بقلم جوسلين كايسر
27 مارس 2020
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
راجعه وقدم له الدكتور غسان علي بو خمسين، صيدلاني أول، مستشفى جونز هوبكنز
المقالة رقم 109 لسنة 2020
التصنيف: أبحاث فيروس كورونا
Mar. 27, 202
مقدمة الدكتور غسان علي بو خمسين
هل لدى بعض البشر استعداد وراثي للإصابة بكوفيد-19 أكثر من غيرهم؟
من الصعوبة بمكان الإجابة على هذا السؤال الكبير جداً حالياً، ونحن مانزال في ذروة انتشار الفيروس المستجد، ولم يمض على بدء الجائحة الا ١٠٠ يوم فقط، وهو وقت قصير جداً.
لكن هذا لا يمنع العلماء من ممارسة هوايتهم المفضلة منذ القدم، في طرح التساؤلات وبناء الفرضيات والبدء باختبارها وتسجيل النتائج، للوصول إلى استنتاجات وإجابات على فرضياتهم التي طرحوها.
في الأسابيع الماضية بدأت مجموعة من العلماء في طرح تساؤلات عن إمكانية وجود سمات أو فروق جينية بين البشر تجعل البعض أكثر عرضة للإصابة بالمرض، والبعض الآخر محصناً بشكل طبيعي ضده.
بطبيعة الحال هذا السؤال يحتاج إلى تعاون علماء من عدة معاهد ومراكز بحثية وتداول معلومات جينومية ضخمة جداً واستعمال معلومات من بنوك حيوية تحوي شفرات جينومية لعشرات، بل مئات ألآلف من البشر ، لفحصها ومقارنتها والبحث عن سمات نمطية معينة قد توصل إلى معلومة مهمة تساعد على معرفة ما إذا كانت هناك ثمة علاقة بينها وبين زيادة احتمال الإصابة بالمرض أو التمتع بمناعة أقوى ضده.
برزت بعض التساؤلات مثل ، هل بعض الأعراق أقل احتمالاً من غيرهم للوفاة بالمرض، مثلاً.، نلاحظ قلة عدد الوفيات في الدول الآسيوية مقارنة بالأوروبية وأمريكا، فهل يعني ذلك أن الأوروبيين أكثر عرضة للإصابة بالمرض وأكثر احتمالاً للوفاة من مضاعفاته مقارنة بالأسيويين؟ هذا سؤال مهم وجدير بالبحث.
وبالطبع يجب الانتباه إلى أمر في غاية الأهمية، وهو طريقة احتساب الوفيات الناتجة عن كوفيد-19، يبدو أن هناك لغطاً يدور حول ذلك، دول كالصين لا تسجل الا الوفاة الناتجة مباشرة من مضاعفات المرض، فلو كان السبب من مضاعفات أخرى فلا يحسب، أما في إيطاليا مثلاً، فكل مريض تقريباً توفى وثبتت إصابته بالمرض يعتبر من ضمن وفيات كوفيد-19، مما نتج عن ذلك أن عدد الوفيات المبلغ عنها كان منخفضاً للغاية في الصين مقارنة بإيطاليا .
المقال المترجم بين أيدكم يسلط الضوء على جهود العلماء من عدة دول ومراكز بحثية وبنوك حيوية، في البحث والتقصي عن إمكانية وجود فوارق وسمات جينية لدى بعض البشر ، تجعل من البعض أكثر عرضة للإصابة بالمرض أو من البعض الآخر محصناً طبيعياً ضده.
و بطبيعة الحال هذه البحوث والدراسات ستستغرق وقتاً طويلاً ، لكنها تفيد العلماء في محاولتهم الحثيثة في الفهم الأعمق لفسيولوجيا الأمراض وابتكار طرقاً علاجية ناجعة .
مريض بكوفيد-19 في إيطاليا في العناية المركزة، عالما وراثيات يجتمعان للبحث عن جينات قد تجعل البعض أكثر عرضة للإصابة بالمرض |
الموضوع المترجم
كوفيد-19، الناجم عن جائحة فيروس كورونا المستجد - الانتقائي والمأساوي بشكل غريب. يصيب بعض الناس فقط بالمرض ، وعلى الرغم من أن معظم المصابين بشكل حاد هم من كبار السن أو يعانون من مشاكل معقدة كأمراض القلب، فإن البعض الذين يموتون بسبب المرض كانوا أصحاء في السابق وحتى من صغار السن نسبيًا. الباحثون يتحضرون الآن لتصيد جينومات مرضى بحثًا عن اختلافات في الحمض النووي تفسر هذا الغموض. هذه النتائج يمكن استخدامها للتعرف على الأشخاص الأكثر عرضة لخطر (لديهم استعداد جيني ل) الإصابة بأمراض خطيرة وكذلك الذين قد يكونون محصنين ضد هذه الأمراض ، وقد تساعد هذه النتائج على توجيه البحث عن علاجات جديدة أيضاً.
تتراوح المشاريع بين دراسات تجري على الحمض النووي لعدة آلاف من المشاركين ، حيث بعضهم مصاب الآن بفيروس كورونا ، وبين الجهود الجديدة التي تعمل على جمع عبنات من الحمض النووي من مرضى كوفيد-19 في أماكن ضربها الفيروس بشدة كإيطاليا. الهدف هو مقارنة الحمض النووي للأشخاص الذين يعانون من حالات اصابة خطيرة بكوفيد-19 - ولكن غير مصابين بأمراض أساسية كمرض السكري أو أمراض القلب أو الرئة - مع أولئك الذين يعانون فقط من مرض خفيف أو ليس لديهم أي مرض على الإطلاق. "شهدنا اختلافات كبيرة في النتائج الإكلينيكية وعبر البلدان. تقول باحثة الوراثيات أندريا جانا Ganna من معهد الطب الجزيئي بجامعة هلسنكي في فنلندا (FIMM) كم من ذلك يمكن تفسيره بالاستعداد الوراثي هو سؤال مفتوح على مصارعيه.
من الصعوبة بمكان التنبؤ بما سيخرج من عمليات البحث عن (التصيد ل) هذه الجينات ، بحسب بعض الباحثين . ولكن هناك جينات موضع شك واضحة ، كالجين المرمز للأنزيم 2 المحول لبروتين سطح الخلية أنجيوتنسين (ACE2) ، والذي يستخدمه الفيروس التاجي لدخول خلايا مجرى الهواء الظهارية epithelial cells. الاختلافات في جين ACE2 التي تغير المستقبل receptor يمكن أن تجعل دخول الفيروس إلى الخلايا أسهل أو أصعب، كما يقول اختصاصي المناعة فيليب مورفي من المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية ، الذي تعرف مختبره على طفرة شائعة نسبيًا في بروتين سطح خلية بشرية آخر، CCR5 ، الذي يجعل لبعض الناس مقاومة عالية لفيروس نقص المناعة البشرية.
جانا Ganna تقود جهودًا كبيرةً لجمع البيانات الجينية لمرضى كوفيد -19 من جميع أنحاء العالم. الفكرة "جاءت بشكل عفوي تمامًا قبل أسبوعين تقريبًا عندما" كنا على أجهزتنا الكمبيوتربة نراقب هذه الأزمة، كما تقول جانا ، التي تنتمي أيضًا إلى معهد برود Broad Institut وهو مركز أمريكي نشط في أبحاث الجينوم.
أنشأت هي ومدير ال FIMM مارك دالي Daly بسرعة موقعًا إلكترونيًا لمشروعهم ، مبادرة الجينتكس (الوراثيات) الحاضنة لفيروس كارونا COVID-19 Host Genetics ، وتواصلا مع زملاء يجرون دراسات بنوك حيوية biobank كبيرة تتابع آلاف المتطوعين لسنوات للبحث عن علاقات بين الحمض النووي والصحة. أعرب ما لا يقل عن اثني عشر بنكًا حيويًا biobanks، معظمها في أوروبا والولايات المتحدة، عن اهتمامها بالمساهمة ببيانات عن كوفيد-19 من المشاركين الذين وافقوا على ذلك. من بين هذه البنوك الحيوية بنك FinnGen ، الذي يحوي على عينات من الحمض النووي والبيانات الصحية لـ 5 ٪ من الفنلنديين البالغ عددهم 5 مليون شخص ، والبنك الحيوي في كلية إيكان للطب في ماونت سينائي (امريكا) الذي يضم 50 ألف مشارك.
البنك الحيوي في المملكة المتحدة ، وهو واحد من أكبر البنوك في العالم والذي يضم بيانات حمض نووي لـنصف مليون مشارك ،يخطط أيضاً لإضافة بيانات صحية لكوفيد-19 من مشاركين إلى مجموعة البيانات التي يمتلكها ، كما غرد بذلك على حسابه في تويتر هذا الشهر (1). الشركة الأيسلندية deCODE Genetics ، التي تساعد في فحص الكثير من سكان ايسلندا لمعرفة من هو المصاب بفيروس كورونا المستجد ، قذ تلقت إذنًا من الحكومة لإضافة هذه البيانات وأي أعراض لاحقة لكوفيد -19 إلى قاعدة بياناتها ، والتي تحتوي بيانات على الجينوم والصحة لنصف سكان آيسلندا البالغ عددهم 364 ألف مواطن، كما يقول الرئيس التنفيذي لشركة كاري ستيفانسون Kári Stefánsson : "سنبذل قصارى جهدنا للمساهمة في اكتشاف هذه العلاقة ".
جهد آخر لتحديد متغيرات الحمض النووي الواقية أو التي لها استعداد / قابلية للتأثر هو مشروع الجينوم الشخصي (2) الذي يقوده جورج تشيرش Church من جامعة هارفارد، والذي جند أشخاصاً لديهم استعداد لإعطاء عينات كاملة لجينومهم وأنسجتهم وبياناتهم الصحية لهذا البحث. في وقت سابق من شهر مارس، أرسل مشروع الجينوم الشخصي استبيانات إلى آلاف المشاركين فيه، يسألهم عن حالة الكوفيد-19 لديهم. رد أكثر من 600 شخص في الولايات المتحدة في غضون 48 ساعة. "يبدو أن معظم الناس يريدون القيام بدورهم" كما قال تشيرش ، الذي لم تكن مجموعته من المتعاونين مع مبادرة جانا.
باحثون آخرون في مبادرة جانا Ganna يعملون على تجنيد مرضى مصابين بكوفيد-19 مباشرةً من داخل المستشفيات لإجراء هكذا دراسات على الجينوم . تتوقع عالمة الوراثة الإيطالية اليساندرا رينييري Alessandra Renieri من جامعة سيينا Siena أن 11 مستشفى على الأقل في البلاد ستعطي موافقتها الأخلاقية لفريقها لجمع عينات من الحمض النووي من المرضى الراغبين. تقول رينييري: "أعتقد أن الاختلافات الجينية [الحاضنة] هي عامل رئيسي ... للإستعداد للإصابة بالالتهاب الرئوي الحاد".
الباحث في طب الأطفال جان لوران كازانوفا من جامعة روكفلر ، والمتخصص في التعرف على الجينات النادرة التي يمكن أن تجعل الشباب الأصحاء عرضة (لديهم استعداد جيني) لأمراض خطيرة معينة ، يعتمد على شبكة من أطباء الأطفال في جميع أنحاء العالم للبحث عن (لتصيد) عدد قليل نسبيًا من الشباب الذين لديهم مستوى حاد من الإصابة بكوفيد -19 الى الحد الذي يحتاجون أن يُدخلوا الى غرف العناية المركزة. "نحن ندرس المرضى الذين كانوا أصحاء سابقًا بشكل حصري" وتحت سن الخمسين ، حيث من المرجح أن يكون لإصابتهم الخطيرة بكوفيد-19 أساس جيني، كما يشرح جان: .
بالإضافة إلى المتغيرات الجينية لمستقبلات ACE2 ، يرغب الباحثون في معرفة ما إذا كانت الاختلافات في جينات مستضدات الكريات البيضاء البشرية ، والتي تؤثر على استجابة الجهاز المناعي للفيروسات والبكتيريا، تنعكس على شدة المرض. ويريد بعض المحققين متابعة النتائج التي أفاد بها فريق صيني في ورقة نشرت قبل الطبع (3) أن الناس الذين لديهم فصيلة دم O قد يكونون محصنين من الفيروس. "نحاول معرفة ما إذا كانت هذه النتائج رصينة" كما يقول مانويل ريفاس، عالم الوراثيات البشرية بجامعة ستانفورد الذي يساهم في مبادرة جانا.
من المفترض أن يزيد الانتشار الكارثي لفيروس كورونا المستجد قريبًا عدد مرضى المصابين بكوفيد-19 المتاحين لعمليات البحث عن ( تصيد) الجينات هذه. وهذا يمكن أن يسرع نتائج [البحث عن العلاقة بين المرض والجينات]. وتتوقع جانا Ganna أنه يمكن التعرف علي أول جينات الإستعداد الوراثي هذا في غضون شهرين.
مصادر من داخل النص
المصدر الأساس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق