الأربعاء، 21 يونيو 2017

عطف الأباء المغموط

١٣ يونيو ٢٠١٧
ترجمه ابو طه / عدنان احمد الحاجي

The understated affection of father


June 13, 2017



ربما لا تكون الجملة اعلاه  أكثر وضوحا كما هي عليه في علاقات الآباء والأبناء. من الخارج، قد تكون علاقات  الأب والابن بعيدة او منقطعة. الشخص  الذي لا يتردد في  عناق  وتقبيل والدته قد يصافح  والده فقط مصافحة متكلفة. الآباء الذين يغدقون على  بناتهم  حناناً  قد تمضي  سنوات دون أن يقولوا  لأبنائهم أنهم يحبونهم. وكثيرا ما يُوبخ الرجال من قبل زوجاتهم أو أمهاتهم لعدم استعدادهم  لإظهار المزيد من الحنان  اتجاه آبائهم أو أبنائهم.

هذه الانتقادات تتغاضى عن حقيقة عي أكبر من ذلك، الحقيقة  التي قضيت سنوات في استكشافها  كباحث تواصل اجتماعي : غالباً  الرجال يظهرون  المودة/الحنان فيما يفعلونه لا فيما  يقولونه. طرقهم في التعبير عن   الحب الى الطرف الآخر يمكن أن تكون غير ملحوظة. وفي حين انه  للمراقبين من الخارج قد يبدو  انها   بدائل ضعيفة  للمودة الحقيقية، بالتسبة لكثير من الآباء والأبناء هي كل  ما تعنيه  الكلمات والقبلات والعناق.

طرق مختلفة للتعبير عن الحب

جلين، البالغ من العمر ٤١ عاما والمتطوع  في واحدة من دراساتي، لديه ما يدعوه كثير  من الناس  بالعلاقة النمطية مع والده  في أيام الأحد، يقوم جلين وزوجته في كثير من الأحيان بزيارة والديه.  في حين تقوم  الزوجة جلين بالحديث مع والدة زوجها، يشاهد  جلين ووالده  التلفزيون، او يقوما معاً باصلاح  سيارة والده  او  بإصلاح اشياء منزلية، بالكاد يتحدثان  مع بعضهما ببضع عشرات من الكلمات  في  الساعة التي يقضيانها معاً.
في العديد من العلاقات، هذه السلوكيات تبدو انها باردة أو بعيدة. ولكن في حالة جلين ووالده.، فالاثنان  ببساطة يفضلان  الأفعال على الكلمات.
وقد أظهرت أبحاثي على السلوك العاطفي باستمرار،  وبشكل عام، ان الرجال يميلون أكثر  الى التعبير عن   المودة من خلال فعل شيء داعم من ان  يتبادلون  تعبيرات لفظية، مثل قول أو كتابة "أنا أحبك".

في حين أنني وجدت أن هذا صحيح بشكل خاص في علاقاتهم مع رجال آخرين، بل هو أيضا صحيح في علاقاتهم مع النساء. ومع  أصدقائهم من الرجال، الرجل النمطي  هو على الأرجح يظهر  مودته من خلال تنظيم رحلة  طريق أو المساعدة في إصلاح سقف أكثر من قوله "أنا أهتم بك".   ولزوجته أو أمه، قد يكون أكثر ميلا للمساعدة في مهمة  تحتاج  القيام بها - كقص العشب أو تغيير مواضع الإطارات على السيارة - من إرسال بطاقة هالمارك ( ودية) Hallmark card.
من السهل التقليل من قيمة هذه الأنواع من السلوكيات كبدائل للمودة "الحقيقية". على سبيل المثال، تعتقد زوجة جلين أن جلين ووالده يعطيان الأولوية للأنشطة المشتركة لأنهم لا يعرفان كيفية التعبير عن الطريقة التي يشعران  بها تجاه بعضهما البعض.

ومع ذلك، جلين ووالده يقولان  أن اكثر ما يفضلانه هو قضاء الأوقات الأكثر فائدة  معاً في عمل  نشاط أو القيام بمهمة محددة. بالنسبة لهما، هذا هو التعبير عن الحب: و يدل على ويعزز ما  يشعران به تجاه  بعضها البعض.

التوتر بين العلاقة الحميمة والذكورة

من السهل أن نفهم لماذا العديد من الآباء والأبناء يبدون إنهم  غير مباليين ببعضهم البعض. على الأقل في بيئتنا الثقافية، المودة تصل الى الطرف الاخر عادة من خلال التعبيرات اللفظية وأيضا من خلال الإيماءات غير اللفظية كالمعانقة.

كل من هاذين الطريقين هما  أقل شيوعا في العلاقات بين الرجال، مما يجعل ذلك  يبدو كما لو كان هناك شيء مفقوداً. ولكن ما يحدث  حقا     هو سوء فهم  تعقيدات العلاقات بين الأب بالأبن.

عالم التواصل  الأُسَري  الدكتور مارك مورمان وأنا  وجدنا أن علاقة   الأب والابن معقدة من خلال الحاجة إلى مناقشة  التوتر المعقد بين الذكورة و الحميمة.

من جهة، فإن العلاقة بين الآباء والأبناء هي علاقة أسرية. الناس يميلون إلى الشعور انهم أقرب وأكثر اهمية في أسرهم مما يفعلونه في العديد من الروابط الاجتماعية الأخرى.

من ناحية أخرى، ثنائية الأب والابن هي علاقة بين اثنين من الذكور - واحدة  تخضع للتوقعات الاجتماعية عما هو المفترض في كيف  يتصرف الرجال تجاه بعضهم البعض. وتميل الذكورة التقليدية إلى التمتع بخصائص مثل المنافسة والاستقلال والاكتفاء الذاتي. ويأتي ذلك على حساب التعبيرات الحميمية (بين شخص و آخر)، والتي يمكن أن تؤدي الى حالة من الضعف.

متمنيا المزيد

أخبرني جلين أن والده أصبح أقل تعبيرا. عن  المودة  تجاهه عندما أصبح جلين مراهقا. لقد وجدت هذا التطور في علاقة الأب والابن  شائعة جدا. عند عمر معين، العديد من الآباء والأبناء  يقيمون علاقاتهم استناداً الى الأنشطة المشتركة بدلا من الكلمات ( التحدث لبعضهما) المشتركة. وفي الوقت نفسه، لا يميل الآباء إلى التقليل من ابداء  المودة الشفوية ( عبر الكلمات ) مع بناتهم بنفس الطريقة، وكذلك   الأمهات لا يقللن من إبداء ذلك مع أبنائهن أو بناتهن.

مثل زوجة جلين وأمه، العديد من النساء يتساءلن بصوت عال لماذا الرجال في حياتهم ليسوا  معبرين أكثر  ومنفتحين. ومن وقت لآخر، حتى جلين  يتمنى بصوت عال أن يتمكن هو ووالده من  ان يتحدثا عن مشاعرهما لبعضهما البعض بشكل مباشر أكثر.

كما اوضحت  في كتابي "علاج الوحدة"، لا يوجد شيء غلط في الرغبة في علاقة معبرة أكثر. في الواقع، العديد من الرجال  يصبحون أكثر تودداٌ عن طريق التحدث ( الشفوي)  مع آبائهم أو أبنائهم.

هناك درس هام هنا، على الرغم من ان العديد من علاقات الذكور هي بالفعل غنية أكثر  وأكثر وضوحا مما تبدو عليه. فالطريقة الفريدة التي يرتبط بها الرجال مع  بعضهم البعض تستحق  التبجيل بدلا من التقليل منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق