07 يناير 2022
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 24 لسنة 2022
The neuronal mechanism behind motivation
07 January 2022
الشكل: ماذا يحدث في دماغ الفأر عندما يعمل للوصول إلى هدف معين؟ |
الأهداف التي نريد أن نحققها هي الدافع (1) وراء تصرفاتنا. إلّا أنه لا يُعرف الكثير عن الآلية في أدمغتنا التي تسمح لنا أن نتخذ القرارات المناسبة لنصل إلى أهدافنا. باحثون مو معهد فريدريك ميشر Friedrich Miescher لأبحاث الطب الحيوي (FMI) وجامعة بازل Basel تعرفوا على تسلسل الأحداث التي تحدث في دماغ الفأر عندما يتصرف بطريقة معينة ليحصل على مكافأة. وكيف يتمكن من تكييف سلوكه عندما لا تكون المكافأة هي المكافأة التي يتوقعها.
لو ذهبت إلى المخبز كل يوم لتشتري فقط خبزًا معينًا، فستتوقف عن الذهاب إلى ذلك المخبز بمجرد أن تعرف أنه لم يعد يبيع خبزك المفضل هذا. يسمى هذا السلوك الموجَّه نحو الهدف، اللوزة الدماغية - مركز معالجة مشاعر صغير على شكل لوزة في الدماغ - واللوزة معروفة بأنها داخلة في التحكم في السلوك الموجِّه نحو الهدف.
الشكل: اللوزة الدماغية ضمن الدماغ |
إلى هذا الحد، دور اللوزة الدماغية في الفئران فيما يسمى بالسلوك الموجه بالإشارة الحسية، عندما تكون الاشارات البصرية أو السمعية (كالصوت) إشارةً على أن شيئًا ما سيحدث (على سبيل المثال ، سيتلقى الفأر قطعة من السكر) تجعل الفأر يتصرف بطريقة معينة (على سبيل المثال ، سيذهب إلى مكان في القفص حيث يستلم قطعة السكر). كيف تنخرط اللوزة بالسلوك الموجَّه نحو الهدف - عندما تفعل الفئران شيئًا في غياب أي إشارة، أي بحسب ارادتها (وسرعتها) لتحقيق هدف ما - لم يكن هذا واضحًا.
في دراسة نُشرت في مجلة العلوم Science (انظر 2)، قام جوليان كورتين ، Julien Courtin باحث ما بعد الدكتوراة في مجموعة البروفسور أندرياس لوثي Andreas Lüthi، بتدريب فئران على مهمة موجَّهة نحو الهدف: على مدار عدة أيام ، تعلمت الفئران أنها عندما تضغط على أحد الروافع، تتلق قطرة من السكر، وعندما تضغط على رافعة أخرى، تتلق قطرة من الحليب.
الصورة: عندما يضغط الفأر على رافعة للحصول على مكافأة ، تنشط مجموعات مختلفة من الخلايا العصبية في دماغه ؛ تلك تعتمد على تفاصيل الهدف الذي يدور في ذهنه. |
بمجرد أن أصبحت الفئران خبيرة في القيام بهذه المهام ، قام كورتين بتعديل طريقة التجربة هذه لتكون ملائمة: أعطى الفئران المكافأة دون أن يضطرها إلى الضغط على الرافعة؛ أو جعلها تضغط على الرافعة بدون مكافأة ؛ أو سمح للفئران بالإمتلاء (بالشبع) من إحدى المكافآت. خلال كل هذه التصرفات المختلفة التي قامت بها الفئران، سجل كورتين نشاط اللوزة الدماغية، وطور هو ويائيل بيترمان Yael Bitterman، باحثة علم الأعصاب الحوسبي في مختبر لوثي Lüthi ، طرقًا تحليلية جديدة لفك الشيفرة العصبونية الأساسية (3).
آلة تنبؤية
تعرف كورتين وبيترمان، المؤلفان المشاركان في الدراسة، على مجموعات خلايا عصبية (عصبونات) مميزة في اللوزة الدماغية المنخرطة في جوانب مختلفة من جوانب السلوك الموجَّه نحو الهدف. على سبيل المثال، أفاد الباحثان أن مجموعة معينة من الخلايا العصبية كانت نشطة عندما ضغط الفأر على الرافعة رقم واحد والتي من شأنه أن يحصل على المكافأة رقم واحد (السكر). ولكن بمجرد أن تكون الرافعة رقم واحد غير مقترنة بالمكافأة، فقد فقدت هذه المجموعة من الخلايا العصبية نشاطها. "مجموعة الخلايا العصبية لم تكن نشطةً لأن الفأر ضغط على الرافعة، بل كانت هذه الخلايا العصبية نشطة لأن الرافعة كانت مقترنة بتوقع المكافأة،" كما يقول كورتين. "عندما علم الفأر أن عليه ألا يتوقع مكافأة بعد الآن ، اختفى نشاط هذه المجموعة من الخلايا العصبية ،" كما أضاف.
من اللافت للنظر أن النتائج تفيد أنه ليس فقط نوع المكافأة وحجمها واحتمالية حدوثها ممثلة في اللوزة، وإنما أيضًا قيمة تلك المكافأة - وهذا هو معيار parameter مرن يعتمد على العديد من العوامل (على سبيل المثال مدى شعور الفأر بالجوع ). ترسل اللوزة كل هذه المعلومات (الاشارات) إلى مناطق أخرى من الدماغ ، والتي تستخدمها بعد ذلك لتتخذ القرارات المناسبة وتكيف (وتعدل من) السلوك وفقًا للمكافآت المحتملة.
يوضح أندرياس لوثي: "بدراسة نشاط اللوزة ، تمكنا من الحصول على صورة مفصلة للمكافأة التي توقع الفأر أن يحصل عليها، وما يحتاج ليحصل عليها. تقوم اللوزة بعمل تلك التنبؤات / التوقعات - فكأنها تقول لو قمت بهذا الفعل، فسأحصل على ذلك الشيء - وهي تتكيف [تعدّل من سلوكها] مع هذه التنبؤات وفقًا للتغييرات. لا توجد بنية دماغية أخرى يمكنها التنبؤ بدقة بما سيحدث كما تتنبأ به بنية اللوزة الدماغية ".
صلة هذه الدراسة الوثيقة بالإنسان
النتائج التي توصل لها كورتين وبيترمان يمكن أن تربط بسهولة بالسلوك البشري. نقوم كل يوم بمئات الأفعال / التصرفات مع وضع توقعات معينة في الاعتبار. في حالة عدم استيفائنا لما توقعناه ، نقوم بتكييف سلوكنا - حيث نقوم بفعل شيئ بشكل مختلف ، أو نفعله بأقل أو أكثر وتيرة. إن الآليات العصبية نفسها في اللوزة الدماغية التي سلطت عليها الدراسة على الفئران الضوء هي تفس الأليات الكامنة وراء سلوكياتنا هذه.
معرفة لماذا هذه الدراسة مهمة ليس أمرًا صعبًا. قدرتنا على تكييف سلوكياتنا بناءً على توقعات تُعد أمرًا ضروريًا بالنسبة لنا كبشر، ولكن في بعض الأحيان تتأثر هذه العمليات سلبًا، على سبيل المثال، في حالات الإدمان والاكتئاب واضطراب الوسواس القهري (OCD) أو مرض باركنسون. "في مثل هذه الحالات، التسلسل السلوكي في الدماغ الذي أوضحناه قد لا يكون منظمًا بشكل مناسب،" كما يقول كورتين. "يمكن أن يصبح هذا مشربًا للأبحاث السريرية، والتحدي هو: كيف يمكننا التدخل في عملية انحرفت في الدماغ عما هو متوقع عندما حدثت في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن."
مصادر من داخل وخارج النص
1- "الدافع / الدافعية motivation هو الشعور بالرغبة أو النفور (ترغب في شيء، أو تريد تجنُّب شيء أو الهروب منه). على هذا النحو، فإن الدافع له جانب موضوعي (هدف أو شيء تطمح إليه) وجانب داخلي أو ذاتي (أنت الذي ترغب في الشيء أو تريد الابتعاد عنه). في الحد الأدنى، يتطلب الدافع الركيزة البيولوجية من أجل الأحاسيس الجسدية بالمتعة والألم؛ وهكذا يمكن للحيوانات أن ترغب في أشياء محددة أو تتجاهلها بناءً على الإدراك الحسي والتجربة. ويتعدّى الدافع ذلك ليشمل القدرة على تكوين المفاهيم واستخدام المنطق، ما يتيح للبشر أن يكونوا قادرين على تجاوز هذه الحالة الدنيا بمجال أكبر بكثير من الرغبات وعدمها. يُدعم هذه المجال الكبير من خلال قدرة الشخص على اختيار أهدافه وقيمه، إلى جانب "الآفاق الزمنية" لتحقيق القيمة التي قد تمتد لسنوات أو عقود أو مدة أطول، والقدرة على إعادة تجربة الأحداث الماضية. تميّز بعض النماذج بين الدافع الخارجي والدافع الداخلي، والدافع هو موضوع مهم في العمل وعلم النفس التنظيمي والتنظيم الإداري والإدارة بالإضافة إلى التعليم. إن تعريف الدافع بكونه رغبة أو نفورًا يلقي الضوء على ارتباط الدافع بالعاطفة. يُعتقد أن العواطف هي عمليات تقييم تلقائية تستند إلى قيم ومعتقدات مخزنة لاشعوريًا بخصوص الشيء. إلى حد أن العواطف المميزة ترتبط بتقييمات لاشعورية محددة، (على سبيل المثال، الغضب - الظلم؛ الشعور بالذنب - انتهاك المعايير الأخلاقية؛ الحزن - فقدان القيمة؛ الفخر - تحقيق المثل الأخلاقية؛ الحب - تقدير شيء أو شخص؛ الفرح - بلوغ قيمة مهمة؛ الحسد - الرغبة في الحصول على إنجازات الآخرين، الإعجاب - تقدير إنجازات الآخرين، وما إلى ذلك). تتضمن نظرية الدافع تحديد "نظريات المحتوى" -القيم التي يجدها الأشخاص محفِّزة- إلى جانب الآليات التي قد يحقّق الأشخاص من خلالها هذه القيم (الإتقان، تحديد الأهداف الصعبة، الانتباه للمهام المطلوبة، الإصرار، إلخ)." مقتبس من نص ورد على هذا العنوان
https://en.wikipedia.org/wiki/Motivation
2- https://www.science.org/doi/10.1126/science.abg7277
3- "التشفير العصبي هو مجال علم الأعصاب الذي يختص بالعلاقة الافتراضية ما بين المنبه والاستجابات الفرديةً أو التي ضمن مجموعة، بالإضافة إلى العلاقة بين نشاط العصبونات الكهربائي في تلك المجموعة. بناءًا على النظرية التي تقترح أن تمثيل الإحساس والمعلومات الأخرى في الدماغ تنفذه شبكات عصبونات، يُعتقد أن بإمكانها تشفير المعلومات الرقمية منها والتشابهية." مقتبس نن نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/تشفير_عصبي
المصدر الرئيس
https://www.unibas.ch/en/News-Events/News/Uni-Research/The-neuronal-mechanism-behind-motivation.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق