كتبه ستيفن نوفيلا
المترجم: ابو طه/ عدنان احمد الحاجي
١١ /١١ /٢٠١٤
المقالة رقم ٣٩٠ لسنة ٢٠١٩
التصنيف: أبحاث سلوك
Published by Steven Novella
في عام ١٩٩٩ نشر عالم النفس ديفيد دانينغ وتلميذه في الدراسات العليا جوستين كروغر ورقة بينا فيها ما بات يعرف ب"تأثير دانينغ-كروغر". وفي ورقة نشرت مؤخرا يناقش فيها ورقته المشهورة تلك حيث ،يلخص دانينغ التأثير على النحو التالي: غير الجديرين غالبا ما يتمتعون بالثقة غير الملائمة مدعومين بشيء يبدو لهم انه شكلاً من المعرفة (العلم) ".
الناس غير الجديرين لا يعرفون مدى عدم جدارتهم،"
ويوضح اكثر قائلا: " الغريب في المسألة هو أنه، عدم الجدارة لا يترك في كثير من الحالات الناس مشوشين محتارين، أو حذرين فحسب ولكن، غالبًا ما يتمتعون بثقة غير ملائمة مدعومة بشيء يشعرهم انهم يمتلكون شكلاً من المعرفة".
كما ترون في الرسم البياني أدناه ، فإن معظم الأشخاص الأكفاء يميلون إلى التقليل من قدراتهم النسبية قليلاً، ولكن بالنسبة لمعظم الناس ( ٧٥٪ من الحظيظ ) يبالغون بشكل متزايد في قدراتهم وكل فرد منهم يعتقد انه أعلى من المتوسط. وقد أسمعُ أحيانا ان التأثير يوصف بشكل غير صحيح حيث يقال "كلما كنت غير جدير، كلما ظننت انك أكثر علماً ." كما ترون القدرة على التقديرات الذاتية تقل مع تناقص المعرفة، ولكن الفجوة بين الأداء والتقييم الذاتي تزداد مع الانخفاض في الأداء.
وقد تم الآن توثيق تأثير دانينغ-كروغر في العديد من الدراسات في العديد من المجالات. هناك العديد من الأسباب المحتملة للتأثير. واحد منها هو الغرور البسيط - لا أحد يرغب في الاعتقاد في نفسه أنه أقل من المتوسط، ولذلك يبالغ حينما يقيم نفسه. ويسهل على الناس ملاحظة عدم المعرفة في الآخرين منه في أنفسهم، وهذا من شأنه ان يوهمهم بإنهم فوق المتوسط، حتى عندما يكونون في خانة الآحاد المئوية ( ٠ الى ٩ من المائة ) على مستوى التمكن.
جوهر هذا التأثير، مع ذلك، يبدو على ما يصفه دانينغ - الجهل يحمل في طياته عدم قدرة الجاهل على تقييم دقيق لجهله. دانينغ يشير أيضا إلى شيء ينسجم مع المشككين المخضرمين:
عقل الجاهل هو بالضبط ليس وعاءً ناصعاً وفارغاً، ولكنه مملؤ بفوضى من تجارب الحياة والنظريات والحقائق والبديهيات والاستراتيجيات والخوارزميات، والاستدلالات والاستعارات، والندوبات غير المترابطة أو المضللة و التي للأسف لها شكل ومظهر من المعرفة المفيدة والدقيقة .
هذا وصف دقيق للناس اللذين أواجههم يوميا بمعتقدات غير علمية أو غير معتمدة.
ما أعتقده هو ان ما يصفه دانينغ أعلاه هي نتيجة أنا أتفق معه تماماً فيها وهي مكونات مختلفة من التحيز التأكيدي. ونحن حين نحاول أن نفهم العالم الذي نعمل معه بمعرفتنا ونماذجنا، فإننا نقوم بصياغة الأفكار ثم نسعى بشكل منهجي للبحث عن المعلومات التي تؤكد تلك الأفكار. ونلغي المعلومات المخالفة حيث نجعلها كاستثناءات ونفسر التجارب الغامضة بحسب ما تقتضيه نظرياتنا. نتذكر ومن ثم تقوم ذاكرتنا بتغيير التجربة التي تبدو انها تؤكد ما نؤمن به.
في النهاية بقينا باحساس قوي من المعرفة - لكنها المعرفة الكاذبة. التحيز التأكيدي يؤدي إلى مستوى عال من الثقة، ونحن نشعر بأننا على حق من داخلنا. ولكن عندما نواجه شخصاً يقول اننا مخطئون أو يبدي وجهة نظر مختلفة، بعض الناس يتحولون إلى عدائين.
تأثير دانينغ-كروغر ليس مجرد فضول علم النفس، إنه يمس جانباً مهماً من الوضع الافتراضي للفكر البشري، ويشكل خللاً رئيسيا في تفكيرنا. وكما ينطبق أيضا على الجميع - نحن جميعاً في أماكن مختلفة من ذلك المنحنى على الرسم البياني فيما يتعلق بمجالات مختلفة من المعرفة. قد تكون خبيراً في بعض الأمور، ومتخصصاً في اخرى، ولكن قد تكون أيضا في أسفل المنحنى في بعض مجالات المعرفة.
اعترف بذلك - ربما إلى هذه النقطة في هذه المقالة قد تتخيل نفسك في النصف العلوي من هذا المنحنى، وقد تتكلف الابتسامة في داخلك على الفقراء السذج في النصف السفلي من المنحنى . ولكن نحن جميعاً في النصف السفلي من المنحنى في بعض الأحيان. لا ينطبق تأثير دانينغ-كروغر فقط على أشخاص آخرين - ولكنه ينطبق على الجميع.
ومع ذلك هذا النمط هو مجرد وضع افتراضي، وانه ليس المصير. جزء من فلسفة الشك، ما وراء المعرفة، والتفكير النقدي فان الاعتراف بأننا جميعا نعاني من التحيزات المعرفية القوية والخفية. علينا أن نعترف بهم على حد سواء، ونبذل جهداً واعياً للعمل بخلافها مدركين أن هذه هي عملية مستمرة لانهاية لها.
كجزء من الطريقة للقيام بذلك هو الشك المنهجي في أنفسنا. نحن بحاجة إلى استبدال العملية المنطقية والعلمية بالتي وصفها دانينغ أعلاه. نحن بحاجة إلى زرع ما أسميه "التواضع العصبسيكلوجي."
الاستنتاج
تأثير دانينغ-كروغر ليس فقط للناس الاغبياء الذين لا يدركون كم هم اغبياء . بل هو عن السيكلوجية البشرية الأساسية والتحيزات المعرفية. وينطبق دانينغ-كروغر على الجميع.
الحل هو التفكير النقدي، وتطبيق عملية المنطق التجريبي والتواضع - وبعبارة أخرى، الشك العلمي.
بالإضافة إلى جوانب مختلفة من التفكير النقدي، التقييم الذاتي هو مهارة يمكننا أن نسعى جاهدين لتطويرها تحديدا. لكن كقاعدة جيدة هو أن تخطئ من باب التواضع. إذا كنت تفترض أنك تعرف أقل نسبيا مما كنت تعتقد، وأن هناك المزيد من المعرفة مما لا تدرك انك على علم بها، فإنك في العادة على صواب.
المصدر :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق