الخميس، 1 فبراير 2018

كيف تبني عقولنا الماضي والحاضر والمستقبل يعتمد على علاقتنا بالزمن

الكاتبة : سارة دوفي: محاضرة عليا في اللغات واللغويات، جامعة نورثمبريا، نيوكاسل 

٣ يناير ٢٠١٨

المترجم: ابو طه/ عدنان احمد الحاجي 

 المقالة رقم ٤٥ لسنة ٢٠١٨

التصنيف : أبحاث اللغة  

How our minds construct the past, present and future depends on our relationship with time

Senior Lecturer in Languages and Linguistics, Northumbria University, Newcastle


مقدمة المترجم :
المتأمل في بعض آيات القران الكريم  التي ورد فيها كلمة وراء في مثل: " إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا" والآية الأخرى "فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سفينة غصبا" ربما يجد علاقة بين معنى المصطلح و ما تريد الباحثة ان تتحدث عنه هنا في هذا البحث. 

**النص** 
لقد حل العام الجديد، أو هل نحن حللنا على العام الجديد الجديد؟ في حين أن كلا الجملتين  تنقلان ( توصلان) نفس الفكرة، إلاّ أنه يُنظر إليهما من منظوري زمن مختلفين  .

فمن ناحية، قد نتصور  الأحداث على أنها أشياء في حركة دائبة متجهة  نحونا. "العطلات قادمة"  مثال كلاسيكي من منظور "الزمن المتحرك". يُنظر إلى الوقت على أنه قطار لا يمكن إيقافه، يتجه نحونا من المستقبل وبإتجاه الماضي.

من ناحية أخرى، قد نتصور أنفسنا في حركة دائبة  عبر الزمن، كما في : "لقد وصلنا إلى لحظة الحقيقة   “We’ve arrived at   moment of truth”" - منظور "الأنا المتحرك ". هنا، نُظر آلى الزمن على أنه مسار لنا نتحرك  على طوله نحو المستقبل.

وبينما يختلف هذان المنظوران ، فإنهما يريان  الماضي  واقعاً وراءنا، والحاضر كالمكان الذي نحن  فيه الآن ، والمستقبل  أمامنا . ولكن هل منظورنا للزمن  ينتهي  ببساطة إلى مسألة تفضيلية أم هناك  عوامل أخرى  تلعب دوراً ايضاًً؟

اتجاه الأمام أو الخلف؟
على الرغم من أن العديد من اللغات في جميع أنحاء العالم تصور المستقبل  أمامنا والماضي وراءنا، إلاّ أن هناك استثناءات ملحوظة. فمجتمع يوبنو Yupno في بابوا غينيا الجديدة، على سبيل المثال، يشير  نزولاً اتجاه مصب النهر عند الحديث عن الماضي، وإلى اعلى  الجبل إلى مصدر النهر عندما يناقش المستقبل. تعبير مثل "قبل بضع سنوات" (omoropmo bilak) يمكن ان يترجم تقريبا الى "أسفل هناك سنة الجانب الآخر  ".

في لغات أخرى، منظور الناس  للزمن  تختلف جذريا عن الطريقة التي يتحدثون عن الزمن. أي أن هناك "انفصال" بين الاثنين. ومن الأمثلة على ذلك الدارجة Darija- لهجة مغربية من اللغة العربية الحديثة - حيث يمكن النظر إلى المستقبل والماضي على أنه شيء يحدث  أمامنا .

في إحدى الدراسات ( الدراسة على هذا الرابط: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed/25052830/ )، أكمل المتحدثون  بالدارجة المغربية  عدداً من المهام لها علاقة بالزمن،  كمطابقة أشياء على صناديق تمثل المستقبل والماضي. هنا،  الأفراد كانوا أكثر احتمالاً ان يضعوا  المستقبل وراء المتكلم والماضي  أمامه - عكس  الترتيب الموجود في اللغة العربية.

يانوس أو جانوس (باللاتينية: Ianus) هو إله البوابات و المداخل والإنتقالات والطرق والممرات والمخارج في الميثولوجيا الرومانية، هذا الإله له وجهين، وجه ينظر للمستقبل ووجه ينظر للماضي، هو الإله التقليدي لشهر يناير ويعتبر أصل إسمه،[ ويعتبر حسب الميثولوجيا أنه مثير وحاسم النزاعات والحروب والسلام. ( مصدر النص من الوكيبيديا)


أحد الأسباب المقترحة لذلك هو أنه بالمقارنة مع العديد من الأوروبيين والأمريكيين، ينزع المغاربة   إلى أن يكونوا  أكثر تركيزاً على الماضي.  ويعطون  قيمة أكبر  للتقاليد ( الماضي) وكما انهم يعطون  أكثر  أهمية  للأجيال الأكبر سنا. وبهذه الطريقة، فإن الناس  الذين يركزون على الماضي يكرسون مزيداً من الاهتمام له - وكأن الأحداث الماضية  أشياء يمكنها أن ترى  بأعينها.

وبعبارة أخرى، يمكن أن تتجذر الاختلافات في منطور الزمن فيما نركز عليه. ولكن هل يبقى تركيزنا دائما كما هو أو هل يتغير من وقت لآخر؟

المعالم ( المواسم) الزمنية
يمكن أن تؤثر المعالم الزمنية، كمَعْلم أعياد الميلاد ، والمواسم المتغيرة، فضلا عن البدايات الجديدة، على ذهنيات الناس - ولا سيما منظورهم  للزمن .

بالنسبة للكثيرين، توفر السنة الجديدة فرصة للبدء من جديد، لإعادة الساعة، أو لاتخاذ قرارات للمستقبل. كما أن عمليات البحث في غوغل عن زيارات الصالات الرياضية، فضلا عن القرارات  لتحقيق الأهداف - مثل تعلم شيء جديد أو مساعدة آخرين - كلها تزداد في بداية العام.

وبهذه الطريقة، وصول السنة الجديدة يمكن أن تربك اهتمامنا بأنشطتنا اليومية . التأثير هو أن الناس هم أكثر احتمالاً  من الناحية السايكلوجبة بإبعاد   "حاضر" أنفسهم عن "ماضي" أنفسهم - وهم  يأخذون منظر الصورة  الأشمل  لحياتهم ويطمحون نحو صورتهم الذاتية الجديدة والأكثر إيجابية.

بغض النظر عن النتيجة
ومن الأشياء  المتهمة  الآخرى  التي  تؤثر  على منطور  الناس للزمن  هو كيف يشعورن  حيال الحدث المعني. عندما يطلب منهم تخيل حدث سلبي في المستقبل، كالإمتحان ، الناس أكثر احتمالاً ان يفكروا فيه وكأنه يقترب  منهم. وعلى النقيض من ذلك، تعتبر الأحداث الإيجابية في المستقبل، كحفلات الزفاف، انها أشياء نحن نتحرك اتجاهها  بشكل نشط.

وبطبيعة الحال، هناك أيضا  اختلافات ذات صلة بالشخصية  في الأراء  تجاه الأحداث في الزمن . قد يكون توقع التجمعات الاجتماعية المطولة - كحفلات أعياد الميلاد أو اجتماع لم الشمل - أكثر جاذبية للمنفتحين  من الانطوائيين. على حد تعبير الكاتبة الإنطوائية صوفيا ديمبلينغ:

لو كان الفرقاء على دراجة بعجلات سيكون من شأن المنفتحين ان يكونوا من الركاب المادين اذرعتهم في الهواء وإذا كانوا من الانطوائين فسيمسكون بأيدهم من شعورهم  بالخوف 

عموماً، هذا يرسم صورة معقدة جدا  للوقت.  الاختلافات في المنظورات تبرز على كل مستوى، من اللغة والثقافة إلى المعالم الزمنية والأراء الشخصية. وبهذه الطريقة، كيف ترى في السنة الجديدة قد يكشف في الواقع  عن إطار عقلك بنحو أكثر مما قد تدرك.

ولذلك  سواء   قد وصلت الى السنة الجديدة أو السنة الجديدة قد وصلتك، سواء كان ذلك أمامك أو وراءك، سواء رفعت لها  قبعتك  بهدوء من موقع راحتك في  منزلك أو من غرفة مزدحمة - أيا كان وجهة نظرك،  شيء واحد مؤكد،  الحدث سيقع  بغض النظر.

المصدر:

للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على هذا العنوان؛
 https://adnan-alhajji.blogspot.com/?m=1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق