27
أكتوبر 2022
المقالة زقم 314 لسنة 2022
Evolution of Cooperation through cumulative reciprocity
October 27, 2022
يعد فهم التعاون المتبادل عنصرًا أساسيًا لفهم طريقة تعامل الناس مع بعضهم. سواء أكانوا أصدقاءً يتبادلون مصالح ومنافع، أو حيوانات تتبادل طعامًا
أو منافع أخرى، أو دول تنسق سياساتها بين بعضها، فكل هذه هي في الأساس تفاعلات وعلاقات
متبادلة. المعاملة بالمثل الثابتة تتطلب
أن يكون الناس على استعداد لمساعدة الآخرين، ولكنهم يقاومون عندما يكون هناك
استغلال لهم من قبل الطرف المقابل. ولكن
ما هي القواعد والقوانين التي تضمن أن يستمر التعاون بالتقدم والازدهار بين الناس
وفي نفس الوقت توفر حماية ضد استغلال أحد الأطراف الطرف الأخر؟
![]() |
التعاون وتبادل المنفعة والمعاملة بالمثل لا ينحصر في البشر |
لاستكشاف هذه المسألة، درست الباحثتان في معهد ماكس بلانك
MPI
شارلوت روسيتي Charlotte Rossetti وكريستيان
هيلبي Christian Hilbe، بالتعاون
مع باحثين من معهد داليان للتكنولوجيا (في الصين)، لعبة بسيطة تسمى معضلة السجين
التكرارية(1). في
معضلة السجين التكرارية هذه، يواجه لاعبان بشكل تزامني نفس القرار: يمكن لكل منهما
أن يختار بين أن يتحمل تكلفة بسيطة ويعطي مكسبًا ماليًا للآخر، وبين ألَّا يقوم الطرفان
بأي شيء (يلتزمان الصمت). من الناحية المثالية، سيتعاون
كلا اللاعبين ويدفعان هذه التكلفة البسيطة حتى يحصل كلاهما على مكسب مالي. ولكن هناك فرصة لأحدهما بالخيانة (بعدم التعاون) وعدم دفع
التكلفة البسيطة والاحتفاظ بالمكسب المالي الذي أعطاه إياه اللاعب الآخر في جيبه
[أي لا يعامل الطرف الآخر بالمثل(2)]. كيف يمكن للناس أن يلعبوا
هذه اللعبة بطريقة تجعل التعاون ممكنًا مع إبقاء الخائنين مُحيدين (غير
مؤثرين)؟
![]() |
معضلة السجينين |
أحد الأمثلة المتعارفة على طريقة
التعامل مع معضلة السجين التكرارية هو لعب لعبة "هذه بتلك"
(المعاملة بالمثل) Tit-for-Tat، حيث يعامل أحدهم الناس
كما يعاملوه، يمكن أن يتطور التعاون ويزدهر في مجتمع يستخدم فيه الناس المعاملة
بالمثل، ولكن لا يخلو هذا من خلل رئيس: عندما يرتكب الأطراف أخطاءً، يمكن أن ينهار
التعاون إلى حالة من الخيانة (عدم التعاون) المتبادلة. "المعاملة بالمثل(2) هي قاعدة
رائعة سهلة التنفيذ وتبدو بأنها حالة إنسانية جدًا. في النهاية، يبدو أن هذه المعاملة قائمة على
المثل القديم القائل: "العين بالعين ". تقول السيدة روسيتي Rossetti من معهد ماكس بلانك للبيولوجيا التطورية. لكن هذه القاعدة لا تتحمل
وجود أخطاء بما فيه الكفاية ولذا لا تأخذ ذلك في الحسبان، ونحن نعلم أن الخطأ شائع جدًا في البشر. لو لم أتعاون بغير قصد عندما كنت ناويُا التعاون،
ثم عدت إلى التعاون في حال قرر الطرف الآخر التعاون، فسنكون غير متعاونين إلى
الأبد قي حال خيانة بعضنا لبعض ".
المعاملة بالمثل التراكمية
لمعالجة نقاط الضعف هذه، قام الباحثون
بتحليل استراتيجية بديلة لمعضلة السجين التكرارية، والتي يسمونها "المعاملة
بالمثل التراكمية" ، أو اختصارًا تُعرف بـ CURE. الذين يستخدمون CURE يتتبعون عدم التوازن
في المعاملات التعاونية. في كل جولة من
جولات العملية التعاونية، يتتبعون ما إذا كان عدد مرات التعاون والخيانة من كلا
اللاعبين متساوية أو غير متوازنة لصالح أحد اللاعبين. إذا كان عدم التوازن صفريًا [أي بينهما توازن]
أو ضعيفًا جدًا بما فيه الكفاية، فإنهما سيستمران في التعاون بالمثل. ومع ذلك، لو
أصبح هذا الاختلال في التوازن كبيرًا جدًا، فسيصبح الواحد منهما معرَّضًا لاحتمال
استغلاله من الطرف الآخر. لذلك يخون الطرف الآخر.
![]() |
يتتبع اللاعبون عدم توازن التعاون في تفاعلهم التكراري. |
الميزة الأولى لاستراتيجية CURE هي أنها ميزة عملية. استكشف
الفريق بقيادة الدكتورة هيلبي والدكتور هاوزيانغ شيا Hoaxiang Xia الخصائص الرياضية لهذه
الاستراتيجية وأجروا عمليات محاكاة حوسبية مكثفة لاختبار طريقة تطورها في بيئات
مختلفة. أثبتت تلك النتائج الحوسبية أن CURE لديها القدرة على تشجيع الانصاف مع السماح بالخطأ. كما أنها قادرة على التطور والازدهار في بيئة
غير مواتية، مما يعني أن التعاون يمكن أن ينبثق حتى من قبل مجموعة خائنة.
التنبؤ بالسلوك البشري
القوة الأخرى لـ CURE هي بداهتها وبساطتها، مما يجعلها مرشحةً قويةً للتنبؤ بالسلوك
البشري الحقيقي. لاستكشاف هذا الجانب
بمزيد من التفصيل، أجرت السيدة روسيتي تجربة على الإنترنت حيث كان للمشاركين فرصة
اللعب مع شخص آخر مقابل مبلغ بسيط من المال. وأظهرت النتائج أنه في حال أن هناك في التفاعل التكراري خيارًا بين التعاون والخيانة، فقد فسرت CURE السلوك الحقيقي بشكل
أكثر دقة من القواعد الأخرى، خاصة عند ادراج الخطأ في العملية. حقيقة أن البشر يرتكبون أخطاءً أحيانًا عندما
يتفاعلون مع آخرين يمكن أن يكون ضارًا بالتعاون. وعلى هذا النحو، فإن أي نموذج يرغب في محاكاة
السلوك البشري عن كثب يجب أن يأخذ ذلك في الاعتبار.
أبحاث علم النفس وجدت أنه في
الصداقات والعلاقات الوثيقة الأخرى بين الناس، فإن معظم هؤلاء لا يحتفظون بسجل
(بذاكرة) واضحة وجلية عمن هو مدين للثاني، بل لديهم إحساس عام بما لو أن تلك
العلاقة كانت منصفة أم لم تكن. CURE تجسد هذا السلوك بالضبط. بيد أن هذه المقاربة لا تفترض أن
الناس يختارون هذه الاستراتيجية بوعي من طرفهم. وبدلاً من ذلك، فقد تنبثق بمرور الزمن استراتيجيات،
مثل CURE، بشكل طبيعي كقواعد بسيطة تسمح بتطور
التعاون المتبادل والمعاملة بالمثل .
مصادر من خارج النص
1- "معضلة السجينَين هي النواة الأساسية لمشكلة التعاون ضمن نظرية الألعاب. تتضمن اللعبة متهمين، لا يملك المحقق أدلةً كافية على أي منهما لإثبات الجرم. الخيارات المتاحة أمام كل متهم أثناء التحقيق هي: إما أن يشهد على المتهم الآخر أمام القاضي، أو أن يلتزم الصمت. في حال آثر المتهمان الصمت، لا تستطيع المحكمة إثبات التهمة على أي منهما، ويحكم على كل منهما بالسجن ستة أشهر فقط. أما لو شهد أحد المتهمين على صاحبه، يخرج الشاهد دون حكم ويحكم على الآخر بالسجن عشر سنوات. إذا اختار كلا المتهمين أن يشهد كل منهما على الآخر، يحكم على الاثنين بخمس سنوات في السجن. كلا المتهمين لا يعلم بقرار الآخر أثناء التحقيق معه. ما يسبب معضلة السجينين هو غياب التواصل بينهما، لذلك تكمن المعضلة في الخيار العقلاني، عن طريق النظر إلى الخيارات المتاحة لأحد أطراف اللعبة، هو خيانة الشريك والاعتراف بصفته الاسترتيجية المهيمنه التي تؤدي بالنتيجة إلى أفضل المكاسب: وهي إما اطلاق السراح أو السجن لمدة خمس سنوات لكليهما. فالخيار العقلاني يؤدي بشكل جمعي إلى سوء العاقبة: السجن لكليهما خمس سنين، في حين أن الخيار اللاعقلاني - التزام الصمت - يؤدي جمعياً إلى عاقبة أقل سوءاً: السجن ستة أشهر. بعبارة مهنية أكثر، المعضلة إذاً هي في كون التوازن الفريد لهذه اللعبة ليس حلاً مثالياً لها. النموذج التكراري لمعضلة السجينين يقوم على تكرار المواجهة مراتٍ عديدة، وبالتالي يكون لدى كل لاعب معرفةٌ بالقرارات السابقة للَاعب الآخر. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/معضلة_السجينين
2- "المعاملة بالمثل في علم النفس الاجتماعي مصطلح يشير إلى الرد على فعل
إيجابي بفعل إيجابي آخر، كنوع من المكافأة. وكمفهوم اجتماعي، تعني المعاملة بالمثل أنه عند
الاستجابة لأفعال تتسم بالمودة، يكون الناس عادة أكثر لطفًا وتعاونًا مما هو متوقع
من النموذج القائم على المصلحة الذاتية؛ وعلى العكس، عندما يتعرضون لأفعال عدائية،
يكونون عادةً أكثر عدوانية، بل ووحشيةً أيضًا." مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/معاملة_بالمثل_(علم_النفس_الاجتماعي)
المصدر
الرئيس
https://www.evolbio.mpg.de/3619529/news_publication_19411039_transferred
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق