بقلم سلڤيو كارتا
١ يونيو ٢٠١٨
المترجم : أبو طه / عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم ١٩٩ لسنة ٢٠١٨
التصنيف : تاكلونجيا وسلوك
مقدمة المترجم
اردت ان أتخذ من الموضوع المترجم فرصة لأتناول ولو بشيء من الإقتضاب موضوع المساحة الشخصية. وبحسب ما ورد في الوكيبيديا ، "المساحة الشخصية هي عبارة عن المنطقة التي تحيط بالفرد ويعتبرها ملكًا له من الناحية النفسية. وتمثل هذه المساحة قيمة خاصة لأغلب الأشخاص بل ينتابهم الشعور بعدم الارتياح أو الغضب أو التوتر حال التعدي علي هذه المساحة".
هذه المساحة تضيق وتتسع بحسب نوع العلاقة الشخصية. فنراها تزداد ضيقا في حال العلاقات الحميمية بين الزوجين او بين الوالدين وأطفالهم مثلاً، ولكنها تتسع وتزداد بعداً كلما ضعف مستوى العلاقة بين الأشخاص.
ولذا ينبغي علينا معرفة المساحة الشخصية لكل فرد ومدى علاقتنا به ومراعاتها قبل ان نصل الى الحد الذي قد ننتهك فيه تلك المساحة حتى لا يصبح الأمر مزعجاٌ من الناحية النفسية والعملية ويسبب عدم ارتياح وقد يصل هذا الإزعاج الى ما يسمى بالتحرش الجنسي سيما في الأماكن العامة وأماكن العمل والذي صدرت مؤخراً قوانين صارمة بحقه.
الملاحظ في ثقافتنا العامة ان الكثير منا لا يراعي هذه المساحة وبالخصوص في الأماكن العامة ومنها على سبيل المثال لا الحصر دور العبادة والمجالس العامة والأماكن المزدحمة، الأمر الذي يسبب امتعاضاً وتذمراً وربما يصل الأمر الى حد التدافع والخلافات الشخصية .
***الموضوع****
في العالم الرقمي، أي عمل نقوم به يولد بيانات - سواء تصفحنا الإنترنت، أو أجبنا على رسائل البريد الإلكتروني أو أرسلنا رسائل نصية الى أصدقائنا. تترجم إلى موجات راديوية، هذه المعلومات يمكن أن تنتقل بلا جهد تقريباً في الفضاء في جزء من الثانية. البيانات منتشرة في جميع أنحاء العالم، تملأ الفراغات التي بيننا وبين أشياء أخرى في البيئة المبنية. زملائي وأنا أجرينا دراسة لنفهم كيف تغير وجود جميع هذه البيانات فهمنا للمساحات ( الفراغات) الشخصية والعامة.
و كدراسة حالة، أنشأنا شبكة المنطقة المحلية اللاسلكية LAN في بلازا دي لوس بالوس غراند في كراكاس، للناس للاتصال مجانًا لفترة محدودة . ما مجموعه ١٢٣ شخص يتصلون بالشبكة المحلية اللاسلكية بأجهزتهم لإرسال واستقبال حزم من المعلومات من وإلى خوادم في جميع أنحاء العالم.
من هذه الحزم ، استخرجنا مواقع الخوادم التي يتصل بها كل مستخدم. في الصورة أدناه، أنشأنا خطاً واحدًا لكل اتصال تم بين الشخص والخوادم. وهو يوضح كيف أن البيانات التي تم توليدها بواسطة رسالة بريد إلكتروني الى صديق مقرب، والتي كتبت في المساحة الوثيفة جدًا (الحميمية) بينك وبين جهازك، لديها إمكانية الوصول إلى جميع أنحاء العالم.
اليك طريقة عملها: يقوم الهاتف الذكي بتحويل بريدك الإلكتروني إلى موجات راديوية ويرسل المعلومات إلى جهاز توجيه (راوتر) الـ WiFi. بعد ذلك يتم تمريرها إلى خوادم شركة الاتصالات الموفِرة لخدمة البريد الإلكتروني ، ثم - من خلال بروتوكول التحكم في الإرسال عبر الإنترنت (TCP) - الذي يتحكم في حركة البيانات عبر الويب - إلى خوادم موفِر الخدمة الآخر وإلى صندوق البريد الاكتروني لصديقك.
المساحة المتغيرة
يميل الناس إلى الاعتقاد بأن الاتصال الشخصي ينشأ داخل البعد الحميمي لمساحتنا الشخصية. نحن نعتبر أن المساحة التي تحيط بنا مباشرة هي ملكنا وشخصية - حيث نفكر ونصوغ الأفكار ونتحدث مع الآخرين. منحتنا هذه الدراسة الفرصة للنظر في كيف يتغير شكل مساحتنا الشخصية ونحن نعيش حياتنا الرقمية في الأماكن العامة.
مصطلح "المساحة الشخصية" يعني أشياء مختلفة منذ أن بدأ المعماريون ومخططو المدن وعلماء الاجتماع والجغرافيون دراستها. في الستينات ، كان يُنظر إلى المساحة الشخصية على أنها المسافات التي نحتفظ بها بيننا وبين الآخرين ، للتحكم في تفاعلاتنا معهم. قد يختلف حجم هذه الهالة غير المرئية ، اعتمادًا على القيم الثقافية وكثافة الأشخاص حولك والظروف الأخرى.
حاول العلماء أن يناقشوا بأنه في العصر الرقمي ، "فقاعتنا الشخصية" ليست فقط مادية - بل هي افتراضية أيضًا. ادّعوا أن فقاعتنا الشخصية هي غشاء يقوم بتصفية البيانات التي نرسلها والمعلومات التي نتلقاها. إنها مجموع جميع الإعدادات والاتفاقيات عبر مختلف المنصات الرقمية - بما في ذلك التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعية والبريد الإلكتروني - بالإضافة إلى الهاتف نفسه، مما يساعدنا على إدارة بياناتنا الشخصية والمجموعة وعامة الناس والإتصالات.
لكن نتائجنا تظهر أنه في المجال الرقمي، المساحة الشخصية ليست مثل فقاعة تحيط بكل شخص، مما يساعد على تحديد طبيعة مواجهاته أو علاقاته أو حممياته أو انتكهاته. في الواقع ، إنها أشبه بشبكة عالمية من الروابط ، تصل إلى كل مكان ، قادمة من كل شخص عندما يرسل أو يستقبل حزمة من البيانات.
١ يونيو ٢٠١٨
المترجم : أبو طه / عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم ١٩٩ لسنة ٢٠١٨
التصنيف : تاكلونجيا وسلوك
June 1, 2018
مقدمة المترجم
اردت ان أتخذ من الموضوع المترجم فرصة لأتناول ولو بشيء من الإقتضاب موضوع المساحة الشخصية. وبحسب ما ورد في الوكيبيديا ، "المساحة الشخصية هي عبارة عن المنطقة التي تحيط بالفرد ويعتبرها ملكًا له من الناحية النفسية. وتمثل هذه المساحة قيمة خاصة لأغلب الأشخاص بل ينتابهم الشعور بعدم الارتياح أو الغضب أو التوتر حال التعدي علي هذه المساحة".
هذه المساحة تضيق وتتسع بحسب نوع العلاقة الشخصية. فنراها تزداد ضيقا في حال العلاقات الحميمية بين الزوجين او بين الوالدين وأطفالهم مثلاً، ولكنها تتسع وتزداد بعداً كلما ضعف مستوى العلاقة بين الأشخاص.
ولذا ينبغي علينا معرفة المساحة الشخصية لكل فرد ومدى علاقتنا به ومراعاتها قبل ان نصل الى الحد الذي قد ننتهك فيه تلك المساحة حتى لا يصبح الأمر مزعجاٌ من الناحية النفسية والعملية ويسبب عدم ارتياح وقد يصل هذا الإزعاج الى ما يسمى بالتحرش الجنسي سيما في الأماكن العامة وأماكن العمل والذي صدرت مؤخراً قوانين صارمة بحقه.
الملاحظ في ثقافتنا العامة ان الكثير منا لا يراعي هذه المساحة وبالخصوص في الأماكن العامة ومنها على سبيل المثال لا الحصر دور العبادة والمجالس العامة والأماكن المزدحمة، الأمر الذي يسبب امتعاضاً وتذمراً وربما يصل الأمر الى حد التدافع والخلافات الشخصية .
***الموضوع****
في العالم الرقمي، أي عمل نقوم به يولد بيانات - سواء تصفحنا الإنترنت، أو أجبنا على رسائل البريد الإلكتروني أو أرسلنا رسائل نصية الى أصدقائنا. تترجم إلى موجات راديوية، هذه المعلومات يمكن أن تنتقل بلا جهد تقريباً في الفضاء في جزء من الثانية. البيانات منتشرة في جميع أنحاء العالم، تملأ الفراغات التي بيننا وبين أشياء أخرى في البيئة المبنية. زملائي وأنا أجرينا دراسة لنفهم كيف تغير وجود جميع هذه البيانات فهمنا للمساحات ( الفراغات) الشخصية والعامة.
و كدراسة حالة، أنشأنا شبكة المنطقة المحلية اللاسلكية LAN في بلازا دي لوس بالوس غراند في كراكاس، للناس للاتصال مجانًا لفترة محدودة . ما مجموعه ١٢٣ شخص يتصلون بالشبكة المحلية اللاسلكية بأجهزتهم لإرسال واستقبال حزم من المعلومات من وإلى خوادم في جميع أنحاء العالم.
من هذه الحزم ، استخرجنا مواقع الخوادم التي يتصل بها كل مستخدم. في الصورة أدناه، أنشأنا خطاً واحدًا لكل اتصال تم بين الشخص والخوادم. وهو يوضح كيف أن البيانات التي تم توليدها بواسطة رسالة بريد إلكتروني الى صديق مقرب، والتي كتبت في المساحة الوثيفة جدًا (الحميمية) بينك وبين جهازك، لديها إمكانية الوصول إلى جميع أنحاء العالم.
اليك طريقة عملها: يقوم الهاتف الذكي بتحويل بريدك الإلكتروني إلى موجات راديوية ويرسل المعلومات إلى جهاز توجيه (راوتر) الـ WiFi. بعد ذلك يتم تمريرها إلى خوادم شركة الاتصالات الموفِرة لخدمة البريد الإلكتروني ، ثم - من خلال بروتوكول التحكم في الإرسال عبر الإنترنت (TCP) - الذي يتحكم في حركة البيانات عبر الويب - إلى خوادم موفِر الخدمة الآخر وإلى صندوق البريد الاكتروني لصديقك.
المساحة المتغيرة
يميل الناس إلى الاعتقاد بأن الاتصال الشخصي ينشأ داخل البعد الحميمي لمساحتنا الشخصية. نحن نعتبر أن المساحة التي تحيط بنا مباشرة هي ملكنا وشخصية - حيث نفكر ونصوغ الأفكار ونتحدث مع الآخرين. منحتنا هذه الدراسة الفرصة للنظر في كيف يتغير شكل مساحتنا الشخصية ونحن نعيش حياتنا الرقمية في الأماكن العامة.
مصطلح "المساحة الشخصية" يعني أشياء مختلفة منذ أن بدأ المعماريون ومخططو المدن وعلماء الاجتماع والجغرافيون دراستها. في الستينات ، كان يُنظر إلى المساحة الشخصية على أنها المسافات التي نحتفظ بها بيننا وبين الآخرين ، للتحكم في تفاعلاتنا معهم. قد يختلف حجم هذه الهالة غير المرئية ، اعتمادًا على القيم الثقافية وكثافة الأشخاص حولك والظروف الأخرى.
حاول العلماء أن يناقشوا بأنه في العصر الرقمي ، "فقاعتنا الشخصية" ليست فقط مادية - بل هي افتراضية أيضًا. ادّعوا أن فقاعتنا الشخصية هي غشاء يقوم بتصفية البيانات التي نرسلها والمعلومات التي نتلقاها. إنها مجموع جميع الإعدادات والاتفاقيات عبر مختلف المنصات الرقمية - بما في ذلك التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعية والبريد الإلكتروني - بالإضافة إلى الهاتف نفسه، مما يساعدنا على إدارة بياناتنا الشخصية والمجموعة وعامة الناس والإتصالات.
لكن نتائجنا تظهر أنه في المجال الرقمي، المساحة الشخصية ليست مثل فقاعة تحيط بكل شخص، مما يساعد على تحديد طبيعة مواجهاته أو علاقاته أو حممياته أو انتكهاته. في الواقع ، إنها أشبه بشبكة عالمية من الروابط ، تصل إلى كل مكان ، قادمة من كل شخص عندما يرسل أو يستقبل حزمة من البيانات.
توضح صورنا كيف تتوزع المساحة الشخصية عبر الغلاف الجوي وتتجسد في جهاز شخص آخر في غضون ثوانٍ ، تاركة آثارًها في مجموعة متناثرة من الخوادم. وبسبب هذا ، أصبحت المساحة الشخصية ديناميكية - فهي تتغير في الوقت الفعلي من خلال تفاعلاتنا الرقمية.
نظرًا لمدى حساسيتنا تجاه انتهاكات مساحتنا الشخصية المادية، فمن اللافت للنظر أن الكثير منا لا يدرك مدى اتساع مساحتنا الشخصية الرقمية، والتي تنتشر عبر الخوادم والأجهزة الأخرى في جميع أنحاء العالم. ومن خلال تصور الحجم الضخم والشكل المتباعد لمساحتنا الشخصية الرقمية، سيصبح الناس أكثر احترازاً لبياناتهم، مولين اهتماماً كبيراً بمستوى التشفير والخصوصية والأذونات الممنوحة لكل تطبيق يستخدمونه.
المساحة الشخصية لم تعد المساحة المباشرة التي تحيط بنا والتي تتحرك معنا. بل إنها شيء أكثر تجريدًا - منتشرة في العالم وربما في كل مكان في أي وقت. في المرة التالية التي نستخدم فيها هاتفنا لإرسال رسالة نصية، يجب أن نتصور مدى الاتساع الحقيقي لمساحتنا، التي تنتقل إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية في ثوانٍ لربطنا به. فمساحتنا الشخصية ليست فقاعة بعد الآن - إنها شبكة عالمية وشاملة.
المصدر
للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على هذا العنوان؛
https://adnan-alhajji.blogspot.com/?m=1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق