الأحد، 4 نوفمبر 2018

لماذا يكون حدسك خاطئاً في العمل - وكيف تعرف متى لا يكون كذلك؟



٨ مارس ٢٠١٧

بقلم جليب تسيبورسكيTsipursky
استاذ مساعد في التاريح ، جامعة ولاية أوهايو 

المترجم : عدنان أحمد الحاجي 

المقالة رقم ٣٥١ لسنة ٢٠١٨

التصنيف: أبحاث السلوك 



March 8, 2017

Gleb Tsipursky 
Assistant Professor of History, The Ohio State University


مقدمة المترجم:
 ما دام الحدس هو محور موضوعنا هنا  فليس من الإنصاف  أن  نأخذ تعريفه عن طريق حدسنا كالعادة وإلاّ اقتضى  الأمر دوراً، والدور باطل كما يقولون،  وإنما لابد من الوقوف على معناه كما ورد في مضامين وردت عن  بعض أهل الإختصاص. 

الحدس في قاموس المعاني  هو الظن والتخمين والتنبؤ والشك  وجاء في معجم أكسفورد  الحدس هو القدرة على  فهم شيء ما غريزياً  من دون وعي منطقي  (١)

ويأتي الحدس كمعرفة عفوية لا تحتاج إلى عناء للحصول  ومنها نستطيع إدراك الأشياء مباشرة دون الحاجة إلى إعمال  الذهن  للوصول إليها، وله انواع ثلاثة : نفسي وعقلي ومبدع كشفي (٢)

وعرف الحدس أيضاً على أنه عندما تتمثل المعاني في النفس دفعة واحدة في وقت واحد، كأنه وحي أو وميض برق (٣)

وكما جاء في كتاب" نقد العقل المحض" يقول  إيمانويل كانت:  الحدس يرتبط بالحس  وهو تصور معطى قبل التفكير ويمثل  أحد جزئي المعرفة  ولا يخضع للإستدلال الخارجي والإمتزاج بينه وبين المفاهيم يشكل مفهومنا للعالم (٤).

 ولكن عالم الإجتماع هاربرت سايمون قال إن  الحدس يرتبط  بمهارة التقطيع العقلية " chunking"..حيث يقوم  الدماغ  بتحويل المعرفة المستقاة من  خبرة سابقة متنكرة و متخفية بالذاكرة الطويلة المدى الى انماط ويصنفها بعد جمعها (٥) .

أما  علماء النفس فيرون أن الحدس  لغة سرية بين العالم الخارجي والعالم  الداخلي للإنسان،  تنبثق بشكل مفاجئ ولا مجال لسيطرة العقل عليه،  ويحب  أن يُنصت إليه ويولى الإهتمام المطلوب (٦).

هناك تفاعل بين الجسد والحدس  مما بجعل الشخص  بتعرف على مشاعر الآخرين ويفهم آلامهم وسعادتهم ومعاناتهم (٧). 

ويقول برنار بودوان “للحدس دور نوعي. فهو يفتح أعيننا على وضعية خاصة. فعندما نكون أمام خيار حاسم نجدنا فجأة نتخذ قرارنا وفقًا لحدسنا. وكثيرًا ما يكون حدسنا الأول هو المُصيب” (٨).

إذاً ما دام الحدس هو من الأحاسيس  التي نعترف بأن لاسيطرة  لعقولنا عليها  فهل يجب علينا  أن نترك له العنان دائماً ليتحكم في أفعالك الخارجية أو ترجع إلى عقلك؟


**الموضوع**

هل تثق بحدسنا  أو بعقلنا ؟ مقابلة للتوظيف 

لنفترض أنك تجري مقابلة مع مقدم طلب جديد للحصول على وظيفة  وشعرت أن هناك شيئاً  ما غلط . ولا يمكنك وضع إصبعك عليه تمامًا ، ولكنك غير مرتاح لهذه السيدة المتقدمة على الوظيفة.  كل الأشياء التي قالتها صحيحة ، وسيرتها الذاتية رائعة ، وستكون مرشحة للتعاقد  مثالية على هذه الوظيفة لو جرى توظيفها   - إلا أن حدسك  يقول لك  خلاف ذلك.

هل يجب عليك  أن توافق  حدسك؟
في مثل هذه الحالات ، يجب أن يكون رد فعلك الافتراضي هو الشك في حدسك. تظهر الأبحاث أن المقابلات مع مرشحي الوظائف هي في الواقع مؤشرات ضعيفةعلى  اللأداء الوظيفي للموظف  في المستقبل (١) .

لسوء الحظ ، فإن معظم أرباب العمل يميلون إلى الوثوق بحدسهم(٢) على عقولهم  وإعطاء الوظائف للأشخاص الذين يحبونهم أو ينظرون إليهم كجزء من الجماعة (٣)، بدلاً من  مجرد قبول أكثر المؤهلين من  المتقدمين. وفي حالات أخرى ، ومع ذلك ، فمن المنطقي  (٤) الاعتماد على الحدس لاتخاذ قرار (٥) .

إلا أن الأبحاث التي أُجريت حول صنع القرار تظهر أن معظم قادة الأعمال لا يعرفون متى يعتمدون على حدسهم ومتى لا يعتمدون عليه (٦). في حين ركزت معظم الدراسات(٧) على المديرين التنفيذيين والمدراء ، فإن الأبحاث تظهر أن المشكلة نفسها تنطبق على الأطباء  (٨) والمعالجين وغيرهم من المهنيين.

هذا هو نوع التحدي الذي أواجهه عندما أتشاور  (٩) مع الشركات حول كيف اتعامل بشكل أفضل مع العلاقات المتعلقة بالعمل.  الأبحاث التي أجريتها أنا وآخرون حول اتخاذ القرار  تقدم بعض الدلائل عن متى ينبغي لنا- أو لا ينبغي لنا - الاستماع إلى حدسنا.

الحدس  أو العقل؟
ردود أفعال (تفاعل) حدسنا  متجذرة في الجزء الأكثر بدائيةً وعاطفيةً وبديهية  من أدمغتنا التي ضمنت البقاء في بيئة أسلافنا. كان الولاء للقبيلة والتعرف  الفوري على الصديق أو العدو مفيد بشكل خاص للترعرع  في تلك البيئة.

في المجتمع الحديث ، على الرغم من ذلك ، فإن قدرتنا على البقاء أقل عرضة للخطر ، ومن المرجح أن يرغمنا حدسنا على التركيز على المعلومات الخاطئة لإتخاذ القرارات المتعلقة  بمكان العمل وغير ذلك من القرارات.

على سبيل المثال ، هل المرشح للوظيفة المذكور أعلاه مماثل لك في العرق أو الجنس أو الخلفية الإجتماعية الإقتصادية؟ حتى الأشياء البسيطة على ما يبدو كخيارات الملابس ، وأسلوب التحدث والإيماء يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً في تحديد كيف تقيّم أنت  شخصاً آخراً  كمرشح للوظيفة. وفقًا لبحث على التواصل غير اللفظي (١٠) ، فنحن نحب الأشخاص الذين يقلدون لهجتنا وحركاتنا الجسدية واختيارت الكلمات. حدسنا  يحدد تلقائيًا هؤلاء الأشخاص على أنهم ينتمون إلى قبيلتنا وكونهم  أصدقاء لنا ، مما يرفع من منزلتهم في أعيننا.

يمثل هذا التفاعل التلقائي السريع لمشاعرنا نظام التفكير الآلي autopilot system  of thinking  (١١) ، وهو أحد نظامي التفكير في أدمغتنا (١٢). إنه يتخذ قرارات جيدة في معظم الأوقات ، ولكنه أيضًا يرتكب بعض أخطاء التفكير المنهجية التي يشير إليها العلماء على أنها تحيزات معرفية.

جهاز التفكير  thinking system الآخر، المعروف باسم النظام القصدي  intentional system، هو نظام متعمد وتأملي (انعكاسي) . يتطلب  جهداً حتى يُثار (turn on يعمل) ، ولكن يمكنه التقاط وتجاوز أخطاء التفكير التي يرتكبها التفكير الآلي الخاص بنا. بهذه الطريقة ، يمكننا معالجة الأخطاء المنهجية التي ارتكبتها أدمغتنا في علاقاتنا المتعلقة  بأماكن العمل ومجالات الحياة الأخرى.

ضع في اعتبارك أن جهاز التفكير الآلي والجهاز القصديintentional systems هما مجرد تبسيط للعمليات الأكثر تعقيدًا ، وأن هناك جدلًا حول كيفية عملها في المجتمع العلمي (١٣). ومع ذلك ، بالنسبة إلى الحياة اليومية ، تعد  المقاربة  على مستوى الأجهزة مفيدةً جدًا في مساعدتنا في إدارة أفكارنا ومشاعرنا وسلوكياتنا
في ما يتعلق بالولاء القبلي (الولاء للقبيلة) ، تميل عقولنا إلى الإستسلام إلى خطأ التفكير المعروف باسم "تأثير الهالة" ، والذي يسبب بعض الخصائص التي نحبها ونُعرف بها (١٤) لإضفاء "هالة" إيجابية على  الشخص ، وعكس هذا التأثير هو "تأثير التهوال السلبيhorn effect (١٥)" ، والذي بحسبه هو   سمة سلبية  أو سمتين سلبيتين  تغير الطريقة التي ننظر بها إلى الكل . يطلق علماء النفس على هذا التحيز: "الإرتساء أو الإرتكاز anchoring" (١٦، ١٧)، وهذا يعني أننا نحكم على هذا الشخص من خلال إرساء انطباعاتنا الأولية.

تجاوز الحدس
الآن دعنا نعود إلى مثال المقابلة التي أجريناها مع المرشحة على  الوظيفة .

قل إن هذا الفتاة  قد درست في نفس الكلية التي درست أنت فيها . أنتما   أكثر إحتمالاً لأن تكونا صديقين بمجرد أن تلتقيا. ومع ذلك ، لمجرد كونها  شخصاً مشابهًا لك لا يعني أن أداءها في العمل  سيكون جيداً. وبالمثل ، لا يعني مجرد كونها  تتمتع بالمهارة في التعامل  بالودية أنها ستقوم بعمل جيد في المهام التي تتطلب مهارات فنية بدلاً من مهارات بشرية (١٨).

يتضح من البحث أن حدسنا لا يخدمنا دائمًا جيدًا في اتخاذ أفضل القرارات (وبالنسبة إلى رجال الأعمال ، تحقيق أعلى الأرباح).   يسمون العلماء الحدس (البداهة)  أداة اتخاذ القرار المزعجة /المقلقة (١٩)  التي تتطلب تعديلات لتعمل بشكل صحيح. هذا الاعتماد على الحدس يضر بشكل خاص بالتنوع في مكان العمل ويمهد الطريق للتحيز في التوظيف  من حيث العرق والإعاقة والجندر والجنس (٢٠).

على الرغم من الدراسات العديدة التي تظهر الحاجة إلى تدخلات منظمة structured (٢١)  للتغلب على التحيز في التوظيف ، فإن قادة الأعمال وموظفي الموارد البشرية يميلون إلى الإفراط في الاعتماد على المقابلات غير المنظمة unstructured وغيرها من ممارسات أخذ القرار البديهية. نظرًا لأن تحيز الثقة المفرط (٢٢) في جهاز التفكير الآلي ، وهو نزعة لنقييم قدراتنا على اتخاذ القرار بنحو أفضل مما هي عليه ، فإن القادة غالباً ما يأخذون  بحدسهم في التوظيف  وغيره من القرارات المتعلقة بالعمل  بدلاً من استخدام أدوات اتخاذ القرار التحليلية التي لها نتائج أفضل بشكل مثبت .

الحل الجيد هو استخدام جهازك القصدي  intentional system للتغلب على  حساسياتك القبلية (الإنتماء للقبيلة ٢٣)  لإتخاذ خيار أكثر عقلانية وأقل تحيزًا والذي سيؤدي على الأرجح إلى فرص  توظيف أفضل . يمكنك ملاحظة الأساليب التي يختلف فيها مقدم طلب التوظيف عنك - وأن تعطيها "نقاطاً إيجابية"  - أو قم بمقابلات منظمة structured بمجموعة من الأسئلة القياسية التي تُطرح بنفس الترتيب لكل مقدم طلب (٢٣).

لذا لو كان هدفك هو اتخاذ أفضل القرارات ، تجنب هذا المنطق العاطفي (٢٤) ، وهو العملية الذهنية التي  أنت  منها تستنتج  أن ما تشعر به صحيح ، بغض النظر عن الواقع الفعلي.


متى  بكون حدسك  على حق؟
دعونا نأخذ حالة مختلفة. لنفترض أنك تعرف شخصًا ما في عملك لسنوات عديدة ، وتعاونت معها في مجموعة واسعة من المشاريع ولديكما علاقة راسخة. ولديك بالفعل بعض المشاعر الثابتة حول هذه السيدة  ، لذلك لديك خط أساس جيد.

تخيل أنك تتحدث معها حول التعاون المحتمل. لسبب ما ، شعرت أنك أقل راحة من المعتاد. لست أنت السبب - كنت في مزاج جيد ، ومرتاح ، وبشعور جيد. لست متأكدًا من سبب عدم شعورك بالرضا عن هذا التفاعل نظرًا لعدم وجود خطأ واضح. فماذا يحدث هنا؟

على الأرجح ، ربما قد التقط حدسك  بعض  الآشارات الدقيقة حول شيء ما  أنه كان على غير ما يرام. ربما  كانت لا تنظر إليك  في الوجه  أو تبتسم أقل من المعتاد. حدسنا  جيد في التقاط مثل هذه الإشارات ، لأنها مضبوطة بدقة  لالتقاط علامات  عندما يكون الشخص مستبعداً  من القبيلة.

ربما لم تكن هناك  مشكلة. ربما كان يوماً غير جيد بالنسبة  لها   أو لم تحصل على قسط كافٍ من النوم في الليلة السابقة. ومع ذلك ، قد يحاول هذا الشخص أيضًا تحقيق مصلحة. عندما يكذب الناس فإنهم يتصرفون بطرق مشابهة لمؤشرات أخرى من عدم الراحة والقلق والرفض ، ومن الصعب حقاً أن تعرف  سبب هذه الإشارات.

وعموماً ، هذا هو الوقت المناسب لإتخاذ رد فعل حدسك  في الاعتبار وتكون شاكاً أكثر    من المعتاد.

 الحدس أمر حيوي في اتخاذنا  القرار  لمساعدتنا على ملاحظة متى قد  يكون   هناك شيء خاطئ. ومع ذلك ، ففي معظم الحالات التي نواجه فيها قرارات مهمة بشأن العلاقات المتصلة  بمكان العمل ، نحتاج إلى أن نثق بعقلنا أكثر من حدسنا من أجل اتخاذ أفضل القرارات.


مصادر المقدمة 

١-https://en.oxforddictionaries.com/definition/intuition

٢-http://maher1.ahlamontada.net/t313-topic

٣-.https://24.ae/article/424796/

٤-http://www.philosophyofsci.com/index.php?id=113

٥-http://avb.s-oman.net/showthread.php?t=1495206

٦-https://www.google.com/amp/s/www.eremnews.com/culture/clear-image/487918/amp

٧-http://www.alkhaleej.ae/mob/detailed/8c37a268-3d08-4f8d-9faa-5247089ac47b/2b12c1b7-140f-4a87-95f6-ba4cc818bc51

٨- https://www.google.com/amp/s/www.eremnews.com/culture/clear-image/487918/amp


مصادر من داخل وخارج النص  
١-http://psycnet.apa.org/record/2009-21033-003

٢ -https://www.prnewswire.com/news-releases/companies-not-ready-to-realize-promise-of-big-data-according-to-corporate-executive-board-129366398.html

٣-http://journals.sagepub.com/doi/abs/10.1111/j.1467-9280.2008.02100.x

٤-http://bridgepointeffect.com/wp-content/uploads/2012/12/Deliberate-Intuition-CIM.pdf

٥ -https://search.proquest.com/openview/3b46749157f93df1fef4fc8fdeda654d/1?pq-origsite=gscholar&cbl=40946

٦ -https://www.emeraldinsight.com/doi/abs/10.1108/0025174031050951

٧-
https://journals.aom.org/doi/abs/10.5465/ame.2004.15268692

٨ -https://link.springer.com/article/10.1007/s11606-010-1578-4

٩ -http://glebtsipursky.com/coaching/

١٠- https://eric.ed.gov/?id=ED143053

١١-https://intentionalinsights.org/autopilot-vs-intentional-system-the-rider-and-the-elephant/

١٢-https://link.springer.com/chapter/10.1007/978-94-010-1834-0_8

١٣-http://journals.sagepub.com/doi/abs/10.1177/0959354316642878

١٤-http://psycnet.apa.org/record/1979-23612-001

١٥- https://en.m.wikipedia.org/wiki/Horn_effect

١٦- http://web.princeton.edu/sites/opplab/papers/Opp%20Cross%20Mod%20Anchor%20Mag%20Prime%2008.pdf

١٧-https://ar.m.wikipedia.org/wiki/ارتساء 

١٨-https://ar.m.wikipedia.org/wiki/مهارات_البشر

١٩-https://journals.aom.org/doi/abs/10.5465/ame.2005.15841948

٢٠-https://academic.oup.com/socpro/article-abstract/38/4/433/1611541

٢١-https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4554714/

٢٢-https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0749597899928479

٢٣-https://intentionalinsights.org/protect-your-relationships-by-cutting-off-your-anchors/

٢٤-https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/000579679500032S

المصدر الأساسي 
https://theconversation.com/heres-why-your-gut-instinct-is-wrong-at-work-and-how-to-know-when-it-isnt-72949?utm_medium=email&utm_campaign=Latest%20from%20The%20Conversation%20for%20March%2010%202017%20-%2069485188&utm_content=Latest%20from%20The%20Conversation%20for%20March%2010%202017%20-%2069485188+CID_0581152dc32e74410178b45f7ab8052f&utm_source=campaign_monitor_us&utm_term=Heres%20why%20your%20gut%20instinct%20is%20wrong%20at%20work%20%20and%20how%20to%20know%20when%20it%20isnt

للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على هذا العنوان؛
 https://adnan-alhajji.blogspot.com/?m=1





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق