الجمعة، 6 ديسمبر 2019

الطبيعة مقابل التنشئة: كيف يعيد العلم الحديث كتابتها


 ٢٢ نوفمبر ٢٠١٩ 

بقلم كيفن ميتشل،  أستاذ مشارك في علم الوراثة وعلم الأعصاب ، كلية ترينيتي في دبلن
 و أوتا فريث، برفسورة  فخرية للتطوير الإدراكي  ، جامعة كوليدج لندن  UCL
المترجم : أبو طه/ عدنان أحمد الحاجي
رقم المقالة ٣٦٧ لسنة ٢٠١٩
التصنيف : ابحاث عسر القراءة  
November 22, 2019 
Kevin Mitchell, Associate Professor of Genetics and Neuroscience, Trinity College Dublin
Uta Frith, Professor Emeritus of Cognitive Development, UC


 مسألة ما إذا كانت الجينات أو البيئة هي التي تشكل  السلوك البشري إلى حد كبير قد نوقشت منذ قرون.  خلال النصف الثاني من القرن العشرين ، كان هناك معسكران من الباحثين العلميين  - يعتقد كل من المعسكرين  إما الطبيعة أو التنشئة هي حصرياً  على المحك (للتعريف ، راجع ١)  
 أصبحت هذه النظرة نادرة بشكل متنامي ، حيث أثبت البحث أن الجينات والبيئة متشابكان بالفعل ويمكنهما تضخيم بعضهما البعض.  وخلال فعاليّة في  أسبوع برلين للعلوم  في ٧ نوفمبر ٢٠١٩ ، الذي نظمته الجمعية الملكية (٢) ، تداولنا  كيف يتغير النقاش نتيجة لما وجدته الدراسات الأخيرة (٣).
خذ القدرة على القراءة والكتابة literacy .  جعل اللغة مرئية هو واحد من أكثر الإنجازات غير العادية للإنسان.  القراءة والكتابة شيءخ أساسي لقدرتنا على الازدهار في العالم الحديث ، لكن بعض الأشخاص يجدون صعوبة في التعلم.  يمكن أن تنشأ هذه الصعوبة لأسباب عديدة ، بما فيها  عسر القراءة ، كاضطراب النمو العصبي (٤).  ولكن اتضح أن لا الجينات ولا البيئة مسؤولة بالكامل عن الاختلافات في القدرة على القراءة

علم وراثيات (الجينتكس)  وعلم أعصاب القراءة
 القراءة ابتكار  حضاري وليست مهارة أو وظيفة خاضعة للانتقاء الطبيعي.  انبثقت الحروف الهجائية المكتوبة حول منطقة البحر الأبيض المتوسط منذ حوالي ثلاثة آلاف عام ، لكن القدرة على القراءة والكتابة أصبحت واسعة الانتشار فقط منذ القرن العشرين.  استخدامنا للأبجدية ، مع ذلك ، قائمة  على الطبيعة.  القدرة على القراءة والكتابة اختطفت دوائر circuitry الدماغ (٥) المتطورة لتربط  اللغة المرئية باللغة المسموعة (٦) - عن طريق موضعة  الحرف بالصوت letter-sound mapping
تظهر عمليات مسح الدماغ أن "شبكة القراءة" هذه جلية (واضحة)  في نفس المكان في الدماغ في كل شخص.  تتشكل شبكة القراءة هذه عندما نتعلم القراءة وتقوي  الروابط بين مناطق اللغة والكلام في الدماغ (٧) ، وكذلك المنطقة التي أصبحت تُعرف باسم "منطقة شكل الكلمة المرئية"“visual word form area” وتختصر ب VWFA (٨).
 التصميم لبناء  الدوائر circuitry الأساسية مرمز / مشفر بشكل ما في جينوماتنا.  أي ان الجينوم البشري يشفر مجموعة من القواعد النمائية التي ، عندما تتطور، ستفضي الى  الشبكة.

ومع ذلك ، هناك دائمًا تباين في الجينوم وهذا يؤدي إلى اختلاف في طريقة تطور هذه الدوائر وعملها.  هذا يعني أن هناك اختلافات فردية في القدرة.  في الواقع ، فإن التباين في القدرة على القراءة أمر وراثي بشكل كبير في عامة المجموعات السكانية (٩) ، وعسر القراءة النمائي هو أيضًا وراثي في الأصل (١٠)  (راجع ١١ للمزيد من المعلومات).
هذا لا يعني أن هناك "جينات للقراءة".  ولكن، هناك تباينات جينية تؤثر على كيف يتطور الدماغ بطرق تؤثر على كيف يقوم  بوظائفه (١٢).  لأسباب غير معروفة ، تؤثر بعض هذه المتغيرات بشكل سلبي على الدوائر المطلوبة للكلام والقراءة.

القراءة تغير الدماغ حرفياً
" البيئة أيضاً مهمة جدا"
لكن الجينات ليست هي القصة كلها.  دعونا لا ننسى أن الممارسة experience  والتوجيهات الفعالة ضروريان للتغيرات في اتصالية  connectivity الدماغ التي تمكّن من  القراءة في المقام الأول - على الرغم من أننا لا نعرف بعد إلى أي مدى.
أظهرت الأبحاث أن  مشاكل القدرة على  القراءة والكتابة عادة  ما تكون على الأرجح مدعومة بصعوبة في الفنولوحيا phonology (النطقيات، ١٣) - وهي القدرة على تجزئة/تهجئة  صوتيات (الفونيم) وتغيير وتبديل حروف الكلمة ( كتهجئة كلمة r u n وتغيير حرف r  بحرف s لتصبح الكلمة s u n , للمزيد من التوضيح ، راجع ١٤ ).  اتضح أن الأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة  قد عانوا أيضًا  في تعلم كيف تكلموا  عندما كانوا رضعاً (اطفال في عمر الرضاعة).  لقد أظهرت التجارب أنهم كانوا أبطأ من الآخرين في تسمية الأشياء.  وهذا ينطبق أيضًا على الرموز المكتوبة  (مثل الحروف المكتوبة) وربطها بأصوات الكلام.
 وهنا تأتي التنشئة مرة أخرى.  الصعوبات في تعلم القراءة والكتابة تظهر بشكل خاص في اللغات ذات القواعد النحوية والإملائية المعقدة ، مثل اللغة الإنجليزية.  لكنها أقل وضوحاُ /ظهوراً  بكثير في اللغات ذات الأنظمة الإملائية البسيطة ،  كالإيطالية (١٥).  اختبارات النطقيات (الفونولوجيا)  وتسمية الأشياء ، على أي حال، يمكنها  الكشف عن عسر القراءة في الناطقين باللغة الإيطالية أيضا (١٦).
لذا فإن الاختلاف الموجود في الأدمغة التي لديها عسر القراءة من المرجح أن يكون هو نفسه في كل مكان ، ولكن مع ذلك سوف يتطور  بشكل مختلف للغاية (١٧) في أنظمة الكتابة المختلفة (للإطلاع على قائمة بأنظمة  الكتابة، راجع ١٨ 
حلقات التغذية الإرتجاعية الإيجابية
  الطبيعة والتنشئة (١) تقليديا هما في وضعبة  تقابُل (عكس) لبعضهما البعض.  لكن في الحقيقة ، غالبًا ما تميل تأثيرات البيئة والممارسة  إلى تضخيم استعدادتنا الفطرية.  والسبب هو أن استعداداتنا الفطرية (١٩) تلك تؤثر على الطريقة التي نواجه بها الأحداث المختلفة ونستجيب لها بشكل غير موضوعي (شخصي/ذاتي) ، وكذلك كيف نختار ممارساتنا experiences وبيئاتنا.  على سبيل المثال ، لو  كنت جيدًا بشكل طبيعي في شيء ما ، فمن المرجح أنك تريد أن تمارسه.


هذه الديناميكية جلية بشكل خاص للقراءة.   الأطفال الذين لديهم قدرة  كبيرة على  القراءة فمن المرجح أنهم يرغبون في القراءة (٢٠).  هذا بالطبع سيزيد من مهارات القراءة لديهم ، مما يجعل الممارسة  أكثر جدوى.  بالنسبة للأطفال الذين لديهم قدرة  أقل على القراءة الطبيعية ، فإن العكس قد يحدث - سيختارون القراءة بشكل أقل ، وسوف يتخلفون عن أقرانهم بشكل أكثر  بمرور الوقت.

 اضافة حوافز خارجية (كالتعليم )  تفتح نافذة للتدخل لتعزيز التقدم في الإتجاه الإيجابي  او لتجنب  العوامل السلبية (بحسب رسالة الكترونية  تلقيناها من البرفسورة يوتا فريث من جامعة كوليدج لندن).  كما رأينا في حالة القرّاء الإيطاليين ، فإن التنشئة يمكن أن تخفف من آثار استعداد وراثي ضار.  وبالمثل ، يمكن للمدرس الجيد الذي يعرف كيف يقوم  بتدريب مثمر  أن يساعد ضعيفي القراءة من خلال السماح لهم بنطق كلمة عن عمد لمحاكات طريقة تهجئتها: Lei-ces-ter بدلاً من Lester، والإتيان بنمط او علاقة ربط لتهجئة الكلمة تساعد على  تقوية ذاكرة التهجئة، مثل حرف (i) قبل حرف  (e)  ما عدا بعد حرف  (c)  كما في كلمة brief أو chief ولكن ليس كما في كلمة ceiling ( أرسلت لنا هذا التوضيح البرفسورة يوتا فريث عبر الإيميل) .  بهذه الطريقة ، يمكن للقراء الذين يعانون من عسر القراءة أن يصبحوا قراءًا جيدين - وأن يستمتعوا بها.  المكافآت والممارسات تعزز بعضها البعض ، مما يؤدي إلى مزيد من التحفيز والمزيد من التدريب في حلقة تغذية ارتجاعية  إيجابية (للتعريف، راجع ٢١).

لذا ، بدلاً من اعتبار الطبيعة والتنشئة عدوين  متقابلين/متساويين، يجب أن نفكر فيها كحلقات تغذية إرتجاعية (٢١)  حيث التأثير الإيجابي لأحدهما يزيد من التأثير الإيجابي للآخر - أي لا يؤدي الى جمع التأثيرين بل الى تعزيز التأثير .  بالطبع ، ينطبق الشيء نفسه على التغذية الإرتجاعية  السلبية (٢١) ، وبالتالي لدينا كل الدوائر الفاضلة والشريرة.

 لأن الميراث (الجيني وكذلك الحضاري/الثقافي) مهم ، وهذا التأثير ملاحظ أيضًا على نطاق أوسع ممتداً على عدة أجيال.  في الماضي ، الآباء (الأبوين أو أحدهما)  الذين أرسلوا أطفالهم إلى المدرسة خلقوا بيئة مواتية لهم ولأحفادهم.  لكن في المقابل ، استفاد الآباء من وجود ثقافة استثمرت في المدارس.  بطبيعة الحال ، فإن هذه الاستثمارات لا تنتشر دائمًا بالتساوي وقد تتدفق أكثر نحو تلك الموجودة بالفعل في وضع مواتٍ.  يشار إلى هذا  التغذية الإرتجاعية الإيجابية في بعض الأحيان باسم "تأثير ماثيو/متّى (٢٢) " - الغني يزداد غنى والفقير يزداد فقراً   (للمزيد من التعريف والتطبيق لخصوص اكتساب مهارة القراءة ، راجع ٢٣) .
تمتد الحلقات loops التفاعلية بين الطبيعة والتنشئة إلى ما بعد حياة الأشخاص ، حيث تتطور عبر المجتمعات وعلى مر الأجيال.  التعرف  على هذه الديناميكيات يمنحنا بعض القوة لكسر حلقات loops  التغذية الإرتجاعية (٢١)  هذه ، سواء في حياتنا الخاصة أو على نطاق أوسع في المجتمع والثقافة.


تعريفات ومصادر من داخل وخارج النص 
١-الطبيعة والتنشئة nature and nurture وتعرف أيضاً ب الطبع والإكتساب او الخلقي والمكتسب أو الوراثة والتنشئة، وللمزيد من الإيضاح يرجى مراجعة النص على العنوان التالي   https://ar.m.wikipedia.org/wiki/الطبيعة_ضد_التنشئة
٨-منطقة شكل الكلمة المرئية (VWFA) هي منطقة وظيفية من التلفيف المغزلي fusiform gyrus الأيسر والقشرة المحيطة بها (الجانب الأيمن هو جزء من منطقة الوجه المغزلي) التي يُفترض أن تشارك في تحديد الكلمات والحروف من صور الحروف الصغيرة   ، قبل الارتباط  بالنطقيات (الفنولوحيا )    أو المعاني/الدلالات (semantics) . ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان : 
١١-
٢١-ارتجاع إيجابي /التغذية الإرتجاعية الإيجابية feedback loops
٢٣ - تأثير ماثيو / تأثير متّى: استخدم ستانوفيتش هذا المصطلح ليصف إحدى الظواهر التي لاحظها عندما أجرى بحثًا حول كيفية اكتساب القراء الجدد لمهارات القراءة: ويؤدي النجاح المبكر في اكتساب مهارات القراءة إلى المزيد من النجاحات في القراءة فيما بعد كلما تقدم المتعلم في العمر، بينما قد يكون الفشل في تعلم القراءة قبل السنة الدراسية الثالثة أو الرابعة مؤشرًا يدل على وجود مشاكل دائمة في تعلم مهاراتٍ جديدة. ويرجع ذلك إلى أن الأطفال الذين يتخلفون عن أقرانهم في تعلم القراءة سيقرءون بمعدل أقل، وبالتالي تزداد الفجوة بينهم وبين أقرانهم. وفيما بعد، عندما يحتاج الطلاب إلى "القراءة للتعلم" (حيث كانوا من قبل يتعلمون القراءة نفسها)، تشكل مشكلة صعوبة القراءة عندهم عائقًا كبيرًا في تعلم معظم المواد. وهكذا، يزداد معدل تأخر مستوى الطلاب عن أقرانهم في المدرسة بشكلٍ كبير.، اقتبسناه من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.m.wikipedia.org/wiki/تأثير_متى
المصدر الرئيس
للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على هذا العنوان؛

هناك تعليق واحد:

  1. مقال جميل
    وملفت فعلا
    العبارة
    So instead of thinking of nature and nurture as adversaries in a zero sum game, we should think of them as feedback loops 
    اعتقد من مشاكل الانسان

    Developing common understandings of evolving concepts such as human security
    والتساؤل
    But there's no need for such animosity.

    ردحذف