الأحد، 6 أغسطس 2017

دحض فكرة أن الطفرات تسبب السرطان

٣١ يوليو ٢٠١٧

مركز السرطان في جامعة كلورادو 

ترجمه ابو طه / عدنان احمد الحاجي 


Refuting the Idea That Mutations Cause Cancer

Article ID: 678763
Released: 
31-Jul-2017 


المقالة رقم ٣٣٢ لسنة ٢٠١٧


ما  هي مسببات السرطان؟ التدخين، بالتأكيد، وأيضا أشياء كالتعرض للشمس والمواد الكيميائية. كما تزداد مخاطر السرطان مع بعض الاستعدادات الوراثية وفي الشيخوخة. خيط واحد يربط هذه المخاطر هو الطفرات الجينية في خلايا أجسامنا - التدخين والتعرض للأشعة فوق البنفسجية يزيد من معدل تلف الحمض النووي DNA ومع كل استنساخ  لل DNA التالف تأتي فرصة لالتقاط طفرة عشوائية  يمكن أن تبدأ الإصابة بالسرطان. وكلما طالت فترة حياتنا، زادت فرصة أن يؤدي هذا الحظ المفزع إلى واحدة من هذه الطفرات العشوائية المسببة للسرطان. هذه هي نظرية تراكم الطفرات في تكوّن الأورام السرطانية: "السرطان تسببه طفرات  قد تكون موروثة، أو ناجمة عن عوامل بيئية أو نتيجة لخطأ استنساخ  ال DNA"، كما افاد  الأخصائيان  البايلوجيان لي توماسيتي  ووفوجلستين من  جامعة جون هوبكنز   في إصدار  ٢٤ مارس ٢٠١٧ من مجلة العلوم Science .

ولكن هناك خيط مواز من خلال أسباب السرطان  يصل إلى نقطة نهاية مختلفة. هذا هو خيط البيئة المكروية ( الدقيقة ) microenvironment  - النظام البيئي لأنسجة الجسم. العمر والتعرض لمثل التدخين والأشعة فوق البنفسجية تتلف الأنسجة في الجسم. كما كتب جيمس ديغريغوري، نائب مدير مركز جامعة كولورادو للسرطان، في ٣١ يوليو ٢٠١٧ في مجلة أبحاث السرطان، و قدم برهاناً على أنها قوى النشوء  المدفوعة بالانتقاء الطبيعي التي  تتصرف في النظام الإيكولوجي للجسم والتي ، في وجود تلف الأنسجة، تسمح للخلايا ذات الطفرات الخطيرة أن تزدهر/تنتشر.  نظرية النشوء  للسرطان هذه تشير إلى أن الخلايا التي تحتوي على طفرات خطيرة موجودة في كل وقت، ولكن عادة ما تتغلب  عليها   الخلايا السليمة التي جُعلت في حالة مثلى   للعيش في الأنسجة السليمة. فقط عندما تكون البيئة الدقيقة  للأنسجة التي تدهورت  (بسبب التدخين  اوالتعرض للشمس او المواد الكيميائية والعمر، وما إلى ذلك)  حيث  الخلايا مع هذه الطفرات تجد نفسها أكثر ملاءمة وفجأة قادرة على التغلب على  الخلايا السليمة، وبالتالي تثبت نفسها في مشهد الجسم. لا تزال هناك حاجة إلى الطفرات في حالات السرطان، ولكن التغيرات في أنسجتنا مع تقدمنا ​​في العمر أو ممارسة  أنشطة كالتدخين هي المحددات الأساسية ل "من يصاب بالسرطان، وكيف  يرتبط خطر الاصابة  بالسرطان بالأسباب المعروفة، وأي من الأنسجة  يحدث فيها السرطان ومتى   تحدث  السرطانات في العمر "،كما كتب  ديغريغوري.
هناك طريقتان لتصور هذه النظرية. واحدة هي  الهندباء في حديقة عشب  - بذور الهندباء منتشرة في كل مكان، ولكن الحديقة العشبية   السليمة تمنعها من النمو؛ ومع ذلك، الهندباء هي على استعداد للاستفادة من الأرض المضطربة وبسرعة تغزو المساحات  المتضررة. (في مقارنتنا، بذور الهندباء تشبه الطفرات الجينية - فهي موجودة دائما  وظروف النظام البيئي هو الذي  يقرر ما إذا كانت لتنمو أو لا). وهناك طريقة أخرى لتصور نظرية نشوء  السرطان هي  النيزك الذي أنهى عصر الديناصورات - 

 إعادة النيزك للهيكلة الدراماتيكية للنظم الإيكولوجية للأرض جعلت الديناصورات أقل ملاءمة وأثارت  أيضا نشوء العديد من الأنواع الجديدة بما فيها  مجموعة متنوعة من أنواع الثدييات. فالتغير البيئي يعزز التنوع. عملية مماثلة في أنسجتنا يمكن أن تؤدي إلى ما هو في الأساس أنواع  خلوية جديدة -  و هي السرطان.
"نحن جميعا مُحمّلون بطفرات، ومع ذلك لا نصاب     بالسرطان. لماذا؟ "ديغريغوري يسأل. ويجيب: "   حُسّنت  الخلايا السليمة لتلائم الأنسجة السليمة. معظم الطفرات تجعل الخلايا أقل ملاءمة. وهذا يعني أنه في البيئة المكروية  للأنسجة السليمة، الخلايا السليمة  تتغلب  على  خلايا ما قبل السرطانية pre-cancer cells ، مسيطرة ً على  خلايا ما قبل السرطانية. ولكن عندما تتضرر البيئة المكروية للأنسجة، تستطيع الخلايا الموجودة  التي تعاني من الطفرات الخطيرة من النمو والانتشار  ".
وهناك جزء من مناقشة  ديغريغوري يكمن في حقيقة أن معدلات السرطان لا تتطابق  مع معدلات الطفرات. 

دغريغوري يظهر أيضا أنه بموازاة   عدم التطابق مع عدد الطفرات في الخلايا، خطر الاصابة بالسرطان أيضا لا يتطابق  مع  عدد الخلايا في الأنسجة. وفقا لتوماسيتي وزملائه، والمزيد من الخلايا والمزيد من الاستنساخ  يجب أن يؤدي إلى المزيد من فرصة الطفرات  وفي النهاية  إلى المزيد من السرطان (وبتعبير مجازي- كلما زاد  عددالاستنساخ ، كلما زادت   فرص الطابعة في تلطخ الحبر ). ومع ذلك، لا يشمل  هذا كل الأنواع - الحوت الأزرق لديه خلايا اكثر من خلايا الفأر  بحوالي  ٧ ملايين مرة ولكنه لا يوجد لديه  مخاطر الاصابة بالسرطان  في كل حياته . ويشير الباحثون إلى هذا باعتباره مفارقة بيتو Peto’ (* انظر التعريف من خارج النص في النهاية).
ويشير دغريغوري إلى أن عدم التطابق بين عبء  الطفرات  وخطر الإصابة بالسرطان يظهر بوضوح في الفئران التي تعاني من خلل وراثي يؤدي إلى زيادة كبيرة في معدل الطفرات (خطأ في وظيفة التعبير ال DNA المحدد). في هذه الفئران، العديد من الطفرات تؤدي إلى أي زيادة في معدلات السرطان. ليس وجود الطفرات ولا معدل حدوث الطفرات التي تدفع بتوقيت ومعدل الإصابة بالسرطان.

وقد أظهر البحث الذي قام به ديغريغوري وآخرون أيضا أن الطفرات المسببة للسرطان غالبا ما تجعل الخلايا أقل ملاءمة. الخلايا في أنسجتنا ك قريبة من ان تكون مناسبة  للأنسجة الشابة السليمة؛ يمكن للطفرات المسببة للسرطان أن تعطل هذا التكيف، مما يؤدي إلى الخلايا التي لم تعد ان تكون مثلى  لمحيطها، و يؤدي في النهاية إلى القضاء على الخلايا الطافرة من الأنسجة. وهذا ما  لم بعدل الاختلال في الأنسجة في سن الشيخوخة أو بعد التعرض الى  المسرطنات  من قبل المحيط بطرق تجعل هذه الطفرات نفسها مفيدة.
في كل شيء، "تراكم الطفرات على مدى الحياة في الخلايا الجذعية لا يمكن أن يفسر القابلية المتفاوتة  للاصابة بالسرطان  في كل الأنسجة والأنواع. وبدلا من ذلك، نحن بحاجة إلى النظر في كيف تغير  الشيخوخة أو المواد المسرطنة  البيئة الدقيقة  microenvironments للأنسجة لزيادة اختيار الطفرات الأونكوجينيكبة ( المسببة للسرطان ) المعينة "، كما كتب  ديغريغوري.
أحد الآثار المترتبة على هذا الخط الفكري هو أن البحوث في الوقاية من السرطان قد قاربت   المرض من زاوية خاطئة. لو كان المجال  يعتقد أن الطفرات هي العامل الرئيسي المسبب للسرطان، اذاً الوقاية من السرطان يعتمد على منع الطفرات. ولكن، لو  كان المجال ينظر من خلال عدسة دغريغوري عن المنافسة النشؤية بين الخلايا السرطانية والخلايا السليمة، اعتماداً على التكيف النسبي مع البيئة الدقيقة microenvironments، اذاً  منع السرطان يعتمد على الحفاظ على النظام البيئي للأنسجة التي تفضل الخلايا السليمة.
ويشير الباحث  إلى أن الدراسات التي تهدف إلى استعادة أو الحفاظ على "البيئة المكروية للأنسجة التي تقترب بشكل أفضل  من  الفرد الشباب  السليم  "، فقد بُين  أنها لا تفضل  الخلايا السرطانية.
"لن نصل قريبا إلى تقنيات تمنع  معظم الطفرات. ولكن ما ذا عن تغيير البيئة  المكروية؟ هذا أكثر قابلية للمقاربة  "يقول ديغريغوري.
--------
* تعريف مفارقة بيتو
مفارقة بيتو  هي ملاحظة ترجع الى ريتشارد بيتو، والتي  على مستوى الأنواع، لا يبدو  ان حدوث السرطان يرتبط  بعدد الخلايا في الكائن الحي.، على سبيل المثال، حدوث السرطان في البشر  أعلى بكثير من حدوث الإصابة بالسرطان في الحيتان. هذا على الرغم من حقيقة أن الحوت فيه  خلايا أكثر من الإنسان. لو  كان احتمال التسرطن ثابتاً في كل  الخلايا، فإنه يتوقع  أن تكون نسبة حدوث الإصابة  بالسرطان أعلى في الحيتان من نسبة حدوث الإصابة في الانسان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق