جوزيف بول فورقاز
١٥ مايو ٢٠١٧
ترجمه ابو طه/ عدنان احمد الحاجي
Why bad moods are good for you: the surprising benefits of sadness
الجنس البشري هو نوع مزاجي جدا. على الرغم من أن الحزن والمزاجية السيئة ( النكد) كانت دائما جزءا من التجارب الإنسانية، فنحن نعيش الآن في عصر يتجاهل أو يقلل من قيمة هذه المشاعر.
في ثقافتنا، المشاعر الإنسانية العادية مثل الحزن المؤقت غالبا ما يعامل على أنه اضطراب. صناعة الإعلان المناور والتسويق وصناعات المساعدة الذاتية تدعي ان السعادة يجب أن تكون لنا لو طلبناها. ومع ذلك يبقى المزاج السيئ جزءا أساسيا من المعدل الطبيعي للمزاج الذي نعيشه بانتظام.
وعلى الرغم من المعتقدين بالسعادة شبه عالمي والثروة المادية غير المسبوقة، لم يتحسن مستوى السعادة والرضا عن الحياة في المجتمعات الغربية منذ عقود.
لقد حان الوقت لإعادة تقييم دور الشعور بالمزاج السيئ في حياتنا. يجب أن ندرك أنه جزء طبيعي، وحتى مفيد ويمكن التكيف معه كجزء من وجود الإنسان، ويساعدنا على التعامل مع العديد من الحالات والتحديات اليومية.
تاريخ قصير للحزن
في العصور التاريخية السابقة، نوبات قصيرة من الشعور بالحزين أو بالمزاج (المعروف باسم عدم الرضا المعتدل ) قد يـقبل دائما كجزء طبيعي من الحياة اليومية. في الواقع، فإن العديد من أعظم إنجازات الإنسان الروحية تتعامل مع إثارة والتدرب على وحتى استصلاح المشاعر السلبية.
التراجيديا اليونانية عرّضت ودربت الجماهير على قبول والتعامل مع البلاوي التي لا مفر منها باعتبارها جزءا طبيعيا من حياة الإنسان. تراجيديات شكسبير هي كلاسيكيات لأنها صداً لهذا العنوان. وأعمال العديد من الفنانين الكبار مثل بيتهوفن وتشوبين في الموسيقى، أو تشيخوف و إبسن في الأداب استكشفت مشهد الحزن، وهو عنوان ادرك طويلا على انه شيء بناء ومفيد
وقد اعتقد الفلاسفة القدماء أيضا ان قبول المزاج السيئ أمر ضروري للعيش حياة تامة. حتى الفلاسفة المتحمسون مثل أبيقور ادركوا ان العيش بشكل جيد ينطوي على ممارسة الرأي السديد وضبط النفس، وقبول المصيبة التي لا مفر منها.
كما سلط فلاسفة آخرون مثل الرواقيون الضوء على أهمية تعلم توقع وقبول المصائب، كالخسارة أو الحزن أو الظلم.
ما هي اهمية الحزن؟
إن علماء النفس الذين يدرسون كيف تطورت مشاعرنا وسلوكياتنا على مر الزمن لتحافظ على جميع حالتنا العاطفية (كالمزاج والعواطف) لها دور مفيد: فهي تنبهنا إلى حالات المحيط الذي نحتاج إلى الاستجابة له.
في الواقع، نطاق المشاعر الإنسانية تشمل العديد من المشاعر السلبية أكثر من المشاعر الإيجابية. المشاعر السلبية كالخوف والغضب والعار والاشمئزاز هي مفيدة لأنها تساعدنا على ادراك وتجنب والتغلب على التهديد أو الحالات الخطيرة.
ولكن ما هي اهمية الحزن، ربما المشاعر السلبية الأكثر شيوعا، وواحدة من أكثر ما يتعامل معها الأطباء النفسيون الممارسون ؟
الحزن الشديد والمستمر، كالاكتئاب، من الواضح أنه اضطراب خطير ومضعف. ومع ذلك، فإن المزاج السيئ المعتدل والمؤقت قد يخدم غرضا تكيفيا هاما ومفيدا، وذلك بمساعدتنا على مواجهة التحديات اليومية والمواقف الصعبة. كما أنه بمثابة إشارة اجتماعية تشير إلى فك الارتباط، والانسحاب من المنافسة، وتوفر غطاء وقائيا. وعندما نبدو حزينين أو سيئ المزاج ، غالبا ما يشعر الناس بالقلق ويميلون للمساعدة.
التجارب العلمية الحديثة توثق فوائد المزاج السيئ المعتدل، والتي غالبا ما يعمل كإشارات إنذار أوتوماتيكية، غير واعية، معززة أسلوباً تفكيرياً اكثر تفصيلا وأكثر تركيزاً. وبعبارة أخرى، يساعدنا المزاج السيئ على أن نكون أكثر انتباها وتركيزا في المواقف الصعبة.
في المقابل، المزاج الإيجابي (كالشعور بالسعادة) عادة ما يكون بمثابة إشارة على أوضاع مألوفة وآمنة ويؤدي إلى أسلوب معالجة أقل تفصيلا وتركيزاً.
الفوائد النفسية للحزن
هناك الآن أدلة متزايدة على أن المزاج السلبي، كالحزن، له فوائد نفسية.
ولإثبات ذلك، قام الباحثون أولا بتغيير مزاج الناس (من خلال عرض أفلام سعيدة أو حزينة، على سبيل المثال)، ثم قاموا بعد ذلك بقياس التغيرات في الأداء في مختلف المهام الادراكية والسلوكية.
الشعور بالحزن او بالمزاج السيء يؤدي الى عدد من الفوائد:
- ذاكرة جيدة : في احدى الدراسات ، المزاج السيئ ( من جراء طقس سيّء ) يمكن أيضا ان بحسن مقدرة الناس على تذكر تفاصيل الدكان الذي غادروه للتو . المزاج السيء يمكن ان يحسن من تذكر شهود العيان عن طريق الحد من آثار المشتتات المختلفة، كالمعلومات غير ذات الصلة، والكاذبة أو المضللة.
- أحكام أكثر دقة: يقلل الشعور بالمزاج السيئ المعتدل بعض التحيزات والانحرافات في كيف يشكل الناس انطباعاتهم . فعلى سبيل المثال، القضاة الحزينون بشكل قليل شكلوا انطباعات أكثر دقة وموثوقية عن الآخرين لأنهم عالجوا التفاصيل بشكل أكثر فعالية. ووجدنا أن الشعور بالمزاج السيئ قلل أيضا من الخداع وزاد من التشكك عند تقييم الخرافات والشائعات المدنية، بل وحسن من قدرة الناس على الكشف بدقة عن الخداع. الناس الذين يشعرون بالمزاج السيئ المعتدل هم أيضا أقل عرضة للاعتماد على النمطيات المبسطة.
- الدافع: وجدت تجارب أخرى أنه عندما طلب من المشاركين السعداء والحزينين أداء مهمة ذهنية صعبة، اولائك الذين يشعرون بالمزاج السيئ حاولوا بأكثر جدية وثابروا اكثر . وقضوا وقتاً اطول على المهمة وحاولوا في مسائل اكثر وأنتجوا إجابات أكثر صحة..
- تواصل أفضل : كلما كان أسلوب التفكير اكثر تركيزاً وتفصيلاً معززاً بالمزاج السيئ يمكنه أيضا ان يحسن التواصل. لقد وجدنا أن الناس الذين لديهم شعور بالمزاج الحزين استخدموا حججا مقنعة أكثر فاعلية لإقناع الآخرين، وكانوا أفضل في فهم الجمل الغامضة والتواصل بشكل أفضل عند الحديث..
- زيادة في الإنصاف: وجدت تجارب أخرى أن المزاج السيئ المعتدل دفع الناس إلى إيلاء المزيد من الاهتمام للتوقعات الاجتماعية والمبادىء ، وعاملوا الآخرين بأقل أنانية وأكثر عدلا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق