المترجم : عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 87 لسنة 2021
The psychology of money
مدخل من المترجم
هذا المقال عبارة عن حوار اذاعي دار بين مقدمة برنامج اسمه كل شيء في العقل All in the Mind علي راديو RN الاسترالي قدمته المذيعة لين ماكوم Lynne Malcolm على الراديو مع كلوديا هاموند Claydia Hammond مقدمة نفس البرنامج لكن علي راديو بي بي سي في لندن، وهي أيضًا مؤلفة كتاب : سيطرة العقل على المال Mind Over Money . لقد راعيت في الترجمة لغة الخطاب وحيث أن كل من المقدمة والضيفة سيدتان، افترضت في كلام كل منهما أنه موجه الى الأخرى.
الحوار المترجم
لين مالكولم: مرحبًا، هنا برنامج All in the Mind على راديو RN اسمي لين مالكولم. نتحدث اليوم عن سيكولوجية المال.
في هذه الأسابيع التي تسبق موسم الأعياد، قد يكون المال من الأشياء التي تشغل الذهن. ولهذا تنهال علينا الاعلانات التجارية على الدوام، تخدعنا وتغرينا بالإنفاق. قد تتمنين أن يكون لديك المزيد من المال، أو تحاولين إنفاق القليل منه، ولكن ليس هناك شك في أن مفهوم المال له سيطرة قوية على معظمنا، غالبًا بطرق غير منطقية وغير متوقعة.
لمناقشة أحدث الأبحاث حول قوة المال النفسية الغريبة، انضمت إلينا كلوديا هاموند. كلوديا هي مقدمة برنامج All in the Mind على راديو بي بي سي في المملكة المتحدة، وهي مؤلفة كتاب سيطرة العقل على المال Mind Over Money: سايكولوجيا المال وكيف تستفيد منه بشكل أفضل.
لين مالكولم: مرحبًا بكم في النسخة الأسترالية من برنامج All in the Mind، كلوديا.
كلوديا هاموند: شكرًا جزيلاً لكِ، سعيدة أن أكون معكم، ولديك مشاهدة رائعة لبرنامج All in the Mind في مدينة سيدني، وهو الأمر الذي لا نوفق فيه في لندن.
لين مالكولم: عذرًا ، أنا آسف! في كتابك سيطرة العقل على المال Mind Over Money ، قدمتِ له بقصة درامية عن الفرقة الموسيقية KLF وكيف أحرقت مليون جنيه إسترليني. أخبريني عن ذلك.
كلوديا هاموند: نعم ، فعلت ذلك وهذا الحدث قد أزعج الكثير من الناس. لقد حدث هذا في التسعينيات من القرن الماضي ، لقد كسبت هذه الفرقة أموالًا من نجاحات حققته في حفلاتها الغنائية، مثل اغنية '3am Eternal' ، وبقي لديها مليون جنيه إسترليني. غيرت الفرقة طبيعة عملها وأسست مؤسسة K وقد قالت بالمناسبة أنها ستقوم بعمل فني يتمثل في حرق مليون جنيه إسترليني. وهكذا ذهبت إلى جزيرة جورا Jura قبالة اسكتلندا، في هذه الجزيرة الصغيرة وجدت كوخ راع مهجورًا، وكان لديها مليون جنيه إسترليني من فئة ال 50 جنيهًا إسترلينيًا، وأحرقتها. ألقتها في النار على دفعات. ولذا استغرق الأمر وقتًا طويلًا جدًا حتى تمت عملية الحرق، والناس مستاءون من هذا الفعل وغاضبون. وقد فوجئت الفرقة بمدى انزعاج الناس هذا.
لما سأل المقابلة بيل برودموند: لماذا بيل ، لماذا قمتم بهذا العمل؟
بيل دروموند: هناك عدة أسباب وراء ذلك التصرف وما زلنا نكتشف أسبابًا كل يوم.
المقابل: وهل هناك فلسفة وراء هذا التصرف، هل هذا نوع من رفض للعالم المادي أو شيء من هذا القبيل؟
بيل دروموند: لا. في بعض الأيام يكون الأمر كذلك ، لكن الأمر ليس كذلك بالفعل. كان بإمكاننا أن نفعل أشياء بالمال. نرغب في المال ، لكننا أردنا حرقه.
المقابل: وماذا شعرت عندما رأيت المال يحترق؟
بيل دروموند: لم أبالي.
المقابل: ماذا كان رأي زوجتيكما حيال ذلك حينها؟
بيل دروموند: لقد أدى ذلك إلى مشكلات!
فيديو المقابلة مع عضوي الفرقة: https://youtu.be/i6q4n5TQnpA
لين مالكولم: هذا الحدث موجود على اليو تيوب لو أراد الناس أن يبحثوا عنه ويشاهدوه، ومن المضحك جدًا مشاهدتهم يبررون عملهم هذا ونوعًا ما كانوا يقولون، "أنا لا أفهم ذلك، ليست مشكلة؟" لكني أعتقد أنكِ ربما تحدثتِ عن تلك الحادثة لأنها تسلط الضوء بالفعل على المشاعر بشأن الأموال التي لدينا.
كلوديا هاموند: هذا صحيح. أعني، نحن نأخذ المال على محمل الجد، وبحق ، لأنه يمكنكِ القيام بكل ما تريدين بالمال، فأنت بحاجة إلى المال في هذا العالم الحديث حتى تتعايشين. ولكن ما استاء الناس جدًا منه هو أنهم أهدروا / احرقوا تلك الأموال وكان بإمكانهم فعل شيء آخر بها. لذلك كان الناس يقولون، أوه ، لماذا لم يتبرعوا بها للجمعيات الخيرية، لماذا لم ينفقوها على شيء مفيد.
لكن ما أعتقد أنه مثير للاهتمام هو أنهم لو قاموا بهدر هذه الأموال بالطريقة العادية التي يهدر بها نجوم موسيقى الروك المال، لو كانوا أنفقوها على سيارات سريعة أو رموا بأجهزة تلفاز من نوافذ الفندق أو أنفقوها على عطلات باذخة ، فلن ينتقدهم أحد بنفس الطريقة . وأعتقد أن السبب في ذلك هو أن المال أداة، وبالتالي فإن المال هو أداة للقدرة على القيام بأشياء مختلفة، ولذا فإننا نكره رؤيته ممزقًا / محروقًا لأن هذا العمل مقوِض ومضيع للفرص، إنه تقويض للفرص، كان بإمكانهم فعل كل أنواع الأشياء المختلفة بهذا المال.
وقد أثبتت الدراسات منذ ذلك الحين أننا نكره بالفعل رؤية الأموال تُهدر / تمزق / تحترق. وقد أجروا دراسات في الدنمارك حيث وضعوا أشخاصًا في جهاز تصوير للدماغ ، وعرضوا عليهم مقاطع فيديو فيها أوراق نقد (أموالًا) تًمزق أمامهم، ثم انتظر الباحثون ردود أفعالهم. وقال هؤلاء المتفرجون إنهم شعروا بضائقة شديدة ، لكن جزء الدماغ الذي أصبح نشطًا أثناء مشاهدة ذلك الفعل هو جزء الدماغ الذي يتعامل مع استخدام الأدوات، استخدام أشياء مثل استخدام سكين أو أدوات المائدة أو شيء من هذا القبيل. وأعتقد أن هذا يوضح كيف أن المال في بعض النواحي هو نوع مخدر وشيء نحن مهووسون به وشيء يؤثر في الدماغ بطرق معينة، ولكنه أيضًا أداة في نفس الوقت. لذلك فالمال أداة للقيام بأشياء مفيدة باستخدامه.
لين مالكولم: هذا الهوس والإدمان الذي ذكرتيه، ماذا تقول الدراسات عن كيف يدخل المال كعامل في هذه الأشياء؟
كلوديا هاموند: نعم ، الأمر اللافت للنظر هو أننا مهووسون تمامًا بالمال، ونحتاج نوعًا ما أن نُقيَّم بالمال بطريقة من الطرق، ولكن أيضًا للمال تأثير فريد في الدماغ. وهكذا إذا وضعت أشخاصًا في حهاز تصوير الدماغ وقمت ببخ بعض من عصير التفاح في أفواههم أو أعطيتيهم قطعة شوكولاتة أو أي شيء آخر لذيذ، فسترين أن مراكز المكافأة في الدماغ تصبح نشطة. أما إذا وعدتيهم أن تعطيهم قطع شوكولاتة في وقت لاحق، فلن تحصلي على نفس التأثير.
لكن بالمال، لو أعطيتهم مالًا، فلن يتمكنوا من شراء أي شيء حتى وقت لاحق، سيتمكنون من شراء شوكولاتة لو أرادوا ، لكنهم لا يستطيعون شراءها حتى وقت لاحق، فهي عبارة عن مكافأة مؤجلة ومع ذلك فالمال هو المكافأة الوحيدة المؤجلة التي لها هذا تأثير فعلي في الدماغ. في تلك اللحظة (بعد أن أعطيتيهم المال) ستُفعل مركز المكافآة في أدمغتهم. وبالتالي هناك شيء فريد عن المال، إنه قوي التأثير جدًا.
لين مالكولم: من نواحٍ كثيرة ، أوراق النقد هي أوراق ذات قيمة اعتبارية تمامًا، أليست كذلك، ونحن نتفاعل بشكل مختلف قليلاً مع أوراق النقد هذه، على سبيل المثال ، مثلًا لو أنقنا أموالًا عن طريق بطاقة الائتمان.
كلوديا هاموند: هذا صحيح، وفي العديد من الأماكن التي لا يتطلب البائع الدفع بالنقد مقابل الشراء، والدفع بالبطاقات البنكية هي على وشك أن يفوق استخدام النقد (الكاش) للدفع مقابل الشراء، وذلك لا يهم لأننا نستجيب بشكل مختلف لكل من طريقتي الدفع هاتين. وعليه في إحدى الدراسات في أمريكا قام الباحثون برصد مشتريات الناس من السوبر ماركت على مدار سنة كاملة، نصف المتسوقين دفع نقدًا و نصفهم دفع بالبطاقات. الناس الذين دفعوا بالبطاقات أنفقوا مالًا أكثر وكذلك اشتروا وجبات خفيفة غير صحية اكثر مما فعله الآخرون [الذين دفعوا نقدًا]. في حالة هؤلاء يبدو الأمر تقريبًا كما لو أن المال ليس حقيقيًا، بحيث يمكن أن ينفقوا ما يحبون. وكذلك السعرات الحرارية للشوكولاته غير الصحية وهلم جرا ليست شيئًا حقيقيًا أيضًا. كل شيء يبدو وكأنه غير حقيقي.
والأمر نفسه يحدث إذا أنفقت المال بالبطاقة لشراء أشياء صغيرة، شطيرة، شيء من هذا القبيل. في الدراسات، سألت الناس خارج المتجر عن المبلغ التي أنفقوه، فمن غير المحتمل أن يعرفوا المقدار الذي أنفقوه مما لو كان عليهم أن يعدوا النقود بأيديهم عدًا ليدفعوه نقدًا مقابل مشترياتهم، لأننا ذهنيًا علينا أن نهيأ تلك الأموال، ذلك النقد / الكاش، عليك أن تقوم بعدّه بيدك عدًا [أي تلمسه مباشرة بيدك]، "أحتاج الى 5 أوراق نقدية وورقتين نقديتين حتي يكون المبلغ المطلوب صحيحًا، وأنت تقومين بتلك العملية فأنت تتأملين في هذه العملية أكثر في الحقيقة، في حين لو كان الدفع بالبطاقة فلا تحتاجين سوى أن تُلمسيها بجهاز الدفع (1) وذلك لا تعطيك شعورًا بأن العملية حقيقية جدًا. لذا فمن المحتمل أن تنفقي المال [بلا اكتراث].
لين مالكولم: وهذا يجعلك تتساءلين عما سيحدث في المستقبل عندما نستخدم البطاقات البنكية أكثر وأكثر في حالة أردنا دفع قيمة المشتريات.
كلوديا هاموند: نعم ، فكرت لبرهة أن هناك صعوبة طفيفة ولا تبدو لنا وكأنها أموال حقيقية، ولذا فمن المحتمل أن ننفق المزيد من المال في حال استخدام هذه البطاقات. لكنني أعتقد أننا سنعتاد على ذلك في المدى الطويل لأنني أعتقد أننا عادة ما نتعود على المشكلات الناجمة عن استخدام تكنولوجيا جديدة. ولكن ربما أيضًا تمد التكنولوجيا يد المساعدة لنا وتنقذنا في حال ما اضطررنا اليها. لذلك ربما ستكون هناك بطاقات في المستقبل حيث يظهر رصيدك في حسابك المصرفي تلقائيًا على البطاقة باستمرار.
ربما نكون أكثر وعياً بمقدار رصيدنا من الأموال أو التي ليست في رصيدنا مما نحن عليه الآن. لذلك لا أعتقد أن كل شيء مقّدر، وإلا فسنكون جميعًا مفلسين لأننا لا نؤمن بالمال ، ولا نشعر بالبدانة لأننا نعتقد أنه يمكننا شراء أي شيء نحب أن نأكله. لكنني لا أعتقد أن هذا سيحدث.
لين مالكولم: لتكون لدينا فكرة عن كيف تتفاعل أدمغتنا مع المال، إحدى التجارب التي ذكرتيها أجراها باحثان في العلوم الإدراكية كريس Chris وأوتا فريث Uta Frith. هل يمكنك أن تربطي ذلك بما نتحدث عنه؟
كلوديا هاموند: نعم ، لقد أجروا دراسة رائعة حيث وضعوا أشخاصًا في جهاز تصوير الدماغ وعرضوا عليهم مقطع فيديو لامرأة تمزق أوراق نقد مالية إلى أجزاء، ولم يعجب هؤلاء ما فعلته المرأة، بل وجدوه شيئًا يبعث على الأسي وكانوا غير سعداء برؤية هذا التصرف. ونعلم أن الناس لا يحبون تمزيق / هدر الأموال. لكن جزء الدماغ الذي نُشّط كان هذه المنطقة المسؤولة عن استخدام الأدوات، وأعتقد أن هذا يوحي ويلمح لنا أن للمال هذا الاستخدام والاستعمال الاعتباري ، ولماذا نأخذه على محمل الجد ولماذا ننزعج بالفعل عندما نراه ممزقًا أو مهدرًا .
لين مالكولم: شيء آخر تحدثتِ عنه هو أن المال يبدو مرتبطًا جدًا بما نفكر فيه بشأن معدل الوفيات والموت.
كلوديا هاموند: نعم، كانت هذه بعض الدراسات غير العادية حيث وجدوا أنه إذا أعطوا الناس مبلغًا من المال في أيدهم وطلبوا منهم عدها، وأعطوا أشخاصًا آخرين كومة من الورق العادي بنفس الحجم في أيديهم وطلبوا منهم عدها وأعطوا أشخاصًا استبيانا عن خوفهم من الموت وعما يمرون به من أفكار اقتحامية بخصوص تعرضهم للموت، الذين قاموا بعد الأموال النقدية الحقيقية في الواقع كانوا أقل خوفًا من الموت من الذين عدوا النقود المزيفة أو قاموا بعدّ حزمة الورق ولم يفكروا في المال.
وهو أمر مثير للاهتمام بالفعل لأنك تعتقدين أن الشيء الوحيد الذي نعرفه عن المال هو أنه لا يمكنك أخذه معك الى القبر، لذلك عندما تموتين لا فائدة من أموالك، باستثناء توريثه إلى أشخاص آخرين ربما، ولذا يبدو الأمر كما لو أن التفكير في هذه الأموال جعلهم يشعرون بمزيد من الأمان وجعلهم لا يقلقون كثيرًا بشأن ما سيحدث لهم أنفسهم في المستقبل. لقد كان المال وكأنه واقٍ لهم يقيهم ضد قلقهم من موتهم.
لين مالكولم: ونحن أيضًا غير منطقيين عندما يتعلق الأمر بالمال وقرارات الإنفاق التي نتخذها. وقد تحدثتِ أنتِ إلى بعض الخبراء الرئيسيين في مجال الاقتصاد السلوكي، وكان دانيال كانيمان واحدًا منهم ، وكذلك ريتشارد ثالر. اخبرينا عن بعض هذه الأشياء غير المتوقعة التي يكشفون عنها لنا بخصوص عدم منطقيتنا في التعامل مع المال.
كلوديا هاموند: نعم، للأسف نحن غير منطقيين فيما يتعلق بالمال. وهذا مثير للاهتمام لأننا نميل إلى الاعتقاد بأننا جيدون في التعامل مع المال. ويعتقد معظم الناس أنهم أفضل من المتوسط في عقد صفقة (شراء سلعة) فورية جيدة، تمامًا كما يعتقد معظمنا أننا نقود سياراتنا أفضل من سائقي السيارات العاديين الآخرين، والحال أنه ولا يمكننا جميعًا أن نكون سائقي سيارات متوسطين أو أفضل من المتوسط، بل لا بد أن يكون هناك من هم أقل من المتوسط حتى نكون نحن في المتوسط. لكننا نعتقد أننا جيدون في عقد هذه الصفقات (شراء هذه السلع) الفورية ، ولكن في الواقع هناك عدة جوانب قد نكون فيها غير منطقيين عندما يتعلق الأمر بالمال.
واحدة من تلك الجوانب هي عندما ننظر إلى الخصومات / التنزيلات على أشياء. لو، رغبتي في شراء سلعةً رخيصةً نسبيًا، فلنفترض أنك تشترين سلعة قيمتها 50 دولارًا، وإذا كان بإمكان الناس الحصول على خصم مقداره 15 دولارًا على تلك السلعة، فسيكونون سعداء جدًا بهذا الخصم وقد يذهبون بسياراتهم لمسافات طويلة للحصول على هذا الخصومات، فالسعر الان يبلغ ثلث القيمة، إنه سعر جيد جدًا، ومستعدون لمواجهة بعض المشكلات للوصول الي تلك المحلات التجارية لشراء تلك السلعة .
لو تمكنت من الحصول على خصم مقداره 15 دولارًا على سيارة مستعملة تكلفتها، لا أعرف، 1500 دولار ، شيء من هذا القبيل ، فالناس لا تهتم بتوفير الـ 15 دولارًا تلك، لأن ما نسبة الـ 15 دولارًا إلى مجمل تكلفة السيارة الكبيرة تلك، لا تعتبر شيئًا، ولا يُعتبر مبلغ الخصم هذا مهمًا بالفعل. ولكن، مبلغ الخصمين في الحالتين هو 15 دولارًا لا غير. لذلك لو حاولت توفير بعض النقود، فلا يهم من أين توفرينه لأنه يمكنك إنفاق هذا المال على أي شيء بعد ذلك. إذن فهو نفس المبلغ ، ومع ذلك فإننا ننظر دائمًا إلى الخصم بالنسبة إلى السعر الإجمالي للسلعة، وهو أمر ليس منطقيًا تمامًا كي نقدم عليه.
شيء آخر نفعله ... وهذا هو أحد الأشياء المفضلة عندي، عندما يرى الناس أشياء في متجر، غالبًا ما تكون معروضة ضمن مجموعة متكونة من ثلاثة أشياء. وإذا بحثت على الإنترنت أيضًا، لنفترض أنك تريدين شراء كمبيوتر محمول جديد، فغالبًا ما يكون ضمن مجموعات من ثلاثة كومبيوترات. وعندما يتوفر للناس خيار لشراء سلعتين، على سبيل المثال، نوع رخيص السعر ونوع آخر متوسط السعر، فإن حوالي نصف الناس سيختارون النوع الرخيص، وسيختار النصف الثاني من الناس الخيار المتوسط السعر. ولكن لو وضعت بجانبيهما كمبيوترًا محمولًا ثالث باهظ الثمن ، غالي جدًا، وأنيق وجميل. وحينئذ فجأة ستجدين ضعف عدد الأشخاص سيشترون الكومبيوتر المحمول متوسط السعر عما كان عليه قرارهم قبل اضافة الكومبيوتر الغالي الثمن، لذلك عادةً ما يوفقون بين السعرين. يُطلق عليه تأثير السعر التوافقي compromise effect [وهو ان يضع سعرًا متوسطًا على سلعة بين سلعتين واحدة متدنية السعر والاخري مرتفعة السعر] ، ولذلك تجعلهم يختارون السلعة بالسعر المتوسط على السلعتين الأخريتين، ورد فعل المتسوقين هذا يحدث فقط بعد أن توضع هذه السلعة اللماعة والأنيقة مع السلعتين الأخريتين: الرخيصة والمتوسطة السعر.
وذلك لأن الناس ... تكره النقائص / العيوب في الأشياء ، ولذا فإننا نبحث عنها ونحاول تجنبها. لذا فنقائص / عيوب الأشياء ذات الأسعار الرخيصة أنها رخيصة للغاية، ربما لأنها ليست جيدة، والأخرى باهظة الثمن من الواضح أن عيبها هو أنها باهظة الثمن، وبالتالي ما يفعله الناس هو اختيار الأشياء متوسطة السعر. ولكنهم لم يكن من شأنهم أن يقدموا على الشراء أبدًا لو لم تكن تلك السلعة الأخرى باهظة الثمن موجودة بجنب السلعتين الأخريتين. والمتاجر تعرف هذه الحيلة، ولذلك يعرضوها بهذه الطريقة، لأنه من غير المحتمل جدًا أن يشتري المرء منتجًا باهظ الثمن حدًا لو كان ما كانوا يبحثون عنه هو سلعة رخيصة، ولا اعتقد أنك ستفعلين ذلك أيضًا، ولكن ما يريدون منك هو أن تشتري واحدة مقابل سعر هو أكثر قليلاً مما كنت تنوين أن تدفعيه. لذا فهذه حيلة حقيقية علينا أن نتبه لها، فكلما رأيت أشياء معروضة في مجموعة من ثلاث أشياء، كوني حذرة من السلعة المتوسطة السعر واسألي نفسك لماذا أريد أن اشتري السلعة المتوسطة السعر، ما هو السبب لذي يدفعني لشرائها، هل هناك سبب وجيه؟
لين مالكولم: ويبدو أيضًا أننا نكره الخسائر أكثر مما نحب المكاسب، وهذا شيء آخر برز في مجال علم الاقتصاد السلوكي.
كلوديا هاموند: نعم ، نحن كذلك بالفعل. أعني، النفور من الخسارة هي استنتاج قوي بالفعل. لذلك نحن نحب أن نكسب ولكننا في الحقيقة نكره الخسارة جدًا، ونكرهها كثيرًا لدرجة أننا على استعداد لنتخلى عن فرص كسب أشياء في حالة لو خسرنا شيئًا ما. وهذا أمر رائع لأنه حتى القردة تفعل الشيء نفسه. لذلك في التجارب على قردة الكبوشي، قاموا بتدريب هذه القردة على استخدام نقود بلاستيكية صغيرة، وهي تشبه النقود شبهًا قليلاً، وتمكنت القردة من اعطاء هذه العملة إلى رجل كان يمسك بحبات عنب في يده، وتتصرف بذلك بحيث أحيانًا يقدم أحد شخصين على أحد الجانبين دائمًا لها حبتي عنب، لكنه في بعض الأحيان يعطيها حبة عنب اضافية واحدة كمكافأة ويعطيها حبة ثالثة في نفس الوقت. وكان الشخص الثاني علي الجانب الآخر يقدم لها دائمًا ثلاث حبات عنب، لكن في بعض الأحيان عندما تسلمه القردة العملة البلاستيكية التي معها، يخصم الشخص حبة عنب واحدة.
ولذلك شعرت القردة أنها قد سُلبت حقها قليلاً، ولم يعجبها ذلك. وسرعان ما تعلمت القردة أن تذهب لمن يعطيها مكافأة في بعض الأحيان ، وكانت تكره بالفعل أن تذهب إلى الرجل الذي يسلبها حبة عنب أحيانًا. لم يعجبها ذلك الشعور بتلك الخسارة. ونحن نتصرف بنفس التصرف لو تعرضنا له، وعليه نتخذ قرارات من شأنها أن تؤدي الي محاولة عدم خسارة أي شيء، وهي ليست دائمًا أفضل القرارات التي يجب علينا اتخاذها.
لين مالكولم: نحن نناقش أحدث الأبحاث في علم النفس وعلم الأعصاب والاقتصاد السلوكي لتسليط الضوء على بعض توجهاتنا غير المنطقية الغريبة تجاه المال. على سبيل المثال، غالبًا ما نختار أن نشتري سلعًا باهظة الثمن ، اعتقادًا منا بأنها ذات جودة عالية. هل يمكن أن يكون لتأثير الغفل (البلاسيبو) دورًا هنا أيضًا؟
كلوديا هاموند: نعم ، أعني هذا مدهش. لذلك نحن نميل إلى الاعتقاد بأن السلعة باهظة الثمن هي سلعة جيدة ومن الواضح أن السلعة باهظة الثمن في بعض الأحيان تعتبر سلعةً جيدة. السيارات الفاخرة باهظة الثمن أفضل من السيارات الاقتصادية الرخيصة، وهي مريحة أكثر وأسرع وأشياء من هذا القبيل. لذلك، غالبًا ما يكون هذا صحيحًا.
لكن في بعض الأحيان لبس الأمر كذلك، لكننا نصدق أنه كذلك. لذلك لو وُضع أشخاص تحت جهاز تصوير الدماغ وشربوا شرابًا باستخدام قشة straw (انبوب بلاستيكي معروف)، وقيل لهم إن زجاجة الشراب تكلف 5 دولارات، وأحيانًا يقال لهم تكلف الزجاجة ك90 دولارًا، وأحيانًا يُكذب عليهم. ويا للمفاجأة - ما لم يكن هؤلاء الأشخاص خبراء في هذا الشراب، فإنهم سيعتقدون أن طعم الشراب الذي في الزجاجة التي سعرها 90 دولارًا أفضل بكثير من الزجاجة التي سعرها 5 دولارات. لذا، بطريقة ما. لو كنت لا تعرفين، فلا بأس بذلك وربما اتركي أصدقاءك يكذبون عليك ويخبروك بأنهم اشتروا لك هذا الشراب الرائع وسيعجبك بالفعل.
لكن ما هو مثير للإعجاب في الحقيقة هو أن هذا يمكن أن ينطبق على مسكنات الألم أيضًا. لذلك في بعض الأحيان يستحق الأمر أن تشتري مسكنات ألم غالية الثمن. لذلك في الدراسات التي تستخدم مسكنات ألم الـ ايبوبروفين العامة، يمكنك إما أن تشتري إيبوبروفين فاخر بماركة تجارية في عبوة فاخرة جميلة مقابل زيادة كبيرة في السعر من أن تشتري عبوة إيبوبروفين مكافيء / جنيس generic رخيص الثمن، لكن تحتوي على نفس مسكن الألم ، وهم لا يكذبون عليك في ذلك، كما هو مكتوب على العبوة أن هذا هو ما تحتويه وهذا وه تركيزه.
في التجارب التي قاموا فيها باختبار عتبة الألم عند الناس وذلك بجعلهم يضعون أيديهم في وعاء ماء مثلج لأطول فترة ممكنة، وهو أمر مؤلم بالفعل وهذا الألم يؤثر في اليد بسرعة وهو مروع. وعميق وموجع بشدة. وقد أعطوهم مسكنات ألم قبل التجربة وهذا ساعدهم على تحمل الألم لفترة أطول قليلاً. ولكن لو اعتقد هؤلاء الأشخاص أنهم تناولوا مسكن ألم ذا ماركة غالية الثمن، فإنهم في الواقع سيصمدون لفترة أطول من اولائك الذين تناولوا مسكن ألم رخيص، على الرغم من كلا الدوائين هما نفس مسكن الألم تمامًا. وهذا بالفعل ما يسمى بتأثير الغفل (البلاسيبو) الذي يلعب دورًا هنا. لذا، بطريقة ما، إذا كان لديك صداع أو آلام ظهر شديد، فما تريدين أن تفعليه هو أن تدفعي مقابل الحصول على مسكِّن ألم ماركة لأنك ستعتقدين أنه أفضل وسيفيدك بشكل أفضل .
لين مالكولم: نحن لا تبالغ لو اعتقدنا كم من المال يتحكم يمكن أن يتحكم فينا وفي هذه الحيل السيكولوجية. كما تعلمين، نحن ندرك ذلك في الحقيقة، نعتقد أننا نتصرف بطريقة منطقية. فقط أتساءل من أين يأتي إحساسنا بالمال وفهمنا له ومتى يبدأ؟
كلوديا هاموند: نعم، من الواضح أنك تكسبين الكثير من والديك لأنهما هم اللذان ترينهم يعطيان المال. لكن المثير للاهتمام في الحقيقة هو أنك لو تحدثت إلى أطفال صغار ... ولقد قمت بذلك في إحدى المدارس قبل أسبوعين فقط وكنت أتحدث مع أطفال في سن الرابعة والخامسة وسألتهم عن اعتقادهم بشأن من أين يأتي المال. قد يقولون إنه يأتي من أصحاب المتاجر، لأن هؤلاء الأطفال يرون أصحاب المتاجر هم من يناولون والديهم باقي النقود دون أن يدركوا أن والديهم قد سلموهم نقودًا أكثر من ثمن المشتريات في المقام الأول. أو يقولون أنها تأتي من البنوك. بعدها كنت أقول لهم، حسنًا، كيف وصل المال الى البنك؟ نادرًا ما كانوا يقولون إن والديهم وضعوها هناك، لكنهم كانوا يقولون، حسنًا، البنوك لديها ذلك المال ليس إلَّا. ولم يربط أي من الأطفال الذين تحدثت إليهم المال بالعمل ولم يدركوا أن هذه هي الطريقة التي كسب بها أولياء أمورهم المال على أي حال. وهذا ينطبق على الكثير من نتائج الأبحاث التي أُجريت على الأطفال، إذ هم لا يفهمون بالفعل من أين تأتي الأموال.
ومع ذلك، حتى الأطفال الصغار جدًا سيحتفظون بقطع معدنية من النقود، وفي البداية يبدو الأمر وكأنه خزينة من عملات معدنية نحاسية لماعة وهو شيء لطيف يمتلكونه ويضعونه في حصالاتهم الخاصة ويعدُّون تلك النقود. قد لا يعرفون بالضرورة قيمة تلك النقود. لذلك كنت أقول للأطفال، هل تعلمون، كم المبالغ المالية التي يمتلكها الشخص الثري جدًا؟ كانوا يقولون 13 جنيهًا إسترلينيًا. قد يساوي هنا في استراليا 18 دولارًا أو 19 دولارًا. ولذا يعتقدون أن هذا هو مقدار المال الذي يمكن أن يمتلكه الشخص الثري جدًا. لم يكونوا يعرفون أيضًا ما الذي يمكن شراؤه بهذا المبلغ، لذلك كانوا يقترحون أنه يمكن شراء سيارة بذلك، وأعتقد أنك ستكونين محظوظةً لو سمعت ذلك منهم. لذا فهم لا يعرفون الكثير عن المال.
ومع ذلك، فقد بيّنت دراسات أخرى أن الأطفال في سن السادسة والسابعة والثامنة يعلمون أنه يمكن بيع أشياء وأن هناك طرقًا لكسب المال. وسرعان ما يبدأ الأطفال في اظهار إحساس أكثر تطورًا به. وأعتقد أننا نتعلم الكثير من السلوكيات بشأن المال من خلال مشاهدة ما يفعله أولياء أمورنا، وأعتقد أن هذا هو السبب في أنه من المفيد بالفعل أن يبدأ أولياء الأمور في الحديث عنه، وأن يبدأوا في الحديث عن كيف يختارون ما يختارونه، ولماذا لا يمكنهم تحمل شراء كل شيء يرغبون فيه. وكيف يتخذون تلك القرارات بشأن أي الأشياء تستحق الشراء، وأي منها سيعمِّر / سيستمر طويلًا، وبعض القرارات التي يتخذها الناس بشأن المال حتى يتعلم الأطفال كيف يتصرفون.
لين مالكولم: نحن جميعًا نختلف إلى حد ما بشأن كيف نستخدم المال وكيف نديره، وفي كثير من الأحيان حتى في العائلات ، يختلف الأشقاء عن بعضهم كثيرًا. ما مدى ارتباط إدارة الأموال بالشخصية؟
كلوديا هاموند: نعم، أعتقد أن الأمر مرتبط بشدة بالشخصية. ولذلك غالبًا ما تجدين عائلات تقول، أحد الأطفال بارع في ادخار أمواله ويوفر مصروفه من أسبوع لآخر، والآخر لا يملك أيًا من المال ويقترض من أخيه. لذا، نعم، كانت هناك دراسات كبيرة أُجريت على الشخصية ومواقف الناس تجاه المال. وبطريقة ما، فإن النتائج ليست مفاجئة، الأشخاص الذين يسجلون درجات عالية على مستويات يقظة الضمير(2) conscientiousness ليسوا أفضل بشكل مدهش في ادخار أموالهم. البتلون بدرجة عالية من الاندفاعية هم أكثر احتمالًا لإنفاق أموالهم. وأعتقد أن هذه الاختلافات في الشخصية التي ترينها بشكل كبير في العائلات يمكن أن تفسر لماذا في نفس العائلة، يمكن أن يكون لدى أفرادها هكذا توجهات مختلفة تجاه المال، على الرغم من أنهم ربما شاهدوا والديهم يفعلون نفس الأشياء.
لين مالكولم: وما مدى فاعلية استخدام المال كمحفز ومكافأة؟
كلوديا هاموند: في الحقيقة، هذا يعتمد. إنه أمر مثير للاهتمام، فنحن نميل إلى الاعتقاد بأن دفع المال للناس هو السبيل لحملهم على القيام بعمل أشياء لنا، وكانت هناك كل أنواع المحاولات المختلفة لدراسة هذه الظاهرة. في في مدن مختلفة في أمريكا، حاولوا دفع مبالغ للشباب والأطفال للقيام باداء الامتحانات وكذلك للأداء الجيد في الامتحانات. وقد فعلوا ذلك في دالاس وشيكاغو ونيويورك واستخدموا طرقًا مختلفة قليلاً في مدن مختلفة، ودفعوا لهم الكثير من المال ، وكان بإمكان هؤلاء الطلاب كسب 1800 دولار في بعض هذه التجارب لو كان أداؤهم أداءً جيدًا في امتحاناتهم، لذلك فهو عمل يستحق المحاولة.
ووجدوا أنه في بعض المدن كان الحال أفضل من غيرها من المدن الأخرى، والسبب هو أنه بالنسبة لبعضهم دفعوا لهم المال فقط لو حصلوا على درجات جيدة بدون أن يخبروهم شيئًا عن كيف يحصلون على تلك الدرجات الجيدة. في حالات أخرى، دفعوا لهم مقابل قيامهم بمهام معينة وقراءة كتب معينة وتعلم أشياء معينة، ومراجعة أشياء معينة، وكان ذلك أكثر فاعلية بكثير وبكثير جدًا، وقد نجحت تلك التجربة. لذا، بمعنى من المعاني، لو كنت تريدين رشوة أطفالك للقيام بأداء واجباتهم المدرسية، فمن غير الجيد أن تقولي لهم فقط، "سأعطيك مالًا لو حصلت على درجات جيدة في واجباتك المدرسية،" إنما عليك أن تخبريهم كيف يقومون بذلك، وإلا فلا فائدة من ربطه بالمال.
وهناك أمثلة أدت إلى نتائج عكسية تمامًا، لو دفع أي شيء للناس. ومن أشهرها سلسلة من الدراسات التي أجريت في دور الحضانة في إسرائيل، حيث قررت تلك الدور أن ما كانت ستفعله هو أن تفرض غرامة على أولياء أمور الأطفال لو حضروا متأخرين لاستلام أطفالهم من الروضة بعد نهاية الدوام، وهو ما تفعله الكثير من دور الحضانة الآن ، لأنها سئمت من أولياء الأمور الذين استمروا في الحضور متأخرين لاستلام أطفالهم، وهذا يفرض على أحد الموظفين إن يبقى مع بعض الأطفال الذين لم يحضر أولياء أمورهم لاستلامهم. اعتقد أصحاب هذه الدور أن هذه فكرة رائعة، وقد غرموهم الكثير من المال.
إلًا أن هذه الخطة سارت على ما لا يرام، في غضون اسبوع تأخر كل واحد من أولياء الأمور مرة واحدة على الأقل في الاسبوع، وهو أمر غير عادي. ولذا فقد غيرت خدمة الموظف الذي بقي متأخرًا وبدل أن يشعر أولياء الأمور بالذنب حيال ذلك حسبوها كخدمة من قبل الروضة مدفوعة الأجر.
وبالتالي ، لو تأخر بعض أولياء الأمور في العمل، فبعضهم يعتقد، حسنًا ، سأدفع مبلغًا من المال مقابل تلك الخدمة، خدمة كهذه تستحق ذلك المبلغ ، ما على إلَّا أن أدفع مبلغًا من المال. ولذا فإن الأمر مثير للفضول بنحو ما حيث يبدو أن الأمور سارت بشكل خاطئ جدًا. وبعد ذلك توقفت رياض الأطفال عن تغريم أولياء الأمور المتاخرين عن استلام أطفالهم، ولكن لم تعد الأمور كما كانت مرة أخرى إلى طبيعتها السابقة حيث استمر هؤلاء في التأخر عن أطفالهم، وهو أمر مقلق في الحقيقة، مما يعني أنه إذا أردت أن تطبقي نوعًا من خطط محفزة، فأنت بحاجة في الحقيقة إلى التأكد من أنها ستنجح وتجريبها لتري إذا ما كان لها آثار جانبية غير متوقعة، لأنه إذا كنت ستقومين بجعل إيثار الناس ولطفهم أمرًا مستحيل التحقق، فعليك أن تكوني حذرةً جدًا حيال ذلك.
لين مالكولم: هذا هو السؤال القديم عن المال والسعادة ، ولكن ما هي الدراسات الفعلية التي مرت عليك بشأن العلاقة بين المال والسعادة؟
كلوديا هاموند: نعم، إنه سؤال قديم في الحقيقة، وما نعرفه هو أنه في داخل بلد معين، وداخل مجتمع معين، الذين لديهم أموال أكثر هم في المتوسط أكثر سعادة من الذين لديهم أموال أقل. حيث ليس لديهم ما يدعو للقلق لأنهم ليسوا قلقين بشأن أين سيذهبون ليحصلوا على الطعام أو المال لإقامتهم (محل سكناهم) أو ماذا سيحدث لهم في الأسبوع التالي. لذا بإحدى الطرق لا غرو في ذلك. لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يوجد ملياردير بائس وشخص فقير سعيد جدًا. لذا ما نتحدث عنه هو ما يحدث في المتوسط فقط [ من أن صاحب المال الوفير في العادة سعيد والفقير بائس] وهذا لا يخبرك كثيرًا عن أحوال هؤلاء الأشخاص. لكن ما كان يمثل لغزًا لفترة طويلة في علم النفس هو لماذا اذا كان هذا هو الحال، فلابد أن يكون لدى الدول الأكثر ثراءً أسعد مواطنين، لكن لا يبدو أن هذا صحيح.
وهناك شيء آخر يسمونه مفارقة إيسترلين(3) Easterlin paradox وهي فكرة ليست مفاجأة أن أكثر الدول غنىً ليست هي الأكثر سعادة. ولفترة طويلة كانت هناك فكرة أن الدول ستصبح أكثر سعادة في المتوسط مع ارتفاع الدخل فيها، ولكن فقط إلى أن يبلغ متوسط الدخل السنوي حوالي 20 ألف دولار. وقد وجدت الأبحاث الحديثة التي تابعت الأشخاص لفترة أطول بكثير والتي تضمنت عددًا أكبر بكثير من أصحاب الملايين مما تم تضمينهم في التجارب السابقة، في الواقع، بلغ المتوسط أعلى من ذلك، يبدو أنه يزيد على أكثر من 20 ألف دولار، ربما إلى راتب قدره 75 ألف جنية استرليني سنويًا. ولكن حتى في ذلك الوقت يبالغ الناس في تقدير مدى السعادة التي يضفيها المال على الناس. لذلك لو طلبت منهم تخمين مدى سعادة شخص ما براتب منخفض ومدى سعادة شخص ما براتب مرتفع، فإننا نميل إلى الاعتقاد بأن الأشخاص الذين يكسبون مالًا كثيرًا لابد أن يكونوا سعداء جدًا على الدوام وأن الأشخاص الذين يكسبون القليل من المال لابد أن يكونوا بائسين على الدوام، وهذا ليس هو الحال على الإطلاق.
لين مالكولم: كلوديا هاموند، عالمة نفس ومؤلفة كتاب تحكم العقل في المال Mind Over Money تأمل في أنه حين تنتهي أنت فيه من قراءة كتابها، ستشعرين أنك تتحكمين في المال، لا العكس.
كلوديا هاموند: أعتقد أن هناك كل أنواع الأشياء التي يمكننا القيام بها في حياتنا حتى نشعر بأن لدينا سيطرة أكبر على المال، وبالتالي يمكننا اتخاذ قرارات أفضل بشأنه، وليس كمثل هذه القرارات غير المنطقية، ولاستخدامه بالطريقة الصحيحة في الوقت المناسب. ولذا لو حاولت أن تبيعي شيئًا تمليكينه، فعليك أن تتخيلي فكرة أنك تملكينه، لأننا جميعًا نعطي قيمة أعلى لكل شيء نملكه، وبالتالي يتعجب الناس من الأسعار المرتفعة وما هو السبب في ذلك. وأيضًا لو كنت تريدين المساومة مع شخص ما، فمن الجيد في الحقيقة ... ما لم تكن لديك فكرة عن السعر الذي قد يقولونه لك، فأنت بحاجة أن تنطقي بالسعر الأول لأن كل المفاوضات / المداولات اللاحقة ستتوقف بعد ذلك على ذلك السعر، مقدار المال سيكون دائمًا في أذهان الناس وسيحضر دائمًا في تلك المفاوضات / المداولات. لذلك عليك أن تكوني البادئة في وضع التسعيرة.
ولكن هناك أيضًا أشياء يمكن للناس فعلها، مثلًا، يمكنهم أن ينفقوا أي أموال لديهم بطريقة تجعلهم أكثر سعادة. والأدلة تبين أن إنفاق المال على الخبرات(4) يجعلنا أكثر سعادة من إنفاق المال على شراء أشياء مادية ، على الرغم من أن الخبرة تذهب / تختفي / تتلاشي بسرعة ، فقد تكون رحلة لمدة يوم إلى مكان قد مضت وانتهت ، وأنت تعتقدين، حسنًا، أن الأمر قد انتهى، كان بإمكاني أن أشتري شيئًا احتفظ به ويبقى عندي، لكن الخبرات في الواقع تجعلنا أكثر سعادة لأننا نترقبها مسبقًا، نفكر فيها، نتخيل أنفسنا أننا في هذا الموقف بطريقة قد تجعلك تفكرين فيها، أوه، أود أن أشتري جهاز تلفزيون كبيرًا، لكنك لا تتخيلين نفسك جالسةً في زاوية تشاهدين تلفزيونك الكبير بنفس الطريقة التي تتخيلنها وأنت تذهبين إلى مكان جميل أو تذهبين إلى الخارج في عطلة أو شيء من هذا القبيل. وبعد ذلك، تبقى كل هذه الذكريات معنا والتي يمكننا التفكير فيها أيضًا والتي تجعلنا نشعر بالسعادة أيضًا حين نتذكرها. ومن المؤكد أن إنفاق الأموال على الخبرات هو خيار جيد.
لين مالكولم: إذن ما هي بعض الأشياء الأساسية التي تعلمتيها والتي أثرت في طريقة تفكيرك في المال الآن؟
كلوديا هاموند: أحد الناس ينفق المال على الخبرات. أنا بالتأكيد أفعل ذلك الآن وأنا أكثر حذرًا بشأن إنفاق أموالي على شيء (غرض) ما لم أعتقد أنني سأستمتع فعلًا بهذا الشيء. لذلك ما أنفقه ليس بالضرورة قليلًا، لكني حريص على كيف أنفقه. من المثير للاهتمام أنني أحيانًا كثيرًا ما أتلقى رسائل نصية من أصدقاء، يقول بعضهم ، "أنا الآن في باريس لأنني أخذت بنصائحك في كتابك" ، وأعتقد أنني لم أقل بالضرورة أنه يجب على كل واحد أن يذهب إلى باريس، لكني أحب حقيقة أن الناس يستفيدون ما يريدون أن يستفيدون من الكتاب، وهذا شيء رائع.
وأنا أكثر حذرًا من أن أقول ما هو السعر الجيد وأين يستحق الأمر أن توفري بعض المال وأين لا يستحق الأمر أن توفري بعض المال ، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالوقت. ولذا قد أكون معتادًا أن أقضي ساعتين على الإنترنت متصفحًا جميع الرحلات الجوية الرخيصة في محاولة لأجد أفضل سعر تذاكر على الإطلاق ، ولذا فأنا حذرة من أشياء من هذا القبيل وأنا أكثر حرصًا الآن بشأن كيف اقضي الوقت في محاولة توفير المال وما إذا كان ذلك يستحق توفير المال والوقت أم لا.
لين مالكولم: كلوديا هاموند ، مؤلفة كتاب سيطرة العقل على المال: سليكلوجيا سيطرة العقل على المال وكيف تصرف المال بشكل أفضل ، هذا الكتاب نشره ألين وأونوين.
لمزيد من النصائح بشأن إدارة الأموال من كلوديا هاموند ، اتجه إلى موقع ABC's All in the Mindعبر صفحة RN الرئيسية.
مصادر من خارج النص
1.
https://usa.visa.com/visa-everywhere/innovation/tap-to-pay-with-contactless-cards.html
2. conscientiousness يعبر عنه بيقظة الضمير او الضمير الحي. وقد ورد في تعريفه من عدة مصادر على انه مجموع السمات الشخصية التي تركز على ضبط النفس والترتيب في السلوك والالتزام بالواجبات، وهو يعكس المثابرة والتنظيم لتحقيق الأهداف المرجوة ، فالدرجة المرتفعة تدل على أن الشخص منظم ويؤدى واجباته باستمرار وبإخلاص ، بينما الدرجة المنخفضة منه يدل على ان الشخص أقل حذراً وأقل تركيزاً أثناء أدائه للمهام المختلفة،
3. "مفارقة إيسترلين هي اكتشاف في اقتصاديات السعادة صاغها في عام 1974 ريتشارد إيسترلين ، والذي كان حينها برفسور الاقتصاد في جامعة بنسلفانيا، وأول عالم اقتصادي يدرس بيانات السعادة. تنص المفارقة على أنه في وقت ما تختلف السعادة بشكل طردي مع الدخل سواء بين الدول وحتى في داخل كل دولة، ولكن بمرور الزمن لا تجد منحنى السعادة يتجه إلى الأعلى مع استمرار نمو الدخل. إنه تباين بين نتائج وقت زمني معين و نتائج سلسلة من فترات زمنية والتي هي أصل هذا التناقض. وضعت نظريات مختلفة لشرح المفارقة ، لكن المفارقة نفسها هي مجرد تعميم تجريبي. هذه المفارقة كانت محل جدال شديد بين باحثين آخرين." ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://en.wikipedia.org/wiki/Easterlin_paradox
4. "الخبرة هي المعرفة ببواطن الأمور. وهي مفهوم المعرفة أو المهارة أو قدرة الملاحظة لكن بأسلوب فطري عفوي عميق، عادة يكتسب الإنسان الخبرة من خلال المشاركة في عمل معين أو حدث معين، وغالبا ما يؤدي تكرار هذا العمل أو الحدث إلى تعميق هذه الخبرة وإكسابها عمقا أكبر وعفوية أكبر. لذلك تترافق كلمة خبرة غالبا مع كلمة تجربة. تترافق كلمة خبرة أيضا بشكل خاص مع المعرفة الإجرائية (تطبيقية) أي معرفة كيفية عمل شيء ما وليس مجرد معرفة خبرية (قولية) لذلك غالبا ما يصف الفلاسفة الخبرة على أنها معرفة تجريبية أو معرفة بَعدية. تطلق لفظ خبرة أيضا على ما يكتسبه المرء من التجارب الروحية الدينية (كالصوفية والبوذية)، كما إن السفر والسياحة للتعرف على ثقافات جديدة تعتبر مصدرا مهما لزيادة خبرة الإنسان. الخبرة ايضا هي عبارة عن مجموعة الاخطاء التي اقترفتها في حياتك العملية وتستفيد منها في المستقبل .. اما الخبرة في مجال العمل فهو يطلق عليها المعرفة وتكتسب من الدراسة والممارسة" مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/خبرة
المصدر الرئيس
https://www.abc.net.au/radionational/programs/allinthemind/the-psychology-of-money/8046818
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق