المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقال رقم 207 لسنة 2025
Warm and consistent parenting can lead to meaningful changes in brain function and learning style in children with behaviour problems
September 11, 2025
يُعدّ البحث، المنشور في مجلة الطب النفسي البيولوجي (1)]، أول دليل على أن هناك تغيرات معينة في نشاط أدمغة الأطفال وعمليات اتخاذ القرار نتيجةً لتطبيق برامج تربوية أثبتت فعاليتها علميًا، كما تؤكد هذه الدراسة على أهمية تقديم مثل هذه البرامج في مرحلة مبكرة من حياة الطفل.
الدراسة، التي نُشرت في مجلة الطب النفسي البيولوجي (1)]، هي الأولى من نوعها التي تُثبت علاقة البرامج التربوية القائمة على الأدلة بتغيرات معينة في نشاط أدمغة الأطفال وقدرتهم على اتخاذ القرارات، مما يُسلّط الضوء على أهمية تقديم مثل هذه البرامج في مرحلة مبكرة من الحياة.
شملت الدراسة 78 فتىً تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات لديهم مشاكلات سلوكية، ومجموعة ضابطة مكونة من 35 طفلاً بنفس النطاق العمري، لكن ليس لديها مشكلات سلوكية. أدى جميع الأطفال مهمة تعلّم أثناء خضوعهم للتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي حصلوا بعدها على مكافأة.
المكافأة، بشكل عام، أسلوب من الأساليب المستخدمة في تجارب علم النفس لمعرفة كيف يتعلم الدماغ [أو يتعود على] الخيارات التي تؤدي إلى مكافآت، ليُعدّل الطفل من سلوكه وفقًا لذلك.
بعد ذلك، شاركت عائلات الفتيان الذين لديهم مشكلات سلوكية في برنامج تربوية جماعية لمدة 10-12 أسبوعًا يهدف إلى التشجيع على تبني سلوكيات إيجابية محابية للمجتمع (2)]، وذلك بمعاملة الأطفال بالمودة والحنان واللطف والرفق والثناء والمدح والمكافأة، لا التجاهل أو العقاب أو الحرمان. ومن هنا يتعود الطفل على حسن التصرف وتبني سلوكًا إيجابيًا حين يعرف أن هكذا سلوك من شأنه أن يلبي طلبه ويحصل على مكافأة الوالدين ومعاملتهم إياه باللطف والدعم والتشجيع. هذه المعاملة الدافئة من قبل الوالدين تجعل الطفل يشعر بالرضا ويزيد من احتمالية تكراره لهذا السلوك الايجابي والتعود عليه بمرور الزمن، وهنا يتعلم الطفل أن سلوكه الإيجابي نتيجته اهتمام إيجابي من قبل الوالدين يساعده على تبني عادات أفضل وأفضل،
في نهاية البرنامج، صُنِّف المشاركون إلى "مشاركين تحسنت سلوكياتهم" أو مشاركين "بقيت سلوكياتهم المعادية للمجتمع (غير الاجتماعية) على حالها،" بناءً على ما إذا أبدوا تحسنًا في سلوكهم غير المحابي للمجتمع (2)]. ثم كرَّر جميع الأطفال نفس المهمة المنتهية بالمكافأة أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في جلسة متابعة.
أتاحت هذه التجربة للباحثين معرفة ما إذا كانت التغيرات في نشاط الدماغ تتوافق مع التحسن في السلوك - باختصار، هل ظهرت على الأطفال الذين تحسّنوا أنماط نشاط دماغي مختلفة مقارنةً بتلك التي ظهرت على من لم يتحسن سلوكهم؟
الجدير بالذكر أن السلوكيات السيئة المعادية للمجتمع، أو غير المحابية للمجتمع، هي تلك التي تخالف القواعد الاجتماعية أو تؤذي الآخرين، مثل، الضرب، الركل، الصراخ، الكذب، السرقة، التنمر، التخويف، أو عدم احترام للآخرين
في الفحص بالتصوير بالرنين المغناطيسي الأولي، وجد الباحثون أن الفص الجزيري (3)] في الدماغ (وهي منطقة دماغية مهمة تساعد على توقع ما إذا كان سيحدث شيء جيد - ثواب أو مكافأة - أو سيئ - عقاب) نتيجة للقيام بشيء ما، لم ينشط أو لم "ينشط" بالقدر الكافي عند توقع المكافأة. بيد أنه وبعد المشاركة في البرنامج التربوي، وجد الباحثون أن نشاط الفص الجزيري في أدمغة المجموعة التي تحسنت سلوكياتها كان شبيهًا بنشاط نفس الفص في أدمغة الأطفال في المجموعة الضابطة، خاصةً عند توقعهم المكافأة.
كما تغير نشاط مناطق دماغية أخرى، بما في ذلك قشرة الفص الجبهي البطني الإنسي ventromedial prefrontal cortex (المهمة لاتخاذ القرارات) ومنطقة الحُصين، (الضرورية للذاكرة وللتعلم من النتائج)، نشاطًا طبيعيًا أكثر في الفحص الثاني بالرنين المغناطيسي، ولكن فقط لدى الأطفال الذين تحسنت سلوكياتها بعد المشاركة في البرنامج. ومرة أخرى، أظهرت هاتان المنطقتان أيضًا نشاطًا طبيعيًا أكثر في التصوير بالرنين المغناطيسي الثاني بعد تطبيق البرنامج التربوي في الأطفال الذين تحسنت سلوكياتهم فقط.
وجدت الدراسة أيضًا تغيرات في طريقة تعلم هؤلاء الأطفال من تجاربهم. بعد البرنامج التربوية، أصبح الفتيان الذين تحسنت سلوكياتهم أكثر حذرًا ورويةً وانتظروا المزيد من الأدلة قبل اتخاذ قرارات، وهي تعتبر طريقة تعلم سليمة وأكثر توازنًا. كما أصبحوا أفضل في التمييز بين متى يُفضي القرار إلى ثواب ومتى يُفضي إلى عقاب، وهذا ما جعلهم يتحلون بالصبر والروية قبل اتخاذ قراراتهم. ساعد البرنامج الفتيان على ممارسة المزيد من الصبر وضبط النفس والتفكير في التبعات قبل اتخاذ قرارتهم، ما ساهم في اتخاذ قرارت أفضل.
بحسب الدكتور أرجون سيثي Arjun Sethi، استخدم الباحثون النمذجة الحوسبية، وهي في الأساس محاكاة جوسببة لكيف يتعلم الدماغ ويتخذ قرارات، ووجدوا أن الأطفال الذين استجابوا جيدًا للبرامج، وأصبحوا أقل اندفاعية عدائية من الناحية الاجتماعية، كما تعلموا تدريجيًا عدم التسرع في اتخاذ قراراتهم.
أما البروفيسور ستيفن سكوت Stephen Scott فقال: البرامج التربوية التي خضعت للدراسة هنا ما أسميها بـ "الحب والقيد."فالحب هو ايجاد علاقات عاطفية ودافئة ووثيقة بين الوالدين وطفلهما مصحوبة بتقديم الرعاية والدعم له وإشعاره بالأمان ومساعدته على فهم ما هو مقبول وما هو غير مقبول اجتماعيًا وتعليمه ممارسة المسؤولية وضبط النفس، وتشجيعه على انتهاج سلوك مقبول وجيد من الناحية الاجتماعية.
هذه هي الدراسة الأولى من نوعها في العالم، والتي أثبتت التالي: هذه البرامج التعليمية أو التنموية للأطفال تؤثر في العمليات العصبية وغيرها التي تجري في دماغ الطفل أثناء نموه. كما تُقدم الدراسة أيضًا أدلة قوية على أن البرامج التربوية كهذه لها قيّمتها وجديرة بالاهتمام.
الجدير بالذكر، تتعلق عمليات الدماغ بالشبكات العصبية التي تتكون من مليارات الخلايا العصبية الناقلة للإشارات الكهربية والكيميائية لمعالجة المعلومات والتحكم في الوظائف اللاإرادية، مثل التنفس، والوظائف الواعية مثل الحركة، والعمليات المعقدة، مثل التفكير والانفعالات والذاكرة.
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/40541593/
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/سلوك_محابي_للمجتمع
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/فص_جزيري
المصدر الرئيس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق