الاثنين، 15 يناير 2024

لماذا يسوف الناس ؟ باحث في علوم الأعصاب يبين السبب


16 أبريل 2019


المترجم : عدنان أحمد الحاجي


المقالة رقم 14 لسنة 2024


Why do humans procrastinate? A neuroscientist explains.


April 16, 2019





حين تكون لدينا مهمة ينبغي لنا أن ننجزها  - وخاصة إذا كانت  المهمة غير  مستحقة في المستقبل القريب (أي لم يحن موعد إنجازها وتسليمها بعد)  - فإننا نميل إلى الانتظار حتى نقترب من الموعد النهائي لنعمل عليها بجد، وأحيانًا نستعجل إنجازها في الوقت المطلوب.  لماذا  نتصرف بهذا التصرف؟  ولماذا نسوف؟

 

سأؤجل الإجابة على هذا السؤال للحظة وأبدأ بدلاً من ذلك بسؤال هو أكثر أهمية: لماذا ننشغل بأي شيء؟  أو بشكل أكثر تحديداً، لماذا ننشغل بأي شيء يتطلب  منا جهداً أو مهارة معينة ؟  في حال بقيت كل العوامل والظروف كما هي وحدثت الأمور كما نتوقع، فنحن لا نرغب عمومًا في بذل جهد ذهني(1) أو بدني(2) ، إذاً لماذا لا نتحاشاها جميعاً؟  السبب واضح: إنجاز  الأمور التي نرغب فيها ونتحاشي الأمور التي لا نرغب فيها  يتطلب بذل جهد(3).  كما قال تيدي روزفلت Teddy Roosevelt، "فقط من خلال العمل والجهد المضني نستطيع أن نتقدم في الأمور التي من شأنها أن تحسن ظروف حياتنا."بالنسبة لنا، هذه الأمور يمكن ان تحدث بمجرد انجازنا المهمة (على سبيل المثال، تقاضينا استحقاقاتنا المالية / رواتبنا، أو إثارة إعجاب أقراننا)  أو يمكن أن تكون مستحقة في الأمد الطويل (على سبيل المثال ، نجاح وظيفي أو ترقية وظيفية، أو الحصول على  سمعة إيجابية).


لكن لا يكفي أن تكون هذه الحوافز مستحقة  لكي تؤثر في سلوكياتنا.  بل ينبغي أن نأخذ أهمية هذه الحوافز في الاعتبار حتى نغير مقدار الجهد الذي نقرر استثماره.  بالنتيجة، لن نبذل كل ما في وسعنا لإنجاز المهمة لو أحسسنا أن المكافأة لم تكن  مهمة بشكل معتبر ، أو لو لم نكن نعرف أننا سنحصل على تلك المكافآت.  قد يبدو ذلك واضحاً، لكنه قد يكون مهمًا لفهم عملية التسويف(1).


قرار التغلب على الموانع  يأتي طبيعيًا عندما نهرب من تهديد وشيك أو نلاحق سيارة آيس كريم قريبة منا.  عندما تكون المكافآت والتهديدات المحتملة مرتبطة بموعد نهائي  في المستقبل البعيد ،  سيكون تأثيرها فينا  أقل(5).  نحن ببساطة أقل اهتمامًا  (6) بالجزرة والعصا [أي بالثواب والعقاب] كلما أحسسنا ببعدهما (بمسافتهما البعيدة) الزماني عنا، وهذا مما يجعل حشد الجهد اللازم  صعباً علينا، خاصةً عندما نكون محاطين كثيرًا بالجزرة   (التي تتراوح من مهام  نحصل على مكافآت أكثر فورية بعد انجازها إلى مشتتات للذهن ومضيِّعة للوقت،  مثل  الانشغال بتصفح  تويتر وإنستغرام ).


حقيقة  أن الحصول على المزيد من الحوافز الفورية التي تشعر بأنها أكثر أهمية بالنسبة لنا هي جانب من سبب تسويفنا الشروع في أداء وانجاز  المهام ، لكن الجانب الآخر يتعلق بأنواع الجهد الذي  تتطلبه هذه المهام.  بشكل عام ، لا يعد إنجاز واجب للصف الدراسي أو مشروع للعمل  أمرًا سهلاً  كما هو الحال في ممارسة تمرين رفع  الأثقال.  هذه المهام تتطلب تخطيطاً، مما يعني التفكير بأخذ جميع المقاربات الممكنة والتي تؤثر في النتائج في الاعتبار  والاختيار بين هذه المقاربات قبل الشروع في إنجاز المهمة،  هذه  عملية لا نستمتع  عادة بالعمل عليها بشكل(7).  تكاليف التخطيط السابق على الشروع في التنفيذ  قد تجعل بداية المهمة هذه منفرة بشكل خاص(8)، وتنتهي  بمشاعر سلبية أخرى حين نريد إن نشرع  في هذه المهمة(9) (مثل عدم الثقة بالنفس).


بمجرد أن نتوصل إلى خطة،  نحتاج إلى إكمال جميع الخطوات التي خططنا لها قبل أن نصل إلى هدفنا النهائي(10).  كل  من هذه المهام الفرعية تتطلب منا بذل بعض الجهد(11)، لكن مكافأة هذا الجهد لا تأتي إلا حين  ننجز المهمة بأكملها.  ليس من الواضح كيف يتأثر التسويف بالمهام الفرعية المطلوبة ، لكن وجود هذه المهام الفرعية يمكن أن يسهم في رغبتنا في التسويف بطريقتين على الأقل.  أولاً ، قد نُحبط في كل مرة ننجز فيها مهمة فرعية إذا  لم نحصل على مكافأة بعدها.  ثانيًا،  الفواصل الزمانية بين المهام الفرعية تخلق فرصًا لنا للاستسلام إلى إغراء الجزرة القريبة منا (على سبيل المثال،،  الانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي من وقت لآخر) ، الأمر الذي يتطلب منا بعد ذلك بذل جهد إضافي لإعادة تركيز انتباهنا على المهمة الفرعية التالية.


عندما تضع كل هذه العوامل معًا، يبدأ الأمر  منطقياً  في  أننا  سنشرع في العمل على  المهمة عندما نكون قريبين جدًا من موعد إنجازها النهائي (عندما تكون الجزرة والعصا أكثر بروزًا وأهمية)، ونميل  إلى أن نؤجل  المهمة ككل بدلاً من تجزئتها إلى أجزاء  يمكن التحكم فيها بمرور الزمن.


فهم  هذه الآليات يمكن أن تساعدنا على أن نعرف أساليب لتجنب التسويف.  على سبيل المثال ، لو كافأنا أنفسنا على إنجاز  المهام الفرعية فسنتمكن حينئذٍ من أن نجعل المكافأة النهائية تبدو أقل بُعدًا من الناحية الزمانية؛ بالإضافة الى تصعيد دوافعنا لمواصلة العمل على المهمة الفرعية التالية.  البحث  الأخير يبين أن هذه المقاربة  بعينها - التي تجمع بين الفكرة القديمة المأخوذة من علم النفس والتي تسمى التكييف السلوكي  shaping [وهي طريقة لخلق سلوك جديد وذلك بتوفير تعزيزات تتصاعد في المستوى كلما قربتنا من  السلوك المطلوب.](12)  وبين الأفكار الجديدة بشأن  كيف تُبقي الناس منهمكين  في لعبة فيديو - تعتبر طريقة فعالة في جعل الناس أقل  تسويفاً. 


مصادر من داخل وخارج  النص 

1- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2970648/

  


2- https://psycnet.apa.org/record/1944-00022-000


3-https://www.annualreviews.org/doi/full/10.1146/annurev-neuro-072116-031526


4- https://ar.wikipedia.org/wiki/تسويف


5- https://www.nature.com/articles/nn.4173



6- https://journals.aom.org/doi/abs/10.5465/AMR.2006.22527462


7- https://www.pnas.org/doi/abs/10.1073/pnas.1405725111


8- https://direct.mit.edu/jocn/article-abstract/30/10/1391/28920/Planning-Complexity-Registers-as-a-Cost-in?redirectedFrom=fulltext 


9- https://www.nytimes.com/2019/03/25/smarter-living/why-you-procrastinate-it-has-nothing-to-do-with-self-control.html


10- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0959438812000876


11- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S1364661311002592


12-https://en.m.wikipedia.org/wiki/Shaping_(psychology)




المصدر الرئيس

https://www.brown.edu/carney/news/2019/04/16/why-do-humans-procrastinate-neuroscientist-explains

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق