الاثنين، 22 مايو 2017

حاسة الشم البشرية: أقوى مما نعتقد

١١ مايو ٢٠١٧

ترجمه ابو طه / عدنان احمد الحاجي

The human sense of smell: It's stronger than we think


May 11, 2017
المقالة رقم ٢٠٨ لسنة ٢٠١٧ 



عندما يتعلق الأمر  بحاسة الشم، فلقد كنا منساقين الى  الاعتقاد  بأن الحيوانات تتفوق على البشر: لا يمكننا أن نتنافس مع الكلاب والقوارض بأي حال من الأحوال، وهي بعض من أفضل الشّامّين ( المستنشقين)  في المملكة الحيوانية. ولكن خمّن  ماذا؟ إنها خرافة كبيرة. و قد صمدت على مدى السنوات ال ١٥٠ الماضية دون أي دليل علمي بحسب  جون ماكغان McGann، الأستاذ المشارك في قسم علم النفس، كلية الآداب والعلوم في جامعة روتغرز، في ورقة نشرت في ١٢ مايو ٢٠١٧ في مجلة العلوم Science،  

ماكغان، الذي كان يبحث في  نظام الشم، أو حاسة  الشم، على مدى السنوات ال ١٤ الماضية، قضى جزءا من العام الماضي مراجعاً للابحاث الموجودة، وفحص البيانات وتبحر  في الكتابات التاريخية التي ساعدت على خلق مفهوم خاطئ منذ فترة طويلة أن حاسة الشم  البشري  كانت أدنى  بسبب حجم بصيلة الشم.

يقول ماكغان، الذي يدرس كيف يفهم المحفزات الحسية في الدماغ باستخدام المعلومات المستمدة من التجارب السابقة: "لقد فشل الناس في التوقف و الاستفسار عن هذا  الادعاء، 
"والحقيقة هي ان حاسة  الشم   في البشر مماثلة لما في الثدييات الأخرى، كالقوارض والكلاب". يستطيع  البشر ان يميز بين تريليون رائحة مختلفة، كما يقول، وهذا أكثر بكثير من ادعاء "الحكمة الشعبية وكتب علم النفس التمهيدية الضعيفة المصادر"، التي تصر على أن البشر لا يستطيعون سوى شم   حوالي عشرة الاف رائحة  مختلفة.
اشار  ماكغان إلى بول بروكا،  جراح  الدماغ وعلم الأنثروبولوجيا في القرن التاسع عشر، باعتباره المتهم بهذه الفرية  بأن البشر لديهم نظام شمي ضعيف، هذا الإثبات،  يقول  ماكغان،   أثر على سيغموند فرويد في الإصرار على أن هذا النقص جعل البشر عرضة للمرض العقلي .
يقول ماكغان: "لقد كان اعتقاداً حضارياً طويلاً أنه لكي يكون الشخص منطقياً أو عقلانيا، لا يمكن أن يكون  مهيمناً عليه من قبل حاسة  الشم". "ارتبطت حاسةالشم بالميول الحيوانية الدنيوية". يقول ماكغان إن الحقيقة حول حاسة الشم هي أن البصيلة الشمية البشرية، التي ترسل إشارات إلى مناطق أخرى من الدماغ البشري القوي جدا للمساعدة في التعرف على الروائح، هي كبيرة جدا ومشابهة في عدد الخلايا العصبية إلى الثدييات الأخرى.

الخلايا العصبية لمستقبلات حاسة الشم في الأنف تعمل من خلال الملامسة  المادية مع الجزيئات المكونة للرائحة، وترسل هذه المعلومات مرة أخرى إلى تلك المنطقة من الدماغ.
" يمكننا  من شم  وتمييز مجموعة غير عادية  من الروائح، ونحن أكثر حساسية من القوارض والكلاب لبعض الروائح، و قادرون على تتبع مسارات الروائح، وحالاتنا السلوكية والعاطفية تتأثر  بحاسة الشم"، كما افاد مكغان  في مجلة العلوم.
في كتابات بروكو عام ١٨٧٩، ادعى أن الحجم الأصغر للمنطقة الشمية مقارنة ببقية الدماغ يعني أن البشر لديهم حرية الإرادة  ولا يحتاجون  الى  الاعتماد على الرائحة ليعيشوا وليبقوا على قيد الحياة كالكلاب والثدييات الأخرى.
في الواقع، يقول ماكغان، لا يوجد أي دعم لفكرة أن  بصيلة  شمية أكبر تزيد من حاسة الشم استناداٌ  فقط على الحجم ويصر على أن حاسة الشم  في البشر هي كما في  الحيوانات.


"قد تكون الكلاب أفضل من البشر في تمييز البول على صنبور إطفاء الحريق،  والبشر قد يكونون أفضل من الكلاب في تمييز روائح  النبيذ الفاخر، ولكن قلة من هذه المقارنات لديها الدعم التجريبي الفعلي"، كما افاد مكغان  في مجلة العلوم.
فكرة أن البشر ليس لديهم نفس القدرات  الشمية  كما  ازدادت  في الحيوانات على مر السنين بحسب  بعض الدراسات الجينية التي اكتشفت أن الجرذان والفئران لديها جينات لحوالي ١٠٠٠ نوع  مختلف من المستقبلات التي يتم تنشيطها بالروائح، مقارنة مع البشر، الذين لديهم  حوالي ٤٠٠ نوع.
يقول ماكغان: "أعتقد أنه كان من السهل جدا أن ننخدع  بالأرقام". "لقد اختلقنا تحيزاً تأكيدياً من خلال العمل من اعتقاد راسخ  لدينا أن البشر لديهم حاسة شم  ضعيفة   بسبب هذه الأرقام المتدنية  من المستقبلات، والتي هي في الواقع  كثيرة  جداً".

يقول ماكغان إن المشكلة مع هذه الخرافة المستمرة هي أن حاسة الشم هي أكثر أهمية مما نعتقد. فهي تؤثر بقوة على السلوك البشري، وتثير الذكريات والعواطف وتشكل التصورات.

حاستنا الشمية  تلعب دورا كبيرا، أحيانا في اللاواعي، في كيفية إدراكنا وتفاعلنا مع الآخرين واختيارنا للزميل، ويساعدنا على اتخاذ قرار فيما نحب ان نأكله من الطعام. وعندما يتعلق الأمر بالتعامل مع   الصدمات، يمكن ان تكون حاسة الشم  هي المفعل لاضطراب ما بعد الصدمة.

في حين أن حاسة الشم  يمكن أن تبدأ في التدهور  كجزء من عملية الشيخوخة، يقول مكغان، ينبغي على   الأطباء ان يكونوا أكثر قلقا عندما يبدأ المريض بفقدان  القدرة على شم  الروائح وليس مجرد التراجع الى الفهم الخاطئ أن حاسة الشم لدى البشر هي  أقل شأنا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق