الكاتبة : جوليا ليونارد
٢٢ سبتمبر ٢٠١٧
المترجم : ابو طه / عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم ٤١١ لسنة ٢٠١٧
September 22, 2017
وانت في المنزل تحاول عمل صلصة طماطم طازجة، ولكن لا يمكنك ان تخرج الطماطم من حاوية البلاستيك التي اشتريتها من البقالة. المزلاج السفلي لا يفتح، لذلك قمت بشده بقوة . على الرغم من أنك لم تر مثل هذا النوع من حاويات الطماطم من قبل، فقد فتحت العديد من الحاويات المماثلة في الماضي. بعد دقيقة من المحاولة، توقفت للتأمل في الوضع - هل تبقي تدفع وتسحب غطاء الوعاء؟ او هل يجب أن تطلب من صديقك المساعدة؟ او هل ينبغي عليك أن تتخلى عن الطماطم الطازجة وتكتفي بفتح علبة ( الطماط المعلب)؟
نحن نتخذ قرارات من هذا القبيل طوال الوقت. كم من الجهد يجب أن نبذله على شيء ما ؟ ليس لدينا سوى مقدار محدود من الوقت والطاقة في اليوم. خمس دقائق من المحاولة في فتح الحاوية تعني خمس دقائق تفقدها من (وقت ) قراءة كتاب، او التحدث إلى عائلتك أو النوم. في أي حالة معينة، يجب أن تقرر مدى صعوبة ما تحاول عمله. .
علماء الإدراك التنموي مثلي مهتمون في كيفية اتخاذ القرارات بذل الجهد. على وجه الخصوص، كيف يقرر الأطفال الصغار، الذين يواجهون باستمرار حالات جديدة، مدى صعوبة المحاولة؟
إذا لم تنجح في البداية، ثم ماذا؟
إن أهمية الجهد تتجاوز قراراتنا اليومية حول تخصيص الوقت ( لمهمة ما). وتظهر الدراسات الحديثة أن ضبط النفس والمثابرة يرفعان من النتائج الأكاديمية بمعزل عن الذكاء IQ. حتى معتقداتنا الشخصية حول الجهد يمكن أن تؤثر على النتائج الأكاديمية. الأطفال الذين يعتقدون أن الجهد يؤدي إلى الإنجاز يتفوقون على أولئك الذين يعتقدون ان القدرة هي سمة ثابتة.
ونظراً للصلة بين المثابرة والنجاح الأكاديمي، فإن القرارات المتعلقة بالجهد هي ذات أهمية خاصة في مرحلة الطفولة. ومع ذلك، فقد استكشفت بحوث قليلة نسبيا كيف يتعلم الألطفال الصغار ما يستحق هذا الجهد.
نعلم جميعاً أن الرضع هم ملاحظون حريصون للواقع الاجتماعي. ولكن ليسوا مجرد مشاهدين خاملين . الأطفال الرضع هم آلات تعليم صغيرة. ويمكنهم تعميم مفاهيم مجردة كالعلاقات السببية والأدوار الاجتماعية من أمثلة قليلة. حتى الطفل البالغ من العمر ١٥ شهرا يمكن أن يتفوق على جهاز كمبيوتر عالي المستوى في مثل هذه المهام.
هل يمكن للرضع أيضا أن يقدموا استنتاجات واسعة ومعممة من بضعة أمثلة عندما يتعلق الأمر بالجهد؟ إذا كان الأمر كذلك، اذاً ربما "المثابرة" ليست مجرد سمة شخصية. ربما تكون مرنة وقابلة للتكيف بناء على السياق الاجتماعي.
فقط استسلم ... أو كافح عبر الفشل؟
لإستكشاف هذا السؤال، قمت انا وزملائي بإعطاء أطفالاً يبلغون من العمر ١٥ شهراً شيئاً من شيئين: أحد المُختبرين الذين يعملون بجد لتحقيق هدفين مختلفين (اخراج لعبة من حاوية وإخراج سلسلة مفاتيح من حلقة تسلق)، أو مُختبِر حقق كل أهدفه بلا جهد.
ثم عرضنا على الطفل لعبة "موسيقى" غريبة تبدو وكأنها يمكن تشغيلها عن طريق ضغط زر كبير من الأعلى. (يمكن ضغط الزر الى الأسفل ولكنه لا يشغل أي شيء في الواقع.) وبعيداً عن أنظار الأطفال، قمنا بتشغيل لعبة الموسيقى بضغط زر مخفي بحيث سمعوا اللعبة تصدر موسيقى. أعطينا الأطفال لعبة الموسيقى وغادرنا الغرفة. المبرمجون، الذين لم يعرفوا اي حالة كان عليها كل طفل ، شاهدوا أشرطة فيديو للتجربة وحسبوا عدد المرات التي حاول الأطفال فيها تشغيل اللعبة عن طريق الضغط على الزر.
خلال دراسة واحدة وتكرار مسجل مسبقاً (١٨٢ طفل في المجموع)، الرضع الذين شاهدوا شخصاً بالغاً يثابر وينجح ضغط على الزر حوالي مرتين اكثر مما ضغط عليه أولئك الذين رأوا الكبار ينجحون دون عناء. وبعبارة أخرى، تعلم الأطفال أن الجهد كان قيماً بعد مشاهدة مثالين فقط لشخص بالغ يعمل بجد وينجح.
جزء مما هو مثير عن هذه النتيجة هو أن الأطفال لم يقلدوا فقط ما فام به الكبار من عمل. بل قاموا بتعمیم قیمة الجھود على مھمة جدیدة. المختبر لم يريهم أبداً الضغط على الزر أو حاول تشغيل الموسيقى. ولكن تعلم الأطفال من أمثلة مختلفة من إجراءات فيها جهد (فتح حاوية أو فتح حلقة تسلق) اللعبة الجديدة ربما تتطلب أيضا الإصرار والمثابرة .
ومع ذلك، في معظم الأحيان عندما يشعر أحد الوالدين بالإحباط، فانه يركز على المهمة التي في يده وليس على محاولة تعليم طفله قيمة الجهد. هل يمكن للأطفال أن يتعلموا أيضا قيمة الجهد من بالغين لا يقومون بإستعراضه بشكل متعمد لهم؟
لمعالجة هذا السؤال، قمنا بإجراء التجربة مرة أخرى، مستبعدين أي استعارات تربوية (بيداغوجية تعليمية) كالإتصال البصري ( النظر بالعين) أو كلام ملائم للطفل. مرة أخرى، حاول الرضع بذل جهد أكثر على مهمتهم الخاصة بعد رؤية شخص بالغ يثابر/يصر وينجح. ومع ذلك، كان الأثر أضعف بكثير مما لو استخدم الكبار أي استعارات تربوية (بيداغوجية تعليمية) .
الإصرار على التعلم من خلال مشاهدة الإصرار
يريد اختصاصيو التوعية وأولياء الأمور أن يعرفوا كيف يعززون من الإصرار عندما يواجه الأطفال التحديات. وتشير دراستنا إلى أن الثبات يمكن تعلمه من اتخاذ الكبار قدوة لهم . الأطفال يهتمون بمشاهدة من حولهم، ويستخدمون تلك المعلومات كموجه لسلوكهم الذي يتطلب جهداً.
ولكن الأطفال لا يتعلمون ببساطة أنه يجب عليهم أن يحاولوا بجد في كل شيء. تماماً كالبالغين ، يتخذ الرضع قرارات عقلانية حول الجهد. فلو لاحظوا شخصاً يحاول بجد وينجح، فإنهم سيحاولون بجد أكثر . عندما يرون شخصاً ما ينجح دون جهد، فإنهم يستنتجون أن الجهد قد لا يكون مجديا.
فماذا يعني هذا بالنسبة لأولياء الأمور؟ لا يمكننا أن نفترض أن نتائجنا سوف يكون لها نفس التأثير عليهم في المنزل تماماً كما كان لها في المختبر. ومع ذلك، لو تعرف ان طفلتك يمكن أن تنجز مهمة لو حاولت بجد، فقد يكون من المفيد نمذجة الجهد والنجاح بالنسبة لها أولا. ودعونا نعرف ما إذا نجحت المحاولة ! كما نود أن نعرف كيف يمكن لهذه الآثار أن تكون دائمة، وما إذا كان الأطفال قد يعممون قيمة الجهد إلى مجموعة أوسع من السياقات وكيف لنماذج البالغين ( القدوة ) من الجهد ان تقابل الرسائل الصريحة عن أهمية الجهد. ونحن نأمل في استكشاف هذه التساؤلات في الدراسات المستقبلية.
وأخيرا، تشير هذه الدراسة إلى أن الوالدين لا ينبغي لهما ان يجعلا الأمور تبدو سهلة في كل وقت. في المرة القادمة وانت تحاول فيها بجهد ان تفتح حاوية الطماطم، فلا بأس ، ربما تكون حتى مفيدة، دع طفلك يراك وانت تتصب عرقاً.
https://theconversation.com/babies-can-learn-the-value-of-persistence-by-watching-grownups-stick-with-a-challenge-84327?utm_medium=email&utm_campaign=The%20Weekend%20Conversation%20-%2083846879&utm_content=The%20Weekend%20Conversation%20-%2083846879+Version+A+CID_ebadc809501413c7af351ac0c19d203e&utm_source=campaign_monitor_us&utm_term=Babies%20can%20learn%20the%20value%20of%20persistence%20by%20watching%20grownups%20stick%20with%20a%20challenge
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق