الثلاثاء، 8 أغسطس 2017

لن يبرز انشتاين جديد لو تجاهل تمويل الأبحاث العلمية الفضول ( حب الإستطلاع)

٤ أغسطس ٢٠١٧

كتبه فرانك  لابيلا، أستاذ فخري، قسم علم الأدوية والعلاج، جامعة مانيتوبا


ترجمه ابو طه/ عدنان احمد الحاجي 



August 4, 2017 

Frank LaBella
Professor Emeritus, Department of Pharmacology and Therapeutics, University of Manitoba



المقالة رقم ٣٣٦ لسنة ٢٠١٧


كل النتائج العلمية العظيمة الماضية  نابعة من مبادرات فردية  أثارها الفضول والعزيمة الغير معاقة.

وكانوا يمولون  أبحاثهم  بأنفسهم أو من متبرعين، ولا تتطلب سوى توافر الوقت للتأمل والتخمين.
لعدة سنوات ابتداء من عام ١٩٥٨، عندما بدأت بحثي كمعلم في  الصيدلة، وكان عندي  الحرية  النسبية  لمتابعة غرائزي وأفكاري واندفاعاتي . ونتيجة لذلك، تبحرت في الدراسات في العديد من المجالات المختلفة: علم الأعصاب، وآليات التخدير العام، وادوية  الديجيتال، وصيدلانية  المستقبلات  والغدد الصماء والشيخوخة، على سبيل المثال لا الحصر.


إنّ ما أعتبرُه  من أهم نتائج من أبحاثي  التي توصلت اليها  كان بدافع الفضول   

وأدت بعثة أخرى  بدأتها  مع زميلي، الراحل كارل بينسكي، إلى تطوير جهاز استشعار إلكتروني حائز على براءة اختراع، مما أدى بدوره إلى تشكيل شركة ممولة من رأس مال استثماري.

"كلما زادت  الأوراق العلمية ، كلما كان ذلك أفضل"

ولكن على مر السنين، ترسخت البيروقراطية الهائلة في الجامعات حيث أصبحت "الإنتاجية" البحثية  هاجساً.  أصبح الحصول على  المنح المالية  يعتمد على نشر الاوراق العلمية - كلما زادت الأوراق، كلما  كان ذلك أفضل.

ولذلك، كان على الأكاديميين والباحثين التركيز على اطروحات  بحثية مصممة تصميما جيدا يمكن أن تولد مخرجات بيانات ثابتة وموثوق بها. وأي انحرافات يمكن ان تحفز الفضول وتولد الحماس أو تكشف عن سبل جديدة للاخترقات العلمية المُحتملة ، ولكنها ليس لها علاقة  مباشرة بالمشاريع الممولة، من شأنها أن تقلل من الإنتاجية.

ومن المؤسف أن هذا النظام البيروقراطي يكشف عن تجاهل مثبط  للمعنويات وللجهود المطلوبة لإنشاء وصيانة مرفق بحثي يعمل بكفاءة. وعلاوة على ذلك، فإنه يعرّض الباحث لبيروقراطية التكرارفي تقديم طلبات دعم البحوث والمطولة والمتعبة. 

عدم الرضا عن البيروقراطية في البحث العلمي  المتزايد  قضية  عالمية.

العلماء يشكون 

قبل بضع سنوات، أصبح الدكتور هارولد فارموس الحائز على جائزة نوبل رئيساً  للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة. و لدى وصوله، قيل له من قبل جحافل من المقدمين  على منح للأبحاث  الطبية الحيوية أن المقترحات البحثية المبتكرة والتي هي  وراء  الاتجاه السائد ترفض لنفس السبب، عام بعد عام.

عالج  فارموس هذا النقص الظاهري بضربة واحدة - فقد أمر بأن يكون الابتكار  واحداً من المعايير الأساسية التي يتم تقييم المقترحات البحثية على قاعدتها.

وفي عام ٢٠١٤، كتب أكثر من ٣٠ باحثاً بارزاً، من بينهم أربعة من الحائزين على جائزة نوبل، إلى صحيفة ال"تلغراف" البريطانية  لاستنكار النظام الحالي لمنح التمويل للبحث العلمي: "إن الاستفسارات المفتوحة  في المجالات المثيرة للجدل أو غير المألوفة  محظورة عملياً اليوم، العلم يواجه خطر ركود شديد".

واضافوا ان "الاكتشافات العلمية الكبرى في القرن العشرين لم تكن ستحدث في ظل قواعد التمويل اليوم".

كان نيوتن خيميائيا

تعريف الصورة :مخطوطة "مذكرة السير إسحاق نيوتن" تظهر عبارة "هل هذه التفاحة سقطت؟" فضول نيوتن حول سقوط حبة الفاكهة  ساعدته على تطوير نظرية الجاذبية. ( الصورة  / لوسي يونغ من اسوسياتد برس) 
إسحاق نيوتن (١٦٤٣-١٧٢٧م) هو مثال في محله.  انجازاته  تشمل بصريات  الألوان، وهو مفهوم عصبي تشريحي رائع للرؤية بالعينين، وقوانين الحركة والجاذبية العامة  والنظرية الثنائية العامة وحساب التفاضل والتكامل . وعلاوة على ذلك،  الآن   قائمة القراءة  لأعمال نيوتن اللاهوتية الموثقة جيداً كانت مذهلة.

كما قضى نيوتن ساعات لا حصر لها في الخيمياء التجريبية.

واعتُبر الخيميائيون مخطئين لفترة طويلة من قبل المؤسسة العلمية حينئذ. ولكن نيوتن كان سابقاً   لوقته بشكل واضح عندما كان يستكشف التبدل transmutation، وهو تحول عنصر  إلى آخر. وهذا في الواقع لا يحدث بشكل طبيعي ولكن يمكن أن يتم بشكل اصطناعي  في المفاعلات النووية ومعجلات الجسيمات.

كتب نيوتن أيضا مجلداً  تذكارياً ، برينسيبيا ماثماتيكا، ولكن عدد منشوراته سنويا كان أقل بكثير من المتوسط ​​مقارنة بالمحصول الحالي من الأبحاث  الممولة،  ومعظم الأوراق العلمية لم تنشر  في المجلات المرموقة . بل كان هناك فترة ١١ عاما لم ينشر فيها نيوتن شيئا على الإطلاق.

في عالم اليوم، ربما أُتهم نيوتن من قبل وكالات التمويل بتوزيع  نفسه على  اعمال  كثيرة جداً مما يجعله غير منتج. وعلاوة على ذلك، فإن أفكاره كانت خارجة عن الاتجاه السائد لدرجة أنها لن تكون مفهومة ولا مقاطعة  من قبل  نظرائه النقاد  في سجل اليوم ولجان الوكالات المانحة.

التركيز على التعاون

وتتمثل المهمة الرئيسية لهيئات المراجعة هذه في ضمان عدم التمويل سوى لبروتوكولات تجريبية مركزة ومفصلة بشكل شامل، ومشاريع منتجة بشكل مطرد، ولا يتم نشر سوى البيانات المحققة   إحصائيا والتي يمكن استنساخها بسهولة.

وهذا يعني، للأسف، أن أي اقتراح يجب أن يفهم ويوافق عليه حتى أقل أعضاء اللجنة  دراية.

"تعدد الاختصاصات"  كلمة حديثة نسبيا تم تبنيها بقوة من قبل الوكالات المانحة.

لم يعد هناك دعم لا جدال فيه للابحاث المدفوعة  بالفضول المرتبط  تقليديا بأفراد من العلماء   مستغرقين  في احساسهم الباطني   ومقبلين على   بعثات صيد علمية  لو تعاونوا مع علماء أحياء ومهندسين وكيميائيين، والأفضل  مع الجميع. إن  هيئات المنح العامة  والحكومية  تريد المزيد  مقابل مبلغ المنحة -  الأبحاث متعددة  التخصصات التي  تسفر عن تطبيقات عملية في العالم الحقيقي.

ولكن هذه الفراشات في وجه حقيقة أن كل اكتشاف علمي كبير تقريبا، من وقت الإغريق القدماء إلى يومنا هذا، قد أُنجز  من قبل فرد مدفوع  تقريبا بفضوله فقط.


هل كان من شأن  الشاب ألبرت أينشتاين ان يتخيل النظريات والتي أكدها آخرون في النهاية أن الفضاء منحني والوقت ليس ثابتا، والثقوب السوداء موجودة، وموجات الجاذبية تتخلل الكون و E = mc2 لو كان قد جُعل  يتعاون  مع مجموعة علماء يعملون  على برنامج بحثي تقليدي محدد؟  أينشتاين حصل على جائزة نوبل لعمله على التأثير الكهروضوئي.

هناك حاجة ملحة لتغيير جذري في فلسفة وعقلية هيئات التمويل البحثي.

وثمة نهج أكثر جدوى يتمثل في إنشاء مؤسسات عامة جديدة مكرسة خصيصا لتوفير تمويل مستقر وطويل الأجل للعلماء. ومن شأن هذه الأسس أن تسمح للمحققين بتركيز طاقاتهم على البحوث، وليس على الحاجة إلى التحقق باستمرار من أنشطتهم من أجل التأهل للحصول على تمويل متجدد.

https://theconversation.com/no-new-einsteins-to-emerge-if-science-funding-snubs-curiosity-81712

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق