١٦ سبتمبر ٢٠١٧
المترجم: أبو طه / عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم ٥٣٧ لسنة ٢٠١٧
This Physicist Says Consciousness Could Be a New State of Matter
16 SEP 2016
الوعي ليس شيئا يحب العلماء الحديث عنه كثيراً. لا يمكنك رؤيته ولا يمكنك لمسه، وعلى الرغم من بذله بعض الباحثين جهود، لا يمكنك معرفة مقداره. ومن جهة علمية، إذا لم تتمكن من قياس شيء ما، فقد يكون من الصعب عليك شرحه.
ولكن الوعي موجود، وهو أحد الجوانب الأساسية التيد تجعلنا بشراً. ومثل ما أٌستنخدمت المادة المظلمة والطاقة المظلمة لملء بعض الثقوب الفارغة في النموذج المعياري للفيزياء، الباحثون أيضا أشاروا أنه من الممكن النظر في الوعي كحالة جديدة من المادة.
ولكي نكون واضحين، هذه مجرد فرضية، وهي فرضية يجب أن تؤخذ بقدر كبير من الشك، لأننا إنصافاً في مجال افتراضي هنا، وهناك الكثير من الأخطاء يجب ان يبحث عنها.
لكنها جزء من حركة محتدمة بشكل هاديء ضمن الفيزياء النظرية وعلم الأعصاب لمحاولة إرفاق بعض المبادئ الأساسية بالوعي من أجل جعله ملحوظاً بشكل أكثر .
طُرحت الفرضية لأول مرة في عام ٢٠١٤ من قبل عالم الكونيات والفيزيائي النظري ماكس تيغمارك من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي افترض أن هناك حالة من المادة - تماماً مثل الحالة الصلبة أو السائلة أو الغازية - التي رُتبت فيها الذرات لمعالجة المعلومات والتي أدت الى عدم الموضوعية، وأخيراً ، الى الوعي.
اسم هذه الحالة المقترحة من المادة؟ بيرسيبترونيوم Perceptronium( تعريف من خارج النص: هي أعم انواع المواد التي تبدو من الناحية الذاتية انها ذاتية الوعي) ، بطبيعة الحال. كما يشرح تيغمارك في ورقته، التي نشرت في مجلة Chaos, Solitons & Fractals::
"أجيال من الفيزيائيين والكيميائيين قد درسوا ما يحدث عندما تقوم بجمع أعداد كبيرة من الذرات، وتتبين أن سلوكها الجماعي يعتمد على النمط الذي تترب فيه: الفارق الرئيسي بين الحالات الصلبة والسائلة والغازية لا يكمن في أنواع الذرات، ولكن في ترتيبها.
في هذه الورقة، أحزرُ أن الوعي يمكن أن يُفهم على أنه حالة أخرى من المادة. كما أن هناك أنواعاً كثيرة من السوائل، فهناك أنواع كثيرة من الوعي.
ومع ذلك، فإن هذا لا يمنعنا من التعرف على ومعرفة كمية ونمذجة، وفي نهاية المطاف فهم الخصائص المميزة التي اشترك فيها جميع أشكال سوائل المادة (أو جميع الأشكال الواعية من المادة) . "
وبعبارة أخرى، تيغمارك لا يشير إلى أن هناك كتلاً مادية من ال "بيرسيبترونيوم" مستقرة في مكان ما في دماغك و تسير خلال عروقك لإضفاء الشعور بالوعي الذاتي. بل يقترح أن الوعي يمكن أن يفسر على أنه نمط رياضي - نتيجة لمجموعة معينة من الحالات الرياضية.
وكما أن هناك ظروفاً معينة يمكن أن تنشأ فيها حالات مختلفة من المادة - مثل البخار والماء والثلج - يمكن أيضا أن تكون هناك ظروف لأشكال مختلفة من الوعي، كما يقول
إن معرفة ما يلزم لإنتاج هذه الحالات المختلفة للوعي وفقا لظروف قابلة للملاحظة والقياس يمكن أن تساعدنا على فهم والتعامل مع ما هو عليه في الواقع، وماذا تعني للإنسان وللقرد وللبرغوث، أو للسوبر كومبيوتر .
وقد استُلهمت الفكرة من ابحاث عالم الأعصاب جوليو تونوني من جامعة ويسكونسن في ماديسون، الذي اقترح في عام ٢٠٠٨ أنه إذا أردت إثبات أن شيئا ما كان له وعي، كان عليك أن تثبت سمتين محددتين.
ووفقا لنظرية المعلومات المتكاملة (IIT) التي وضعها هذا العالم ، فإن أول هذه الصفات هي أن يكون الوجود الواعي قادراً على تخزين ومعالجة وإستحضار كميات كبيرة من المعلومات.
"وثاني هذه الصفات،" كما هو مشروح في المدونة arXiv.org، "يجب أن تكون هذه المعلومات متكاملة في كلي موحد، بحيث أنه من المستحيل تقسيمها إلى أجزاء مستقلة".
وهذا يعني أن الوعي يجب أن يؤخذ ككلي، ولا يمكن تقسيمه إلى عناصر منفصلة. وقال تونوني إن الوجود أو النظام الواعي يجب أن لا يكون قادرا على تخزين المعلومات ومعالجتها فحسب، بل يجب أن يفعل ذلك بطريقة تشكل كلي كامل وغير قابل للتجزئة.
إذا خطر على بالك أن السوبر كمبيوتر يمكن أن يكون له هذه الصفات، فهذا هو نوع ما أدركه الدكتور تونوني .
كما كتب جورج جونسون لصحيفة نيويورك تايمز، ان فرضية تونوني تنبأت - بإستخدام الكثير من الرياضيات - بأن "الأجهزة البسيطة كالترمومتر ( مقياس الحرارة) أو الصمام الثنائي الكهروضوئي (photoelectric diode) قد يكون له بصيص من الوعي - الذات الغير موضوعية".
في حسابات تونوني، ذلك "البصيص من الوعي" لا يساوي بالضرورة نظاماً واعٍ، وحتى تونوني جاء بوحدة (قياس)، تسمى فاي أو Φ، والتي قال عنها أنها يمكن استخدامها لقياس مدى وعي كيان ( موجود) معين .
الأول هو ال 'كومبوترونيوم computronium'، الذي يلبي متطلبات السمة الأولى من القدرة على تخزين ومعالجة واستدعاء كميات كبيرة من المعلومات. والثاني هو "بيرسيبترونيوم perceptronium"، الذي يفعل كل ما سبق، ولكن بطريقة تشكل كلي لا يتجزأ كما شرحه تونوني.في ورقته التي نشرها ( http://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0960077915000958) يستكشف تيغمارك ما عرّفها بالمبادئ الخمسة الأساسية التي يمكن استخدامها للتمييز بين المادة الواعية وبين الأنظمة المادية الأخرى كالمواد الصلبة والسوائل والغازات - "المعلومات، والتكامل، والاستقلالية، والديناميكيات، ومبادئ المنفعة".
ثم كتب ٣٠ صفحة أو نحو ذلك محاولاً أن يفسر كيف يمكن لطريقته الجديدة في التفكير حول الوعي أن تفسر تصور الإنسان الفريد للكون.
وكما تفسر المدونة على هذا الرابط arXiv.org: "عندما ننظر إلى كوب من الماء المثلج، فإننا نتصور السائل ومكعبات الثلج الصلبة كأشياء مستقلة على الرغم من أنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً كجزء من نفس النظام كيف يحدث ذلك؟ من كل النتائج الممكنة، لماذا نتصور هذا الحل؟ "
انها فكرة غير مكتملة، لأن تيغمارك ليس لديه حل. وربما قد خمنت، انه ليس شيئاً كان أقرانه حريصين على شرائه والهروب به. ولكن يمكنك قراءة أفكاره كما هي موجودة في مجلة Chaos, Solitons & Fractals..
هذه هي المشكلة مع شيء كالوعي - إذا لم تتمكن من قياس محاولاتك لقياسه، كيف يمكنك التأكد من أنك قد قست ذلك على الإطلاق؟
في الآونة الأخيرة، حاول العلماء شرح كيف يمكن نقل الوعي البشري إلى جسم اصطناعي - وعلى محمل الجد، هناك شركة ناشئة تريد القيام بذلك - ومجموعة واحدة من الفيزيائيين السويسريين أشاروا الى أن الوعي يحدث في "شرائح من الزمن" تتباعد عن بعضها بزمن مقداره مئات من الميلي ثانية.
وكما يوضح ماثيو دافيدسون، الذي يدرس علم أعصاب الوعي في جامعة موناش في أستراليا، في اجتماع "كونڤرساشين"، ما زلنا لا نعرف الكثير عن الوعي الفعلي، ولكنه يبدو أكثر وأكثر احتمالا أنه شيء نحتاج إلى النظر فيه خارج عالم البشر.
"إذا كان الوعي هو في الواقع سمة ناشئة من شبكة متكاملة للغاية، كما تشير اليه نظرية المعلومات المتكامل ( IIT ) ، إذاً ربما جميع النظم المعقدة - وبالتأكيد جميع المخلوقات التي لها أدمغة - لديها شكل من أشكال الوعي في الحد الأدنى "، كما يقول.
وكإمتداد له "فإذا تم تعريف الوعي من خلال كمية المعلومات المتكاملة في النظام، فإننا قد نحتاج أيضا إلى الابتعاد عن أي شكل من أشكال الاستثنائية البشرية التي تقول أن الوعي حصري فينا".
وهنا محاضرة التيدكس لتيغمارك عن الوعي كنمط رياضي:
محاضرة TEDx
المصدر:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق