الجمعة، 13 ديسمبر 2019

كيف تكون عسر القراءة دماغاً مختلفاً، لا مرضاً

بقلم هولي كوربي

٢٧ نوفمبر ٢٠١٩

المترجم : أبو طه/ عدنان أحمد الحاجي

راجعته ودققته الدكتورة أمل حسين العوامي، استشارية طب نمو وسلوك  الأطفال 

المقالة رقم ٣٧٦ لسنة ٢٠١٩

التصنيف : أبحاث عسر القراءة 

    

Holly Korbey

Nov 27، 2019



كإطار مرجعي ، تُعد القراءة ابتكاراً  بشرياً لا يتجاوز عمره بضعة آلاف من السنين.  في أوروبا والولايات المتحدة ،  معدل المعرفة ( الإلمام ) بالقراءة الجمعي  - بمعنى أن أكثر من ٥٠ في المائة من السكان يعرفون القراءة - وّجد  فقط قبل حوالي ١٥٠ عامًا.  وفي مناطق أخرى من العالم ، كمعظم دول آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا ، كان متأخراً  عن ذلك كثيراً .
 الدماغ القاريء

لأن الدماغ البشري لم يأت مسلكاً  بالفعل ليقرأ (لا يولد المرء قارئاً  بالفعل)   ، ليس هناك "مركز  قراءة" في الدماغ وليس هناك "جينات قراءة". كما كتبت مؤلفة كتاب "براوست آند ذا  سكويد Proust and the Squid"  (١)، ماريان وولف ، يجب أن يتعلم كل دماغ شخص كيف يقراء   من تلقاء نفسه.

أثناء تعلم القراءة ، الدماغ يقوم بعمل مدهش: فهو ينشئ دائرة متخصصة للقراءة فقط ، مشكّلاُ دائرة جديدة من خلال جمع أجزاء من الدماغ خُلقت في الأصل لخدمة وظائف أخرى ، كإستذكار الأسماء.   "دائرة القراءة" الجديدة هذه تجمع  عمليات من مناطق مختلفة من الدماغ معاُ  ، ثم تعمل بسرعة كبيرة بشكل يكاد يكون تلقائيًا.

 لكن ليس كل الأدمغة تشكل دائرة قراءة سلسة بسهولة.  هذا هو الحال مع حالة عسر القراءة.  بدلاً من كونها مرضًا أو حالة طبية (وهو مفهوم خاطئ شائع) ، فإن عُسر القراءة هي تنظيم  دماغي مختلف (٢) - الحالة التي فيها  تتعطل/تُربك  دائرة القراءة  في دماغ أو يِعاد  توجيهها بطريقة واحدة على الأقل ، وأحيانًا بطريقتين أو ثلاث طرق.  تؤدي عملية إعادة التوجيه هذه إلى إبطاء الأجزاء الهامة لعملية القراءة:

•. مطابقة  الصوت الصحيح بحرف ما يحدث ببطء أكثر

•.   تكوين الكلمات أو الجمل  يستغرق وقتًا أطول ، وبعد ذلك  معرفة / فهم ما قُرأ للتو  يستغرق وقتًا أطول

إضافة الى ذلك ، عسر القراءة يمكن أن يؤثر على الذاكرة ، وخاصة الذاكرة العاملة (٣) ، مما يجعل تذكر ما قرأه الطلاب للتو  أمراُ صعباً ، أو تسلسلات الإتجاهات والتعلم.  من المهم أن نلاحظ أن عسر القراءة لا ينجم عن مشاكل بصرية ، ولا  قلب الحروف أو قراءة الحروف بشكل معكوس ( كأن يقلب حرب b الى حرف d او يقلب حرف p الى حرف q)  ،     ، أو ينطق الكلمات بشكل خاطيء  - ولا يتعلق بالدوافع أو الذكاء.   فهي مجرد  نتيجة لدماغ بتنظيم مختلف يجعل تعلم  القراءة  والكتابة أكثر صعوبة

مشاكل حلقة القراءة 
 في دماغ عسر القراءة ، قد تتوقف/تتقطع دائرة/حلقة القراءة في عدة أماكن في الدماغ  وتتسبب في حدوث مشكلة تطورية.  نظرًا لأن كل دماغ فريد من نوعه ، لا يوجد شكل فريد  لعسر القراءة ، ولكن هناك مشاكل  شائعة:

 المشكلة رقم ١: الوعي الصوتي (الفنومي phonemes)  - التعرف على  الوحدات الفريدة للصوت (الفينوم phoneme)  يعتبر  تحد كبيراُ في دماغ عسر القراءة.  يوجد ٤٤ صوتًا أو فينوماً  في اللغة الإنجليزية.  المشكلة الرئيسية للأطفال الذين يعانون من عسر القراءة تتمثل في القدرة على ملاحظة جميع الأصوات واستخدامها /التعامل معها، ثم التمكن من مطابقة هذه الأصوات مع الحروف الصحيحة.  في الأطفال الأصغر سناً ، هذا هو السبب في أن عدم القدرة على إيجاد  الكلمات التي لها نفس القافية يعد علامة مبكرة حاسمة على عسر القراءة - وغالبًا ما يتعذر على الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة من التعرف على الطريقة التي تتساجع بهما كلمتان متقافيتان .  اللغة الإنجليزية هي لغة غير منتظمة ، لذا هناك العديد من تركيبات  الحروف المختلفة التي  لها نفس الصوتيات (الفينومات) ، مما يجعل القراءة والتهجئة  أمرًا صعبًا جدًا للأطفال الذين يواجهون تحديات في التعامل مع  أصوات الكلام وتذكِرها .

المشكلة رقم ٢: الطلاقة ، أو جعل دائرة القراءة تعمل معًا بسرعة ، هي ثاني أكبر مشكلة.  حتى عندما يتمكن الأطفال من معالجة جميع الصوتيات ( الفونوميات) ، فإنه لا تزال لديهم مشكلة ربط الأصوات بالحروف المناسبة ، ربما بسبب سيطرة نصف الدماغ الأيمن على معالجة اللغة المتمركزة في نصف الدماغ الأيسر.  هذه السيطرة تجعل قراءة حتى أبسط الكلمات بطيئة جدًا ، ولهذا  لا تتطور التلقائية بشكل صحيح.
 القضية رقم ٣ : الإستيعاب ( القدرة على فهم شيء ما) هو المشكلة  الثالثة (ولكن ليست بأقل أهمية) في القراءة.  بمجرد مطابقة الحروف مع الأصوات ، سيواجه بعض الأطفال مشكلة في تجميع الكلمات معًا لتكوين جمل ومعنى.  في كثير من الأحيان ، لا يظهر هذا النوع من عسر القراءة إلاّ عندما يكبر  الأطفال ، في حوالي الصف الثالث الإبتدائي وما بعده ، عندما يكون هناك تحول من تعلم كيف  يقرأون  إلى كيف يقرأون ليتعلموا.
بالنسبة إلى عُسر القراءة ، القراءة تكون  بطيئًة وشاقًة ، وغالبًا ما يكون الطلاب    النبيهين bright والأذكياء الذين لم يتلقوا تدخلاً ملائماً ينتهي بهم المطاف ان لا يكونون قراءًا فصيحين /طليقي اللسان.  العديد من الطلاب الذين يعانون من عسر القراءة يتمكنون من  الإكتفاء لسنوات بحفظ الكلمات دون قراءتها فعليًا ، ولكن بحلول الصف الثالث أو الرابع ، عندما ينتقلون  من مرحلة يتعلمون  ليقرأوا  إلى  مرحلة يقرأون  ليتعلموا ، لا يمكن للطلاب الذين يجدون صعوبات في القراءة القراءة بسرعة كافية للإستمرار .  غالبا ما يتعرضون للفشل المتكرر.

 ومع ذلك ، بالتوجيهات  المتخصصة الصريحة والمنهجية  وبشكل محدد لبنيويات  أدمغة مختلفة ، يمكن إعادة تدريب دائرة القراءة للعمل نحو  السلاسة في القراءة.  لكن أولاً ، يجب على الطلاب وأولياء أمورهم  ومعلميهم أن يفهموا أن دماغ عسر القراءة ليس  "معطوباً " أو ضعيفاً  ، ولكنه منظم بطريقة مختلفة.

هل لدى الذين يعانون من عسر  القراءة  مواهب خاصة؟
 يمكن أن تبرز المواهب والملكات  gifts and talents (٤، ٧) من أدمغة عسرة القراءة ، وما إذا كان هذا يحدث بسبب التنظيم  الفريد لدماغ  عسر القراءة أو بصرف النظر عن ذلك، لا يزال موضوعًا للبحث والمناقشة المستمرة.
 سرعان ما يعرف  من  يعانون من عسر القراءة أن الأشخاص الناجحين جدًا ، بعضهم يعتبرون عبقريين في مجالهم ، مثل بابلو بيكاسو وتوماس إديسون وستيفن سبيلبرج وأوكتافيا سبنسر وإرين بروكوفيتش وإليزابيث بلاكبيرن الحائزة على جائزة نوبل ، قد لاقوا أيضًا صعوبات في القراءة والكتابة  ولكنها لم تؤثر على قدرتهم على الإنجاز.

 هل يشتمل الدماغ العسر القراءة على بعض الملكات أو حتى على ميزة على دماغ القراءة الطبيعي (الدماغ الذي لا يعاني من عسر القراءة) ؟  حتى أن بعض الخبراء والكتاب ، مثل مالكولم غلادويلGladwell، يصفون عسر القراءة بأنه ميزة (٥) أو عيب/نقطة ضعف  (٦) مرغوب فيه/ها ، وهو عيب/نقطة ضعف  ينتهي في النهاية إلى أن يكون مسؤولًا جزئيًا على الأقل عن نجاح الشخص.
لكن البحث الذي وراء  ما إذا كان عُسر القراءة ميزة حقيقية ، أو ما إذا كانت هناك ملكات  talents خاصة تنبثق من أدمغة عسر القراءة ، هو بحث معقد - من الصعب التخلص من الأسباب والتساوقات/ التلازمات correlations.
 "من المحتمل بالتأكيد أن بعض المصابين بعسر القراءة لديهم قدرات خاصة في مجالات لا تتعلق بالقراءة ، تمامًا كما يمكن أن يتمتع الأطفال الآخرون بقدرات خاصة في مجال أو مجالين ولكنهم يجدون صعوبات  في مجالات أخرى".  كما تقول الباحثة  وأخصائية علم أمراض (باثلوجي)  النطق واللغة بيغي ماكاردال Peggy McCardle والرئيسة السابقة لمعهد يونيس كينيدي شرايفر الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية (NICHD) ، التابع للمعاهد الوطنية الأمريكية للصحة.

"نحن نعلم أن هناك أطفالاً موهوبين في العالم ، وبعضهم يعانون من عسر القراءة.  ما لا نعرفه - وحتى الآن لا يوجد دليل حقيقي على ذلك - هو ما إذا كان عُسر القراءة أو الموهبة giftedness أو الملكة talent (لتعريف المصطلحين، راجع ٧) مرتبطة معاً ، أو حدث أنها وُجدت  معاً  فحسب في هذا الشخص.  الناس يبحثون عن طرق لدراسة ذلك ، من خلال تصميمات بحثية جيدة وأساليب رصينة ، لكن لم يتم ذلك حتى الآن. "

 خط رفيع
 بالنسبة للممارسين الذين يعملون مع الطلاب الذين يعانون من عسر القراءة ، غالبًا ما يكون ذلك بمثابة خط رفيع بين تشجيع الطلاب على استخدام ملكاتهم غير القراءتية لتحقيق النجاح ، وعدم بخس أنفسهم فيما  يمكنهم عمله.
تقول الدكتورة شيريل ريمرود-فرايرسون Sheryl Rimrodt-Frierson، التي تدير عيادة طب أطفال في عيادة ڤاندربيلت كينيدي كلينيك للقراءة ، لا تزال  القراءة والكتابة مهارتين حيويتين تحتاجان  للعلاج، والدكتورة  حذرت  بشأن أطفال عُسر القراءة الذين يقللون من قدر أنفسهم (يبخسون أنفسهم) عندما يتعلق الأمر بالعمل الأكاديمي  .  "سأتكد من أنهم يعرفون أن هناك الكثير من الأشخاص الجيدين الذين قاموا بالكثير - من العمل الأكاديمي  وكلية الطب  وكلية الحقوق." كما يقول ريمودت فرايرسون Rimrodt-Frierson أن الأطفال بحاجة إلى معرفة  أن هناك عالمًا من الإمكانيات.

 كما كتبت باحثة  علم الأعصاب الإدراكي ماريان وولف في كتابها براوست آند سكويد  Proust and Squid ، "إن الأثر الوحيد الأكثر أهمية  للبحث في عسر القراءة لا يضمن عدم حرف تطوير ليوناردو أو إديسون مستقبليين عن مساره ؛   بل أن  نتأكد من أننا لا نفوت  إمكانات أي طفل.  ليس كل الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة لديهم مواهب استثنائية ، ولكن كل واحد منهم لديه إمكانات فريدة لا تُدرك  في كثير من الأحيان لأننا لا نعرف كيف نستفيد منها. "

مصادر من داخل وخارج النص 






٧- الموهبة Giftedness تعني قدرات  الطالب الطبيعية ومؤهلاته المتميزة في مجال أو أكثر: فكري أو إبداعي أو اجتماعي أو إدراكي أو مادي ، مما يضع هذا الطالب في أعلى ١٠٪ بين أقرانه في العمر.
الملكة  talent  هي الأداء أو الجدارة المتميز في مجال واحد أو أكثر من مجالات النشاط البشري الذي يضع الطالب في أعلى ١٠ ٪ بين أقرانه في العمر  في ذلك المجال. ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان :https://www.education.act.gov.au/__data/assets/pdf_file/0011/587306/Giftedness-and-Talent.pdf

المصدر الرئيس

للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على هذا العنوان؛


هناك تعليق واحد:

  1. مقال جميل
    اعتقد النظر لكل ماهو غيرمتداول او غير متعارف عليه
    نوع من قصر النظر في الثقافه الاجتماعية
    لذلك The guide offers specific proposals for planning reading education teaching and for achieving expedient coordination with other educational offers or the dyslexia education given.
    وهناك
    من اعتمد حديثا
    at companies.

    ردحذف