الأربعاء، 5 أكتوبر 2022

كيف يكوِّن الدماغ الذاكرة؟ رؤية جديدة

 

7 مارس 2022

 

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 272 لسنة 2022

 

 

How Does the Brain Make Memories?

 

Mar 7, 2022

  

في دراسة بقيادة مستشفى سيدارز - سيناء Cedars-Sinai، اكتشف باحثون نوعين من خلايا الدماغ تلعب دورًا رئيسًا في تجزئة التجربة البشرية المتعاقبة إلى أجزاء مميزة يمكن تذكرها لاحقًا.  يعطي هذا الاكتشاف أملًا جديدًا كمسار نحو تطوير علاجات جديدة لاضطرابات الذاكرة(1)، كالخرف ومرض الزهايمر.

اكتشف باحثون نوعين من خلايا الدماغ  تلعب دورًا رئيسًا في تكوين الذاكرة. رسم توضيحي لسارة بايل لمستشفى سيدارز - سيناء.

الدراسة(2 ، التي تعتبر جزءًا من كونسرتيوم مبادرة الدماغ BRAIN متعدد المؤسسات الممول من المعاهد الوطنية للصحة بقيادة مستشفى سيدارز - سيناء، نشرت في مجلة نتشر نيروساينس Nature Neuroscience. كجانب من دراسة جارية في طريقة عمل الذاكرة، درس أولي روتيشوزر Ueli Rutishauser، برفسور جراحة الأعصاب وعلم الأعصاب والعلوم الطبية الحيوية في مستشفي سيداررز - سيناء، والباحثون المشاركون طريقة تفاعل خلايا الدماغ عند تكوِّن الذاكرة.

"أحد الأسباب التي تجعلنا لا نستطيع تقديم مساعدة كبيرة لمن يعاني من اضطرابات الذاكرة(1) هو أننا لا نملك ما يكفي من معلومات عن طريقة عمل الذاكرة(3)، " كما قال روتيشوزر، كبير مؤلفي الدراسة، مضيفًا أن الذاكرة أساسية لنا كبشر.

التجربة البشرية مضطردة، لكن علماء النفس يعتقدون، بناءً على رصدهم لسلوك الناس، أن الدماغ يجزِّيء الذاكرة إلى أحداث مميزة، وهو مفهوم يُعرف بـ تجزئة الأحداث.  من خلال دراستهم التي أجروها على 19 مريضًا يعانون من الصرع المقاوم للأدوية(4)، تمكن روتيشوزر وفريقه من دراسة طريقة أداء الخلايا العصبية خلال هذه العملية.

غُرست أقطاب كهربائية جراحياً في أدمغة المرضى المشاركين في الدراسة لتساعد الباحثين في تحديد مركز نوبات الصرع التي يعانون منها، وتسمح لهم بتسجيل نشاط الخلايا العصبية للمريض حينما كان المرضى يشاهدون مقاطع أفلام تتضمن حدودًا معرفية [المترجم: الحدود المعرفية هي التي يُعتقد أنها تجزيء التجربة وتنظم الذاكرة(5)].

علئ الرغم من أن هذه الحدود المعرفية(6) في الحياة اليومية تتميز بفروق دقيقة، إلّا أن الباحثين ركزوا في هذه الدراسة فقط على الحدود المعرفية "الثابتة / الجامدة hard" والحدود المعرفية "المتغيرة / اللينة soft"(6).

"أحد الأمثلة على الحدود المعرفية المتغيرة هو مشهد لشخصين يسيران في ردهة وهما يتحدثان، وفي المشهد التالي، ينضم إليهما شخص ثالث، لكن المشهد لا يزال جزءًا من نفس السردية العامة،" حسبما قال روتيشوزر، المدير المؤقت لمركز العلوم العصبية والطب ورئيس مجلس الإدارة في علوم الأعصاب في مستشفي سيدارز - سيناء .

في حالة الحدود المعرفية الثابتة قد يتضمن المشهد الثاني مجموعة مختلفة تمامًا من أشخاص راكبين سيارة. "الاختلاف بين الحدود المعرفية الثابتة و الحدود المعرفية المتغيرة يكمن في حجم الانحراف عن السردية القائمة،" حسبما قال روتيشوزر. "هل هي سردية مختلفة تمامًا، أم أنها مشهد جديد من نفس السردية؟"

عندما شاهد المشاركون في الدراسة مقاطع من الفلم، لاحظ الباحثون أن بعض الخلايا العصبية في الدماغ، والتي أطلقوا عليها اسم "خلايا الحدود المعرفية،" زادت من نشاطها بعد مشاهدة مقاطع من فلم تتضمن حدود معرفية ثابتة وحدود معرفية متغيرة.  مجموعة أخرى من الخلايا العصبية، وُسمت بـ "خلايا الحدث" ، زادت من نشاطها فقط استجابةً للحدود المعرفية الثابتة، ولكن ليس استجابةً للحدود المعرفية المتغيرة.

فسر روتيشوزر وزملاؤه بأن نشاط خلايا الحدود المعرفية وخلايا الحدث - التي اعتبرت الأعلى في النشاط بعد الحدود المعرفية الثابتة، عندما أصدر كل من نوعي الخلايا جهد فعل fire - يضع الدماغ في حالة مناسبة لبدء ذاكرة جديدة.

"استجابة الحدود المعرفية تشبه، نوعًا ما، إنشاء مجلد جديد على جهاز كمبيوتر،" كما قال روتيشوزر.  حيث يمكن بعد ذلك تخرين الملفات المختلفة في ذلك المجلد.  وعندما تظهر حدود معرفية أخرى، يغلق المستخدم المجلد الأول وينشيء مجلدًا آخر".

لاستعادة الذكريات، يستخدم الدماغ نشاطات الحدود المعرفية كما أطلق عليها روتيشوزر النصطلح التالي: "مراسي للسفر الذهني عبر الزمن".

تكوين الذاكرة واستدعائها ينطوي على نشاط منسق في جميع أنحاء الدماغ البشري(7).

"عندما يحاول المرء تذكر أحد الأشياء، فهذا يجعل خلايا الدماغ تصدر فعل جهد fire".  ثم يقوم نظام الذاكرة هذا بمقارنة نمط النشاط بجميع نشاطات أفعال الجهد السابقة التي حدثت بعد فترة وجيزة من أحداث الحدود المعرفية. إذا وجد نظام الذاكرة ملفًا (فعل جهد) مشابه، فإنه يفتح هذا المجلد.  وعليه يرجع المرء لبضع ثوان إلى تلك اللحظة الزمنية والأحداث التي وقعت فيها ويتذكرها ".

لاختبار نظريتهم، أجرى الباحثون اختباري ذاكرة على المشاركين في الدراسة.  عرضوا على المشاركين في البداية سلسلة من الصور الساكنة وسألوهم عما إذا كانوا  قد رأوها في مقاطع الفيلم التي شاهدوها أم لا.  كان المشاركون في الدراسة أكثر احتمالًا لتذكر الصور التي اتبعت عن كثب أحد الحدود المعرفية الثابتة أو المتغيرة، لو أمكن إنشاء "مجلد ذاكرة" جديد.

كما عرض الباحثون على المشاركين أزواج صور من مقاطع الفيلم التي شاهدوها وسألوهم عن أيها ظهرت أولاً.  واجه المشاركون صعوبة في تذكر الترتيب الصحيح للصور التي ظهرت على جوانب متقابلة من الحدود المعرفية الثابتة، ربما بسبب تجزئة الدماغ لتلك الصور ووضعها في مجلدات ذاكرة منفصلة.

قال روتيشوزر إن العلاجات التي تعمل على تحسين تجزئة الأحداث يمكن أن تساعد المرضى الذين يعانون من اضطرابات الذاكرة.  وأوضح أنه حتى لو كان تغييرُا بسيطًا، كتغيير في جو [مكان ، مثلًا] الحدث يمكن أن يضخم الحدود المعرفية لأحداثه.

"تأثير السياق قوي جدًا في الواقع،" كما قال روتيشوزر. " لو ذاكرت دروسك في مكان جديد، لم يسبق لك أن كنت فيه، بدل أن تذاكر دروسك على أريكة في البيت حيث كل شيء يبدو مألوفًا بالنسبة لك، ستنشيء ذاكرة أقوى بكثير للمادة الدراسية [لو غيرت مكانك إلى مكان جديد]."

في دراسات المتابعة ، يخطط الفريق لاختبار النظرية القائلة بأن خلايا الحدود وخلايا الحدث تنشط خلايا الدوبامين العصبية عند اصدارها فعل جهد، وأن الدوبامين ، وهو ناقل عصبي(8)، يمكن أن يستخدم كعلاج لتقوية تكوِّن الذاكرة.

لاحظ روتيشوزر وفريقه أيضًا خلال هذه الدراسة أنه عندما أصدرت خلايا الحدث فعل جهد تزامنيًا مع نظم موجات ثيتا(9) داخل الدماغ كان المشاركون أكثر قدرة على تذكر ترتيب الصور التي شاهدوها في الفيلم.

هذه رؤية جديدة مهمة لأنها تثبت أن الاثارة / التحفيز العميق للدماغ(10)، الذي يعدل من نظم موجات ثيتا، يمكن أن يكون تحفيزًا علاجيًا لاضطرابات الذاكرة.

"يُعتقد أن نظم ثيتا هي" الصمغ الصدغي (الزماني) "للذاكرة العرضية(11)،" قالت زينج ، المؤلف الأول للدراسة:. "نعتقد أن اصدار خلايا الحدث فعل جهد بالتزامن مع نظم موجات ثيتا يُنشيء روابط بناءً على زمن وقوع الحدث في مجلدات ذاكرة مختلفة."

 ضم فريق البحث زميلة ما بعد الدكتوراه جي تشينغ Jie Zheng، وباحث علم الأعصاب غابرييل كريمان Gabriel Kreiman من مستشفى بوسطن للأطفال. وجراح الأعصاب توفيق  ڤاليانت، من جامعة تورنتو؛ وآدم ماميلاك Adam Mamelak، برفسور جراحة المخ والأعصاب ومدير برنامج جراحة المخ والأعصاب الوظيفية في مستشفى سيدارز سيناء.


مصادر من داخل حارج النص

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_الذاكرة

 

2- https://www.nature.com/articles/s41593-022-01020-w

 

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/ذاكرة

 

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/تدبير_الصرع_المعند_على_الأدوية

 

5- https://cbmm.mit.edu/publications/neurons-detect-cognitive-boundaries-structure-episodic-memories-humans

6- الحدود / القيود الثابتة (الجامدة hard)، هي حدود لا يسمح بتغييرها ولا بتجاوزها قطعًا. بعبارة أخرى، هذه الحدود دائمًا ما تكون مفروضة فرضًا صارمًا.  خير مثال على القيود / الحدود الثابتة مخالفة بعض القوانين، مهما كانت الظروف.  أما الحدود / القيود المتغيرة soft هي ما تحدده المواقف أو ناس آخرون.  بخلاف الحدود الثابتة، الحدود المتغيرة لا تُفرض دائمًا.  وخير مثال على ذلك، قد لا تسمح لأي شخص بقيادة سيارتك.  ولكن، في حالة عدم قدرتك على القيادة لسبب ما، قد تسمح لصديقك بقيادة سيارتك نيابة عنك وبذلك تتجاوز الحدود.  في هذا الظرف."  ترجمناه بتصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://www.kcresolve.com/blog/boundaries-and-relationships

 

7- https://www.nih.gov/news-events/nih-research-matters/memories-involve-replay-neural-firing-patterns


8- https://ar.wikipedia.org/wiki/ناقل_عصبي

 

9- "يتولد من موجات ثيتا نظم ثيتا theta retherm، وهو تذبذب عصبي في الدماغ يكمن وراء جوانب مختلفة من المعرفة والسلوك، بما فيها التعلم والذاكرة والتنقل المكاني في العديد من الحيوانات.  يمكن قياس هذا النظم باستخدام طرق الفيزيولوجيا الكهربية المختلفة، مثل مخطط كهربية الدماغ (EEG)، إما من داخل الدماغ أو من أقطاب كهربائية على فروة الرأس."  ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://en.wikipedia.org/wiki/Theta_wave

 

10- "التحفيز العميق للدماغ (deep brain stimulation) هو علاج جراحي ينطوي على زرع جهاز طبي يسمى جهاز تنظيم الدماغ، الذي يرسل نبضات كهربائية إلى أجزاء معينة من الدماغ".  مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

 https://ar.wikipedia.org/wiki/تحفيز_عميق_للدماغ

 

11- "الذاكرة العرضية (episodic memory) هي ذاكرة أحداث السيرة الذاتية (الأوقات والأماكن، والعواطف المرتبطة بها، وغيرها كمعرفة من، ماذا، متى، أين، لماذا). وهي مجموعة من التجارب الشخصية السابقة التي وقعت في وقت معين ومكان معين.  على سبيل المثال، إذا تذكر أحد عيد ميلاده السادس فإن هذه هي الذاكرة العرضية.  هذه الذاكرة تسمح للفرد أن يعود مجازيًا بازمن الى الوراء لتذكر أحداث وقعت في الزمن والمكان المعينين."  مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/ذاكرة_عرضية

 

المصدر الرئيس

https://www.cedars-sinai.org/newsroom/how-does-the-brain-make-memories/

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق