الخميس، 6 يونيو 2019

التسويف مشكلة إدارة مشاعر


لو  توقفت عن معاملة  التسويف على أنه مشكلة في  إدارة الوقت ، فسيصبح  سهل الإدارة 

٣١ مايو ٢٠١٩
  .
المترجم : أبو طه / عدنان احمد الحاجي 

المقالة رقم  ١٧١ لسنة ٢٠١٩

التصنيف: أبحاث سلوك 




If you stop treating procrastination like a time-management issue, it becomes easier to manage.

05.31.19


قلت لنفسي إنني سأبدأ الكتابة في الساعة العاشرة صباحًا وأنهي  بضعة فصول  من هذه المقالة قبل الغداء.  الساعة الآن  الواحدة وأربعون دقيقة بعد الظهر  ،  وأخيرًا  بدأت أكتب.  ماذا حدث؟

وفقا لوجهة نظر متبناة بشكل عام للتسويف ، فقد فشلتُ في إدارة وقتي بشكل مناسب.  أو ربما كنت كسولاً أو غير متحمس أو مشتت الذهن أو كل ما سبق.  لكن بحث جديد في علم نفس  التسويف يشير إلى شيء مختلف.  ربما  المشكلة لا تكمن في إرادتي ، ولكن في مشاعري.

 يقول تيم بايشيل Pychyl، الأستاذ المشارك في علم النفس في جامعة كارلتون ومدون في موقع  Psychology Today (١)، الذي تحدث معي عن الأدلة المتزايدة التي تربط التسويف  بالمزاج: "التسويف  ليس مشكلة في إدارة الوقت ، بل  مشكلة في إدارة المشاعر".

(كتبت أخيرًا المقدمة! هل يمكنني تناول الغداء الآن؟)

 ماهو  التسويف وما هو (ليس تسويفاً)

 "التسويف هو تأخير طوعي لفعل مقصود على الرغم من معرفتنا  بأن هذا التأخير قد يضرنا" ، كما يبين  بايشيل Pychyl في كتابه "حل لغز التسويف Solving the Procrastination Puzzle (٢) ".  أي أن التسويف هو بحكم تعريفه سلوك غير منطقي لأنه يتعارض مع مفهومنا  لما  يجعلنا سعداء.


 فكر في الأمر: أنت تعلم أن التصدي  لقائمة مهامك ستجعلك أكثر سعادة وأقل توترا وأكثر رضاً ، لكنك (في كثير من الأحيان) لا تفعل ذلك.  محاولتك التفكير في طريقك  لحل المشكلة أو التخطيط لها   لن يفيد لأنها مشكلة   غير منطقية.  بل عاطفية.

 على وجه التحديد ، التسويف هو "استراتيجية مسايرة (مجاراة) مرتكزة على العاطفة للتعامل مع المشاعر السلبية" ، يشرح بايشيل Pychyl.   والقصة تجري  كالتالي:

 - نجلس لنبدأ بعمل مهمة ما.
-  نتخيل  ماالذي  ستبدو عليه تلك المهمة في المستقبل  .
- نتوقع أن المهمة لن تكون جيدة  (على سبيل المثال ، سترهقنا  ، وتجعلنا نشعر بالإمتعاض ، وما إلى ذلك).
 - تبدأ  إستراتيجية المسايرة العاطفية في التأثير لإبعادنا عن هذا الشعور السيئ.
 وبالتالي نتجنب المهمة.



 طريقة  التجنب العاطفية التي يوظفها دماغنا - غالبًا دون وعي - تشبه تلك التي تكمن وراء العديد من أنواع القلق.  غالبًا ما يبذل الأشخاص المصابون بالقلق كل ما في وسعهم لتجنب التهديد الخارجي المتصوَّر ، وبدورهم   ، يغلقون سبل الوصول الى كل من المشاعر الجيدة والسيئة ، مما يؤدي غالبًا إلى الاكتئاب.  بالتسويف  ، نحن نتجنب المهمة بافتراض أن المهمة لن تبدو جيدة  ، وهذا يعني أننا نغفل  أي مشاعر  إنجاز أو نجاح، مثلاً.  هذه العلاقة بين التسويف  والاكتئاب كانت موجودة منذ التسعينيات على الأقل ، والأدلة التجريبية تتدفق منذ ذلك الحين.

 وجدت دراسة أخرى (٣) ، شارك في تأليفها الدكتور بايشل ، وجود روابط بين التسويف والعواطف السلبية و الإحباط والاستياء.  وهذا يجعل الأمر أكثر صعوبة في التعامل مع المشاعر السلبية المحتملة التي نتوقع أن تخلقها مهمتنا.  لذا ، بدلاً من الشعور بالأسوأ ، نختار شيئًا ما يجعلنا نشعر بالراحة.

"الاذعان للشعور بالرضا" هو المصطلح المعطى لهذه الظاهرة في إحدى الأوراق (٤) التي  استشهد بها العديد من باحثي  التسويف.  وهذا يعني البحث عن مشاعر طيبة على المدى القصير على حساب الرضا على المدى الطويل - شيء معروف أننا نفعله من وقت مبكر من مرحلة الطفولة (عدم تأخير الإشباع).

 الفكرة الرئيسية من البحث الأخير هي أن "الإذعان  للشعور بالرضا" لا يتعلق بقوة الإرادة أو إجبار نفسك على فعل شيء تكرهه ؛  بل الأمر يتعلق بإدارة مشاعرك حتى لا يتم اختطافها من قبل ناقدك الباطني ( نفسك اللوامة) .

 الخوف من التسويف: نفسك  اللوامة

 حاولت إحدى الدراسات (٦) تفكيك العلاقة بين التسويف والمشاعر.  قام الباحثون بقياس درجات التسويف لدى ٢١٤ من الطلاب الجامعيين وكذلك مقاييس مختلفة للاكتئاب و التأمل الواعي  mindfulness، واجترار التفكير  (الوسواسي)  rumination (عادة ما يكون مصحوباً   بإفراط في التفكير  الى حد الوسواس  وهو عمل  غير صحي، ٧)  ، والتعاطف مع الذات (التعاطف الذاتي ، ٨).  لقد وُجد تلازم  correlation إيجابي ملحوظ  بين التسويف  وإجترار التفكير rumination (تعليق من المترجم : التلازم الإيجابي هنا يعني  أن المحصلة النهائية هي محصلة  سلبية اذا كلا الخاصيتين سلبيتان  ) ، بينما وُجد تلازم  سلبي  بين التسويف  وبين التأمل الواعي والتعاطف  الذاتي ( تعليق من المترجم: هذا يعني ان المحصلة النهائية ايجابية) .

لنبدأ بالعلاقة بين التعاطف  الذاتي والتسويف لأنه يتسم بشيء خلاف الحدس والكشف.  ما هو أول شيء تفعله عندما تجد نفسك منغمساً  في موجة من التسويفات الفظيعة بشكل خاص؟  هل تقول  لنفسك   ، "ما هي مشكلتك؟  اجمع نفسك وانجز عملك! " عدم وجود  التعاطف الذاتي  قد يكون   بالضبط سبباً  لتسويفك في المقام الأول ، وفقًا للبحث.

 أو ربما لا تجلد  ذاتك.  ربما تنكس رأسك من   الخجل  وتشعر بالذنب للعمل الذي قمت بتأجيله.  لكن الشعور بالذنب ليس بالأمر الأفضل.  يمكن أن يكون الشعور بالذنب أحد أنواع "التفكير الإجتراري" ، مما يؤدي أيضًا إلى تفاقم التسويف.  وهذا يعني ، نحن نغوص في وحل   سرديتنا   عن مدى  شعورنا بالإستياء من جراء تأجيل عملنا ، والذي يتغذي على نفسه ويستنزف قدرتنا على إنجاز العمل.

"نحن نعلم أننا نتحمل مسؤولية أعمالنا المحبِطة ذاتيا  self-defeated (محبطة لذاتها) ، وهذا محبط لنا" ، كما لاحظ بايشل.

 وجدت دراسة أخرى (٩) أن التسويف "مرتبط بشكل كبير بالأفكار التلقائية السلبية بشكل عام وكذلك بالأفكار التلقائية التي تعكس الحاجة إلى الكمال".

 هذا عكس ما يفكر به كثير منا  في الإنتاجية.  عندما نؤجل عملاً ، نقول لأنفسنا أننا "كسولون" وأننا نحتاج إلى "تحمله" من أجل الإستمرار في المهمة   المنوطة بنا بقوة وتصميم.  لكن البحث يشير إلى أن اتخاذ وجهة نظر أكثر ليونة ورحمة لسلوكياتنا قد يكون  المفتاح للخروج من هذه العملية الحلزونية التي لا تنتهي  ( المتجددة ) .

فكيف لنا أن نفعل ذلك؟

 التغلب على التسويف 
  معرفة أن التسويف هو مشكلة تنظيم مشاعر لا مشكلة  إدارة وقت هي بداية جيدة.  لكن هذا لا يخبرنا عن الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحسين سلوكنا.

 للقيام بذلك ، قام بايشل Pychyl بحشد أفكار من ثلاثة مجالات دراسية متفاوتة.

الأول ،  والذي جاء  من علم النفس البوذي ، هو فكرة "عقل القرد" الذي يوجد لدينا جميعًا.  يقول بايشل: "لا يتوقف عقل القرد أبدًا ولا يمكنك إيقافه".  "وبدلاً من ذلك، عليك أن تعطي القرد شيئًا لينشغل به".

الفكرة الثانية ، التي جاءت  من السايكلوجيا  الأكثر تقليدية ، هي أنه لا يمكن تنحية مشاعرنا جانباُ  أو تجاهلها.  لذلك عندما يكون لدينا نفور قوي من إنجاز أعمالنا ، لا يمكننا تجاهل هذا الشعور.

 الفكرة  الثالثة أتت  من ديفيد ألين  David Allen ، واضع  طريقة  إنجاز الأشياء Getting Things Done ™ (١٠) ، وهي فكرة أننا لا نعمل على مشاريع عندما نعمل ؛  بل نقوم بأداء  عمل .  بعبارة أخرى ، فإن جبل العمل الذي نتخيل أنفسنا أننا نخوض فيه هو مجرد مجموعة من الإجراءات الصغيرة المنفصلة التي يجب عملها  واحدة فواحدة .  ندخل ساقاً  واحدة ثم ندخل  الأخرى  حين نلبس  سراويلنا  ونكتب مقالاتنا كلمة كلمة .

ربط بايشل Pychy هذه الخيوط مع تعويذة واحدة بسيطة:"ما هو العمل التالي؟"



 التأمل الواعي  والتسويف
 "قوة الإرادة" مفهوم مراوغ .  يعتقد بعض الباحثين أنها غير موجودة بالفعل.  ويعتقد البعض أنها موجودة ولكن بشكل محدود.  البعض الآخر يأخذ  طريقاً وسطاً ما بين هاذين الإعتقادين.

 "أعتقد أن لها دورًا" ، يقول بايشل   "لكنه دور أصغر مما نعتقد".

 بدلاً من ذلك ، يوصي بتطوير مهارة ذهنية أخرى: التأمل الواعي.  تتماشى المهارات التي تم تطويرها في التأمل الواعي  ، مثل التركيز وعدم إصدار الحكم ، والاتزان ، تمامًا مع الأبحاث التي توضح الدور الحيوي لتنظيم المشاعر في تقليل التسويف وتحسين الإنتاجية (١١).

 وجدت  دراسة مسح للدماغ (١٢) التي أجريت مؤخراً عن  نشاط  منخفض في اللوزة الدماغية ، وهي منطقة تتحكم في الإستجابة للإجهاد ، بين مجموعة تم تدريبها على التأمل الواعي  مقارنةً بمجموعتي تحكم.  اللوزة هي المنطقة التي تتمكن من  "خطف" استجابتنا  للمشاعر  لتهديد محتمل ، سواء كان هذا التهديد هو أسد جبل أو صوت جرس إنذار .

قد تكون معاملة التسويف على أنه مشكلة تنظيم مشاعر  ومزاج  هي أفضل طريقة لتجاوزه وإنجاز عملك.  لكنه يمكن أن يحسن أيضا نوعية حياتك بشكل عام.  في المرة القادمة التي تجد نفسك في مواجهة  مشروع يسبب لك الكثير من التوتر ، يبدو أن اللوزة لديك توخز  الرقائق الجليدية في مقل العيون ، حاول أن تأخذ نفسًا عميقًا.  ابتعد عن  إصدار  أي حكم ذاتي متأتي من أفكار  قد تؤدي الى قلق واكتئاب  تضيفها إلى هذا المزيج ، واسأل نفسك ، "ما هي المهمة التالية؟"

 قد لا تنجز المزيد من العمل فحسب ، بل قد تستمتع به أيضًا.


مصادر من داخل وخارج النص 
١-https://www.psychologytoday.com/us/blog/dont-delay?utm_source=zapier.com&utm_medium=referral&utm_campaign=zapier

٢-https://www.amazon.com/dp/B00DGZKJ3Y?utm_source=zapier.com&utm_medium=referral&utm_campaign=zapier

٣-https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0191886999000914?utm_source=zapier.com&utm_medium=referral&utm_campaign=zapier

٤-https://www.jstor.org/stable/1449793?seq=1&utm_source=zapier.com&utm_medium=referral&utm_campaign=zapier#page_scan_tab_contents

٥-https://www.apa.org/helpcenter/willpower-gratification.pdf?utm_source=zapier.com&utm_medium=referral&utm_campaign=zapier

٦-https://link.springer.com/article/10.1007/s10942-016-0235-1?utm_source=zapier.com&utm_medium=referral&utm_campaign=zapier

٧-https://psychcentral.com/blog/why-ruminating-is-unhealthy-and-how-to-stop/

٨-http://sehanafsia.com/ar/topics/self-compassion-arabic/

٩-https://link.springer.com/article/10.1007/s10942-012-0150-z?utm_source=zapier.com&utm_medium=referral&utm_campaign=zapier

١٠-https://zapier.com/blog/best-gtd-apps/

١١-https://zapier.com/blog/mindfulness-and-productivity/

١٢-https://academic.oup.com/scan/article/10/12/1758/2502572?utm_source=zapier.com&utm_medium=referral&utm_campaign=zapier


المصدر الرئيسي
https://zapier.com/blog/procrastination-emotion/

للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على صفحتنا على الإنترنت على هذا العنوان؛
 https://sites.google.com/view/adnan-alhajji






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق