١٣ نوفمبر ٢٠١٧
الكاتبة: كريستين بيرثيل
المترجم : ابو طه/ عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم ٥٠٧ لسنة ٢٠١٧
صنف البحث: سلوك
Why it can make sense to believe in the kindness of strangers
هل تخاطر بروحك من اجل غريب لا تعرفه أبداً ؟
قد تعتبر نفسك انك غير قادر على الإيثار بذلك المقدار، فإنك ترى ذلك يتكرر مرارا . خلال الأعاصير وعمليات إطلاق النار الجماعي، البعض يذهب إلى أبعد الحدود لمساعدة من لا يعرفونهم في حين أن الآخرين يهربون.
لمعرفة ما إذا كان هذا السلوك يأتي بشكل طبيعي للبعض منا أكثر من البعض الآخر ، فقد تشاركت أنا مع أبيجيل مارش وغيرها من علماء الأعصاب العاملين في مختبر العلوم العصبية الاجتماعية والوجدانية في جامعة جورج تاون. لقد درسنا أدمغة وسلوك بعض المؤثرين غير العاديين ( المفرطينص في الإيثار): الأشخاص الذين تبرعوا بكليتهم إلى شخص غريب، يعرفون باسم المانحين غير المدعوين.
مؤْثِر (إيثاري) بشكل مفرط
المتبرعون بالكلى قد لا يعرفون أي شيء عن المتلقي ( المتبرع له). وهذا يعني أنهم لا يقومون بهذه التضحية الشخصية لأن قريباً أو شخصاً ما قد يتفاعلون معه في المستقبل سيتفيد من ذلك.
ما هو أكثر من ذلك، هذا العمل الإيثاري مكلف بطرق متعددة. تنطوي عملية التبرع بالكلى على عملية جراحيةكبيرة ومؤلمة . بل وينتهي بالعديد من المتبرعين المطاف بدفع آلاف الدولارات من جيوبهم لتغطية النفقات الطبية والسفر، وقد يفقدون من رواتبهم ومدخولاتهم الأخرى.
وفي الغالب ، لا يوجد شيء يمكن اكتسابه من حيث سمعة المانح. كثير من الناس، بما في ذلك بعض المهنيين الطبيين، يشككون في دوافع المانحين الإيثارية - بل حتى يشككون في سلامتهم ( الذهنية).
هذه السلبيات تساعد على تفسير لماذا التبرع بالكلى الإيثاري نادر للغاية. أقل من ٢٠٠٠ شخص قد فعلوا ذلك حتى الآن في الولايات المتحدة منذ عام ١٩٨٨، وهي السنة الأولى التي سُجل فيها أول متبرع إيثاري . وهذا يعني أن واحداً لا غير من كل ١٦٣١٣٣ أميركي قد قام بهذا التبرع الإيثاري قط.
والقاعدة هي للأحياء من الأصدقاء والأسرة للتبرع بالكلى لأحبائهم. كان هذا هو الحال عندما حصلت سيلينا غوميز، وهي إحدى المشاهير خيث كانت مصابة بالذئبة، على كلية جديدة من صديقتها المقربة الممثلة فرانشا رايسا.
ما هو أكثر شيوعاً هو ان الكلى تؤخذ من متبرعين بالأعضاء متوفين وتستخدم للزراعة في غرباء. عدد عمليات زراعة الكلى من متبرعين متوفين يقرب من ضعف عدد الكلى المتبرع بها من أحياء.
يمثل المتبرعون المتوفون والاصدقاء والعائلة الأحياء 99.5 فى المائة من جميع عمليات زراعة الكلى التى اجريت على مدى العقود الثلاثة الماضية.
أدمغة الثدييات
في عمق أدمغة جميع الثدييات - سواء أكانت سنجاباً أو بونوبواً ( تعريف من خارج النص: كان يسمى الى وقت قريب بالشمبانزي القزم) أو إنساناً - نفس المناطق تستجيب للألم والقابلية للتعرض ( للخطر). هذه الاستجابة شائعة بشكل خاص عندما يصرخ الأطفال أو يبدو انهم مهددون . في دراستنا الأخيرة، قمنا بالتحقيق في ما إذا كانت تلك الأنظمة الدماغية، المسؤولة عن جعل جميع الثدييات تهتم بصغارها الذين لا حول لهم ولا قوة، تلعب دوراً رئيسياً في جعل بعض الناس إيثاريين ( مؤثِرين) للغاية.
هناك منطقتان رئيسيتان فيما يسميه علماء الدماغ "الشبكة العصبية لرعاية النسل"، ( “offspring care neural network”) وهي هياكل قديمة تطورية عميقة في الدماغ تسمى اللوزة والرمادي المحيط بالمسال periaqueductal gray. .
اللوزة هي بنية صغيرة على شكل لوزة في كل من نصفي الدماغ مطوية تحت القشرة. أحد أدوارها الرئيسية في الدماغ هو التقاط الإشارات العاطفية الهامة.
وقد أثبتت البحوث منذ فترة طويلة أن اللوزة هي المسؤولة إلى حد كبير عن التعرف على الخوف والشعور به.
في الشكل تظهر اللوزة amygdala والرمادي المحيط بالمسال periaqueductal gray
الرمادي المحيط بالمسال هو بنية صغيرة أخرى على شكل حرف U في قاعدة الدماغ. و يلعب دوراً هاماً في السيطرة على السلوكيات الأساسية كالدافع لاحتضان طفل أو غريزة لتجنب حيوانات مفترسة.
وقد أظهرت العديد من الدراسات هذه الهياكل والوصلات بينها هي المسؤولة عن، على سبيل المثال، تحفيز الفئران الإناث لرعاية جرائها أو جعل البشر يرغبون في ان يحتضنوا الأطفال الباكين .
مستجيبةً لذريتها المغمومين هي غريزة البقاء القوية التي يمكن أن تعبُر حتى الى الأنواع الأخرى. الغزال، على سبيل المثال، يستجيب عندما يسمع طفلاً بشرياً باكياً.
بحث آخر من مختبر مارش درس كيف يستجيب الناس عندما يشعرون أن الآخرين يخافون ويشعرون بالحاجة الى التسلية.
إن رؤية وجوها خائفةً يمكن أن تثير سلوكاً مساعداً. والناس الجيدون في ملاحظة شخص خائف بمجرد رؤية وجهه ينزعون إلى أن يكونوا أكثر إيثار اً من بقيتنا.
وقد افترض العلماء منذ فترة طويلة أن الرعاية التي يوليها الناس إلى الغرباء قد تكون نوعاً من إمتداد دوافعنا الأساسية الى أن نرعى أطفالنا. ويعتقد العلماء أيضا أن هياكل الدماغ القديمة التي يشترك فيها البشر مع الثدييات الأخرى تؤدي الى هذه الإستجابات .
اختبار
لمعرفة المزيد عن أدمغة الناس المفرطين في الإيثار ، أجرينا تجربة على أشخاص تبرعوا بكليتهم إلى شخص لم يعرفوه. في دراستنا، طلبنا من هؤلاء المفرطين في الإيثار قراءة سيناريوهات، بعضها يصف أشخاصاً كانوا هدفاً لسلوك ضار أو قاسٍ، وتسجيل مقدار التعاطف الذي شعروا به. فعلنا الشيء نفسه مع مجموعة السيطرة ( الضابطة) من الناس الذين لم يتبرعوا بالكلى.
قبل قراءة بعض هذه السيناريوهات، عرضنا صوراً لوجوه مخيفة. وكان عرض هذه الصور سريعاً. للغاية، ودام العرض فقط ٢٧ ميلي ثانية ( واحد من الألف من الثانية) . وهذا يعني أن المشاركين لم يستطيعوا التعرف على ما رأوه.بشكل واعٍ وفي الوقت نفسه، قمنا بتصوير أدمغتهم.
لقد وجدنا بعض التأثيرات المثيرة للإهتمام أثناء مراجعة الصور التي تم التقاطها أثناء هذه التجربة. وعلى الأخص، كانت اللوزة و والرمادي المحيط بالمسال. أكثر نشاطاً في الأشخاص المانحين للكلى من الناس في المجموعة الضابطة، الذين اظهروا ردود فعل أقوى للمحفزات المخيفة والمحبطة.
إن ما توصلنا إليه يوحي بأن هاتين المنطقتين ( اللوزة والرمادي المحيط بالمسال) قد تكونا متصلتين أو تعملان معاً. اختبرنا هذه النتيجة بالنظر إلى جانب آخر من عمليات تصوير الدماغ التي سمحت لنا بتحليل كيف رُبطت هاتان المنطقتان بالخلايا العصبية.
وقد وجدت زميلتي كاثرين أوكونيل، وهي طالبة دكتوراه، أن هناك روابط هيكلية فائقة بين هاتين المنطقتين أيضا. هذه الإرتباطات قد تساعد النبضات العصبية على الإنتقال بينهما.
فهم الإيثار
ومن المؤكد أنه يتعين القيام بمزيد من الدراسات لتأكيد نتائجنا قبل أن نكون قادرين من التأكد من مدى مساهمة الشبكة العصبية لرعاية النسل في الإيثار البشري.
ولكن نتائجنا تعزز بحوث علم الأعصاب السابقة التي وجدت أن اللوزة والرمادي المحيط بالمسال، والتواصل بينهما، تلعب دورا هاماً في رعاية الآخرين البائسين والمعرضين للأذى - بما في ذلك البشر.
وتستند هذه النتائج أيضا على أبحاثنا السابقة على المتبرعين بالكلى المؤثِرين. في تلك الدراسات السابقة، اكتشفنا إستحابات أقوى للوزة عندما لمح المانحون وجوه الناس الذين يشعرون بالخوف، وفي حين أن المتبرعين بالكلى المؤثرين يقدرون الأصدقاء والعائلة كما يفعل آخرون، فإنهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر سخاء تجاه الغرباء.
إن دراستنا لأدمغة المؤثِرين الحقيقين تدعم هذه النظريات. رعاية شخص لم تقابله أبداً، كما تعلمناه يوحي، ان له الكثير من القواسم المشتركة مع رعاية الناس الذين تحبهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق