الأحد، 15 أكتوبر 2023

قد يكون شخص واحد أفضل من شخصين حين يتعلق الأمر باتخاذ قرارات - وهذا ما أثبته العلم

 

6  اكتوبر 2017


بقلم ديفيد ڤالرياني ، باحث بعد الدكتورا في تصميم الواجهات بين الدماغ والكومبيوتر في جامعة ايسكس ومؤسس شركة Eyewink المحدودة 


المترجم: عدنان احمد الحاجي


المقالة رقم 285 لسنة 2023


Sometimes one head is better than two when it comes to decisions – here's the science

October 6, 2017 


Davide Valeriani


اتخاذ  القرار جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية. عندما يتعلق الأمر بالقرارات الهامة، نرغب عموماً في أن نعمل مع آخرين - على افتراض أن اتخاذ القرار على مستوى  المجموعة أفضل من اتخاذه على المستوى الفردي. وقد تبين، بالنتيجة، أن هذا هو الحال  عند  البشر(1، 2) والحيوانات(3). باتخاذها قرار مشترك تحقق اللجان أو الهيئات أو المحلفون "حكمة الجمهور"(4) وذلك حين تتبادل وجهات النظر  والآراء الشخصية - وتناقشها داخل المجموعة حتى تتوصل  إلى توافق في الآراء.

إلَّا أن  شخصين [وربما أكثر من شخصين، وقد يعبر عنها بعقلين] ،  ليسا دائمًا أفضل من شخص  واحد حين يتعلق الأمر باتخاذ قرار .  وجود قائد متسلط أكثر من اللازم، وقيود زمنية وديناميات اجتماعية(5) يمكن أن تبدد ما للمجموعات من مزايا في عملية اتخاذ القرارالدارويني(6). في دراسة(7)، نشرت في مجلة تقارير علمية Scientific Reports، قمنا  بدراسة أفضل الحالات لاتخاذ القرارات حين تكون الظروف غامضة . وبعبارة أخرى، إذا لم نتمكن من اتخاذ قرار مستنير [أي بعد استيفاء كل المعلومات المتعلقة بموضوع القرار]، هل نحن أفضل حالاً ان نتخذه بمفردنا أو نتخذه ضمن  مجموعة؟

في ظل عدم اليقين، المعلومات الواردة من الحواس ليست كافية عمومًا لاتخاذ قرارات دقيقة (صحيحة). أيضا، في القرارات المعتمدة على المعلومات الحسية [ أي استخدام الحواس لجمع  العلومات وتمييزها وتصنيفها الدارويني(8)]، كالبحث عن جسم معين في صورة،  فالاستدلال المنطقي(9) لا يساعد. في مثل هذه الظروف، أفضل القرارات هي عمومًا تلك التي تستخدم الحدس(10، 11), . ومع ذلك، تشير البحوث إلى أن مناقشة قرارك مع آخرين من شأنه أن يعزز أداءك(12).

في تجاربنا، قمنا بعرض  سلسلة من الصور لبيئات مختلفة عن القطب الشمالي فيها جمع من طيور البطريق، وربما، دب قطبي، على مشاركين في التجربة. تم التلاعب بالصور وكأن هاذين  النوعين ( البطريق والدب) يعيشان في قطبين متقابلين . بعد كل صورة، كان على المشاركين أن يقرروا، بأسرع وقت ممكن، ما إذا كان هناك دب قطبي في الصورة. عُرضت كل صورة لمدة ربع ثانية، مما جعل المهمة صعبة جدًا على المشاركين، انظر الى الرسوم المتحركة في مقطع الفيديو  التالي:

https://youtu.be/5oQHtf8UDNU?si=FWza7G8ODVSusHxY


وقد قمنا بحشد 34 مشاركا وقسمناهم إلى ثلاث مجموعات.   في  مجموعتي  A و B (في كل منهما عشرة مشاركين)، أجرى المشاركون التجربة بمعزل عن بعضهم بعض وبدون أي تفاعل (تواصل) مع بعضهم بعض. وبعد كل قرار، أفاد المشاركون في المجموعة B  أيضا عن مدى ثقتهم بذلك القرار. وبما أن جميع المشاركين كانوا قد شاهدوا نفس الصور، قمنا بعد ذلك بدراسة أداء  كل المجموعات الثنائية (مكونة من شخصين) التي تمكنَّا من تشكيلها    وذلك بعد تجميع إجاباتهم. في مجموعة C، شكلنا سبعة أزواج ( 14 فردًا) من المشاركين بشكل عشوائي ووضعتا كل مشارك لوحده في غرفة منفصلة. سمحنا لكل مجموعة متكونة من اثنين (مجموعة ثنائية) بتبادل المعلومات أثناء التجربة. وقد اتخذ أحد عضوي كل مجموعة ثنائية قرارين: أحد هذين القرارين استند إلى معلومات مستقاة من الحواس فقط (أُطلق عليها  الرد الأول) والعضو الآخر أخذ في الاعتبار أيضا الاستجابة الأولى للعضو الأول ودرجة ثقته بها (الرد الثاني).

بعد  الإقران بين المشاركين المعزولين (المجموعتين A و B) بمجرد إضافة إجاباتهم معًا، فإن حكمة الجمهور [القرار الجمعي] احدثت فرقًا: فالمجموعات الثنائية كانت أكثر دقة (صحة) من الأفراد. وإذا لم تتفق المجموعة الثنائية على قرار، استخدمنا قرار عضو من عضوي المجموعة الثنائية الأكثر ثقة. ولكن من المستغرب  ان  المشاركين في المجموعة C الذين سمح لهم بالتواصل ارتكبوا  أخطاءً   بمعدل 50% أكثر من المشاركين المعزولين في مجموعتي A و B. وبعبارة أخرى، السماح  لأكثر من واحد بالعمل معاً مقابل عمل كل شخص بمفرده على نفس المهمة لم يحسن من الأداء: بل جعله أسوأ .

التواصل بين أعضاء المجموعة  لم يقتصر على زيادة في عدد القرارات الخاطئة التي اتخذها الأعضاء المشاركون فحسب، بل جعلتهم غير قادرين على تقييم مدى ثقتهم في قرارهم بشكل صحيح. 

ما حدث في التجربة هو أن الناس المفرطين في الثقة في صحة قراراتهم (مع أنها لم تكن صحيحة) أقنعوا  الناس غير الواثقين في قراراتهم (مع أنها كانت صحيحة) بتغيير آرائهم لصالح اتخاذ قرارت خاطئة. وبالتالي، الطلب  من المشاركين الذين سمح لهم بالتواصل معًا أثناء التجربة بالإبلاغ عن درجة ثقتهم بعد كل قرار هو طلب قائم على الحدس محفوف بالمخاطر.

قراءة العقل الباطن

في هذه الدراسة، نظرنا أيضًا في نشاط أدمغة  متخذي قرارات مختلفين باستخدام التخطيط الكهربي للدماغ (EEG)، والذي يستخدم أقطابًا كهربائية على فروة الرأس لتتبع وتسجيل موجات الدماغ. وكان الهدف هو إيجاد أنساق فيها لتقييم جودة القرار دون سؤال المشاركين عن مدى ثقتهم بقراراتهم، وجدنا أن كثافة موجات الدماغ في مناطق معينة من الدماغ تعكس مدى الثقة في القرار للمشارك. ثم قمنا بتصميم واجهة interface بين الدماغ والحاسوب (BCI) (جهاز كمبيوتر متصل مباشرة بالواجهة) للتنبؤ بمستوى الثقة في قرار كل مشارك باستخدام موجات الدماغ ووقت الاستجابة عن طريق خوارزميات التعلم الآلي. صممنا واجهة  للاستفادة من العقل الباطن والتقاط القرائن  على مدى الثقة في القرار قبل ان يأخذ تفكير منطقي آخر  دوره في التأثير.

بعد  استخدام الـ BCI ، لم يتلق المشاركون أي تغذية راجعة تتعلق بمستوى ثقتهم بقرارهم. وبهذه الطريقة، تمكنا من أن نحدد من الذي ينبغي الوثوق به أكثر في كل قرار بناءً  على نشاط دماغه فقط - وهو ما ساعدنا على تحسين دقة القرارات الثنائية (قرارات المجموعات المتكونة من شخصين في كل مجموعة)  عند تجميع الإجابات بعد ذلك.

وتشير نتائجنا إلى أن شخصين أفضل من شخص واحد في اتخاذ القرار في حال عدم اليقين فقط إذا لم يكن هناك تبادل للمعلومات بين المشاركين. أيضًا، القرارات الجماعية  المثلى يمكن  اتخاذها  باستخدام الـ  BCI لتحديد أي من أعضاء المجموعة ينبغي الوثوق به أكثر وفقًا لموجات دماغه.

التطبيقات العملية الممكنة لنتائج الدراسة

وهذه النتائج  يمكن أن تساعد في أماكن العمل  المتنوعة على تحسين عملية اتخاذ القرارات. ولتحقيق أقصى قدر من الأداء، نحن بحاجة إلى العديد من المستخدمين users المعزولين المجهزين  بالواجهة الكمبيوترية BCI التي صممناها .  وهذا ينطبق بشكل خاص على السيناريوهات التي قد تكون للقرارات الخاطئة نتائج خطيرة. على سبيل المثال، في المراقبة، حيث يراقب ضباط الشرطة كاميرات الأمن لتحديد التهديدات على الساحة. أو في التمويل، للسماح للوسطاء باتخاذ قرارات أفضل وحفظ المال. وبالمثل، في مجال الرعاية الصحية، يمكن مساعدة أخصائيي الأشعة باستخدام الـ  BCI للتشخيص بشكل أفضل  صور الأشعة السينية. وهذا بدوره يمكن أن يساعد في إنقاذ الأرواح.


مصادر من داخل وخارج النص

1- https://www.theguardian.com/books/2004/aug/07/highereducation.news2


2- https://mafaheem.info/?p=4127


3- https://theconversation.com/how-animals-vote-to-make-group-decisions-84134


4- https://www.bbc.com/future/article/20140708-when-crowd-wisdom-goes-wrong


5- "الدينامييات الاجتماعية  social dynamics تعني سلوك الجماعات المنبثق عن تفاعلات بين أعضاء الجماعة الواحدة وكذلك إلى دراسة العلاقة بين التفاعلات على المستوى الفرد  والسلوكيات على مستوى الجماعة."  ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://archive.unescwa.org/social-dynamics


6- https://royalsocietypublishing.org/doi/10.1098/rsos.170193


7- https://www.nature.com/articles/s41598-017-08265-7


8-  https://www.cell.com/neuron/fulltext/S0896-6273(16)30942-4?_


9- https://ar.wikipedia.org/wiki/عقل_(منطق)


10- https://ar.wikipedia.org/wiki/حدس


11- https://theconversation.com/too-much-information-how-a-data-deluge-leaves-us-struggling-to-make-up-our-minds-44674


12-  https://www.science.org/doi/10.1126/science.1216549


المصدر الرئيس

https://www.google.com/amp/s/theconversation.com/amp/sometimes-one-head-is-better-than-two-when-it-comes-to-decisions-heres-the-science-84783


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق