا العنوان؛
https://sites.google.com/view/adnan-alhajji
من محاسن الصدف أني قرأت المقال قبل عدة أيام باللغة الأنحليزية. و كنت قد أبديت شغفاً بالموضوع. أشكر لك هذا الإثراء للقارئ العربي في أهم المواضيع العلمية.
ردحذفكل التحية والتقدير.