الجمعة، 1 ديسمبر 2023

تناولت دراسة لأول مرة مشكلة الوفاة المبكرة للمصابين بالتوحد في المملكة المتحدة

 

24 نوفمبر 2023


المترجم: عدنان احمد الحاجي  


المقالة رقم 331  لعام 2023



Premature death of autistic people in the UK investigated for the first time


24 November 2023


تؤكد دراسة(1) جديدة أجراها باحثون من جامعة كوليدج لندن أن المصابين بالتوحد يعانون من انخفاض في متوسط العمر المتوقع، ولكن عدد سنوات العمر المنقوصة  من متوسط العمر المتوقع  قد لا يكون كثيرًا كما زُعم  سابقًا. [المترجم: متوسط العمر المتوقع أو مأمول العمر (life expectancy) أو توقع البقاء على قيد الحياة هو مقياس احصائي لمتوسط العمر الذي من المتوقع أن يعيشه الشخص(2)].

البحث ، الذي نشر في مجلة لانسيت للصحة الإقليمية The Lancet Regional Health – أوروبا(1)، هو الأول من نوعه الذي قدَّر متوسط العمر المتوقع للمصابين بالتوحد في المملكة المتحدة وعدد السنوات من هذا العمر التي من شأنهم أن يخسروها بالمقارنة مع غير المصابين بالتوحد.

استخدم الفريق بيانات مجهولة الهوية  من عيادات الطب العام في جميع أنحاء المملكة المتحدة لدراسة المشخصين بالتوحد بين عامي 1989 و 2019. وقاموا بدراسة 17130 مشخصًا بالتوحد لا يعانون من صعوبات في التعلم(3) و 6450 مشخصًا بالتوحد يعانون من صعوبات في التعلم. ثم قارنوا هاتين المجموعتين مع أشخاص من نفس العمر والجنس  لم يُشخصوا بالتوحد.

ووجد الباحثون أن متوسط العمر المتوقع  للرجال المصابين بالتوحد الذين لا يعانون من صعوبات في التعلم يُقدر بـ 74.6 سنة، بينما متوسط العمر المتوقع  للنساء المصابات بالتوحد اللاتي لا يعانين من صعوبات في التعلم، يُقدر بحوالي 76.8 سنة.

وفي الوقت نفسه، بلغ متوسط العمر المتوقع للذين شُخصوا بالتوحد ويعانون من صعوبات في التعلم حوالي 71.7 سنة للرجال و 69.6 سنة للنساء. في المقابل، يبلغ  متوسط العمر المتوقع المعتاد الذي حوالي 80 سنة للرجال وحوالي 83 سنة للنساء في المملكة المتحدة.

توفر لنا النتائج أول قرينة على أن المصابين بالتوحد كانوا أكثر عرضة للوفاة قبل الأوان  في المملكة المتحدة خلال الفترة الزمنية التي شملتها الدراسة، مما يشير إلى الحاجة الملحة لمعالجة بعض الإجحاف في الخدمات الصحية المقدمة لهم، مما يؤثر بشكل غير متناسب في المصابين بالتوحد مقارنةً بغير المصابين.

ومع ذلك، تشير التقديرات الجديدة أيضًا إلى أن الإحصائيات المنتشرة على نطاق واسع، التي تفيد بأن المصابين بالتوحد الذين يعيشون أقل بـ 16 سنة في المتوسط مما يعيش غير المصابين، من المحتمل أن تكون إحصاءات غير صحيحة.

وقال الباحث الرئيس في الدراسة، البروفسور جوش ستوت Josh Stott من قسم علم النفس وعلوم اللغة بجامعة كوليدج لندن: "إن التوحد نفسه، على حد علمنا، لا يقلل بشكل مباشر من متوسط العمر المتوقع، لكننا نعلم أن المصابين بالتوحد يعانون من اجحاف فيما يتعلق بالخدمات الصحية المقدمة لهم، مما يعني أنهم في كثير من الأحيان لا يحصلون على الدعم والمساعدة حين يحتاجون إليها. أردنا استكشاف ما إذا كان هذا يؤثر في متوسط العمر المتوقع للمصابين بالتوحد في المملكة المتحدة.

"تثبت النتائج التي توصلنا إليها أن بعض المصابين بالتوحد يموتون قبل الأوان، مما أثر في متوسط العمر المتوقع بشكل عام.  ومع ذلك، فإننا نعرف أنه عندما يحصل العديد من المصابين بالتوحد على الدعم المناسب، فإنهم يعيشون حياة طويلة وصحية وسعيدة. ورغم أن النتائج التي توصلنا إليها تظهر قدرًا كبيرًا من الإجحاف فيما يتعلق بالخدمات الصحية المقدمة لهم، فقد كنا نشعر بالقلق إزاء الإحصاءات المخيفة التي كثيرًا ما يُستشهد بها وتنقل  في الادبيات العلمية وفي أوساط المجتمع الطبي، ولذا يتحتم تقديم معلومات أكثر دقة وواقعية.

"نحن بحاجة إلى معرفة سبب الوفاة قبل الأوان  لبعض المصابين بالتوحد حتى نتمكن من التعرف على علاج هذه المشكلة  ومنع حدوثها."

المصابون بالتوحد يختلفون عن غير المصابين في تواصلهم وتفاعلهم الاجتماعيين، إلى جانب أنماط السلوكيات التكرارية [كرفرفة اليدين وأرجحة الجسم وغيرها]  والاهتمامات والأنشطة المقيدة [كالإصرار والتركيز على شيء واحد فقط] والمتكررة.

يحتاج العديد من المصابين بالتوحد إلى إجراء التعديلات اللازمة لضمان عدم الإجحاف بحقهم في الحصول  على الخدمات الصحية والتوظيف ودعم السلطات المحلية لهم.

يعاني بعض المصابين بالتوحد أيضًا من صعوبات في التعلم، وقد يجدون صعوبة في الشرح / التبرير للآخرين عندما يعانون من ألم أو انزعاج. وهذا قد يعني أن المشكلات الصحية تبقى دون اكتشاف أو تشخيص.

هناك العديد من التقارير عن الإقصاء الاجتماعي الذي يتعرض له المصابون بالتوحد، وصعوبات في الحصول على الدعم والرعاية الكافية والمناسبة المقدمة لهم، كما هو موضح في تقرير البارونة شيلا كلير هولينز Sheila Clare Hollins الذي نُشر في وقت سابق من شهر نوفمبر 2023(4).

وقالت المؤلفة الرئيسية  المشاركة، الدكتورة إليزابيث أونيونز Elizabeth O’Nion من قسم علم النفس وعلوم اللغة بجامعة كوليدج لندن: "المصابون بالتوحد يضغطون بشكل متزايد في الاتجاه الصحيح من أجل الاعتراف بأن التوحد يعكس الاختلاف الطبيعي والمتوقع في طريقة عمل الدماغ، وأن المجتمع يجب أن يفسح المجال أمام الكل بما فيهم المصابون بالتوحد". 

"وهذا يعني أن الخدمات يجب أن تكون شاملة وتستوعب أولئك الذين يحتاجون إلى دعم خاص وذلك مجاراةً لأسلوب عملهم.

"نعتقد أن نتائج هذه الدراسة تعكس الإجحاف الدي يؤثر في المصابين بالتوحد بشكل غير متناسب مقارنةً بغير المصابين."

وقد نشر الباحثون سابقًا دراسة وجدت أن العدد الحقيقي للأشخاص المصابين بالتوحد في إنجلترا قد يكون أكثر من ضعف عددهم الذي غالبًا ما يُستشهد به في وثائق السياسة الصحية الوطنية(2).

وبالتالي،  يعترف الباحثون بأن الدراسة الجديدة قد بالغت  في تقدير انخفاض متوسط العمر المتوقع للمصابين بالتوحد بوجه عام.

وقال البروفيسور ستوت: "من شُخص بالتوحد لا يمثل إلَّا عددًا قليلًا جدًا من الراشدين المصابين بالتوحد، مما يعني أن هذه الدراسة تركز فقط على نسبة بسيطة من إجمالي السكان المصابين بالتوحد.

"أولئك الذين  شُخصوا بالتوحد قد يكونون من أولئك الذين يحتاجون إلى دعم أكثر ويعانون من حالات صحية مصاحبة للتوحد أكثر من المصابين بالتوحد بوجه عام.

"نعتقد أن هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للنساء المصابات بالتوحد ويعانين من صعوبات في التعلم - فالانخفاض الكبير في متوسط العمر المتوقع قد يعكس اخفاقًا في التعرف على الاصابة بالتوحد أو تشخيصه بشكل خاطيء و / أو يعكس صعوبات في التعلم لدى النساء.

"من المحتمل ألا يلحق بجميع المصابين بالتوحد انخفاض في متوسط العمر المتوقع - في الواقع، قد يكون بعض المصابين بالتوحد أفضل في الالتزام بالروتين الصحي من المتوسط، مما قد يؤدي إلى زيادة متوسط عمرهم المتوقع".

وقالت الدكتورة جودث براون Judith Brown، رئيسة قسم الأدلة والأبحاث في الجمعية الوطنية للتوحد: "هذا البحث بقيادة جامعة كوليدج لندن مهم جدًا، ونحن ممتنون لأننا تمكنا من المساهمة فيه.

"على الرغم من أن نتائج هذه الدراسة تشير إلى أن الاختلاف بين متوسط العمر المتوقع للمصابين بالتوحد وغير المصابين بالتوحد  كان أقل مما كان معروفًا سابقا، إلا أن الاختلاف لا زال معتبرًا من الناحية الاحصائية . توضح هذه النتائج أن المصابين بالتوحد لا يزالون يواجهون إجحافًا غير مقبول في نواحي الخدمات الصحية المقدمة لهم وذلك بسبب عدم الفهم وبسبب الحواجز التي تعترض الخدمات الحيوية وعدم كفاية الرعاية، مما يؤدي إلى نتائج سيئة على الصحة العقلية والبدنية.

"بدون الاستثمار وتحسين المعرفة وضم المصابين واستيعابهم  وتحسين المستوى المطلوب للدعم والرعاية الصحية، 

سيستمر المصابون بالتوحد في المعاناة من انخفاض في متوسط العمر المتوقع، مع كون المجموعة الأكثر عرضة لاحتمال هذا الانخفاض في متوسط العمر في هذه الدراسة هم النساء المصابات بالتوحد، اللاتي يعانين من صعوبات في التعلم، يجب أن يكون هذا البحث بمثابة دعوة لدق جرس الإنذار للمسؤلين وهيئة الخدمات الصحية الوطنية ومتخصصي الرعاية الصحية والمجتمع ككل للنظر في الاحتياجات الصحية للمصابين بالتوحد ومعالجتها.



مصادر من داخل وخارج النص 


1- https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S2666776223001953?via%3Dihub


2- https://ar.wikipedia.org/wiki/متوسط_العمر_المتوقع


3- https://www.pnu.edu.sa/ar/Centers/UniversalAccessCenter/Pages/learningdifficulties.aspx


4- https://www.gov.uk/government/publications/independent-care-education-and-treatment-reviews-final-report-2023/baroness-hollins-final-report



5- https://www.ucl.ac.uk/news/2023/jun/number-autistic-people-england-may-be-twice-high-previously-thought



المصدر الرئيس

https://www.ucl.ac.uk/news/2023/nov/premature-death-autistic-people-uk-investigated-first-time




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق