٢٥ يناير ٢٠١٨
الكاتبة: آن قيبونس
المترجم : ابو طه / عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم ٣٦ لسنة ٢٠١٨
التصنيف : أبحاث النشوء والتطور
Jan. 25, 2018
في كهف منهار على المنحدر الغربي لجبل الكرمل ، وجد باحثون عظم فك بشري قديم والذي قد يكون واحداً من أوائل عناصر النوع البشري الحديث التي غادرت أفريقيا. هنا، في كهف ضخم قريب من البحر الأبيض المتوسط، كان الناس القدامى يشوون الأرنب البري والسلحفاة وبيض النعام ويشذبون الأدوات الحجرية المصنوعة من حجر الصوان. لو كان العمر الذي وضعه الباحثون هو من ١٧٧ ألف إلى ١٩٤ ألف سنة للفك والأدوات ثابتا ، فهذا يعني أن الإنسان الحديث ترك أفريقيا قبل ٤٠ ألف سنة مما كان متوقعا. وقد يكون لهذا الاكتشاف آثار على متى وكيف نشأت أنواعنا، وكم عدد موجات البشر الأوائل التي غادرت أفريقيا.
هذا الفك الذي تم اكتشافه في كهف في جبل الكرمل قد يكون ينتمي إلى واحد من أقدم البشر الحديث الذي غادر أفريقيا |
قبل الآن، جاءت أقدم الأحفوريات البشرية الحديثة خارج أفريقيا من كهف سخول القريب من جبل الكرمل وكهف القفزة ، والمواقع المؤرخة ما بين ٨٠ ألف إلى ١٢٠ ألف سنة. ولكن نوعنا نشأ في أفريقيا قبل حوالي ٣٠٠ ألف سنة، وفقاً لتاريخ الجمجمة الجديد التي عثر عليها في المغرب العام الماضي، وقد ادعى بعض الباحثين نزوحاً مبكراً من أفريقيا على أساس قطع من أحفوريات وأدوات حجرية في الشرق الأوسط والجزيرة العربية والصين. لكن المواقع المؤرخة بشكل دقيق بأحفوريات بشرية مقبولة خارج أفريقيا لم تكن موجودة.
تم اكتشاف الفك العلوي الذي تم وصفه في مجلة ساينس يوم ٢٥ يناير ٢٠١٨ في عام ٢٠٠٢ من قبل طلاب كانوا يحفرون
في أرضية كهف ميسليا Misliya، وهو بقايا الكهف المنهار منحوتة على المنحدرات الغربية لجبل الكرمل، على بعد ١٢ كيلومترا جنوب حيفا. من أول نظرة لعظم الفك العلوي والذي يحتفظ بصف كامل من الأسنان في الجانب الأيسر، عرف الباحثون أنه عنصر من نوعنا، الإنسان العاقل ( هومو سبين). الناب وغيره من أسنان الفك تشبه تلك التي للبشر الحديث في سخول وقفزة، وهي تفتقر إلى السمات الموجودة في النياندرتال.
تم استخراج عظم الفك من نفس الطبقة الرسوبية كالآلاف من "نوعية المتاحف " من الفؤوس اليدوية والأدوات المصنوعة من حجز الصوان، كما تقول المؤلفة المشاركة مينا افرون من جامعة حيفا. وقد جرى صنع الأدوات بطريقة متطورة تسمى تكنولوجيا ليفالويس ( تعريف الوكيبيديا -من خارج النص:- تقنية ليفالويس (وبحسب IPA اللغة الصوتية الدولية تنطق [lə.va.lwa]) هو اسم أعطى من قبل علماء الآثار لنوع مميز لتشذيب الأدوات التي طورها سلائف الإنسان الحديث خلال العصر الحجري القديم). ، الأمر الذي يتطلب التفكير المجرد. وقد اقترح بعض الباحثين أن هذه الطريقة اخترعها هومو سبينز ( الانسان العاقل) ويمكن أن تحدد وجود أنواعنا ونزوحهم المبكر من أفريقيا.
وثقت ثلاث فرق بشكل مستقل الاكتشافات باستخدام اضمحلال نظائر اليورانيوم والعديد من أساليب التلألؤ ) التألق luminescence)، والتي تحدد متى تعرضت الحبيبات المعدنية للضوء في الماضي. وقد قاموا بتحديد تاريخ الأدوات المصنوعة من حجر الصوان المحروق إلى حوالي ١٧٩ ألف سنة (زائد أو ناقص ٤٨، ألف سنة)، وهو ما يتناسب مع أعمال أخرى تعود إلى أدوات ليفالويس في منطقة جبل الكرمل إلى ما بين ١٤٠ ألف إلى ٢٦٠ ألف سنة مضت. كما أنهم أرّخوا فضة من مينا الأسنان إلى ١٧٤ ألف سنة، ويقولون أن عمر القشرة الملصقة بالفك العلوي لا يقل عن ١٨٥ ألف سنة .
تواريخ الأدوات تبدو ثابتة، يقول خبراء التأرخة. ولكن العديد تساءلوا عن تواريخ الأحفوريات نفسها، ويرجع ذلك جزئيا لأن المؤلفين كتبوا أن عظم الفك تم مسحه باستخدام التصوير المقطعي المحوسب ثلاث مرات، مما قد يؤدي الى ان تؤثر الأشعة السينية على كمية الإشعاع المحبوس في مينا الأسنان، مما يحيد بالتأرخة التي قيمّت بواسطة طريقة التألق . وأشار اليستير بايك من جامعة ساوثهامبتون في المملكة المتحدة إلى أن القشرة على عظم الفك "ملوثة بشكل كبير بحتات الصخور." التلوث يمكن أن يؤثر ( بشكل انحيازي) على التأرخة الإشعاعية للقشرة، والتي فيها أجزاء يقدر تاريخها بأصغر من ٧٠ ألف سنة ، يقول المؤرخ ( المقوم) الجيولوجي (geochronologist) وارن شارب من مركز بيركلي لعلوم التقويم الجيولوجي (جيوكرونولوجي) في كاليفورنيا. ويشير هو وآخرون أيضا إلى أن الاعتماد على الأدوات المجاورة يمثل مشكلة، لأنه من الممكن أن تكون العظام مختلطة بطبقة حملتها الأدوات عمرها أصغر من ذلك.
يدافع الفريق بشجاعة عن تواريخها، مشيرين إلى أن عمليات الحفر المسيطر عليها بشكل جاد تربط الأدوات والأحفوريات بإحكام في نفس الطبقة الرسوبية، وبالتالي، الزمن ( التاريخ).
لو كانت التواريخ صحيحة فإنها مثيرة للدهشة ، كما قال عالم الآثار مايكل بيتراجليا من معهد ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشري في جينا بألمانيا، الذي قال إن الاكتشاف يشير إلى أن البشر الحديث هاجروا من أفريقيا مراراً وتكرارا، في مجموعات متعددة بإتجاه الشرق الأوسط. قد يكونون قد انتقلوا من أفريقيا عندما كان المناخ أكثر رطوبة من ٢٤٤ ألف سنة إلى ١٩٠ ألف سنة مضت، ولكن انقرضوا مع عودة قحولة المناخ ، كما تقول عالمة أنثربولوجيا الأحفوريات مارتا ميرازون لهر من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، والتي لم تشارك في الاكتشاف الجديد .
وتعود آثار هذا الإكتشاف إلى أبعد من ذلك بالنسبة للمؤلف المشارك وعالم الأنثروبولوجيا الفيزيائية الإسرائيلي هيرشكوفيتز من جامعة تل أبيب، الذي يقول إن الاكتشاف يشير إلى أن أسلافنا برزوا الى الوجود أبكر بكثير مما كان يعتقد. "لو كان نوعنا في هذا البلد قبل ٣٠٠ ألف سنة، فإنه يشير إلى أن أنواعنا قديمة جدا، وليس فقط ٣٠٠ ألف سنة، ولكن أقدم من ذلك".
المصدر:
http://www.sciencemag.org/news/2018/01/ancient-jawbone-suggests-our-species-left-africa-40000-years-earlier-expected?utm_campaign=news_daily_2018-01-25&et_rid=17034967&et_cid=1812121
للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على هذا العنوان؛
https://adnan-alhajji.blogspot.com/?m=1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق