الخميس، 24 نوفمبر 2022

قطيع الغنم يستبدل قائده بشكل دوري ويحقق بذلك ذكاءً جمعيًا

 

17 نوفمبر 2022

 

بقلم إنغريد فاديلي 

 

المترجم:عدنان أحمد الحاجي

 

المقالة رقم 322 لسنة 2022

 

Physics study shows that sheep flocks alternate their leader and achieve collective intelligence

 

by Ingrid Fadelli, Phys.org

 

November 17, 2022


 

تعد الحركة الجماعية للحيوانات ضمن قطيع / سرب موضوع بحث رائع للكثير من الباحثين.  معرفة هذه السلوكيات الجماعية وفهمها قد تكون في بعض الأحيان مصدر إلهام لتطوير استراتيجيات لتعزيز وترويج التغيير الاجتماعي(1) الإيجابي، وكذلك التكنولوجيات التي تحاكي الطبيعة(2).

تصف العديد من الدراسات سلوك حركة السرب / القطيع(3) على أنه عملية منتظمة ذاتيًا، حيث يقوم أفراد القطيع بتغيير اتجاههم وسرعتهم باستمرار لتحقيق حركة "جماعية" في النهاية. ومع ذلك، هذا المنظور لا يأخذ في الاعتبار الهيكل / التنظيم الهرمي(4) الذي ترسمه العديد من مجموعات الحيوانات [المترجم: مجموعات الحيوانات تعرف بعناوين مختلفة بحسب نوع الحيوان، مثلًا، آسراب الطيور / الجراد، قطيع الماشية، مستعمرات النمل، وما الى ذلك] والفوائد المحتملة لوجود "قائد" يوجه الحركة على الطريق.

لويس غوميز ناڤا Luis Gómez-Nava وريتشارد بونRichard Bon وفرناندو بيرواني Fernando Peruani هؤلاء الثلاثة باحثون من جامعة كوت دازور at Université Côte d'Azur وجامعة تولوز وجامعة س ي سيرجي باريس CY Cergy Paris استخدموا مؤخرًا نظرية فيزيائية لدراسة السلوك الجمعي لقطعان صغيرة من أغنام.  تُثبت النتائج التي توصلوا إليها، والتي نُشرت في مجلة Nature Physics(5)، أنه بالتناوب بين دور القائد والتابع، يحقق القطيع في النهاية شكلاً من أشكال "الذكاء الجمعي(6)".

"في معظم أنظمة مجاميع الحيوانات [قطعان، أسراب، ألخ] الاجتماعية، تٌعتبر الحركة الجماعية (القطيعية) عملية غير مستمرة [أي متقطعة]، لكنها تحدث على مراحل: مراحل الحركة الجمعية غير متصلة [أي متقطعة] ، على سبيل المثال، تتوقف بغرض الراحة أو لتناول علفها،" كما قال وفرناندو بيرواني. "بيد أن معظم دراسات الحركة الجمعية، بما فيها الدراسات التجريبية والنظرية، تأخذ في الاعتبار القطعان التي تبقى، من البداية حتى النهاية ، في حالة حركة جماعية.  علاوة على ذلك، غالبًا ما يُفترض أن سلوك حركة القطيع يتطلب من أفراده الاستمرار في المشي على الطريق في الاتجاه المقرر. "

كان الهدف الرئيس للدراسة الأخيرة التي عمل عليها بيرواني وزملاؤه هو دراسة الحركة الجماعية للقطيع الحيواني بطريقة تراعي صراحةً البعد المرحلي للعملية ذاتية التنظيم، وتحديداً فكرة أن لمراحل الحركة الجماعية بداية ونهاية، بالإضافة إلى ذلك، يرغب الفريق في تبني منظور بديل وشمولي، والذي يعتبر حركة قطيع الحيوانات كمجموعة متكونة من "مراحل جمعية".

ضمن تجربتهم، درس بيرواني وزملاؤه عن كثب السلوك العفوي لقطعان صغيرة من الأغنام على فترات زمنية متفاوتة.  وقاموا بتحليل منحنيات (مسارات) حركة أفراد القطيع بشكل فردي وأجروا عملية حوسبية على الترتيب المكاني العام للحيوانات واتجاهها، بينما قاموا أيضًا بتقييم التلازم بين السرعات التي يتحرك بها كل فرد من  أفراد القطيع. 

"أثبتنا أولاً أن أياً من نماذج حركة القطيع الحالية، أو ملحقاتها، لا تتسق مع ما لاحظناه،" حسبما قال بيرواني. "بعد ذلك، قمنا بتحليل كيف تنتقل المعلومات في كل أفراد القطيع، والتعرف على شبكة تفاعل متسقة مع البيانات، ودققنا في أي المعلومات تُرسل ضمن هذه الشبكة."

ومن المثير للاهتمام، وجد بيرواني وزملاؤه أن شبكة التفاعل التي تمثل سلوك القطيع التي لاحظوها كانت هرمية إلى حد بعيد.  بالإضافة إلى ذلك، أثبتوا أن المعلومات الوحيدة التي انتقلت ضمن هذه الشبكة هي تلك المتعلقة بموضع الفرد (الحمل/ الخروف / النعجة) ضمن القطيع.

باستخدام النتائج التي توصلوا إليها، طور الباحثون نموذجًا لحركة الأغنام الجماعية التي تركز على عمليتين معرفيتين (ادراكيتين) رئيستين.  هاتان العمليتان هما اختيار القائد الذي سيقود القطيع لفترة زمنية محددة والآلية التي يقوم عليها توجيه مسار القطيع.

"ما هو أهم من ذلك هو أن لكل مرحلة من مراحل الحركة الجماعية قائد مرحلي" كما أوضح بيرواني، "لقد بحثنا في الخصائص الرياضية للنموذج الناتج للتعرف على مزايا الاستراتيجية الجماعية المكشوف عنها. وأعتقد أن المساهمة الرئيسة هي التالية: بالنسبة للأغنام، من خلال شبكة تفاعل هرمي للتحرك معًا لفترة زمنية، تُعطي السيطرة الكاملة على المجموعة للقائد المرحلي للقطيع، ولكن هناك أيضًا فترات،تبديل (تناوب) سريعة ومرحلية على قيادة القطيع،" قال بيرواني.

بشكل أساس، تفيد النتائج التي توصل إليها الباحثون بأنه أثناء التنقل ضمن القطيع، تتناوب الأغنام بين دور القائد والتابع.  وبالتالي يقود القائد القطيع فقط لفترة معينة من الزمن، قبل أن تُنقل السيطرة على المجموعة إلى فرد آخر من القطيع.

"إذا كانت لدى القائد المرحلي معرفة لها علاقة بالقطيع (على سبيل المثال، طريق الخروج من شبكة طرق معقدة ومحيرة أو مرعى)، فسيكون القائد المرحلي قادرًا على توجيه القطيع بكفاءة،"حسبما قال بيرواني، وقال "بهذه الطريقة يستفيد جميع أفراد القطيع من هذه المعرفة، وتجدر الإشارة إلى أن هذا لا يفيد إلا إذا اتبع جميع أفراد القطيع القائد المرحلي وامتثلوا له بدون أي تردد،" بحسب بيرواني.

ألقت النتائج التي خرج بها بيرواني وزملاؤه بعض الضوء على الديناميكيات التي تقوم عليها الحركة الجماعية للقطعان الصغيرة للأغنام.  للتحقق من مدى إمكانية تعميم هذه النتائج، ينبغي إجراء مزيد من التجارب على قطعان أكبر وحيوانات مختلفة.

"تساءلنا: إذا كان هناك قائد مرحلي في كل لحظة من اللحظات، فكيف يشارك القطيع المعلومات التي ربنا  يمتلكها كل فرد من أفراده ويعالجها؟  [المترجم: معالجة المعلومات هي عبارة عن سلسلة من العمليات المعرفية بين الاحساس بالمثير من المحيط والاستجابة المناسبة له].  هل يتمكن القطيع القيام من مشاركة المعلومات وجمعها من أفراده ودمجها للاستفادة منها لتحسين قدرته على التنقل بدقة إلى مكان آخر؟ باختصار، هل يُظهر القطيع بذلك ذكاءً جمعيًا؟ " يسأل بيرواني. "لقد أثبتنا أنه من خلال تغيير القائد المرحلي بصورة منتظمة، يصبح القطيع قادرًا على مشاركة المعلومات وجمعها من أفراده ودمجها للاستفادة منها وكذلك قدرته على ما يحقق الذكاء الجمعي".

الوكاء الجمعي

بشكل عام، تسلط هذه الدراسة الأخيرة التي أجراها هذا الفريق من الباحثين الضوء على إمكانية أن بعض الاستراتيجيات الجمعية الطبيعية الحيوانية تستفيد من المخططات التنظيمية الهرمية والديمقراطية.  في المستقبل، قد تكون استنتاجاتهم مصدر الهام لدراسات جديدة تبحث في الفيزياء والبيولوجيا التي تدعم هذه السلوكيات الحيوانية الجمعية المثيرة للاهتمام.

وأضاف بيرواني "نحن ندرس الآن الحركة الجماعية باستخدام قطعان من مختلف الحيوانات". "على وجه التحديد، نحن نقارن السلوك العفوي لقطعان من الحملان [صغار الغنم]، وأغنام كبيرة [نعاج / خرفان]، للتحقق مما إذا كانت تتعلم اتباع / امتثال أوامر قادتها المرحليين والتصرف كقطيع واحد مع مرور الزمن. نحن أيضًا نبحث في كيف تتصرف القطعان في بيئات معقدة مثل شبكة طرق معقدة ومحيرة أو مراعي فيها بقع حشائش مختلفة يمكن أن تؤدي إلى تضارب في المصالح بين أفراد القطيع.  وبشكل أكثر عمومية، باستخدام العديد من أدوات الميكانيكا الإحصائية، نحن نبحث في كيف تقوم القطعان بمشاركة المعلومات ومعالجتها والاستفادة منها. "

 

مصادر من داخل وخارج النص

1- "التغير الاجتماعي هو مفهوم مرتبط بعلم الاجتماع، والذي يشير إلى التغير المستمر في المجتمع؛ بسبب تأثير شريحة من العوامل الاجتماعية، ويعرف أيضا بأنه ظاهرة من الظواهر الاجتماعية ذات التأثير المستمر، والتي تعتمد على مجموعة من الأفكار البشرية والنظريات المستحدثة والآراء والايدلوجيات التي يتميز بها كل عصر من العصور البشرية.  التغير الاجتماعي إما أن يكون شاملاً أو جزئياً، وإما راديكالياً أو تدريجياً.  وعلماء الاجتماع يختلفون في تفسيرات هذا التغير ومعرفة عوامله وأسبابه ونتائجه الكلية والجزئية علىوحد سواء.  ومن هنا نشأت نظريات علم الاجتماع المختلفة.  يذهب بعض العلماء إلى أن التكنولوجيا هي الأساس لكل التغيرات في العلاقات الاجتماعية، كما يذهب آخرون إلى إن التنافر بين الطبقة التي تمتلك أدوات الإنتاج والطبقة التي لا تمتلك هو الأهم، وأيضاً وضع البعض العوامل الأيديولوجية أو الدينية على إنها تؤدي الى التعديلات الأساسية في الدور والمكانة.  قد ترجع أسباب التغير الاجتماعي أيضا إلى عوامل سيكولوجية في الشخصية الانسانية فبما ان السلوك الانساني يقوم على أساس دافع معين فإذا ما تغير هذا الدافع نتج عن ذلك تغير في العادات والتقاليد."   مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/تغير_اجتماعي

 

2- "المحاكاة الحيوية أو تقليد الطبيعة (biomimetics)، هي تقليد النماذج والأنظمة وعناصر الطبيعة بغرض حل المشكلات الإنسانية المعقدة.  الكلمة مستمدة من اليونانية وتعني «تقليد الطبيعة». وتقوم بتطبيق الدروس المستفادة من دراسة الأساليب والنظم الطبيعية لتصميم تكنولوجيا ما.  محاكاة الطبيعة هي فرع من فروع عالم الأبحاث العلمية (خاصة في مجالات الفيزياء والكيمياء) الذي يبحث كيف تعمل الطبيعة (من منظومات ومباني، ونماذج، وعناصر وما الي ذلك...) من أجل محاكاتها بهدف حل مشكلات بشرية.  وقد طورت الكائنات الحية هياكل ومواد تتكيف بشكل جيد على مدى الزمن الجيولوجي من خلال الانتقاء الطبيعي، بحيث يتلائم كل كائن حي مع بيئته بشكل تام.  وساهمت محاكاة الطبيعة في ارتفاع مستوى التكنولوجيا الجديدة المستوحاة من الحلول البيولوجية على المستويين المايكرو والنانو.  وهكذا بدأ البشر في الطبيعة بالحصول على إجابات للمشكلات طوال الحياة."  مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/محاكاة_حيوية

 

3- "حركة السرب / القطيع flocking هي ظاهرة يقوم في ضمنها الأفراد المدفوعون ذاتيًا، باستخدام معلومات محدودة من البيئية وقوانين بسيطة، بتنظيم أنفسهم في حركة منتظمة." ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://guava.physics.uiuc.edu/~nigel/courses/569/Essays_Spring2006/files/Sinkovits.pdf

 

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/تنظيم_هرمي

 

 

5- https://www.nature.com/articles/s41567-022-01769-8

  

6- "ذكاء جمعي أو ذكاء تكافلي أو مشترك collective intelligence، هو الذكاء الذي ينشأ نتيجة التعاون أو حتى التنافس بين أفراد مجموعة بشريَّة معيَّنة وصولاً لاتخاذ قرار مشترك، يُستخدم هذا المصطلح في علم الاجتماع وفي العلوم السياسيَّة ؤخصوصاً في مواضيع أنظمة التصويت المتنوِّعة ووسائل الإعلام وغيرها من وسائل قياس النشاط الجماعي في المجتمع، ويمكن قياسه من خلال معدَّل الذكاء الجماعي Collective IQ، كما أنَّ مفهوم الذكاء الجمعي موجود أيضاً عند الحيوانات وحتى الجراثيم."  مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: 

https://ar.wikipedia.org/wiki/ذكاء_جمعي

 

المصدر الرئيس

https://phys.org/news/2022-11-physics-sheep-flocks-alternate-leader.html

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق