الخميس، 21 سبتمبر 2017

لماذا لم ننشأ لنحيا للأبد : كشف غموض لماذا نشيخ

 

اختراق علمي في معرفة أصل عملية الشيخوخة

٧ سبتمبر ٢٠١٧

المترجم : ابو طه/ عدنان احمد الحاجي


المقالة رقم ٣٩٩ لسنة ٢٠١٧


Why we did not evolve to live forever: Unveiling the mystery of why we age

Breakthrough in understanding the origin of the ageing process


07 September 2017

 حقق باحثون في معهد البيولوجيا الجزيئية (IMB) في ماينز انفراجة في فهم أصل عملية الشيخوخة. وقد حددوا أن الجينات التي تنتمي إلى عملية تسمى الالتهام الذاتي ( الأوتوفاجي ) - إحدى الخلايا الأكثر أهمية في عمليات البقاء على قيد الحياة - تعزز الصحة واللياقة البدنية في الديدان الشابة ولكنها تدفع بعملية الشيخوخة الى مرحلة لاحقة من الحياة. هذا البحث الذي نشر في مجلة جينز & ديفيلوبمنت Genes & Development يعطي بعض الأدلة الواضحة الأولى عن كيفية ظهور عملية الشيخوخة كإنعطافة حادة  للنشوء. هذه النتائج قد يكون لها أيضا آثار أوسع على علاج الاضطرابات العصبية كمرض الزهايمر والباركنسون ومرض هنتنغتون حيث  تكون عملية الالتهام الذاتي داخله فيها. ويظهر الباحثون أنه من خلال تعزيز طول العمر من خلال اغلاق الالتهام الذاتي في الديدان الكبيرة في السن هناك تحسن قوي في الخلايا العصبية  وبالتبع صحة الجسم كله .

التقدم  في العمر،  شيء يحدث للجميع ولكل   الأنواع الحية على هذا الكوكب تقريباً، ولكن السؤال هو، هل ينبغي لها ذلك؟ وفي منشور نشر مؤخرا في مجلة جينز & ديفيلوبمنت بعنوان "التثبيط  العصبوني لمركب التّنوي  للاوتوفاجي الذاتي.Neuronal inhibition of the autophagy nucleation complex، يمدد العمر في  دودة ايليجانس C في مرحلة ما بعد الإنجاب ."، وهو ما وجده مختبر الدكتور هولغر ريتشلي في IMB  وقد وجد بعض الأدلة الجينية الأولى التي قد تضع جواباً لهذا السؤال .

كما أوضح تشارلز داروين،  الانتقاء الطبيعي  ينتج   الأفراد الأصلح  لبيئة معينة يعيشوا ليتكاثروا ويورثوا  جيناتهم إلى الجيل القادم. وكلما كانت السمة أكثر فائدة في تعزيز  الإنجاب الناجح، كلما كان الاختيار أقوى لهذه الصفة . ومن الناحية النظرية، ينبغي أن يؤدي هذا إلى أفراد يحملون صفات  تمنع الشيخوخة لأنه يمكن  أن تنتقل جيناتهم (الى الأجيال اللاحقة) على نحو مستمر تقريبا. وهكذا، على الرغم من الحقائق الواضحة انها على العكس من هذا، من الناحية  التطورية ينبغي الا تحدث عملية الشيخوخة  أبداً.

وقد نوقش هذا التناقض التطوري ونُظّر له منذ القرن الثامن عشر الميلادي . كان فقط في عام ١٩٥٣ مع فرضيته عن مضاد تعدد  التأثير الوراثي antagonistic pleiotropy ( تعريف ل pleiotropy : هي حالة وراثية غَير اعتيادية تَتضمن وجود اثنين  أو أكثر من العلامات والآثار الشكلية غير المترابطة والتي تنتج عن اضطرابات الجين الواحد ) (AP) حيث اعطانا جورج . وليامز  تفسيراً منطقياً لكيف تنبثق عملية الشيخوخة  في الناس   من خلال النشوء. اقترح ويليامز أن الانتقاء الطبيعي يثري الجينات التي تعزز النجاح الإنجابي ولكنه بالتالي يتجاهل آثاره السلبية على طول العمر. الأهم من ذلك، هذا صحيح فقط عندما تحدث هذه الآثار السلبية بعد بداية التكاثر. أساساً، لو كانت طفرة الجينات تؤدي إلى المزيد من النسل ولكن تقصر الحياة فهذا لا بأس به  لأنه  يمكن أن يكون هناك المزيد من الأحفاد الذين يحملون  جينات الوالدين في وقت أقصر للتعويض. وفقا لذلك، و بمرور الوقت، يتم اختيار هذه المؤيدة لللياقة البدنية  وللطفرات المؤيدة للشيخوخة يتم انتقاؤها بشكل نشط  وتصبح عملية الشيخوخة متأصلة في الحمض النووي لدينا. وعلى الرغم من أن هذه النظرية قد أثبتت رياضياً، وأن آثارها أثبتت في الواقع  ، إلا أن الأدلة الفعلية على الجينات التي تتصرف  بهذا الأسلوب  غير موجودة.

وقد وجدت هذه الأدلة الآن وفقا للمؤلف المشارك في الورقة جوناثان بيرن، "نظرية النشوء للشيخوخة تفسر كل شيء لطيف جدا لكنها تفتقر إلى أدلة حقيقية على أنها كانت تحدث في الطبيعة

التطور يصبح أعمى تجاه آثار الطفرات التي تعزز الشيخوخة طالما أن هذه الآثار تأخذ دورها  فقط  بعد ان يبدأ التكاثر. حقا، الشيخوخة هي غفلة تطورية ". يواصل جوناثان في الكلام" لم يتم العثور على  جينات AP من  قبل لأنه من الصعب بشكل لا يصدق العمل مع الحيوانات المسنّة  بالفعل، كنا أول من عرف  كيف نقوم بذلك على نطاق واسع ". ويوضح كذلك "من شاشة صغيرة نسبيا، وجدنا عدداً كبيراً من الجينات [٣٠ جيناً]  يبدو أنها تعمل بطريقة مضادة".

وقد وجدت دراسات سابقة ان الجينات التي تدعم  الشيخوخة في حين انها لا تزال ضرورية للنمو، ولكن هذه الجينات ال ٣٠ تمثل بعضاً من أول ما وجد انها  تعزز  الشيخوخة على وجه التحديد فقط في الديدان المسنة. يقول بيرن: "بالنظر إلى أننا اختبرنا فقط  0.05٪  من جميع الجينات التي في الدودة، فهذا يشير إلى أن هناك العديد من هذه الجينات التي ينبغي علينا  البحث عنها.

وقال توماس فيلهلم، المؤلف الآخر المشارك  لفي اورقة، إن الأدلة على الشيخوخة التي يدفعها التطور لم تكن المفاجأة الوحيدة التي تحدثت عنها الورقة. "ما كان أكثر إثارة للدهشة هو ما تقوم به تلك الجينات.  يلاحظ أن فيلهيلم وزملاءه لم يكونوا مقتنعين ليقدموا  الأدلة المفقودة للغز الذي بقي   ٦٠ عاما فقط، فقد قام هو وزملاؤه بوصف ما تفعله هذه المجموعة الفرعية لهذه الجينات  في  دودة C. ايليجانس وكيف أنها تدفع   بعملية الشيخوخة

يقول الدكتور هولغر ريتشلي، الباحث الرئيسي في الدراسة: " هنا حيث   اصبحت  النتائج  رائعة. "لقد وجدنا سلسلة من الجينات المشاركة في تنظيم الالتهام  الذاتي، والتي تسرع بعملية الشيخوخة". هذه النتائج مثيرة للدهشة في الواقع، عملية الالتهام الذاتي هو عملية إعادة التدوير الحساسة في الخلية، وعادة ما تكون مطلوبة للعيش حياة كاملة طبيعية. ومن المعروف أن الأوتوفاجي ( الالتهام الذاتي)  تصبح أبطأ مع التقدم في السن ويظهر مؤلفو هذه الورقة أن هذه العملية  يبدو أنها تتدهور تماما في الديدان المسنة. 

فقد اوضحوا  أن اغلاق الجينات الرئيسية في بداية  العملية تسمح للديدان بالعيش لفترة أطول مقارنة مع تركها  تعيش  عاجزة. "

وهذا ما قد يجبرنا على إعادة التفكير في أفكارنا حول واحدة من العمليات الأساسية التي توجد في الخلية "، كما يوضح ريشي." الأوتوفاجي  يُعتقد دائما تقريباً انها  نافعة  حتى لو كانت بالكاد تعمل. نحن بدلاً من ذلك أظهرنا  أن هناك عواقب سلبية حادة عندما تنهار هذه العملية واذاً سيكون من الأفضل ان  تتجاوز كل ذلك معا. انها ال AP  الكلاسيكية. في الديدان الشابة، يعمل الالتهام  الذاتي بشكل صحيح و ضروري للوصول إلى مرحلة البلوغ ولكن بعد التكاثر، فإنها تبدأ في الخلل الوظيفي مما تؤدي   بالديدان إلى الشيخوخة ".

في الإعلان  النهائي، تمكن ريتشلي وفريقه من تتبع مصدر الإشارات المؤيدة لطول العمر  الى أنسجة معينة، وهي الخلايا العصبية. عن طريق تعطيل الالتهام  الذاتي في الخلايا العصبية في الديدان المسنة لم يكونوا  قادرين فقط على إطالة عمر الديدان ولكنهم  زادوا  من الصحة الشاملة للديدان بشكل كبير. يقول توماس فيلهلم: "تخيل بلوغك  منتصف الطريق في حياتك وحصلت  على دواء يجعلك قوياً  وحركياً  كما لو كنت  أحداً في منتصف عمرك والذي ستعيش  أطول منه عمراً، وهذا ما عليه الحال  بالنسبة للديدان".

"نحن نعطل عملية  الالتهام  الذاتي فقط في نسيج واحد والحيوان كله يحصل على دفعة، والخلايا العصبية هي أكثر صحة في الديدان المعالجة ونعتقد أن هذا هو ما يبقي العضلات وبقية الجسم في حالة جيدة، والنتيجة  هي ٥٠٪ اطول  في العمر . "

في حين أن المؤلفين  لا يعرفون حتى الآن الآلية  بالضبط التي تسبب الخلايا العصبية ان تبقى بصحة اكثر  لفترة  اطول، فهذا الاستنتاج يمكن أن يكون لها آثار في الواقع. يقول توماس فيلهلم: "هناك العديد من الأمراض العصبونبة المرتبطة بالالتهام الذاتي المختل كمرض الزهايمر ومرض الباركنسون ومرض هنتنغتون، فمن الممكن أن تمثل  جينات الالتهام الذاتي هذه  طريقة جيدة للمساعدة في الحفاظ على سلامة  العصبونات  في هذه الحالات. وعلى الرغم من أن أي علاج من هذا القبيل سيكون بعيد المنال، فإنه على افتراض أن هذه النتائج يمكن أن تعاد في البشر، فإنها تقدم أملاً غير محقق؛ وتمنع  المرض وتكون  اكثر  شباباً  وأكثر صحة حين  تقوم  بذلك.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق