الجمعة، 28 فبراير 2020

مضادات حيوية قوية اكتشفت باستخدام الذكاء الإصطناعي

التعلم الآلي يستكشف جزيئات مضادة للجراثيم حتى لسلالات البكتيريا غير القابلة للعلاج

20 فبراير 2020

 بقلم جو مارشانت

المترجم : أبو طه / عدنان أحمد الحاجي 

راجعه وقدم له الدكتور غسان  علي بوخمسين، صيدلاني أول، مستشفى جونز هوبكنز أرامكو السعودية

المقالة رقم 62 لسنة 2020 

التصنيف : المضادات الحيوية
 

‏Machine learning spots molecules that work even against ‘untreatable’ strains of bacteria.
 
‏20 February 2020

‏Jo Marchant
 
مقدمة الدكتور غسان علي بوخمسين 
‏مقاومة الجراثيم للأدوية تهدد وجود البشر ....معضلة خطيرة بحاجة إلى حل سريع مبتكر

‏اضحت مقاومة الجراثيم للأدوية من الأزمات الصحية العالمية الحرجة.  أشارت منظمة الصحة العالمية إلى خطورة الوضع،  بحيث تنبأت بموت حوالي ١٠ مليون شخص سنويا بحلول عام 2050 ما لم تُتخذ إجراءات سريعة وفعالة لمكافحة هذه المعضلة .
أصبح عنوان مقاومة الميكروبات للأدوية عنواناً شبه ثابت في الاجتماعات الأممية التي تناقش المسائل الملحّة والخطيرة التي تهدد البشرية.

 مشكلة مقاومه الميكروبات للمضادات ليست مقتصرة على البكتيريا،  بل تشمل كل الأحياء الدقيقة تقريباً، من فطريات وفيروسات وديدان وطفيليات وغيرها،  ولكن الأبرز والأخطر من بينها هي مقاومة البكتيريا للمضادات .
 أسباب هذه المقاومة المكروبية للمضادات عديدة ومنها: الاستخدام المفرط وغير المقنن للمضادات في المجالات الزراعية والطبية،  وكذلك سوء استخدام المرضى  لها بالرغم من  النصائح  الطبية.

لا يمكن إغفال حقيقة أن عملية المقاومة للمضادات هي أمر طبيعي تطوري لابد منه،  لأن البكتيريا وسائر المخلوقات تقاوم أسباب فنائها بابتكار طرق للبقاء، فمن الطبيعي أن تطور آليات جديدة تقاوم بها المضادات القاتلة لها ، لذلك أعتبر شخصياً أن مقاومة المضادات أمراً حتمياً وسيحصل عاجلاً أم آجلا، لكن بالإمكان تأجيلها وتقليل حصولها بالاستخدام المرشد  للمضادات حسب التوصيات الإرشادية في المجالات الطبية، و تقنين ‏استخدامها إلى أقل حد ممكن  في مجالي الزراعة والثروة الحيوانية.
من الأمثلة الواضحة على الإفراط في الاستهلاك المفرط للمضادات الحيوية في بلادنا، أشارت الإحصاءات إلى أن مبيعات المضادات الحيوية لأحد شركات الأدوية الكبرى هبطت إلى النصف في العام الماضي، بعد تفعيل قرار وزارة الصحة بمنع صرف المضادات الحيوية إلا بموجب وصفة طبية،  وهذا مثال كاف يوضح لنا مدى الإفراط غير المعقول الذي كنا نمارسه في استهلاك المضادات الحيوية.
 ‏
الوضع الحالي خطر جداً بحيث اصبح ليس من النادر أن نجد المرضى في المستشفيات مصابين ببكتيريا مقاومة لكل المضادات الحيوية المتوفرة لدينا، وليس عند الأطباء أي شيء يمكن أن يقدموه للمريض المصاب بهذه البكتيريا سوى الأمل بالنجاة.

هذا الوضع الكارثي أصبح يتطلب منا سباقاً مع الزمن لاكتشاف مضادات حيوية جديدة،  وذلك بسبب نفاد ترسانتنا من المضادات القوية والفعالة ضد البكتيريا المقاومة، بل تكاد البكتيريا أن تتغلب علينا في السباق!، بسبب سرعة تطوير البكتيريا لمقاومتها للمضادات الجديدة، حيث تستغرق  وقتاً  أقصر بكثير من تطوير الدواء المضاد نفسه من قبل شركات الأدوية، بحيث أصبحت البكتيريا قادرة على تطوير مقاومة ‏للمضاد قبل وصول الدواء لإجراء الدراسات الإكلينيكية عليه،  مما يؤدي إلى فشل الدواء الجديد و خسائر فادحة للشركات المطوِّرة،  بل أعلنت شركات عدة إفلاسها في السنتين الاخيرتين بسبب هذه المشكلة،  مما أدى الى إحجام شبه تام من الشركات عن تطوير أي مضادات حيوية جديدة .

مع هذا الوضع القاتم  لابد لنا من اقتراح حلول ثورية وأفكار خارج الصندوق،  هذه الدراسة التي بين أيدينا حققت الحلم المنشود بإذن الله، حيث استخدمت الذكاء الإصطناعي في اختصار الوقت والجهد في ابتكار مضادات حيوية جديدة تماماً، في طريقة عملها وانخفاض  احتمالية تطوير البكتيريا مقاومة لها ‏.

كلنا أمل في نجاح هذه المقاربة الثورية والتغلب على هذه المعضلة التي  اصبحت تهدد البشرية جمعاء.


** النص المترجم**
مقاربة تعلم آلي رائدة تعرفت على أنواع جديدة قوية من المضادات الحيوية، من مجموعة تضم أكثر من 100 مليون جزيء - بما فيهم  الجزيء المضاد  لمجموعة واسعة من البكتيريا ، بما فيها بكتيريا السل وسلالات بكتيرية تعتبر غير قابلة للعلاج.
بكتيريا الإشريكية القولونية ، ملونة باللون  الأخضر ، في صورة المجهر الإكتروني. المصدر: ستيفاني شولر / SPL
يقول الباحثون إن المضاد الحيوي ، المسمى (هاليسين) halicin ، هو الأول الذي اكتشف بالذكاء الاصطناعي (AI). على الرغم من أن  الذكاء الاصطناعي  أُستخدم للمساعدة  في  أجزاء من عملية اكتشاف المضادات الحيوية من قبل، إلا أنهم قالوا  إن هذه هي المرة الأولى التي تعرف فيها على  أنواع جديدة تمامًا من المضادات الحيوية من الصفر ، دون استخدام أي افتراضات بشرية سابقة. الدراسة، بقيادة باحث الأحياء الجزيئية جيم كولينز في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج ،نشرت في مجلة Cell  الخلية  (1)

يقول جاكوب دورانت ، عالم الأحياء الحوسبي في جامعة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا ، إن الدراسة رائعة. يقول إن الفريق لم يتعرف على المضادات المرشحة فحسب ، ولكنه أثبت أيضًا فاعلية جزيئات واعدة في الإختبارات التي جرت على الحيوانات. والأكثر من ذلك ، يمكن تطبيق هذه المقاربة أيضًا على أنواع أخرى من الأدوية ، مثل تلك المستخدمة لعلاج السرطان أو الأمراض التنكسية العصبية ، كما يقول دورانت Durrant .
 
تتزايد المقاومة البكتيرية للمضادات الحيوية بشكل كبير في جميع أنحاء العالم ، ويتوقع الباحثون أنه ما لم يتم تطوير أدوية جديدة بشكل عاجل، فإن المقاومة للعدوى يمكن أن تقتل عشرة ملايين شخص سنويًا بحلول عام 2050. لكن خلال العقود القليلة الماضية ، تباطأت اكتشافات المضادات الحيوية الجديدة والموافقة عليها من قبل الجهات المختصة. "استمر الناس في اكتشاف الجزيئات نفسها مرارًا وتكرارًا"[المترجم: قد يعني هذا ان الخيارات أصبحت محدودة جداً]. "نحن بحاجة إلى كيمياء جديدة بآليات عمل، كما يقول  كولينز: 

 انس افتراضاتك
طوّر كولينز وفريقه شبكة عصبية - وهي خوارزمية ذكاء اصطناعى مستوحاة من بنية الدماغ - التي تتعرف على خصائص الجزيئات ذرة  بعد ذرة.

 قام الباحثون بتدريب الشبكة العصبية هذه على اكتشاف جزيئات تمنع نمو بكتيريا الإشريكية القولونية ، وذلك باستخدام مجموعة من 2335 جزيئاً نشاطها المضاد للبكتيريا معروف. ويشمل ذلك مجموعة تضم حوالي 300 مضاد حيوي معتمد ، بالإضافة إلى 800 منتج طبيعي من مصادر نباتية وحيوانية ومكروبية.
 
تقول ريجينا برزيلاي ، باحثة في الذكاء الاصطناعي  في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومؤلفة مشاركة في الدراسة، إن الخوارزمية تتعلم التنبؤ بالوظيفة الجزيئية دون أي افتراضات عن كيف تعمل المضادات وبدون  وسم label  للمجموعات الكيميائية. "ونتيجة لذلك ، يمكن أن يتعلم النموذج أنماطًا جديدة غير معروفة للخبراء البشر من قبل".
 
وبمجرد تدريب النموذج ، استخدمه الباحثون لفحص مجموعة من المضادات تدعى "مركز إعادة صياغة استهداف الأدوية Drug Repurposing Hub," ، والذي يحتوي على حوالي 6000 جزيء قيد التحقيق للأمراض التي تصيب الإنسان. لقد طلبوا من الذكاء الإصطناعي أن يتنبأ أيها سيكون فعالًا ضد الإشريكية القولونية ، وأن يُظهر لهم فقط الجزيئات التي تبدو مختلفة عن المضادات الحيوية التقليدية.

من النتائج ، اختار الباحثون حوالي 100 دواء مرشح للاختبار الفيزيائي. تبين أن واحد من هذه الجزيئات المرشحة - وهو جزيء كان يُفحص كعلاج لمرض السكري - هو مضاد حيوي قوي ، أطلقوا عليه اسم هاليسين halicin علي اسم  HAL ، وهو  اسم للكمبيوتر الذكي في الفيلم (2) المنتج في  2001: ملحمة الفضاء A Space Odyssey. في الاختبارات التي أجريت على الفئران ، كان هذا الجزيء فعالًا ضد مجموعة واسعة من مسببات الأمراض ، بما في ذلك السلالة المطثية العسيرة أو كلوستيديوم ديفيسل  Clostridioides (معلومات عن هذه البكتريا في 3) وواحدة من الراكدة ألبومانية Acinetobacter baumannii (معلومات عن هذه البكتيريا، راجع 4)  والتي هي "مقاومة لعموم المضادات الحيوية (راجع 5)" والتي تتطلب مضادات حيوية جديدة مضادة لها.

حجب البروتون
تعمل المضادات الحيوية من خلال مجموعة من الآليات ، كمنع  الأنزيمات المعنية  بالتخليق الحيوي biosynthesis للجدار الخليوي ، وإصلاح الحمض النووي أو تخليق/ تركيب  synthesis  البروتين. لكن آلية الهاليسين غير تقليدية: فهي تعيق / تربك  تدفق البروتونات عبر غشاء الخلية. وفي الاختبارات الأولية على الحيوانات ، بدا أيضًا أن لها سُميّة منخفضة وقوية ضد المقاومة [ مقاومة البكتيريا]. في التجارب المخبرية ، المقاومة للمضادات الحيوية الأخرى  تظهر عادة خلال يوم أو يومين ، كما يقول كولينز. "لكن حتى بعد 30 يومًا من هكذا اختبار ، لم نر أي مقاومة ضد الهاليسين".
 
ثم قام الفريق باختبار أكثر من 107 مليون تركيبة جزيئية موجودة في قاعدة البيانات التي تسمى ZINC15. من قائمة مختصرة من 23 جزيئاً، تعرفت الاختبارات الفيزيائية على 8 جزيئات لها نشاط مضاد للبكتيريا. اثنان من هذه  لهما نشاط فعال ضد مجموعة واسعة من مسببات الأمراض ، ويمكن التغلب حتى سلالات بكتيريا  الإشراكية القولونية المقاومة للمضادات.
 
يقول بوب مورفي ، عالم الأحياء الحاسوبي في جامعة كارنيجي ميلون في بيتسبيرغ ، إن الدراسة "مثال رائع على مجموعة العمل  البحثي المتنامية التي تستخدم أساليب حوسبية لاكتشاف خصائص المضادات المحتملة والتنبؤ بها". ويلاحظ أنه تم تطوير أساليب الذكاء الاصطناعي سابقًا لاستخراج قواعد بيانات ضخمة من الجينات ونواتج الأيض للتعرف على أنواع الجزيئات التي يمكن أن يكون فيها مضادات حيوية جديدة (6 و 7).
 
لكن كولينز وفريقها يقولون إن مقاربتهم مختلفة - بدلاً من البحث عن تراكيب محددة أو أصناف جزيئية ، فقد قاموا بتدريب شبكتهم للبحث عن جزيئات ذات نشاط معين. يأمل الفريق الآن في الشراكة مع مجموعة خارجية أو شركة لإجراء تجارب إكلينيكية على الهالسين halicin . كما تريد المجموعة توسيع المقاربة للعثور على مزيد من المضادات الحيوية الجديدة وتصميم جزيئات من الصفر. تقول برزيلاي Barzilay إن أحدث أعمالهم البحثية هذه  هي لإثبات المفهوم ( للتعريف راجع 8). "هذه الدراسة وضعت كل شيء معاً وأثبتت ما يمكنها فعله."

مصادر من داخل وخارج النص








المصدر الرئيس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق