يعانى معظم الناس من شريك غيور ولو لمرة واحدة على الأقل في حياتهم. كلنا حدث لنا مثل هذا المشكلة في بوم ما، بلا شك، ما إذا كنا نحن ممن يشعر بشيء من الغيرة، لاإراديًا كرد فعل غريزي على أحد السيناريوات في العالم الحقيقي، أو ما إذا أصر شركاء حياتنا على أن نكون ثابتين في الإخلاص لهم، سواء أكان ذلك من الناحية العاطفية أم من الناحية المادية أم من الناحية الحميمية الخاصة أم غير ذلك. بعض شركاء الحياة يطالبون بأن يكون لهم الحق في التطفل على هواتف شركاء حياتهم وتحليل محتوياتها، للإطمئنان على أنهم غير متورطين في ممارسات حميمية مع آخرين. هذه الأنواع من السلوكيات غير صحية تمامًا، وتعزيزها ليست بالفكرة الجيدة.
على الرغم من أن هذا المقال يركز على الغيرة في العلاقة الزوجية، إلّا أن المفاهيم التي نوقشت فيه شاملة تمامًا، ويمكن أن توضح طبيعة الغيرة الأسرية والغيرة في الصداقات والغيرة من زملاء العمل وغير ذلك كثير. يسعى هذا المقال إلى أن يكون متعمقاً وبغطي الأسس المهمة لسايكولوجبا الغيرة لدى البشر.
لو عشنا فترة طويلة وبحثنا عن شريك حياة مناسب، فإن الغيرة لدى البشر سوف تمس حياتنا بطريقة أو بأخرى، مما يدفع الكثيرين إلى التساؤل لماذا الغيرة في العلاقات ظاهرة واسعة الإنتشار. هل الغيرة لدى البشر طبيعية (فطرية)؟
في الجو الثقافي الحالي، الذي يسمح بأنماط مختلفة من العلاقات، بدءًا من الزواج من زوجة واحدة، وهي العلاقة الأكثر صرامة، إلى عالم متساهل من ناحية تعدد الزوجات، احتلت هذه المناقشة مركز الصدارة في قلوب وعقول الكثيرين.
يعتقد متعددوا الزوجات بأن الغيرة ليست طبيعية بل مغروسة فينا ثقافيًا في مرحلة مبكرة جدًا من حياتنا [أي مكتسبة وليست فطرية]، وهناك بعض المبررات لهذا النوع من الثقافة، بينما يعتقد المتزوجون بواحدة بأن انتشار الغيرة يبرز كشاهد على جانبها الفطري في الحالة البشرية(1). هناك أيضا ميزة لهذه الفكرة. فأي وجهة نظر تتبناها، فالغيرة هي دائما ما تعتبر حالة شخصية وتمارس بشكل شخصي.
عندما نُسأل عما إذا كنا نعتقد أن الغيرة لدى البشر هي من طبيعية الانسان نفسه أو أضفي عليها الطابع الشمولي (الكلي)، فإن أفضل رد يمكن أن نقدمه هو "أي نوع من الغيرة تتحدث عنه؟"
الغيرة في العلاقات تتمظهر بعدة طرق مختلفة وليست شعوراً شموليًا ( كليًّا)، ناهيك أن تكون أعراضًا شمولية لعلّة شمولية، وهناك مدارس فكرية مختلفة، ومبررات مختلفة، ومشاعر خوف مختلفة والتي وراء هذه التعبيرات المختلفة. بعض الغيرة طبيعية (فطرية)، وبعضها الأخر مكتسب، لكنها دائمًا مزيج من الفطرة والاكتساب.
أنواع مختلفة من الغيرة
تتمظهر الغيرة بطرق مختلفة، بدءًا من الانزعاج الخفيف البسيط من البعض، إلى برونيا(2) paranoia فطرية أو باثلوجية (مَرضِّية) من البعض الآخر، وتسليط الضوء على هذه الاختلافات يُعد أمرًا حيويًا في محاولتنا لفهم ماهية الغيرة.
الباحث في علم النفس سيث مايرز Seth Meyers قال لنا أن نلاحظ سلوك الغيور عندما نراه ونحاول تمييز أي نوع من السلوك يظهر عليه(3)، هل هي حالة منعزلة أو جزء من نمط باثلوجي / مرضي أكبر من أنماط السلوك؟. أسباب الشعور بالغيرة عادةً ما تتضمن، ولكن لا تقتصر على، ما يلي:
· الشعور بالعجز
· انعدام الأمن / الأمان
· الإستئثار (بالحب)
· الشعور بالاستحقاق، سواء أكان حقيقيًا أم متصورًا
· الهوس، أو أفكار مندفعة أو مبلبلة
· البناروياparanoia (2)
ومما يزيد من تعقيد المشكلة، حقيقة أن الغيرة يمكن أن تكون مبررة أو غير مبررة(3) - لو التزم أحد الأشخاص بعلاقة معنا، فإننا نتوقع منه أن يحافظ على هذا الالتزام، وإذا لم يلتزم، فإن التصورات المستقبلية عن الممارسات البسيطة التي تبعث على الشك في الالتزام بالعلاقة غالبًا ما يكون مقبولًا. أحيانًا يشعر الناس بالغيرة لأن شركاءهم غير صادقين. اليكم قليلًا من المعلومات المتعمقة عن كل نوع من أنواع الغيرة، جذورها والحلول الممكنة لها.
العجز (القصور) Inadequacy
غالبًا ما يكون الشعور بالعجز (بالقصور) نوعًا من الغيرة التي لا تعتمد على العلاقة؛ الذين يشعرون بالقصور لا يبدون إحساسهم بالضعف الجنسي الشخصي في العلاقات الزوجية وحدهم ، مما يشير إلى أن هذا له علاقة كبيرة بانعكاسات الشخص النفسية (التفكر الذاتي (4)) أكثر من مجرد استئثار جنسي. غالبًا ما يلتزم الذين لديهم شعور بالعجز الصمت حيال غيرتهم، ويحتفظون بها لأنفسهم ويستخدمونها بصمت لتأكيد إيمانهم السابق بأنفسهم، ولكن ليس دائمًا. مشاعر العجز يحتفظ بها الشخص لنفسه تقريبًا.
- يمكن التغلب بسهولة على الشعور بالعجز، طالما ان هذا العجز ليس باثلوجياً (مرضيًا)، كما هو الحال في العجز المكتسب(5، 6)، وذلك بتدريب شركاء حياتنا على المشكلات التي قد يواجهونها ومساعدتهم على البدء في العمل على الأهداف البسيطة من أجل بناء ثقة بالنفس والشعور بالتمكُّن. التواصل أساسي. يعدُ التعزيز الإيجابي والدعم في تحقيق الأهداف أمرًا حيويًا(7). لبناء احترام الذات، لكن القبول بحد ذاته لا يكفي وقد تكون له نتائج عكسية عند توظيفه بمفرده، لأن الشخص الذي يشعر بالعجز لا يحتمل أن يرى نفسه أن لديه الكفاءة بمجرد إخبارنا له أنه كذلك، ولقد وجدتُ أن الناس في كثير من الأحيان يستجيبون بشكل أفضل لمقاربة عملية بشكل أكثر لبناء الثقة بالنفس.
وفقًا للمعالِجة النفسية الممارِسة، الدكتورة كريستينا راندال Kristina Randal، يمكن التغلب على الإحساس المتزايد بالعجز والشعور بالكفاءة (بالقدرة) وهي أمور يمكننا تدريب أنفسنا عليها، لا سيما اذا حصلنا على مساعدة الآخرين الداعمين لنا.
والدكتور جيريمي شيرمان Jermy Sherman يبدو أن لديه انطباعًا بأن التأكيد الإيجابي [وهو التعبير بمشاعر ايجلبية عن النفس أو الآخرين] على تقديرنا لذواتنا يمكن أن يقطع شوطًا طويلًا في التعامل مع العجز وهو مُعْدٍ جدًا(8. [العدوى هنا تعني النتشار بين الناس] ، قائلاً: تستحق هذه الحاجة الشاملة اهتمامًا أكثر مما حصلت عليه وذلك لإبقاء العجز بعيدًا عن أن يسبب مشاكل. في الأعمال التجارية يقولون ، اتبع المال أينما كان (فالمال دافع رئيس للحركة). في الحياة الاجتماعية، أقول، اقتفي إثبات الذات(9). إنها عملة الاقتصاد الخفي، [الاقتصاد الخفي يعني السوق السوداء] الباعث على الكثير مما نفعله. أقول، انتبه إلى اقتصاديات اثبات الذات الإيجابية [وهي عبارات إيجابية يكررها المرء لنفسه بهدف التغلب على الأفكار السلبية] (10) affirmations، أي العرض والطلب على اثبات الذات وحتى لا تخاف من التأمل في كيف تكون اقتصاديات اثبات الذات دافعًا لسلوكك.
علينا تعزيز انتصاراتنا وترسيخ أهدافنا وتحقيقها، وإلّا سنصبح فريسة لمشاعرنا، وإثبات أنفسنا في محيطنا وكلها وسائل رائعة للتغلب على العجز الذي وراء الغيرة.
انعدام الأمان / الأمن
على الرغم من أن الإحساس بالعجز يمثل تهديدًا داخليًا حقيقيًا ومتصورًا للعلاقة الزوجية ، إلَّا أن انعدام الأمن، في المقابل، هو تصور لتهديد خارجي قد يكون من خلال علاقة غير سليمة. أنا شخصياً أعتبر ولو بشكل فضفاض أن انعدام الأمان كالعجز ولكن بشكل مقلوب. حينما يعتبر العجز غالبًا تضخيمًا لأوجه القصور، يعدُ انعدام الأمان تضخيمًا لإنجازات الآخرين المتصورة، مما يعطي الشخص شعورًا بعدم القدرة على الإبقاء على تدفق لا نهاية له من شركاء حياة محتملين تهبهم لنا الحياة. غالبًا ما يثير هذا النوع من الغيرة وابلًا شبه مستمر من وسائط التواصل المشحونة بالأشياء الجنسية التي تمر أمام أعيننا وربما تتأثر بها عقولنا.
- نظرًا لأن التهديد الذي يتعرض له الشخص غير الآمن خارجي، فقد يشعر كما لو أنه يحاول بذل قصارى جهده ويعمل بجد، ومع ذلك لا يزال لديه خوف غير مبرر من أن التهديد الخارجي يمكن أن يعرض للخطر العلاقة التي يتمسك بها بقوة. غالبًا ما يشعر الذين يعانون من انعدام الأمن بإحساس عميق بالظلم وغالبًا ما يلقون باللوم على الآخرين أكثر من لومهم أنفسهم، كما هو الحال في حالة العجز. عادةً ما يكون العجز متجذرًا بعمق في للصدمة النفسية التي يتعرض لها في مرحلة الطفولة، كما أن عدم الأمن متجذر بعمق في الأحداث التي تجري في العالم الحقيقي. إن تبنّي التفاؤل هو خطوة هائلة في الاتجاه الصحيح للتغلب على الغيرة التي تنبثق من انعدام الأمن / الأمان، لأن التفاؤل بطبيعته يقلل بشكل مباشر من تصور قوة التهديدات الخارجية(11).
- في كثير من الأحيان، الطمأنينة تلائم بشكل جيد شخصًا يعاني من انعدام الأمن في مواجهة عالم تنافسي للبحث عن شريك حياة، عندما نذكِّرهم بأننا معجبون بهم واخترناهم لسبب ما. في بعض الأحيان، التهديدات الخارجية المتصورة راسخة في ممارستنا الحقيقية عندما نرى شخصًا نعتبره أكثر جاذبية يغازل شركاء حياتنا. التعبير عن منظور واقعي عن السمات المرغوبة والمضخمة في الغالب للآخرين يمكن أن تقطع شوطًا طويلاً في الاحساس بالأمن.
إن انعدام الأمن ليس مطلقًا. كما يقول سيث مايرز، وهذا يعني أن شخصًا ما قد يكون آمنًا تمامًا من الناحية المالية والجنسية والوظيفية وفي صداقاته، ومع ذلك يظهر سلوكيات فيها غيرة مدمرة بشكل بالغ في حياته الزوجية.
الإستئثار (بالحب) والأستحواذ
يمكن أن يكون الإستئثار باثلوجياُ (مرضيًّا) أو ظرفياُ، وعلى الرغم من أنه عادة ما يكون غير محسوس، فمن المؤكد أنه يكون، بوجه عام، الجانب غير المعقول من جوانب الإستحواذ (الإستئثار بحب شريك الحياة) possessiveness [المترجم: في العلاقات الاستحواذ أو الإستئثار بحب شريك الحياة أو الأنانية يتضمن خوف أحد الشريكين من رفض وترك شريك حياته له ولذلك يتعلق به و يخشى من أن يشاركه في حبه اياه أحد، ولذا دائمًا يعاني من مشكلة ثقة في شريك حياته وعدم أمان؛ وهو يعتبر نوعًا من أنواع اضطراب الشخصية الحدي(12)]. لا ينبغي أن يكون سرًا أن الاستحواذ غالبًا ما يكون فطريًا لدى الناس، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالحب والمواعدة ، وتكون الأحقية بالاستحواذ منطقية تمامًا عندما يكون بعنوان "الصديق" أو "الصديقة" أو أي شيء آخر نسميه زوجاً أو زوجةً، وهو العنوان الذي أضفاه علينا هذا الشخص نفسه.
سيخبرك بعض الناس بأن كل شيء رائع تحت الشمس عن حبهم وانجذابهم وتفانيهم من أجلك، ثم يغازلون أي شخص آخر يتعاملون معه - في هذه الحالة، يكون للشخص طرف الضحية كل الحق في أن يشعر بالخيانة، وكذلك ليشعر بأن أحقيته بالاستحواذ قد عُرضت للتهديد، وهو أستحقاق أُضفي عليه في شكل وعد. في بعض الأحيان، بعض الناس يشعرون بالاستحقاق في بداية العلاقة حتى قبل الحصول على اتفاق لفظي، ويجب أن يكون هذا بمثابة خط أحمر لا يجوز انتهاكه. [المترجم: الشعور بالاستحقاق هو الشعور بأن الطرف الآخر مدينًا له بمعروف ويستحق بذلك منه معاملة خاصة قبالة قيامه بفعل اتجاهه حتى لو كان فعلًا بسيطًا لا يذكر(13)].
لا أحد مدين لنا أبدًا بأي شيء ما لم يوافق. ومع ذلك، لا يزال الكثيرون يشعرون بالاستحقاق(12) باثلوجياً (مرضيًا)، لذلك من المهم أن نحلل بصدق دورنا في شعور شريكنا بالغيرة، وكذلك البحث عن نوع من الإستئثار في الغيرة. غالبًا ما تكون أنواع الشخصيات المتعسفة والنرجسية والمعادية للمجتمع هي من الناحية الباثولوجية شخصيات استئثارية، ومن المهم أن نميز مبررات أصحاب هذه السمات من سمة شخص آخر لم يقبلوا منه. الإستئثار بالحب بالنسبة للذين يظهرون سمات استئثارية في العلاقات، يُعتبر استئثارهم دائمًا سببًا في الانفصال وقطع علاقاتهم بشركائهم.
بعض الإستئثار بالحب يدور حول تهديد متصور، في حين يدور إستئثار آخر حول السيطرة والهيمنة الكاملة، وعندما نقع في طرف الضحية لسلوكيات الإستئثار، من المهم أن نحدد السبب الأكثر احتمالًا لهذا الاستئثار. والسؤال الجيد الذي يجب طرحه على أنفسنا هو ما إذا كان الإستئثار يتناسب مع مخطط أكبر لسلوكيات السيطرة(14) أم لا، إذا كان، في الواقع، مطلقاً. فإن الإستئثار الشائع بين الناس هو علامة على وجود مشكلة باثلوجية عميقة وفاعلة، على الرغم من أن الإستئثار في مجال واحد أو مجالين من المجالات قد يوحي بأن شعور الشخص بعدم الأمان الشخصي، إلّا أنه شعور بعدم الأمان الذي يمكن التغلب عليه في كثير من الأحيان.
- الحاشية اللطيفة هنا هي أنه في بعض الأحيان يمكن أن ينتاب شخصاً غيوراً باثلوجياً وشخصاً مستأثراً بحب (آخر) يمكن ان ينتهيا بمواعدة أحد المحرضين الباثلوجيين في عاصفة سامة لمأساة لم يستطع الإغريق القدماء حتى أن يدروكوها. هؤلاء الناس غالبا ما ينتهي بهم الأمر في البرامج الحوارية النهارية. في هذه الحالات، يصطدم نمطان مثيران للقلق بشدة ويثبتان على أنهما مُبرَران.
- حاشية لطيفة أخرى هي أن الذين يميلون إلى الإستئثار بالحب غالباً ما يحرضون على هذا الإستئثار في الآخرين. في كثير من الأحيان، ولكن ليس دائمًا، هؤلاء جميعًا هم نفس الأشخاص الذين يدعمون المعايير المزدوجة، ويتوقعون ولاءً خالصًا بينما يتباهون بأعمالهم الطائشة العلنية، وفي تجربتي، الذين يتقيدون بالإستئثار كخط أحمر هم أقل احتمالًا في أن يكونوا أنفسهم مستأثرين بالحب. في حين أن الذين يبررون الإستئثار بالحب وغيره من أشكال الغيرة على أنه مجرد مسلَّمة من مسلمات الحياة، وأمر فطري في طبيعتنا البشرية، هم أكثر عرضة للوقوع في أنماط الغيرة والتحريض.
كقاعدة عامة: إذا كنا نتصرف دائمًا بإخلاص خالص مع شريكنا الذي على البال ومع ذلك لا يزال يظهر نمطًا من أنماط الغيرة الإستئثارية المتواصلة الطافية على السطح، فلا غضاضة في أن نقول إن المشكلة أعمق بكثير مما يمكن للناس أن يجدوا لها حلًا، وعلينا أن نحلل لماذا نحن راضون عن هذا النمط ونبذل الجهد لنفهمه ونتعامل معه في الأثناء.
من المحتمل أن هؤلاء الناس يحتاجون إلى مساعدة متخصصة، والشيء نفسه ينطبق على المصابين بالبرونيا، على الرغم من وجود مواد على الإنترنت لأولئك الذين يرغبون في مساعدة الذين يعانون من برونيا عميقة على افتراض أننا نريد ذلك(15).
لا ينبغي لنا أبدًا أن نكون حذرين بخصوص اتهامات شخص لنا بعدم الصدق عندما لم نكن إلاّ مجرد صريحين وصادقين قولاً وفعلاً.
الخلاصة
للإجابة على السؤال، "هل الغيرة البشرية طبيعية (فطرية)؟" لا غضاضة في أن نقول نعم ولا. لمجرد أننا مهيأون بشكل طبيعي لأنواع معينة من السلوك لا يعني أننا لا نستطيع أن نتخلص من ميولنا ونفعل خلاف ذلك عن وعي.
في النهاية، كالعنف البشري (16) وغيره من أشكال التعبير عن النشاط الجنسي البشري(17) إلى حد كبير - الغيرة تعبير عن كليهما - بعض جوانب الغيرة وصفات الغيرة فطرية في الحالات البشرية، وإذا كان علم ما فوق الجينات(18) علّمنا أي شيء، فهو أنّ ما كان يُعتبر سابقًا "فطريًا" فقد أصبح الآن مختلطًا ومرناً أكثر بكثير مما افترضناه. [فوق الجينات epigenetics هي دراسة التغيرات التي تؤثر في التعبير الجيني طوال حياة الكائن الحي]، يلعب جين الـ RS3-334 دورًا في الزواج من زوجة واحدة ، كما تروي سرديتي "جين الزواج من زوجة واحدة" The Monogamy Gene (18) لكن هذا الجين لا يتسبب بشكل مباشر في سلوك الزواج من زوجة واحدة أو من لا يلتزم بزوجة واحدة في علاقاته الحميمية (19)، ويتوقف الأمر على البيئة لتنشيطه. لو وضعنا العلم جانباً، ينبغي أن يكون أفضل مقاربة لنا تجاه عالم الغيرة هي المقاربة التي نراقب بها بعناية الخطوط الحمراء، مثل الذين يبررون الخيانة أو ضبط السلوكيات، أو الذين يعتقدون أن الخلاف أمر طبيعي ومقبول تمامًا. بالنسبة لي، هذه خطوط حمراء فضفاضة.
من هنا، يمكننا أن نحاول معرفة أنواع الغيرة التي يظهرها الناس، ومن هناك يمكننا أن نقرر ما إذا كانت تهيئة البيئة لمساعدتهم في التغلب على صراعهم مع الغيرة هي شيء آمن وفي حدود قدراتنا.
بعض الناس لا يمكن مساعدته. وبعضهم يمكن مساعدته. يسعى هذا المقال إلى توضيح هذا الفرق المميز المهم حتى نتمكن من التعامل بوضوح مع الغيرة داخل أنفسنا وفي من من حولنا. مع ذلك، سأختتم بالكلمات المؤثرة لسيث مايرز Seth Meyers، دكتورا في علم النفس:
نشعر بالغيرة في مثل هذه اللحظات بسبب إحساسنا بأن العلاقة الحميمة بيننا وبين شخص آخر مهددة، وخوفنا من أن يجد حبيبنا شخصًا آخر يحل محلنا. على الرغم من أن معظم الناس يمارسون الغيرة على أساس عرضي (أي عابر) ومعتدل للغاية ، إلَّا أن الآخرين يمارسونها بدرجة باثولوجية (مَرَضيَّة). بالنسبة لهؤلاء الغيورين المفرطين في الغيرة، تؤدي الغيرة دائمًا إلى قطع ونهاية العلاقات.
مصادر من خارج النص:
1- عادة بشرية - ويكيبيديا (wikipedia.org)
2-https://ar.m.wikipedia.org/wiki/جنون_ارتياب
3- https://www.psychologytoday.com/us/blog/insight-is-2020/201409/3-prime-reasons-why-people-get-jealous
4-https://ar.m.wikipedia.org/wiki/تفكر_ذاتي_للبشر
5- العجز المكتسب (learned helplessness) هو سلوك نموذجي للكائنات الحية يحدث عندما يواجه الكائن استثارات أو محفزات مؤلمة ومتكررة لا يستطيع تفاديها أو تجنبها. وبحدوث ذلك فإن هذا الكائن غالبا ما يفشل في اكتساب مهارة الفر أو تجنب المواقف الجديدة، التي من المرجح أن يكون فيها إمكانية الفر أو التجنب. بعبارة أخرى، يدرك الكائن أنه لا حول له ولا قوة أثناء المواقف التي تتضمن محفزات ومثيرات مؤلمة ومنفرة، ومن ثم يتقبل الكائن فقدانه السيطرة، وبالتالي التخلي عن المحاولة، وحينها يقال إن هذا الكائن قد اكتسب ما يسمي بالعجر المكتسب." مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
عجز متعلم - ويكيبيديا (wikipedia.org)
6- https://www.verywellmind.com/what-is-learned-helplessness-2795326
7- https://www.goodtherapy.org/learn-about-therapy/issues/inadequacy
8- https://www.psychologytoday.com/us/blog/ambigamy/201607/fear-inadequacy-and-what-do-about-it
9- https://ar.m.wikipedia.org/wiki/نظرية_إثبات_النفس
10-
https://www.psychologytoday.com/us/blog/ambigamy/201001/affirmationomics-following-the-honey-trail-what-reeeaally-drives-us
11- http://blog.iqmatrix.com/overcoming-insecurity
12- https://www.webmd.com/sex-relationships/signs-possessiveness#:~:text=Possessiveness%20is%20fundamentally%20a%20fear,and%20can%20be%20counted%20on.
13- https://ar.m.wikipedia.org/wikiاستحقاق
14- السلطة والتحكم في العلاقات المسيئة أو التعسفية (power and control in abusive relationships)) أو السيطرة القسرية ( coercive control) أو السلوك المسيطر (controlling behaviour) هي طريقة يكتسب من خلالها الشخص المعتدي (المتعسف أو المسيئ) السيطرة على الضحية ويحافظ عليها وذلك لأغراض تعسفية مثل الاعتداء النفسي والجسدي والجنسي. يستخدم الشخص المعتدي تكتيكات متعددة لممارسة السلطة والسيطرة على غيره، وتعتبر هذه التكتيكات في حد ذاتها مسيئة نفسيًا. ويهدف المعتدي إلي السيطرة وتخويف الضحية أو التأثير فيها لتشعر بأنها ليس لديها نفس حقوق أو صلاحيات المعتدي في العلاقة. وبالتالي تصبح أقل منه شأنا." مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
التحكم والقوة في العلاقات التعسفية - ويكيبيديا (wikipedia.org)
15- https://www.wikihow.com/Help-Paranoid-People
16- https://listverse.com/2018/12/12/10-unnerving-facts-about-human-violence-from-modern-science/
17- https://medium.com/moments-of-passion/the-psychology-of-anal-sex-ef3506f52dd1
18- https://en.wikipedia.org/wiki/Epigenetics
19- https://medium.com/moments-of-passion/the-monogamy-gene-71db9ce82aa8
المصدر الرئيس
https://medium.com/moments-of-passion/the-psychology-of-jealousy-bdb2bafe8bf8
للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على صفحتنا على الإنترنت على هذا العنوان؛
https://sites.google.com/view/adnan-alhajji

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق