ليست فتحات الأبواب فقط هي التي حعلتنا ننسى ما أتينا من أجله إلى الغرفة المجاورة
بقلم أوليفر بومان ، أستاذ مساعد ، كلية علم النفس ، جامعة بوند
وجيسيكا مكفادين زميلة أبحاث ، جامعة كوليدج لندن
9 مارس 2021
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 77 لسنة 2021
تخيل أنك مشغول بمشاهدة حلقة رائعة من برنامجك التلفزيوني المفضل. رأيت أن هذه الجلسة تحتاج إلى فشار، لذلك نهضت وتوجهت إلى المطبخ.
لكن عندما وصلت هناك توقفت فجأة وفكرت في نفسك: لماذا أتيتُ هنا؟
وأصبحت في حيرة من أمرك، وعدت إلى غرفة المعيشة مرة أخرى. بمجرد أن جلست، تذكرت أنك أردت أن تعدّ لك كمية من الفشار. عدت إلى المطبخ، هذه المرة بعزيمة جديدة.
تأثير فتحة الباب (تأثير المدخل)
لقد مررنا جميعًا بمواقف كهذه. على الرغم من أن الغفلة (السهو) هذه قد تبدو عشوائية تمامًا، إلا أن بعض الباحثين حددوا أن المسبب الفعلي هو فتحة الباب / المداخل (1).
لقد بحثت العديد من الدراسات (2) في كيف تتأثر الذاكرة بالمرور عبر المداخل.
من المذهل أن هذه الدراسات تظهر أن فتحات الأبواب تسبب النسيان، وهذا التأثير متسق لدرجة أنه أصبح يُعرف باسم "تأثير المدخل"(3).
عندما ننتقل من غرفة إلى أخرى، فتحة الباب تمثل الحدود بين بيئة (مثلًا، غرفة المعيشة) وبيئة آخرى (المطبخ). نستخدم الحدود (4) للمساعدة في تجزئة تجربتنا إلى أحداث منفصلة، حتى نتمكن من تذكرها لاحقًا بسهولة أكثر.
"الحدود بين الأحداث" هذه تساعدنا أيضًا في تحديد ما قد يكون مهمًا في حالة ما مما قد يكون مهمًا في حالة أخرى. ومن ثم، عندما يبدأ حدث جديد، فإننا في الأساس نقوم بالتخلص من المعلومات التي اكتسبناها من الحدث السابق لأنها قد لا تكون ذات صلة بالموضوع القائم بعد الآن.
بمعنى آخر، رغبتنا في الفشار مرتبطة بالحدث الذي يجرى في غرفة المعيشة (البرنامج التلفزيوني) وهذه العلاقة انقطعت بمجرد وصولنا إلى المطبخ.
دعونا نضع هذا على المحك
إذا كان تأثير المدخل قويًا جدًا، فلماذا تكون الغفلات (السهو) في المنزل نادرة جدًا؟ لذا قررنا النظر في هذا التأثير عن كثب (5).
طلبنا من 29 شخصًا ارتداء نظارات واقع افتراضي والتنقل عبر غرف مختلفة في بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد (انظر الصورة التالية).
المهمة المطلوبة من المشاركين كانت حفظ أشياء في الذاكرة (هذه الأشياء هي صليب أصفر ومخروط أزرق، وما إلى ذلك) كانت موضوعة على طاولات داخل كل غرفة، ثم الانتقال من طاولة إلى أخرى. ما هو مهم جدًا في بعض الأحيان كانت الطاولة التالية في نفس الغرفة، وفي أوقات أخرى كان على المشاركين في التجربة التحرك عبر باب جرار / سحّاب آلي إلى الغرفة الأخرى.
ولدهشتنا، وجدنا أن المداخل لم يكن لها تأثير على الذاكرة. أي، نادرًا ما ينسى الناس الأشياء، سواء مروا عبر المدخل أم لم يمروا.
دعونا نجعل اختبار الذاكرة هذا أكثر صعوبة
قررنا أن نكرر التجربة، لكن هذه المرة طلبنا من 45 شخصًا القيام بأداء مهمة صعبة حيث يقومون بالعد في نفس الوقت [الذي ينتقلون فيه بين الغرف]، لتصعيب تلك المهمة.
في ظل هذه الظروف الأكثر صعوبة، تأكد لنا هذه المرة أن تأثير المدخل موجود. أي أن المرور عبر المداخل يضعف ذاكرة الناس للأشياء المختلفة. على وجه التحديد، من المحتمل أن يخلط الناس بين شيء مشابه لشيء كان من المفترض أنهم حفظوه في ذاكرتهم.
في الأساس، مهمة العد زادت على استيعاب ذاكرة الناس (اثقلت كاهل استيعاب الذاكرة)، مما جعلها أكثر عرضة للتداخل الناجم عن المرور عبر المدخل / فتحة الباب.
هذا الاكتشاف يشبه إلى حد كبير الممارسة اليومية، حيث غالبًا ما ننسى ما نريد أن نفعله حين ندخل غرفة ونحن مشتتي الانتباه ونفكر في شيء آخر.
هل نلوم المدخل ؟
لماذا اختلفت النتيجة، التي توصلنا إليها، كثيرًا عن تأثير المدخل القوي الذي أفادت به الدراسات السابقة؟
نعتقد أن السبب في ذلك هو أننا صممنا الغرف لتكون متطابقة بصريًا. لم يكن هناك أي تغيير في البيئة، ولم يكن هناك مفاجأة في مدى اختلاف الغرفة المجاورة عن التي قبلها. هذا يعني أنه ليس المدخل بحد ذاته هو الذي يسبب النسيان، ولكن هذا يتعلق كثيرًا بتغيير البيئة.
تخيل أنك في مركز تسوق. أخذك المصعد من موقف السيارات إلى الدور الخاص بالبيع بالتجزئة من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من النسيان مما يؤدي إليه لو أخذ المصعد أساسًا للتنقل بين مستويين لبيع التجزئة.
إذن كيف يمكننا تحسين قدرتنا على تذكر ما أردنا أن نفعله ونحن نتنقل من غرفة إلى أخرى؟
تشير نتائجنا إلى أنه كلما انخرطنا في تعدد المهام، كلما كانت احتمالية فقدنا لذاكرتنا عبر المداخل أعلى.
نتمكن فقط من الاحتفاظ بقدر معين من المعلومات في أذهاننا في أي وقت من الأوقات (5) . عندما نكون أذهاننا مشغولة بالتفكير في أشياء أخرى، يمكن أن تثقل هذه الأفكار كاهل استيعاب ذاكرتنا العاملة.
أيضًا، المشكلة لا تتعلق فقط بالمداخل / فتحات الأبواب. فدماغنا منخرط في "تجزئة الأحداث" في جميع مناحي الحياة، سواء أكان ذلك في حيز مادي أو كان بمعنى من المعاني أكثر تجريديةً.
إذن ماذا يمكننا عمله؟
في معظم الحالات، نزعتنا إلى تجزئة حياتنا إلى أحداث منفردة هي نزعة مفيدةً في الواقع. قدرة ذاكرتنا العاملة على حفظ المعلومات محدودة (انظر 6 لمزيد من التفصيل) لذا لا يمكننا تذكر الكثير من المعلومات دفعة واحدة.
وبالتالي، استرجاع المعلومات المتعلقة بالوضع الحالي فقط، لا تذكر جميع المعلومات من كل شيء مارسناه مؤخرًا، سيكون أكثر كفاءة بالنسبة لنا.
ولكن لو أردنا التخلص من سحر المدخل / فتحة الباب، فإن أفضل فرصة لنا هي أن نحافظ على تركيزنا الذهني. لذا استمر في التفكير في الفشار في المرة القادمة التي تريد فيها تناول بعضًا منه أثناء مشاهدتك لبرنامجك التلفزيوني المفضل.
مصادر من داخل وخارج النص
- https://www.abc.net.au/science/articles/2012/02/21/3436001.htm
- https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/0963721412451274
- https://www.scientificamerican.com/article/why-walking-through-doorway-makes-you-forget/
- https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S2352154617300037?via%3Dihub
- https://bmcpsychology.biomedcentral.com/articles/10.1186/s40359-021-00536-3
- "على الرغم من القدرة والمرونة اللافتة للإدراك البشري، فإن ذاكرتنا العاملة - وهي مساحة العمل " المباشرة" التي تعتمد عليها معظم الآليات الادراكية / المعرفية - محدودة بشكل مدهش. الإنسان البالغ في العادة يمتلك قدرة على الاحتفاظ في هذه الذاكرة بأربعة أشياء فقط في أي وقت معين من الأوقات. هذه القدرة أساسية للإدراك: التباين بين الأفراد في هذه القدرة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالذكاء السائل" ترجمناه من نص ورد على عذا العنوان: https://www.pnas.org/content/108/27/11252
المصدر الرئيس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق