السبت، 9 ديسمبر 2023

الناس مفطورون على سلوك المسلك الأسهل


21 فبراير 2017



المترجم: عدنان احمد الحاجي


المقالة رقم 340 لسنة  2023


Humans are hard-wired to follow the path of least resistance


21 February 2017


مصدر الصورة: صحيفة الـ ديلي ميل


مقدار الجهد المطلوب  للقيام بعمل أو للإقدام على سلوك يؤثر فيما نظن اننا نراه أو نلاحظه، كما وجدت دراسة من جامعة كوليدج لندن  UCL، مشيرةً الى أننا منحازون الى  الإحساس بأن أي شيء ينطوي على صعوبة هو أقل جاذبية أو إغراءً أو غير جذاب [مع أن الأمر قد يكون عكس ذلك].


تخيل أنك في بستان، وتحاول أن تقرر أيًا من التفاح ستختار. على ماذا تبني قرارك؟ ركزت معظم الأبحاث في هذا النوع من اتخاذ القرار على كيفية استخدام الدماغ للمعلومات المرئية - كاللون والحجم والشكل - لاتخاذ القرار. ولكن ماذا عن الجهد المطلوب للحصول على التفاحة؟ هل التفاحة في أعلى الشجرة تبدو أكثر أو أقل إغراءً من التفاحة المتدلية السهلة القطف؟

"دماغنا يخدعنا بالاعتقاد بان الشيء السهل المنال هو الأفضل"، كما يقول الدكتور نوبوهيرو هاغورا Nobuhiro Hagura،الذي قاد فريق البحث في جامعة كوليدج لندن  UCL قبل أن ينتقل إلى المركز الوطني لتكلنوجيا المعلومات والاتصالات  NICT في اليابان. "لقد وجدنا أن المسألة  ليست مسألة الجهد المطلوب الذي يدفعنا للإقدام على تصرف من التصرفات أو فعل من الأفعال هي المؤثرة  في سلوك الناس، فقط، بل هذا المجهود يغير تحيزهم مع أو ضد ما يظنون أنهم يرونه أو يلاحظونه".

للإجابة على هذا النوع من الأسئلة، طلب الدكتور نوبوهيرو هاغورا Nobuhiro Hagura وزملاؤ من المشاركين في الدراسة،(1) التي نشرت في مجلة eLife، أن يقرروا ما إذا كانت سحابة النقاط على الشاشة تتحرك إلى اليسار أم إلى اليمين. عبر المشاركون عن اختيارهم لجهة حركة النقاط بتحريك إحدى رافعتين. إذا ظنوا أن النقاط تتحرك إلى اليمين،  يحركون رافعة في يدهم اليمنى. وإذا ظنوا أن النقاط تتحرك إلى اليسار، يحركون رافعة في يدهم اليسرى. لكن ما لم يعرفه المتطوعون هو أن إحدى الرافعتين كانت أثقل قليلاً وبالتالي أصعب في التحريك من الأخرى.

وجد هاغورا وزملاؤه أن المشاركين كانوا منحازين  في قراراتهم ضد الاتجاه الذي يتطلب أكبر قدر من الجهد. لو كانت الرافعة في اليد اليمنى أثقل، فقد كان قرار المشاركين أن النقاط ذات الحركة غير المعروف اتجاهها كانت تتحرك إلى اليسار. أولئك الذين كانت الرافعة في اليد اليسرى أثقل بالنسبة لهم شعروا أن نفس النقاط كانت تتحرك إلى اليمين. أظهر المشاركون هذا التحيز على الرغم من فشلهم في ملاحظة أن الرافعتين لهما وزنان مختلفان. علاوة على ذلك، استمروا في إظهار هذا النوع من التحيز حتى عندما طُلب منهم لاحقًا أن يقولوا إجاباتهم لفظيًا ببساطة بدلاً من تحريك الرافعتين.

تشير هذه النتائج إلى أن الجهد المطلوب لاتخاذ قرار يمكن أن يؤثر في القرار نفسه. حقيقة أن المشاركين كانوا متحيزين حتى عند إلاجابة لفظيًا، وعلى الرغم من عدم إدراكهم الحسي  لاختلاف الرافعتين في الوزن، تشير إلى أنهم لم يختاروا الخيار الأسهل قصدًا.  لكن، غيرت تكلفة التصرف (الجهد الذي تطلبه هذا التصرف) الطريقة التي نظروا بها إلى المثير الخارجي (هنا ثقل الرافعة) نفسها.

يُعتقد كلاسيكيًا أن القرارات الحسية (المعتمدة على المدخلات الحسية ومنها المرئية) تعتمد بشكل أساسي على خصائص المثير الخارجي stimulii [الذي يسترعي الانتباه سواء أكان المرئي أو غيره] والاحتمال والمكافأة المرتبطة بها. ومع ذلك، في كثير من الحالات، تعتبر إستجابة الحهاز الحركي بمثابة قناة تنفيذ محايدة تعكس فقط قرار من جهة عليا في الدماغ. وخلافًا لهذا الرأي، فقد أظهرنا أن القرارات المعتمدة على المدخلات الحسية يمكن أن تتأثر بشكل متكرر بمقاومة الحركة الطبيعية (هنا ثقل الرافعة) ضد الاستجابة [لحركة النقاط]. عندما أبلغ المشاركون عن اتجاه حركة النقاط  التي يرونها بصريًا عن طريق تحريك إحدى الرافعتين: اليسرى أو اليمنى بثقلين مختلفين، كانت قرارات المشاركين متحيزة نحو الاتجاه المرتبط بالخيار الأقل جهدًا. التعرض المتكرر لمثل هذه المقاومة أثناء اتخاذ القرارت المبنية على الحس يؤدي أيضًا إلى انحياز في القرارات اللاحقة حتى في الاستجابات اللفظية. وهذا يوضح أن تكلفة التصرف يمكن أن تؤثر في قراراتنا خارج إطار التصرف المعين.

المسألة الأكثر أهمية هي أنه على الرغم من أن المشاركين لم  يكونوا على دراية بزيادة الثقل على المقبض، إلَّا أن  الجهاز الحركي(2) (في الدماغ) للمشاركين تكيَّف  تلقائيًا [في تجنب الاستجابة للمهمة التي تتطلب مجهودًا] مما أدى الى تغير في الإحساس (بما يرونه).

"نزعة  تجنب القرار الذي يحتاج الى مجهود  بقيت موجودةً حتى عندما سألنا المشاركين ان  يعربوا عن قرارهم لفظيًا، بدل من ضغطهم على المقابض للتعبير عن هذا الاحساس [برؤيتهم اتجاه حركة النقاط]،" كما قال الدكتور هاغورا Hagura.  في "التغير التدريجي في مجهود الاستجابة [بعد زيادة الثقل] أدى الى  تغير في كيف فسر الدماغ المدخلات البصرية. والأهم من ذلك، حدث هذا التغيير تلقائيا بالنسبة للجهاز الحركي في الدماغ، دون أي وعي من جانب المشاركين أو قصد ".

"تقليديًا، فقد افترض الباحثون أن الجهاز البصري ( في الدماغ) يعطينا معلومات حسية، والجهاز الحركي هو مجرد  قناة فرعية تستلم الأوامر  وتنفذ، وهذا الجهاز هو الذي ينفذ قراراتنا بناءً على ما نراه [تنفيذ القرار ليس إلَّا]، دون أن يؤثر في واقع القرار نفسه.  تجاربنا تشير الى وجهة نظر بديلة.  استجابة الجهاز الحركي الذي نستخدمه لتنفيذ قراراتنا يمكن أن تؤثر في  قرارنا فيما نراه إو نلاحظه، كما قال 

ويعتقد الباحثون أن القرارات اليومية يمكن تعديلها(تكييفها)  ليس فقط من خلال الاستراتيجيات المعرفية(3) المقصودة، ولكن أيضا من خلال إعداد (تكييف) الأوضاع المناسبة  لجعل هذه القرارات تتطلب مجهودًا أكثر  قليلًا.  ولذا تشير النتائج أيضًا إلى أنه قد يكون من الممكن مساعدة الأشخاص على اتخاذ قرارات أفضل وذلك بتصميم بيئات تتطلب فيها الخيارات الأقل مواتية جهدًا أكثر.

واضاف ان "فكرة" الوكزة الضمنية (غير الظاهرة)(4) " فكرة مشهورة  حاليًا في طريقة عمل الحكومات والمعلنين التجاريين"، كما قال المؤلف المشارك البروفيسور باتريك هاغارد Patrick Haggard  (معهد جامعة كوليدج لندن لعلوم الأعصاب المعرفية). 

"نتائجنا تفيد بأن هذه الأساليب يمكن أن تتجاوز تغيير الطريقة التي يتصرف بها الناس، وفعلًا تغيير الطريقة التي ينظر بها الناس إلي ما في محيطهم.  معظم التغييرات في السلوك يركز على تعزيز السلوكيات المرغوب فيها والتشجيع عليها وتجنب ما عداها، 

ولكن نتائجنا تفيد بأن المرء يمكنه أيضًا أن يجعل ملاحظة الناس لما يجري حولهم بطريقة معينة أفل احتمالاً أو أكثر احتمالًا، وذلك بجعل السلوك أكثر أو أقل جهدًا. 

أم الطفل التي تضع حاوية البسكويت على رف عال تجعل الوصول اليه يبدو في الواقع غير جذاب لطفلها الصغير الذي يلعب على الأرض."

أجريت الدراسة في إطار تعاون دولي بين جامعة كوليدج  لندن UCL والمعهد الوطني للمعلومات والاتصالات  NICT (اليابان)  وجامعة ويسترن  (كند).


مصادر من داخل وخارج النص

1- https://elifesciences.org/articles/18422


2-  https://ar.wikipedia.org/wiki/جهاز_حركي


3- https://ar.wikipedia.org/wiki/استراتيجية_معرفية

4- " الوكزة nudge أو الدفعة هي مفهوم يتمحور حول العلوم السلوكية والفلسفة السياسية والاقتصاد السلوكي؛ التي بدورها تطرح تعزيزات ايجابية واقتراحات غير مباشرة كأساليب للتأثير في السلوك واتخاذ القرار للمجموعات والأفراد. على الرغم من أن الوكزة تتعارض مع أساليب أخرى لتحقيق الاستجابة المرجوة، كأساليب التعليم  أو جهاز التشريع أو الجهاز التنفيذي."  مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان

.https://ar.wikipedia.org/wiki/وكزة


المصدر الرئيس

https://www.ucl.ac.uk/news/news-articles/0217/210217-perception-effort

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق