السبت، 23 ديسمبر 2017

سر كيف يشعر الأطفال بالألم




١٤ ديسمبر ٢٠١٧


الكاتبة: لورا جونز،  باحثة مشاركة في في الفسلوحيا العصبية   وعلوم الصيدلة، في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس 


المترجم: الو طه/ عدنان احمد الحاجي 


المقالة رقم ٥٥١ لسنة ٢٠١٧


التصنيف : أبحاث الألم 




December 14, 2017 


Laura Jones
Research Associate in Neuro, Physiology & Pharmacology, UCL

قبل ثمانينيات  القرن الماضي، قام الأطباء بإجراء عملية جراحية على حديثي الولادة دون إعطائهم مخدر أو أدوية للألم. لم يكن ذلك لأنهم كانوا يعتقدون أن الأطفال غير قادرين تماما على الشعور بالألم. ولكنهم لم يعرفوا مدى الألم الذي يمكن أن يعاني منه المواليد الجدد، وخافوا أن تكون الأدوية خطيرة جدا حتى يبرروا استخدامها.



لحسن الحظ  ان المعرفة التي لدينا  اليوم أفضل مما كانت عليه في السابق . وبما أن الأطفال لا يستطيعون أن يقولوا لنا مدى  الألم الذي يعانون منه، فقد اخترع العلماء عدة طرق بارعة لمحاولة معرفة ما يشعرون به. ولكن  هناك الكثير  لا زلنا لا نفهمه. وتبين دراستنا الجديدة، التي نشرت في مجلة "Current Biology"، أننا قد نقلل من شأن ما  يشعر  به الأطفال من الألم عندما يكونون  متوترين.

وكان سبب بطء التقدم  النسبي هو أنه لم يكن هناك لفترة طويلة أي طريقة متفق عليها لقياس موثوق به لتصور الألم لدى الأطفال. وقد بذل العلماء جهوداً متزايدة في العقود القليلة الماضية للقيام بذلك - وقد تكون النتائج قابلة للتطبيق على أشخاص آخرين غير قادرين على التواصل أيضا.

وجاءت القرائن الأولى من النماذج الحيوانية في أوائل الثمانينات من القرن الماضي. وأظهرت هذه الروابط  الهيكلية والوظيفية داخل الجهاز العصبي المطلوب لتصور حدث مؤلم أنها موجودة من الولادة. ومع ذلك، ما زلنا لا نعرف ما إذا كانت هذه الروابط  ناضجة بما فيه الكفاية للرضع  للإحساس بالألم  تماما بنفس الطريقة التي يشعر به  البالغون.

وفي الوقت نفسه، بدأ الباحثون الإكلينيكيون في استكشاف طرق لقياس الألم لدى الأطفال الرضع. بعد  عملية مؤلمة، كوخزة الكعب  المستخدمة لفحوص الدم ( تشبه وخز الاصبع المستخدم لفحوص  الدم عند الكبار)، اظهر الرضع  العديد من الإستجابات  الهامة. تمتد هذه  من الإستجابات الفسيولوجية (التغيرات في معدل ضربات القلب أو التنفس) والإستجابات الهرمونية (إفراز  "هرمون التوتر" الكورتيزول) إلى الإستجابات  السلوكية (البكاء أو التقطيب).

اشارت بحوث واسعة النطاق في هذا المجال أن وجع الطفل يحب أن يقيم   بخليط  من هذه الإجراءات التي تؤدي إلى تطوير أنظمة حساب النقاط ( مقياس حساب النقاط) للوجع الإكلينيكي لحديثي الولادة، مثل الملف الشخصي للألم الأطفال  الخدج.

الألم في الدماغ

 تقدم كبير آخر في هذا المجال جاء من مختبر فيتزجيرالد Fitzgerald هنا في جامعة كوليدج  لندن ، التي ابتعدت عن استخدام  مراقبة السلوك والاستجابات الفسيولوجية لقياس الألم. وبدلا من ذلك، تحولت إلى الدماغ. ونحن نعلم أن تصور الألم يُنشأ من قبل الجهاز العصبي المركزي، لذلك يستهدف  هؤلاء  الباحثون قياس  نشاط الخلايا العصبية (خلايا الدماغ)    المسؤولة عن الإحساس بالألم مباشرة.

للقيام بذلك، استخدموا إجراءات  غير باضعة مثل تخطيط القلب (EMG) و تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، والتي تقيس النشاط الكهربائي الناتج عن العضلات وخلايا الدماغ، في أعقاب حدث مؤلم. هذا الأسلوب له ميزة كونه موضوعياً وكمياً، حيث  لا يعتمد على  حساب النقاط بطريقة الملاحظة  .

وأكدت هذه الدراسات أن الأطفال يعالجون   Process آلام  في الدماغ، ولكنهم يختلفون  في معاناتهم  مع التقدم في السن. أولا، سجل المختبر المنعكس النخاعي - مثل منعكس السحب، الذي يُهدف منه حماية الجسم من المحفزات الضارة - ووجد المختبر   أن الأطفال الخدج كانوا أكثر حساسية للتحفيز الحسي من الأطفال الأكبر سناً. وقد عرّض الباحثون الأطفال للمسات متكررة غير المؤلمة ، ووجدوا أن الأطفال الأصغر سنا حركوا أطرافهم بعد اللمسات الخفيفة, غير  ان الأطفال الأكبر سنا لم يفعلوا ذلك. في الواقع، فإن الأطفال الأكبر سنا اعتادوا على اللمسات المتكررة و توقفوا في النهاية عن تحريك أطرافهم.

ووجد الباحثون أيضا أن الأطفال الخدج قد استجابوا للمسة المؤلمة وغير المؤلمة  بتحريك الجسم كله. في الأطفال الأكبر سنا (في  عمر، حوالي ٤٠ أسبوعا) هذه الإستجابة نضجت الى سحب هادف  للطرف المحفز ، حيث صارت  خاصة   بالألم  أكثر من أي لمسة.

وكانت الخطوة التالية الهامة هي تسجيل النشاط في الدماغ، والذي يحدث فيه تصور الألم. قاموا  بذلك بإستخدام  EEG، والذي يستخدم الأقطاب الكهربائية الموضوعة  على فروة الرأس لتتبع وتسجيل موجات الدماغ. ووجد الباحثون أن الأطفال الخدج اظهروا  ومضات كبيرة من نشاط الدماغ، والتي ، كما هو الحال مع المنعكسات المبكرة، ليست خاصة بالألم (اللمسة البسيطة يمكن أن تنتج تأثيراً مماثلاً كوخزة  الكعب). نحو العمر الحملي العادي ( بضعة أسابيع قبل)، كان الرضع أكثر احتمالاً لإظهار موجات دماغية خاصة  بالألم  مماثلة لتلك التي لوحظت  في البالغين.

ومع ذلك، في حين أن هذا كان قراءة مباشرة مما  يحدث في الجهاز العصبي بعد حدث مؤلم، يجب أن لا تفترض أنه كان انعكاساً مباشراً لما كان يشعر به  الطفل. وذلك لأن الإحساس بالألم يتطلب عنصراً عاطفياً، وكذلك  جزءًا حسياً، وعلى الرغم من أننا نتمكن من قياس الجانب الحسي، فلا يمكننا قياس أو تقديم افتراضات عن  المعالجة العاطفية في حديثي الولادة.

التوتر والألم

في أبحاثنا الأخيرة، ركزت أنا وزملائي  في مختبر فيتزجيرالد على التوتر والألم. العديد من الرضع يعانون من التوتر الفسيولوجي نتيجة للإجراءات الإكلينيكية الضرورية. على سبيل المثال، غالبا ما يحتاج الأطفال في المستشفيات إلى عدة إجراءات مؤلمة في اليوم كجزء من رعايتهم، وأولئك الذين لا يحتاجون هذه الإجراءات  سيعانون  من إجراءات، مثلاً، حين يوزنون  أو الأصوات العالية (أصوات الإنذار) على أنها مجهدة.

للمرة الأولى، قمنا بقياس الألم والتوتر في نفس الوقت كإختبار واحد مثل إختبار الدم  المطلوب إكلينيكيا.  في ٥٦  طفلاً من حديثي الولادة في المستشفى، تم قياس نشاط الدماغ المتعلق  بالألم والاستجابة السلوكية بعد فخص الدم، في حين تم قياس مستوى  التوتر الأساسي للأطفال باستخدام تركيز هرمون التوتر (الكورتيزول) في اللعاب وأنماط معدل ضربات القلب.

وأظهرت النتائج أنه بالنسبة للأطفال الرضع الذين لم يُوتروا ، فإن الإجراء المؤلم غالباً ما يؤدي إلى زيادة متسقة في نشاط الدماغ والسلوك، في شكل تعبيرات الوجه. الأطفال المتوترون أكثر  لديهم استجابة أكبر في الدماغ في أعقاب إجراء مؤلم، ولكن الأهم من ذلك، هذا لم يعد يقابله تغييرات في السلوك. وبعبارة أخرى، قد يكون للطفل المتوتر نشاط قوي مرتبط بالألم في الدماغ، ولكن لا يمكنك أن تخبر عنه بمجرد مراقبة سلوكه.

وبما أن زيادة مستويات التوتر يمكن أن تزيد من  نشاط الدماغ المرتبط بالألم، فمن الواضح أنه يجب علينا مراقبة وضبط مستويات التوتر لدى الأطفال في المستشفى وقد لا يبدو أن الأطفال المتوترين قد لا يستجيبون الى الألم على الرغم من أن دماغهم  لا يزال يقوم بالمعالجه processing. وقد لوحظت هذه الظاهرة في الأطفال الخدج الذين أحيانا "يخرجون" ويصبحون غير مستجيبين عندما يكونوا مغمورين  . ولكن هذا لا يعني أنهم لا يعانون من  شيئ. الأهم من ذلك، هذا يعني أن  الأطباء والممرضات قد  يقللون  من شأن آلامهم.

ونظرا لأهميته الكبيرة، قد يبدو من المستغرب أننا نعرف القليل جدا عن ما يشعر به حديثوا الولادة. والحمد لله، البحث فإن البحث  يكشف عن السر بسرعة مثيرة للإعجاب.

المصدر:
https://theconversation.com/the-mystery-of-how-babies-experience-pain-88714?utm_medium=email&utm_campaign=Latest%20from%20The%20Conversation%20for%20December%2015%202017%20-%2090347634&utm_content=Latest%20from%20The%20Conversation%20for%20December%2015%202017%20-%2090347634+CID_92fca9ef75ffc928395ddc29133722d5&utm_source=campaign_monitor_us&utm_term=The%20mystery%20of%20how%20babies%20experience%20pain

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق