الاثنين، 4 مارس 2024

هل العلاقة بين الإصابة بآفات الدماغ وبين ارتكاب سلوك إجرامي علاقة سببية أم تلازمية؟

 

18 ديسمبر 2017



المترجم: عدنان احمد الحاجي 



المقالة رقم 58 لسنة 2024




Can Brain Lesions Contribute to Criminal Behavior?


December 18, 2017




بحث نشر في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم(1) يفيد بأن آفة أو إصابة أنسجة الدماغ برضة أو مرض(2) من يمارس سلوكاً إجراميًا وُجدت جميعها قي  شبكة دماغ معينة معنية باتخاذ القرارات الأخلاقية [ القرارات الأخلاقية هي التي تتخذ وفقًا للأخلاق والمباديء والقناعات في معضلات أصبحت  فيها حياة الفرد  نفسه أو حياة الآخرين على المحك ، بحسب التعريف]. وقد أثبتت دراسات سابقة أن أدمغة بعض المجرمين تصاب بحالات غير طبيعية، ولكن في معظم الحالات، لم يتضح بعد إذا ما كانت هذه الحالات غير الطبيعية هي سبب ارتكاب العمل الإجرامي أم نتيجة  أو  ببساطة تصادفت معه زمانيًا [يعني لا تتعدا  كونها علاقة تلازمية غير سببية].

"لقد صمم مختبرنا تقنية جديدة لفهم الأعراض العصبية النفسية [مثل الإكتئاب، ولامبالاة والوهام والهلوسة] بسبب آفات الدماغ البؤرية [أي الآفات المحصورة في أنسجة معينة، بحسب التعريف(3)] والشبكة الصبية للدماغ البشري [الكونيكتوم] (4) ،" كما قال الدكتور الطبيب مايكل فوكس، المدير المساعد لبرنامج تحفيز الدماغ العميق في مركز بيت اسرائيل الطبي في بوسطون (BIDMC).  "لقد طبقنا هذه التقنية بنجاح على الهلوسة والوهام والحركات اللاإرادية والغيبوبة، وربما التطبيق الاكثر إثارة للإهتمام حتى الآن، كان  تطبيقنا اياها  على الجريمة".

وقد أصبح الاهتمام بالعلاقة المحتملة بين الآفات التي أصابت الدماغ وبين الجريمة مرتفعًا بشكل خاص بعد إطلاق النار على جمع من الناس في برج تكساس عام 1966 الذي قام به تشارلز ويتمان الذي كان يشتكي من صداع وتغير في شخصيته قبل قتله لـ 16 شخصًا وإصابته لـ 31  شخصًا آخر. وقد وُجد أنه كان مصاب بورم في دماغه، مما أثار سؤالًا عما إذا كانت إصابة الدماغ هذه كان لها دور في سلوكه. المؤلف الرئيس ريتشارد داربي Richard Darby، والباحث السابق في BIDMC   والأستاذ المساعد في علم الأعصاب في جامعة ڤاندربيلت ومدير عيادة الخرف الجبهي الصدغي(5) في جامعة ڤاندربيلت، أشار إلى أنه أصبح شخصيًا مهتمًا في متى تؤدي  الأمراض العصبية  إلى ارتكاب سلوك إجرامي بعد عنايته  بالمرضى  المصابين بالخرف الصدغي ، الذين غالبا ما  يرتكبون جرائم غير عنيفة نتيجة لخرفهم.

وللبحث في هذه المسألة، قام فوكس وداربي وزملاؤهما بتتبع آفات  الدماغ بشكل ممنهج في 17 مريضاً ممن أرتكب  سلوكًا إجراميًا بعد الإصابة بالآفة الدماغية - ولكن ليس قبل الإصابة.

وكشفت التحاليل أن الإصابة بالآفات وُجدت متموضعة في مناطق الدماغ المختلفة، ولكن كلها  ترجع إلى شبكة عصبية مشتركة. "لقد وجدنا أن هذه الشبكة العصبية كانت معنية باتخاذ القرارات الأخلاقية في الناس غير المصابين، وربما هذا يعطي  سبباً  لماذا آفات  الدماغ في هذه المواضع من شأنها أن  تجعل المرضى المصابين بها أكثر احتمالاً  لارتكاب سلوك إجرامي"، حسبما قال داربي. الشبكة العصبية ليست معنية بالتحكم المعرفي  أو التقمص الوجداني(6).[التحكم المعرفي يرجع إلى الاختيار المقصود للأفكار والمشاعر  والسلوكيات بناءً على متطلبات المهام القائمة والسياق الاجتماعي، وما يصاحب ذلك من تثبيط الأفعال  المعتادة غير المناسبة لتلك المهام.](7)

النتائج مدعومة  باختبارات جرت على مجموعة منفصلة من 23 حالة حيث كانت الفترة الزمنية  بين الاصابة بالآفة في  الدماغ وبين ارتكاب السلوك الإجرامي فُهمت  بالمضمون (بشكل غير مباشر)  ولكنها  ليست حتمية. ومن المهم أن نلاحظ، مع ذلك، ليس جميع المصابين بآفات في الدماغ داخل هذه الشبكة العصبية التي تم التعرف عليها في هذه الدراسة  سيرتكبون جرائم. ومن المرجح أيضا أن تكون العوامل الوراثية والبيئية والاجتماعية مهمة في هذا السياق. وقال فوكس، وهو أيضا أستاذ مساعد في علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد: "نحن لا نعرف حتى الآن القيمة التنبؤية [قيمة أحصائية](7) لهذه المقاربة. "على سبيل المثال، لو أصيب  الدماغ بآفة  خارج هذه الشبكة العصبية  الدماغية ألتي تعرفنا عليها في هذه الدراسة، هل هذا يعني أنها لا علاقة لها بارتكاب السلوك الإجرامي؟ وبالمثل، نحن لا نعرف نسبة المرضى المصابين بآفات ضمن  هذه الشبكة العصبية، التي تعرفنا عليها،  ممن سيرتكب  جرائم."

وأضاف داربي أنه من المهم الأخذ في الاعتبار متى لا  توظف هذه  الدراسة. وقال "قد تساعدنا النتائج التي توصلنا إليها فى فهم متى يمكن ان يؤدي الخلل الوظيفي فى الدماغ إلى ارتكاب سلوك اجرامى والذى قد يكون خطوة مهمة للوقاية من (منع) هذا الخلل الوظيفي او حتى أن يصار إلى علاجه". "ومع ذلك، فإن وجود آفة في  الدماغ لا يمكن أن تخبرنا ما إذا كان ينبغي او لا ينبغي لنا أن نعتبر  الشخص قانونيا مجرمًا ونحمله مسؤولية نتائج سلوكه الإجرامي . وهذا هو السؤال الذي على المجتمع  الإجابة عنه في نهاية المطاف. "

في الواقع، يختلف الأطباء وباحثو علم الأعصاب والمحامون والقضاة جميعهم  في  تفسير السلوك الإجرامي في حالة اصابة  الدماغ بآفة. هل المريض مسؤول؟ وهل ينبغي معاقبته بنفس الطريقة التي يعاقب بها غير المصابين بآفة في الدماغ؟ هل السلوك الإجرامي مختلف عن الأعراض الأخرى التي يعاني منها المرضى بعد اصابة   الدماغ بآفة كالشلل أو مشكلات النطق؟ وقال فوكس "نتائج  هذه الدراسة لا تجيب على هذه الاسئلة، بل تبرز اهمية هذه السلوكيات".


مصادر من داخل وخارج النص


1- https://www.pnas.org/doi/full/10.1073/pnas.1706587115


2- https://ar.wikipedia.org/wiki/آفة_(طب)


3- https://jamanetwork.com/journals/jama/fullarticle/195320#:~:text


4- https://ar.wikipedia.org/wiki/كونيكتوم


5-  https://ar.wikipedia.org/wiki/الخرف_الجبهي_الصدغي


6- https://ar.wikipedia.org/wiki/تقمص_وجداني


7- https://www.frontiersin.org/journals/psychology/articles/10.3389/fpsyg.2015.00758/full


8- https://ar.wikipedia.org/wiki/قيمة_تنبؤية_إيجابية


المصدر الرئيس

https://www.bidmc.org/about-bidmc/news/can-brain-lesions-contribute-to-criminal-behavior



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق