جميع اللغات نشأت لتكون لها سمة مشتركة
ترجمه ابو طه / عدنان الحاجي
٣. أغسطس ٢٠١٥
3 August 2015
المقالة رقم ٣١٩ لسنة ٢٠١٧
مقدمة المترجم
سمعنا عن البلاغة في اللغة وهي ببساطة توصيل الرسالة ( المراد ابلاغها) من المرسِل الى المرسل اليه بأقل كلامات ممكنة وبأوضح صورة وهذا يسمى في العلم الحديث بال effective communication ويعني التواصل الفعّال ( بالمعنى الحرفي للكلمة) ومن لوازم هذا المعنى بالعرف العلمي الحديث هو الوضوح في الرسالة ( no confusion ) وقصر الرسالة ( الكفاءة في الإيصال) والتوفير في مساحة الذاكرة المستوعبة ( لو اريد كتابتها رقمياٌ) وقصر المدة المأخوذة في الأفهام والاستيعاب والتوفير في التكلفة
ولعل البحث الآتي ولو كان من الترف العلمي الذي لا يحتاجه عامة الناس الا ان ال!متخصص قد يرى فيه الفائدة التي ينشدها وإلا هي معلومة من المعلومات التي قد تنفع و لا تضر
----النص--
بغض النظر عن اللغة التي يتكلمون بها، يحاول الناس ان يجعلوا من أنفسهم مفهومين بالحد الأدنى من الجهد.
مايكل باتلر
هل تساءلت يوما لماذا تقول "الولد يلعب الفريسبي مع كلبه" بدلا من "الكلب الصبي والفريسبي اللعب مع"؟ قد تحاول إعطاء عقلك استراحة، وفقاً لدراسة جديدة. تحليل ٣٧ لساناً (لغةً) مختلفة اختلافاً واسعاً وجد أنه على الرغم من الاختلافات الكبيرة الواضحة؟ فيما بينها، إلا أنها تشترك في ما قد يكون سمة عالمية للغة البشرية: كل ا؟للُّغَات قد نشأت لجعل لغة الخطاب ( لغة التواصل) كفؤة بقدر الإمكان.
الأرض هي برج بابل الحقيقي: ما يصل إلى ٧٠٠٠ لغة لا تزال يُتحدث بها في جميع أنحاء العالم، وهي تنتمي إلى ما يقرب من ١٥٠ مجموعة لغوية. وهي تختلف على نطاق واسع في الطريقة التي تضع الجُمل مع بعضها. على سبيل المثال، لبنات البناء الرئيسية الثلاث للجملة، الفاعل (S) و الفعل (V)،والمفعول به (O)، يمكن أن تأتي على ثلاثة ترتيبات مختلفة. فالإنجليزية والفرنسية هما لغة ال SVO ( الفاعل ثم الفعل ثم المفعول) ، في حين ان الألمانية واليابانية هما لغة ال SOV ( الفاعل ثم المفعول ثم الفعل) .
عدد أقل من ذلك بكثير، كالعربية والعبرية، تستخدم ترتيب ال VSO ( الفعل ثم الفاعل ثم المفعول به) . وليس هناك لغات موثّقة جيدا تبدأ الجمل أو الفقرات بالمفعول، على الرغم من أن بعض اللغويين قد أشار مازحاً الى أن الكلينغونية قد تكون كذلك).
لكن على الرغم من هذه الطرق المختلفة لهيكلة الجمل فقد أظهرت دراسات سابقة لعدد محدود من اللغات أن اللغات تميل للحد من المسافة بين الكلمات التي تعتمد على بعضها البعض في معناها. هذه "التبعية" هي المفتاح لو كانت الجمل من شأنها ان تعطي معنى.
جملتا A و B لهما نفس الطول وتستخدما نفس الكلمات، كما في جملتي C و D. لكن أطوال المفعولية للجملة الثانية في كل زوج (. A و B ) و ( C و D) اطول
على سبيل المثال، في جملة " جين رمت القمامة في الخارج"، كلمة "جين" تعتمد على ( مفعولية) "رمت" -فالجملة تحدد الفعل بإخبارنا من الذي كان يقوم بالرمي، تماما كما نحتاج الى "القمامة" لمعرفة ما هو المرمي، و نحتاج الى كلمة "الخارج" لمعرفة أين ذهبت القمامة. على الرغم من أن "رمت" و "القمامة" هي ثلاث كلمات بعيدة عن بعضها البعض، لا يزال بوسعنا فهم الجملة بسهولة.
ولكن قد نواجه مشاكل اكثر لفهم جملة مثل "جين رمت القمامة القديمة التي كانت في المطبخ خارجاً"، لأن الآن "رمت" و "القمامة" تفصل بينهما أربع كلمات، وهناك ٨ كلمات تفصل بين "رمت" وبين "خارجاً" . يمكننا تقصير مسافات التبعية (المفعولية) بين الكلمات ونجعل الجملة أكثر وضوحا بتغييرها لتصبح " جين رمت خارحاً القمامة القديمة التي كانت في المطبخ".
وهذه الملاحظات أدت ببعض اللغويين أن يفترضوا أن كل لغات العالم تقلل المسافة بين الكلمات المعتمدة على بعضها، وهو ما يسمى تقليل طول التبعية إلى أدنى حد (DLM). إلا أن الدراسات السابقة لهذا الاتجاه لم تغطي سوى سبع لغات. على الرغم من أن معظمهما أظهرت على الأقل بعض الأدلة على ال DLM، سندها في اللغة الألمانية كان ضعيفاً ولقد أثارت تلك النتيجة الشكوك حول ما إذا كان ال DLM يعد سمة عالمية للغة البشرية.
في محاولة حل هذه المشكلة، فقد قام فريق بقيادة ريتشارد فوتريل، اللغوي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج، بتحليل ٣٧ لغة من ١٠ مجموعات لغات مختلفة لمعرفة مقدار ما تقلله من أطوال التبعية في ضوء ما يمكن توقعه بالصدفة.
بالإضافة إلى لغات رئيسية كاللغة الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية، فقد شملت قاعدة البيانات أيضا اللغة اليونانية القديمة والعربية و الباسك والتاميلية، والتيلجو وهي احدى اللغات الكلاسيكية في الهند. وبالنسبة لمعظم اللغات فقد استخدم الباحثون مقالات نثرية من الصحف، والروايات، ومدونات مكتوبة، وفي اللغة اليونانية القديمة واللاتينية فقد اعتمدوا الشعر. وقاموا بمعالجة آلاف الجمل باستخدام البرمجيات المصممة لقياس أطوال التبعية.
والنتائج التي نشرت على الانترنت اليوم في دورية الاكاديمية الوطنية للعلوم، تبين أن كل ال ٣٧ لغة بما فيها الألمانية، تقلل أطوال التبعية بدرجة أكبر مما كان متوقعا عن طريق الصدفة. ومع ذلك، وجد الفريق اختلافات واسعة في نطاق ال DLM. وقد أظهرت الإيطالية والإندونيسية، والايرلندية درجة عالية من التقليل، في حين أظهرت اليابانية و الكورية والتركية أقل من ذلك بكثير. وبشكل عام، فإن لغات SOV ؟ (الفاعل والمفعول والفعل) مثل الألمانية تميل إلى أن تكون أطوال التبعية أطول، على الرغم من أن هذه ليست قاعدة متينة وسريعة.ويقول المؤلفون إن سبب وجود هذه الاختلافات هو موضوع للبحث المستقبلي. لكنهم أشاروا إلى أن الألمانية والعديد من لغات الSOV الأخرى تستخدم جهاز لغوي يسمى "علامة الحالة" تعديل الكلمات الرئيسية في الجملة التي تجعل من السهل تمييز الفاعل من المفعول . على سبيل المثال، في حين أن المتحدثين باللغة الانجليزية كان عليهم أن يقولوا إما "جون قبل ماري " أو "ماري قبلت جون" لنعرف من قبل من، و في اليابانية يمكن أن يقول "جون ماري قبل" لأن علامة الحالة سيكون واضحا. (الإنجليزية، لغة SVO التي لا تستخدم علامات الحالة عموما، ومع ذلك لديها بعض الآثار من أصلها في الإنجليزية الجرمانية القديمة: نقول "ألقى الكرة اليها" بدلا من "ألقى الكرة إلى هي" لجعله واضحاً تماماً من هو الفاعل ومن هو المفعول.)
الحد من طول التبعية مفيد، يقول فوتريل، لأن الجمل معقدة تتطلب المزيد من الذاكرة وبالتالي أكثر طاقة لكل من المستمعين والمتحدثين الذين يحاولون ان يفهموا ويُفهموا. وبالتالي فمن المنطقي أن أطوال التبعية القصيرة تصبح سمة عالمية في اللغة البشرية. " وكمستخدمي لغة، لنا ان نختار من عدة طرق للتعبير عن أنفسنا"، يقول فوتريل. "ما لا تفعله اللغات هو انها لا تجبرك" على استخدام مخزون الذاكرة غير الكفوء والمضيع للطاقة .
البحث الجديد هو "تقدم كبير" "لأنه يبين أن ال DLM هي خاصية للغات بشكل عام"، كما يقول ديفيد تيمبلري، وهو عالم الإدراك في جامعة روتشستر في نيويورك.
ومع ذلك، وقال انه شبه متأكد انها ميزة "عالمية" للغة أو " جزء لا يتجزء " من اللغة، من ان تكون استراتيجية طورها البشر على مر الزمن لجعل انفسهم مفهومين بشكل أفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق