الثلاثاء، 5 مارس 2024

إحياء عادة ووأدها - أفكار جديدة عن تكوِّن العادات في الدماغ


27 فبراير 2020



المترجم : عدنان أحمد الحاجي



المقالة رقم 59 لسنة 2024



Revving Habits Up and Down, New Insight into How the Brain Forms Habits


February. 27. 2020 



رسم توضيحي للمخطط الظهراني الجانبي يظهر كمقطع عرضي.  التظليل الأزرق يوضح منطقة الدماغ التي تحتوي على المستقبلات التي أنتجتها تقنية البصريات الوراثية (الأوبجينتكس) ( النقاط السود تظهر مواضع استقبال الضوء  


كل يوم ، يعتمد الناس والحيوانات على عاداتهم للقيام بالمهام الروتينية كالأكل والنوم. حين تتكون عادات جديدة ، فهي تمكننا من عمل الأشياء بشكل تلقائي وبدون أي تفكير (أو تركيز) يذكر. وحينما يبدأ الدماغ في تكوين عادة جديدة، في فترة زمنية قصيرة جداً كقُصر نصف ثانية، إحدى مناطق الدماغ، وهو الجسم المخطط الظهراني الجانبي dorsolateral striatum، يشهد ومضةً قصيرةً من النشاط. ومضة النشاط هذه تتزايد  كلما ترسخت العادة. توضح دراسة كلية دارتموث Dartmouth كيف يمكن التحكم في العادات اعتمادًا على مدى نشاط  الجسم المخطط الظهراني الجانبي. تم نشر النتائج في مجلة نيروساينس(1).


في بحث سابق(2) من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT ، وجد كبير المؤلفين  أن هذه الومضة  في نشاط الدماغ في الجسم المخطط الظهراني الجانبي تتلازم مع مدى اعتيادية ( حين أصبحت عادة / معتادة/ مألوفة) مهمة جري الفئران  في المتاهة. وُجد أن النشاط كان بارزاً  في بداية ونهاية الجري خلالها.


في هذه الدراسة، سعى الباحثون إلى التلاعب بموضة النشاط هذه في دماغ الفئران باستخدام تقنية علم البصريات الوراثي  (الأوبجينتكس  optogenetics)(3). بهذه التقنية، العصبونات (خلايا الدماغ العصبية)  في الجسم المخطط الظهراني الجانبي ، والتي وُحدت أنها مقترنة بتكوِّن العادات يمكن استثارتها أو تثبيطها، باستخدام الضوء. تقنية علم البصريات الوراثي (الأوبجينتكس) تمكّن خلايا الدماغ من انتاج مستقبلات حساسة للضوء وهي عملية غير مؤلمة. الضوء  الأزرق الوامض يستثير  خلايا الدماغ بينما الضوء الأصفر الوامض يثبطها ويسكتها.


متاهة جري الفأر 


باستخدام المتاهة لتنفيد عملية جري الفئران، دُرّبت الفئران على الجري في متاهة على شكل صليب. (حيث كان هناك فأر واحد فقط في المتاهة في كل محاولة جري). بدأت الفئران  في أحد ذراعي  البداية وجرت من إحدى نهايتي دذراعي الصليب إلى مركز نقطة اتخاذ القرار [والتي بعدها يتم اتخاذ قرار بشأن جهة الجري]. دُرّبت الفئزان على الجري إما ابتداءً من يسار المتاهة  وإنتهاءً بيمينها أو العكس، حيث قطعة من السكر كانت تنتظرها هناك كمكافأة؛ ذراع واحد من ذراعي الصليب  فقط كان مزوداً بقطعة السكر. حالما بدأت الفئران بالجري في المتاهة وانعطفت في الاتجاه الصحيح  حيث مكان قطعة السكر ، تلقت تلك القطعة كمكافأة لها.


استخدمت ومضات الألوان الملونة لتقنية البصريات  الأوبجينتكس  optogenetics لاستثارة نشاط عصبونات المخطط الظهراني الجانبي مدة  نصف ثانية فقط حين بدأت الفئران بالجري،   لوحظ أن العادة قد تشكّلت حين توجهت الفئران إلى مركز المتاهة وانعطفت مباشرة باتجاه  موقع قطعة السكر دون أن ت-تاج  أن تقف في المركز وتجول بنظرها بمجرد أن  عرفت وجهتها - قطعة السكر - [المترجم: قرينة على أنها لم تحتاج إلى الوقوف والتأمل والتفكير قبل اتخاذ القرار، وهذا ما يلاحظ عندما يعتاد الكائن الحي على فعل شيء فإنه يفعله تلقائيًا بلا تفكير - في اللاوعي] .


في المقابل، عندما ثُبطت الخلايا العصبية، كانت الفئران بطيئة وبدت أنها بدأت في أن تفقد  / تكسر عادتها تمامًا. بمجرد وصولها إلى مركز المتاهة، توقفت مؤقتًا وجالت النظر كثيرًا كما لو كانت  تفكر مليًّا، قبل اتخاذها القرار في نهاية المطاف. والأكثر إثارة للدهشة قام الباحثون أيضاً باختبار مدى تعَوّد الفئران بتغيير طعم قطعة السكر المستساغ إلى شيء آخر بطعم غير مستساغ. في هذه الحالة، الإستثارة  جعلت الفئران تستمر بالجري كعادتها من أجل النتيجة غير السارة حيث كانت المكافأة غير المستساغة في انتظارها ، في حين جعل التثبيطُ الفئرانَ ترفض الجري من الأساس عندما لم يكن هناك مكافأة في انتظارها.


عندما وظف الباحثون الضوء للتلاعب في نشاط الجسم المخطط الظهراني الجانبي  أثناء منتصف تجارب الجري في يوم آخر ، لم يكن هناك تأثير يذكر. بمجرد أن شرعت الفئران  للجري  دورة  كاملة  انطوت على  الجري والانعطاف والتوقف - بدت أن هذه العادة أملت على الفئران أفعالها وتصرفاتها، كما لو كانت في وضعية الطيار الآلي (المترجم: يعني تقوم بما تقوم به في ألَّاوعي،  بلا انتباه تركيز أو تفكير أو ادراك واع منها - وهكذا عندما تتحكم العادة في كل الشيء).


"تبين النتائج التي توصلنا إليها كيف يمكن التحكم في العادات في نافذة زمنية قصيرة جدًا عندما شرعت الفئران في الجري. قوة نشاط الدماغ في هذه النافذة الزمنية تحدد ما إذا كان سلوك الفئران  بأكمله سيصبح عادة أم لا، كما أوضح كايل سميث Kyle Smith ، الأستاذ المساعد ومدير الدراسات العليا في قسم العلوم النفسية وعلوم الدماغ  في كلية دارتموث ،الذي يركز مختبره على علوم أعصاب المكافأة [المكافأة هنا هي بمثابة المعزز reinforcement الذي يرفع من احتمالية حدوث السلوك أو يسرع من حدوثه] والفعل (السلوك) المعتمد على وجود هذا المعزز. وأضاف: "تبين النتائج كيف أن النشاط في الجسم المخطط الظهراني الجانبي عندما تتشكل العادات يتحكم بالفعل في كم أصبحت الفئران معتادةَ مما يعطي دليلاً على وجود علاقة سببية" [بين النشاط وتكون العادة].


فهم  الدور المعين الذي يلعبه الجسم المخطط الظهراني الجانبي في ذاكرة العادة(2)  والسلوكيات الأخرى أمر بالغ الأهمية. [المترجم: ذاكرة العادة habit memory  يُعتقد أنها تتضمن اقترانات مكتسبة ببطء بين المثير stimuli  الخارجي والاستجابة لهذا المثير وتعتمد على العقد القاعدية (والتي منها الجسم المخطط)(5) في الدماغ وتجري في اللاوعي(بشكل تلقائي)، كما يتذكر أحدنا ركوب الدراجة بعد أن يتعود عليه(4) ] وُجد أن الضرر الذي يلحق بمنطقة الدماغ هذه مقترنًا بمرض باركنسون ، وهو اضطراب عصبي تنكسي غالبًا ما يؤثر على حركة الجسم.  في الدراسة،  يشرح الباحثون كيف يمكن الاستفادة من استهداف هذه النافذة الزمنية القصيرة فيما يتعلق بتشكل العادات في "تصميم استراتيجيات علاجية للمرضى الذين لديهم سلوكيات قهرية عصية على العلاج."


مصادر من داخل وخارج النص

1-

https://www.jneurosci.org/content/40/10/2139


2-https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S089662731300490X?via%3Dihub



3- https://ar.m.wikipedia.org/wiki/علم_البصريات_الوراثي\


 4- 

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1457096/


5- "أكبر بنية دماغية تحت قشرية للعقد القاعدية basal ganglia هي الجسم المخطط ويبلغ مقاسه حوالي 10 سم. داخل المخطط striatum، هناك قسمان رئيسان، المخطط الظهراني  dorsal striatum، والمخطط البطناني the ventral striatum.. المخطط الظهراني معني في المقام الأول بالتحكم في الحركات الواعية والوظائف التنفيذية، بينما المخطط البطناني مسؤول عن الوظائف الحوفية للمكافأة (للتعزيز) والنفور."  ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK537141/



المصدر الرئيس

https://home.dartmouth.edu/news/2020/02/revving-habits-and-down-new-insight-how-brain-forms-habits

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق