ديفيد ايرفينغ
٢٥ يوليو ٢٠١٧
ترجمه ابو طه / عدنان احمد الحاجي
David Irving
Updated July 25, 2017
المقالة رقم ٣٣٠ لسنة ٢٠١٧
وكما القرية لا يمكن أن تكبر لتصبح مدينة دون شكل من أشكال نظام النقل (طرق أو سكك حديدية أو نهر) يوفر ارتباطاً ضرورياً لكي تزدهر، فإن الكائنات الحية هيء محدودة في الحجم الذي يمكن أن تصل إليه ما لم يكن لها شكل من أشكال الدورة الدموية لنقل المغذيات وإزالة النفايات.
الكائنات الحية وحيدة الخلية كالبكتيريا والفطريات، وبعض المخلوقات متعددة الخلايا مثل الإسفنج والشعاب المرجانية والديدان المسطحة، تمتص ببساطة العناصر الغذائية التي تحتاجها وتتخلص من نفاياتها باستخدام عملية خاملة تعرف باسم الانتشار ( الإنبثاث) (التي تشبه إلى حد كبير الأمتصاص والتصريف ).
وقد طورت الحيوانات الأكثر تعقيدا نوعاً من نظام الدورة الدموية. مجموعة متنوعة من أنظمة ومضخات مختلفة (قلوب) قد تطورت ، ولكن لها جميعاً بعض الأشياء المشتركة. وتشمل هذه الأشياء نقل الأكسجين الى أنحاء أجسامها، وهو سائل من نوع ما، وبعض "التسليكات" - في البشر (وعدد من الأنواع الأخرى) يسمى هذا السائل بالدم والتسليكات هي شراييننا وأوردةنا وشعيراتنا. والناقل للأكسجين هو الهيموجلوبين.
واعتمادا على الكائن الحي وحيث تتكيف لتبقى على قيد الحياة، ناقل الأكسجين فيها يمكن أن يأتي في أشكال مختلفة، وغالباً ما يعطي"الدم" الألوان المختلفة. العناكب والقشريات والأخطبوط والحبار تستخدم الهيموسيانين haemocyanin ، والذي يعتمد على النحاس ويعطي الدم اللون الأزرق. هذا الناقل يعمل بشكل جيد في بيئات حيث مستوى الأكسجين منخفض وفي جو بارد.
تستخدم الديدان المقسمة segmented وبعض الطفيليات تستخدم ناقلاً يعتمد على الحديد ويسمى ال كلوروكرورين chlorocruorin، والذي يمكن أن يبدو إما أخضراً أو أحمراً، ويرجع ذلك الى بيئتها الكيميائية. الفقاريات، بما فيها البشر، تستخدم الهيموغلوبين haemoglobin، والذي يجعل دمها أحمراً .
وهناك حالة خاصة حقيقية هي السمك الجليدي في القطب الجنوبي الذي فقد هيموجلوبينته منذ فترة طويلة نتيجة لطفرة عشوائية مفترضة. ولكنه تكيف والآن بقى على قيد الحياة عن طريق نقل الأكسجين المذاب في دمه. هذا كان ممكناً بفضل الظروف الباردة التي يعيش فيها.
ما هي مكونات دمنا ؟
الدم البشري، ودم جميع المخلوقات ذات العمود الفقري (بإستثناء الأسماك الجليدية في القطب الجنوبي ) أحمر. اللون يأتي من مادة كيميائية تعرف باسم ال هايم haem، والتي تحتوي على الحديد. و الحديد هو العنصر المهم لنقل الأوكسجين. ه الأكسجين تحتاجه خلايانا لتحرق السكريات والدهون والبروتينات بطريقة مسيطر عليها. وهذا يوفر لنا الطاقة التي نحتاجها للبقاء على قيد الحياة.
خارج أجسامنا، نعلم أنه عندما يتعرض الحديد للأكسجين، فإنه يصدأ. وإزالة الصدأ ليست عملية سهلة . ولكن لكي تعمل كناقل للأكسجين في أجسامنا، يحتاج الحديد ان يتأكسد "ان يصدأ" وأن يقوم بعكس عملية الأكسدة "يزيل الصدأ " عند الطلب - الحصول على الأكسجين حيث يكون في إمدادات وفيرة (رئتينا)، وإطلاقه حيثما يكون مطلوباً (الخلايا في اعضائنا).
مفتاح تشغيل / إطفاء الأكسجين هذا جُعل ممكناً بمساعدة من الجزيئات الكبيرة المعقدة. الأول هو ال هايم haem، وهو هيكل كيميائي دائري مسطح يحمل ذرة حديد في مركزه. ويُـثبت ال هايم بشكل محكم من قبل بروتينات تعرف باسم ال غلوبين globin، وتشكل هذه التركيبة ما يسمى بالهيموجلوبين، والذي هو نفسه يُعبأ في خلايا الدم الحمراء ليتم نقله الى جميع أنحاء الجسم.
التركيب الجزيئي للهيموغلوبين يتم ضبطه بدقة للسماح له بربط الأوكسجين في الرئتين وتوصيله الى المناطق التي تتوفر فيها كمية أقل من الأوكسجين.
الخلايا الحمراء هي طرود متخصصة، تفتقر إلى الحمض النووي DNA، والقادرة على النفاذ من خلال أصغر الشعيرات الدموية، والتي تصل الى أربعة من المليون من المتر (أي ما يعادل تقريبا نصف قطر هذه الخلايا). شكلها الدوناتي ( يعني بشكل الدونات) يجعل مساحتها السطحية اكبر مساحة ممكنة للتأكد من أنها يمكن أن توصل الأكسجين بكفاءة، مع الإحتفاظ بحجمها صغيراٌ بما يكفي لتنتقل خلال أصغر الأوعية الدموية.
أكثر من مجرد شيء أحمر
وبالإضافة إلى الخلايا الحمراء، يحتوي دمنا على خلايا ومواد كيميائية أخرى تعمل على إصلاح وصيانة نظام النقل وإرسال إشارات الى جميع أنحاء الجسم.
خلايا الدم البيضاء تصد أو تدمر الغزاة. تقوم بعض خلايا الدم البيضاء (الخلايا الليمفاوية) بتصنيع جزيئات تعرف باسم الأجسام المضادة التي تضع علامات على الفيروسات والبكتيريا لتدميرها، في حين أن البعض الآخر يسمى العِدلات neutrophils والخلايا البلعمية macrophages (تعني حرفيا "الأكلات الكبيرة") تبتلع البكتيريا والفطريات والطفيليات للحفاظ على دورة الدم نظيفة. عندما تنتهي العدلات من عملها فقد تراها في بعض الأحيان كمكون رئيسي للقيح.
الصفائح الدموية هي قطع صغيرة جدا من خلايا أكبر تسمى خلايا الدم. و تتفاعل مع أي خرق لجدران الأوعية الدموية، وتتجمع معاً، مما يثير ردود فعل لتشكل سداداً (أو جلطة) للجزء التالف. فلو كان الشخص لا يملك ما يكفي من الصفائح الدموية، فإنه يعاني من نزيف لا يمكن السيطرة عليه.
من أين يأتي ؟
كل خلايا الدم (الخلايا الحمراء والخلايا البيضاء والصفائح الدموية) تتطور من خلايا تكوين الدم الجذعية (و حرفيا "تصنيع الدم") ، وتقع في نخاع العظام. وقد وُجد مؤخراً العديد من الصفائح الدموية في الرئتين آتية من الخلايا الضخمة التي انتقلت هناك من نخاع العظام.
أثناء تطور الخلايا الجذعية تقوم بالتخصص تدريجياً الى العديد من الأنواع المختلفة من خلايا الدم، مما يجعل الخيارات التنموية متوازية مع هذه العملية . يتم التحكم في تخصص الخلايا أثناء التطور بسيمفونية من عوامل نمو. في بعض أنواع سرطان الدم والأمراض الخطيرة، يمكن استخدام الخلايا الجذعية أو زرع نخاع العظم "لإعادة تشغيل عملية" نظام تصنيع الدم.
كلما زادت معرفتنا بالسيطرة على نمو خلايا الدم ، فنحن نحرز تقدما تجاه قدرتنا على إعادة إنتاج هذه العملية في الخلايا التي تزرع في المختبر. لا يزال هناك بعض الوقت لإيجاد عملية متاحة على نطاق واسع، ولكنه مجال مثير للمراقبة وهو يتطور.
https://theconversation.com/essays-on-blood-why-do-we-actually-have-it-75064
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق