نتصرف بشكل أسوأ مما نتذكر
البرفيسورة فرانسيسكا قينو - استاذة إدارة الاعمال في كلية هارفرد للأعمال
يونيو ٧، ٢٠١٦
ترجمه ابو طه / عدنان احمد الحاجي
We behave a lot more badly than we remember
Francesca Gino
Professor of Business Administration, Harvard Business School
Professor of Business Administration, Harvard Business School
في مَسح اجرته وكالة الأنباء وورلد ريبورتس الامريكية في ١٩٩٧ طرح السؤال التالي على ١٠٠٠ أمريكي : من برأيك هو الأكثر احتمالا أن يدخل الجنة": حسب رأي المستجيبين، كانت فرصة الرئيس السابق ابيل كلينتون ٥٢ في المئة. وكانت فرصة نجم كرة السلة مايكل جوردان ٦٥ في المئة. وكان نصيب للأم تيريزا ٧٩ في المئة.
خمّن من تصَدّر القائمة وجاء حتى قبل الأم تيريزا؟ الأشخاص الذين أكملوا الدراسة، بنتيجة ٨٧ في المئة. على ما يبدو، فإن معظم المستطلعين يعتقدون أنهم أفضل من الأم تيريزا في ما يخص احتمال دخولهم الجنة.
كما تشير نتائج هذه الدراسة، ان معظمنا لديه رغبة قوية في النظر الى أنفسنا بنحو افضل، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالصدق. نحن نهتم كثيرا بكوننا أخلاقيين.
في الواقع، الابحاث النفسية في الأخلاق تبين أن عندنا نظرة متفائلة مفرطة عن قدراتنا على الالتزام بالمعايير الأخلاقية. و نعتقد أننا أصلاً افضل اخلاقاً من الآخرين ، حيث أننا ستتصرف بأكثر أخلاقية من غيرنا في المستقبل وأن التجاوزات التي يرتكبها البعض الآخر أسوأ أخلاقيا منا.
لذلك، كيف يمكن لهذه المعتقدات عن الاخلاق ان تلعب دورا في أفعالنا اليومية؟ كباحثين ندرس في كثيراً من الأحيان كيف يمكن للناس الذين يهتمون بالأخلاق غالبا تتصرف بطريقة غير شريفة، لذلك قررنا معرفة ذلك.
النسيان غير الأخلاقي
احدى النتائج المهمة لبحثنا هي أن الناس ينخرطون في سلوك غير أخلاقي مرارا وتكرارا على مرور الزمن لأن ذاكرتهم لتصرفاتهم غير الشريفة يُعتم عليها بمرور الوقت. في الواقع، أبحاثنا، تبين ان الناس اكثر احتمالاً لنسيان تفاصيل أفعالهم الغير أخلاقية بالمقارنة مع غيرها من الوقائع - بما في ذلك الأحداث المحايدة والسلبية أو الإيجابية، فضلا عن الأفعال غير الأخلاقية للآخرين
سمينا هذا الاتجاه "النسيان غير الأخلاقي": الضعف الذي يحدث بمرور الوقت في ذاكرتنا لتفاصيل سلوكنا الغير أخلاقي الماضي. وهذا هو، ان الانخراط في سلوك غير أخلاقي ينتج تغييرات حقيقية عندما نتذكر ممارسة بمرور الوقت.
رغبتنا في التصرف بشكل أخلاقي ونظرنا الى أنفسنا كاخلاقيين يعطينا دافعا قويا لنسيان جرمنا . ممارستنا للنسيان الغير أخلاقي، يمكّننا من التعامل مع الضغوط النفسية وعدم الراحة التي نعاني منها بعد تصرفاتنا الغير أخلاقية. وقد تجلى هذا الانزعاج في بحث سابق، بما في ذلك بحثنا.
كيف يعمل النسيان
لقد وجدنا دليلا على النسيان الغير أخلاقي في تسعة دراسات تجريبية أجريناها على عينات متنوعة على أكثر من ٢١٠٠ مشارك من الطلبة الجامعيين الى العمال البالغين. أجرينا هذه الدراسات بين يناير ٢٠١٣ ومارس ٢٠١٦.
اخترنا مجموعة واسعة من مجموعة العينات للدراستنا ليكون اختباراّ أكثر قوة
لفرضيتنا ، وتبين أن النسيان الغير أخلاقي لا يؤثر على طلاب الجامعات فحسب، بل على البالغين العاملين أيضا
لقد وجدنا أنه، في المتوسط، ان المشاركين تذكروا تفاصيل أقل عن أفعالهم وكانت ذاكرتهم أقل وضوحا في السلوكيات الا أخلاقية مقارنة بالسلوكيات الأخلاقية أو الأفعال الإيجابية أو السلبية (ولكنها ليست الا أخلاقية).
وفِي دراسة اخرى قمنا بتقييم ذاكرة المشاركين بعد أيام قليلة، وجدنا أن المشاركين الذين غشوا كانت ذاكرتهم أقل قوة، وأقل وضوحا وأقل تفصيلا عن أفعالهم من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك
لماذا هي مهمة
هل امتلاك ذاكرة أقل قوة لآثامنا مشكلة كبيرة؟ كما اتضح، نعم هي كذلك.
عندما نعاني من النسيان الغير أخلاقي، تظهر أبحاثنا ايضاً اننا سنكون أكثر احتمالاً للقيام بالغش مرة أخرى. في اثنتين من الدراسات التي أجريناها من أصل بحوثنا التسعة
اعطينا أكثر من ٦٠٠ مشارك فرصة للغش وتضليل التقرير عن أدائهم مقابل اموال اضافية.
وبعد بضعة أيام، أعطيناهم فرصة أخرى للقيام بنفس العمل. الغش الأول أدى الى نسيان غير أخلاق، والذي بدوره قاد الى سلوك غير شريف إضافي على المهمة التي أنجزها المشاركون بعد أيام قليلة.
لأننا غالبا ما نشعر بالذنب والندم من السلوك الغير الأخلاقي ، امكننا من أن نتوقع أن هذه المشاعر السلبية سوف تمنعنا من الاستمرار في العمل بشكل غير أخلاقي.
ولكننا نعرف أن الأمر ليس كذلك. تجاربنا وعناوين الأخبار من مختلف أنحاء العالم تشير إلى أن الكذب ظاهرة منتشرة وشائعة.
بحثنا يشير إلى الأسباب المحتملة للكذب المتكرر
: نحن نميل إلى نسيان الأعمال غير الأخلاقية التي قمنا بها، تذكرها كان أقل وضوحا من تذكر أنواع أخرى من السلوكيات.
في بحثنا أظهرنا أن التسيان الغير أخلاقي على الأرجح يحدث لأن الناس تحد من استرجاع الذكريات غير المرغوب فيها عندما كذبوا. ونتيجة لذلك، تكونت هذه الذكريات المشوشرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق