يمكننا أن نقرأ مشاعر بعضنا البعض من التغييرات الصغيرة المدهشة في لون الوجه، كما توصلت اليه دراسة
١٩ مارس ٢٠١٨
المترجم : ابو طه / عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم ١١٦ لسنة ٢٠١٨
التصنيف : ابحاث السلوك
We can read each other’s emotions from surprisingly tiny changes in facial color, study finds
مقدمة المترجم
تقول العرب ان فلانا طلق المُحَيّا للدلالة على ان وجه متهلل ومشرق وجميل ومليح وما الى ذلك من الصفات الجميلة ويقابله في الجهة المضادة متجهم المُحَيّا. والمحيّا هنا تعني في احد معانيها الوجه. ولا غرو في ذلك فالوجه هو أفضل ما يبرز ما ينطوي عليه المرء مِن تفاعلات وخلجات ومشاعر نفسية سواء أكانت ايجابية او سلبية - فرح، حزن، غضب أو ازدراء وما الى ذلك ، وقد ورد عن امير المؤمنين قوله: "مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَصَفَحَاتِ وَجْهِهِ" وصفحة الوجه هي بشرته . ولأهمية ما تمثله هذه السمات التي تظهر بشكل بارز على الوجه من ناحية العلاقات الاجتماعية وما يترتب عليها ، فقد حظيت بكثير من الإعتناء والملاحظة ، بل وحتى الدراسة لسبر أغوار ما تعنيه والرسائل التي تحاول ايصالها الى الغير بما لم تحظى بها جوانب اخرى من جسم الانسان.
** النص**
ذلك هو استنتاج دراسة رائدة في تعبيرات الإنسان عن المشاعر ، والتي وجدت أن الناس قادرون على التعرف بشكل صحيح على مشاعر الآخرين بمسنوى يصل إلى ٧٥ في المائة من الأوقات - استناداً فقط الى التغيرات الطفيفة في لون تدفق الدم حول الأنف أو الحاجبين أو الخدين أو الذقن.
وتوضح الدراسة ، التي نشرت في مجلة وقائع الاكاديمية الوطنية Proceedings of the National Academy of Sciences هذا الأسبوع ، وجود اتصال لم يسبق له مثيل موثق بين الجهاز العصبي المركزي والتعبير العاطفي في الوجه. كما مكن الباحثين من بناء خوارزميات كمبيوترية تتعرف بشكل صحيح على المشاعر البشرية من لون الوجه تصل الى ٩٠٪ من الأوقات.
وقال أليكس مارتينيز ، عالم الإدراك وأستاذ الهندسة الكهربائية والكمبيوتر في جامعة ولاية أوهايو: "لقد تعرفنا على أنماط ألوان وجه فريدة لكل عاطفة قمنا بدراستها".
"نعتقد أن أنماط الألوان هذه ناتجة عن التغيرات الطفيفة في تدفق الدم أو مكونات الدم المثارة من قبل الجهاز العصبي المركزي. لا ندرك هذه التغييرات في لون الوجه فقط ، وإنما نستخدمها لكي نتعرف بشكل صحيح على ما يشعر به الآخرون ، سواء فعلنا ذلك عن وعي أم من غير وعي. "
ويقوم الباحثون بتسجيل براءة اختراع للوغاريتمات كمبيوترية ، ويأملون في تمكين الأشكال المستقبلية للذكاء الاصطناعي من التعرف على المشاعر البشرية ومحاكاتها. كما قاموا بتكوين شركة اونلاين ايموشين، Online Emotion ، منبثقة عن الجامعة لتسويق البحث.
هذا هو الأحدث من سلسلة الدراسات التي تعرف فيها مارتينز وفريقه على أشكال فريدة من تعبيرات الوجوه البشرية. في البحث السابق ، قاموا بالتعرف على العديد من تعابير الوجه التي لم تكن معروفة في السابق والتي تم إظهارها من خلال أنماط فريدة من الحركات العضلية ، بما في ذلك التعبير الذي صاغه الباحثون ب "Not face ( تعليق من خارج النص للمترجم : يمكن ترجمة ذلك استناداً لما فهمناه مما ذكره الباحثون في ورقة اخرى ان التعبير يعني "ملامح الوجه الإنكاري " وهو مجموعة من تعابير الوجة ليست مختصة بمنطقة بعينها وانما عالمية حيث ترسل رسالة تفيد بعدم الرضا او الموافقة وتبدو عندما يقوم أحدهم بتقطيب حواجبه وضم شفتيه معًا ورفع ذقنه - وهو مزيج من ثلاثة تعبيرات معروفة: الغضب ، والاشمئزاز ، والازدراء) الذي قرر الباحثون أنه تجسيد عالمي للإنكار في التواصل البشري. ما هو الغريب عن أحدث أعمالهم البحثية هو أنه ينطوي على تغيرات في الألوان توصل الشعور الى الغير دون أي حركة لعضلات الوجه.
لهذه الدراسة ، أخذ الباحثون مئات الصور لتعابير الوجه وفصلوا الصور إلى قنوات ألوان مختلفة تنسجم مع كيف ترى العيون لون البشر ، القناة الخضراء الحمراء والقناة الصفراء الزرقاء. عبر تحليل كمبيوتري ، وجدوا أن المشاعر ك "سعيد" أو "حزين" تشكل أنماط ألوان فريدة من نوعها.
بغض النظر عن الجنس أو العرق أو لون البشرة ، فقد أظهر الجميع أنماطًا مشابهة عند التعبير عن نفس المشاعر.
لاختبار ما إذا كانت الألوان وحدها قادرة على نقل [ايصال] المشاعر - دون ابتسامات أو عبوسات لتتوافق معها - طبق الباحثون أنماط ألوان المشاعر المختلفة على صور وجوه ذات تعبيرات محايدة. وأظهروا الوجوه المحايدة ل ٢٠ مشاركًا في الدراسة وطلبوا منهم تخمين كيف كان شعور الشخص الذي في الصورة ، مختارين من قائمة من ١٨ تعبير مشاعر. تضمنت المشاعر مشاعر أساسية مثل "سعيد" و "حزين" بالإضافة إلى عواطف أكثر تعقيدًا مثل "غاضب للأسف" أو "متفاجئ بسعادة".
"من المسلم به أن هذه الصور تبدو غريبة" ، كما قال مارتينيز. "لكننا أخبرنا الناس أن يمضوا قدما وأن يخمنوا من قائمة المشاعر ما هي المشاعر التي يعتقدون ان تلك الوجوه تحاول ايصالها . وقد كان تخمينهم صحيحاً في معظم الأوقات ".
حوالي ٧٠ في المائة من الوقت ، يعتقد المشاركون أن الوجه المحايد الذي تم تلوينه ليبدو سعيدًا قد أوصل ( اظهر ) السعادة [الى الرائي]. وكانوا يعتقدون أن الوجوه التي لونت لتبدو حزينة كانت في الحقيقة حزينة في ٧٥٪ من الأوقات ، و الوجوه المحايدة الملونة لتبدو غاضبة كانت في الواقع كذلك حوالي ٦٥٪ من الأوقات. ادرك المشاركون المشاعر ، على الرغم من أن اللمحة الوحيدة كان اللون الذي ركب على الوجه ، وبدون حركات للوجه.
بعد ذلك ، أرى الباحثون المشاركين تعابير وجوه عليها سعادة وحزن ومشاعر أخرى. لكن هذه المرة ، خلطوا الألوان في بعض الصور. على سبيل المثال ، كانوا يأخذون وجهًا سعيدًا أحيانًا ويضعون ألوانًا غاضبة عليه ، أو العكس. لاحظ المشاركون أن شيئًا عن الصور المختلطة بدا وكأنه "مريضاً نوعاً ما " ، حتى ولو لم يكونوا متأكدين ما ذا كانت المشكلة .
وقال مارتينيز: "يمكن أن يحدد المشاركون بوضوح الصور التي كانت متطابقة مع الألوان المتناقضة".
استخدم الباحثون ما تعلموه لتطوير خوارزميات كمبيوتر يمكنها اكتشاف العواطف عن طريق لون الوجه. وبالنظر إلى صور الأشخاص الذين يعبرون عن المشاعر ، فإن الكمبيوتر يمكن أن يطابق لون الوجه بالنشاعر أفضل مما كان يمكن للمشاركين في الدراسة البشرية ان يطابقوه.
السعادة كان الشعور. الأسهل للكومبيوتر ليتعرف على اللون وحده ، وقد اكتشف الشعور بدقة تبلغ ٩٠٪. العديد من المشاعر المتعلقة بالسعادة ، مثل "مُفاجَأ بسعادة" ، جاءت في المرتبة الثانية بحوالي ٨٥ بالمائة. و الغضب كان قابلا للكشف باللون وحده ٨٠ بالمائة من الأوقات ، والحزن ب ٧٥ بالمائة من الأوقات. كان الخوف قابلاً للتعرف عليه بنسبة ٧٠٪ من الأوقات ، وأقل المشاعر التي يمكن التعرف عليها كانت المشاعر "المثيرة للاشمئزاز" ، والتي سجلت نسبة ٦٥٪ فقط من الأوقات.
قد تؤدي النتائج في نهاية المطاف إلى إثراء البحث في علوم الكمبيوتر ، والإدراك ، وعلم الأعصاب ، وحتى التطور البشري.
اللغة مفعمة بالمصطلحات التي تربط لون الوجه بالمشاعر . عندما نناقش حتى يصبح لون وجهنا "أزرقاً"، فإننا غاضبون. لو تغير لوننا الى "الأخضر حول اللغد" ، فإن شيئاً ما قد أثار ما يجعلنا مشمئزين. "عرائس خجولات" هي صورة صادقة للسعادة.
تُظهر هذه الدراسة أن هناك بعض الحقيقة الفيزيولوجية لهذه الأقوال القديمة ، على الرغم من أن مخطط ألوان المشاعر البشرية ليس بسيطًا كأحادي اللون من الأزرق أو الأخضر أو الأحمر.
"هناك القليل من كل لون في كل مكان" ، كما قال مارتينيز. لمسات من الأحمر والأخضر والأزرق والأصفر تميز كل نوع من الشعور - فقط بكميات أو مواقع قليلة مختلفة حول الوجه.
فالإشمئزاز ، على سبيل المثال ، يظهر لوناً خليطاً من الأزرق والأصفر حول الشفتين ، ولكن يظهر لونا اخضر احمر حول الأنف والجبهة.
الأمر الأكثر إثارة للإعجاب ، إذن ، هو أن أدمغتنا قادرة على فك معنى ترتيبات الألوان هذه في لحظة. نرى شخصًا مبتسماً بخدود حمراء وصدغين (مع قليل من اللون الأزرق حول الذقن) ونقرأ مشاعرهم تلقائيًا على أنها "سعيدة". لكن الوجه نفسه بجبهة تميل الى اللون الأحمر وذقن أزرق خفيف يعني انها سعادة "المُفاجَأ".
قد يكون البشر هم الوحيدون من بين الرئيسيات بقدرتهم على تغيير لون الوجه بسبب المشاعر . من الصعب معرفة ذلك ، لأن وجوه الرئيسيات الأخرى يغطيها الشعر.
ومع ذلك ، في البشر ، لا يوجد مكان آخر في الجسم فيه من الأوعية الدموية أكثر قرباً من سطح الجلد من وجوهنا. حقيقة أننا نشأنا بشعر وجه أقل بكثير من القرود تشير إلى أن أسلافنا الأوائل قد وجدوا بعض المزايا لإظهار خجلهم.
ماذا عن الحمرة المزيفة ، تلك التي من المكياج؟
"لقد كان الناس دائمًا يقولون أننا نستخدم المكياج لنبدو جميلين أو أكثر شباباً ، لكنني أعتقد أنه من الممكن أن نفعل ذلك في الواقع لنظهر أكثر سعادة أو لنخلق تصوراً إيجابياً من المشاعر أو تصوراً سلبياً ، لو اردت أن تفعل ذلك ، كما قال مارتينيز.
الآن بعد أن عرفنا أكثر قليلاً عن الألوان المتنوعة لتعبيرات الوجه البشري ، يقترح مارتينيز إمكانية جديدة مثيرة للاهتمام: يمكننا أن نصنع مستحضرات "ذكية" تظهر بعض المشاعر أو تخفيها.
المصدر :
https://news.osu.edu/news/2018/03/19/firstblush/.
للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على هذا العنوان؛
https://adnan-alhajji.blogspot.com/?m=1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق