الجمعة، 10 نوفمبر 2017

جازف! لكن ماذا لو لم تعرف الإحتمالات




١٩ يونيو ٢٠١٧

 

الكاتبة :نيلتي بلانكنشتين، معهد السايكلوجيا في جامعة لايدن  


المترجم: ابو طه / عدنان احمد الحاجي 

المقالة رقم ٤٩٥ لسنة ٢٠١٧ 


Take a chance! But what if you don’t know the odds?

Posted on  

Neeltje Blankenstein




العديد من قراراتنا اليومية تنطوي على مخاط. نحن نقطع إشارة المرور الحمراء ، أو نقترع  بالعملة المعدنية مع شركاء حياتنا لنحدد من يجب أن يغسل الأطباق. ما الذي يؤثر على قراراتنا المحفوفة بالمخاطر؟ أحد العوامل الهامة هو المجازفة المحفوفة بعدم اليقين .
الضوء الأحمر والعملة المعدنية
طوال اليوم نحن نتخذ العديد من القرارات الخطرة.  إفترض انك دخلت التقاطع  بسيارتك تماما  وإشارة المرور تغيرت الى الضوء الأصفر.  ضغطت برجلك  على دواسة الوقود وقطعت التقاطع حينما تغيرت الإشارة الى  الضوء الأحمر. هل ستكسب وقتاً ، أو تحصل على غرامة؟ أو ربما أُجريت  قرعة (  بإستخدام عملة معدنية)   مع شريك حياتك  لتعرفا من الذي سوف يغسل الأطباق: هل  ستكون انت من سيتعب في  غسل  المقالي المتسخة؟

في كلا  هاذين المثالين من القرارات المحفوفة بالمخاطرة،  عادة لا نعلم ما سيحدث: النتيجة غير مؤكدة. ومع ذلك، هناك فرق حاسم بين هاذين المثالين، والأمر يتعلق  بالمجازفة - أو بشكل أكثر تحديدا - المجازفة المحفوفة بعدم اليقين.

المجازفات  المعروفة وغير المعروفة: المخاطرة والغموض

في استخدام العملة المعدنية لإجراء القرعة في المثال أعلاه، فأنت لا تعرف ما إذا كنت ستنتهي  بالقيام بغسل الأطباق. ومع ذلك، فإنك على الأقل تعرف ان هناك فرصة تضطرم إلى تنظيف المقلاة  المتسخة: وهي  ٥٠ في المائة.

في الاقتصاد السلوكي، عندما تكون المخاطرة معروفة فهذا يشار إليها بالمخاطرة الجلية، أو مجرد "المخاطرة" للإختصار. في مثال إشارة المرور الحمراء، أنت أيضا لا تعرف ماذا سيحدث لو قمت  بقطع الإشارة الحمراء. ربما تنجو منها بلا التزامات/عقاب، او تُغرم، أو ربما حتى تتسبب في حادث. ولكن الأهم من ذلك، انت لا تعرف فرصة حدوث هذه النتائج. في الواقع، كيف يمكنك ربما حساب فرصتك في انك تُغرم ؟ عندما تكون الفرصة غير معروفة هذا هو ما نسميه بالمخاطرة الغامض، أو "الغموض" للإختصار. هاتان الظاهرتان - المخاطرة (الفرص المعروفة) والغموض (الفرص الغير معروفة) - تؤثر على سلوك مخاطرتنا بطرق مختلفة.

مفارقة إلسبرغ Ellsberg paradox

في عام ١٩٦١، درس باحث يدعى دانيال إلسبرغ كيف يتعامل الناس مع المخاطرة والغموض. في دراسة شهيرة أصبحت تعرف باسم مفارقة إلسبرغ، أظهر أن الناس يكرهون الغموض أكثر من المخاطرة. في هذه التجربة، قُدم للمشاركين جرتان. جرة واحدة تحتوي على ٥٠ كرة حمراء و ٥٠ كرة سوداء. وتضمنت الجرة الأخرى ١٠٠ كرة حمراء وسوداء، ولكن بتوزيع غير معروف ( يعني لا يعرف عدد الكرات الحمراء ولا السوداء). وعندما طلب منهم أن يراهنوا على أنهم سيختارون كرة حمراء، فضل المشاركون الجرة الأولى والتي فيها توزيع  الكرات  معروفاً.

وهذا يعني أن المشاركين يعتقدون أن الجرة التي فيها  توزيع الكرات مجهول تحتوي على كرات سوداء  أكثر من كرات حمراء. ولو كان على المشاركين أن يراهنوا على اختيار كرة سوداء، كنت ستتوقع  أنهم سيختارون الجرة التي فيها  التوزيع مجهول ... لكنهم لم يفعلوا ذلك. على الرغم من حقيقة أن في المرة الأولى  اعتقد فيها  المشاركون  ضمناً ان   الكرات السوداء أكثر في الجرة التي فيها  التوزيع مجهول، وفي المرة الثانية  لا زال المشاركون يفضلون  الجرة الآي فيها  التوزيع معروف. وهكذا يتعارض هذا السلوك مع معتقدات المشاركين السابقة حول الجرة التي فيها توزيع الكرات غير  معروف، أي يعتقدون أن هناك كرات سوداء أكثر في هذه الجرة. تظهر هذه التجربة أن الناس لا يحبذون  ذلك عندما تكون المخاطرات غامضة (غير معروفة).

المخاطرة،والغموض والمراهقين

ولكن ماذا يعني هذا فيما يتعلق بالمخاطرة في الحياة الواقعية؟ هل يهم ما هو تفضيلك فيما يتعلق بالمخاطر المعروفة وغير المعروفة؟ ولتحقق من ذلك، قمنا مؤخراً بدراسة مجموعة من الأشخاص المعرضين بشكل خاص لسلوك النزعة الى المخاطرة كالاستخدام المفرط للكحول والسلوك المتهور في الحركة المرورية ( القيادة المتهورة) من قبل المراهقين. وكما هو الحال في مفارقة إلسبرغ، كره المشاركون المراهقون أي غموض ( الغير معروفة)   أكثر من "المخاطرة" ( المعروفة). ولكن بالإضافة إلى ذلك، وجدنا أن أولئك الذين كانوا أقل نفوراً  من الغموض أظهروا سلوكا أكثر تهورا - مثل شرب الكحوليات والقيادة المتهورة، و ممارسة الجنس دون واقٍ - في الحياة الواقعية. وبعبارة أخرى، فإن هؤلاء المراهقين الذين لديهم تحمل أعلى للمخاطر غير المعروفة، أظهروا سلوكيات أكثر خطورة في الحياة الواقعية. في حالة الخطر (المخاطرة المعروفة)، ومع ذلك، لم نجد أي علاقة بين تحمل المخاطر في وضعية المختبر وبين السلوك المتهور  في  الحياة الواقعية. فماذا يخبرنا هذا الكلام؟

الحياة ليست قرعة بالعملة المعدنية

من المحتمل أن السلوك في ظل ظروف من المجازفات غير المؤكدة هو انعكاس   للنزعة الى المخاطرة في الحياة الحقيقية (على الأقل في مرحلة المراهقة)أفضل من تحت ظروف مجازفات معروفة. وهذا أمر منطقي، بالنظر إلى أن الحياة الواقعية عادة ما تقدم مجازفات  غير معروفة، مثل،  قطع إشارة المرور الحمراء ، بدلاً من مجازفات  معروفة. في الواقع، الحياة ليست قرعة بعملة معدنية. إلا إذا كنت تجادل مع شريك حياتك كل ليلة حول من سيغسل  الأطباق ... وفي هذه الحالة أنا بالتأكيد آمل  ان الظروف  ليست ضدك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق