الاثنين، 22 مايو 2017

كيف يتغير الدماغ عندما نتعلم القراءة

كتبته نيكولا بيل

١١ مايو ٢٠١٧

ترجمه ابو طه/ عدنان احمد الحاجي  

How the brain changes when we learn to read



الآن، انت تقرأ هذه الكلمات دون الكثير من التفكير أو الجهد الواعي. بسرعة  البرق،تتحرك عيناك  من اليسار إلى اليمين عبر الشاشة، محاولة  بطريقة أو بأخرى  اصطناع معنى من شأنه أن يكون سلسلة من خربشات سوداء.
القراءة بالنسبة لك ليست مجرد سهلة - بل انها تلقائية. تطالع كلمة ولا تقرأها  يكاد يكون ذلك  من المستحيل، لأن تروس  معالجة اللغة المكتوبة تبدأ في الحركة حينما يرى القاريء الماهر شيئاً مكتوباً  .

ومع ذلك، كما كان   التفكير في القرّاءة مغرباً كشيء نحن مجبولون عليه ، فلا  ينبغي ان تُخدع،   تعلُم القراءة ليس سهلاً. بل انه عملية ليست حتى طبيعية .
الأمثلة الأولى للغة المكتوبة تعود إلى حوالي خمسة آلاف  سنة مضت، وهي جزء صغيرة من ال ٦٠ ألف سنة  أو أكثر قضاها  الانسان  في  استخدام اللغة المنطوقة.
وهذا يعني ان  نوعنا ( البشري)  لم يكن لديه ما يكفي من الوقت لتطوير شبكات دماغ  تؤهلنا للتعلم (القراءة والكتابة). كانت كذلك من خلال سنوات من الممارسة والتعليمات التي قمنا بتشكيل تلك الروابط لأنفسنا.
كيف يتعلم الدماغ القراءة
الادمغة  تقوم  بإعادة تنظيم نفسها باستمرار. في أي وقت نتعلم مهارة جديدة، تصبح الوصلات بين الخلايا العصبية التي تسمح لنا بأداء تلك المهارة  أقوى. وتزداد هذه المرونة خلال مرحلة الطفولة، وهذا هو السبب في ان الكثير من التعلم يصبح  مضغوطاً  في مرحلة ما قبل المراهقة.

عندما يصبح الطفل متعلماً ، لا يوجد "مركز للقراءة"  متجسداً بشكل سحري في الدماغ. وبدلا من ذلك، تنشأ شبكة من الوصلات لربط المناطق الموجودة التي لم تكن مرتبطة سابقا. القراءة اصبحت  وسيلة للوصول إلى اللغة بالرؤية، مما يعني أنها تبني على الهيكل التي  فد استخدمت بالفعل للتعرف على الأنماط البصرية وفهم اللغة المنطوقة.
رحلة الكلمة 
عندما يمر القارئ الماهر بكلمة مطبوعة، تنتقل تلك المعلومات من عينه إلى الفص القذالي (في الجزء الخلفي من الدماغ)، حيث تتم معالجتها مثل أي مثير بصري آخر.
ومن هناك،  تنتقل إلى التلفيف المغزلي الأيسر، والمعروف باسم "صندوق بريد" الدماغ. و هو المكان الذي يتم التعرف على الخربشات السوداء كحروف في كلمة. و صندوق البريد  هو محطة  توقف خاصة في رحلة الكلمة لأنه يتطور فقط نتيجة لتعلم القراءة. وهو غير موجود في الأطفال الصغار جدا أو البالغين الأميين،  ونشط  بشكل أقل في الأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة، والذين لديهم فرق بيولوجي في الطريقة التي تعالج بها أدمغتهم  نصاً مكتوباً.

يتم تخزين الكلمات والحروف في صندوق البريد - لا  بشكل فردي من الأشكال أو الأنماط المحفوظة/ المتذكرة ( عن ظاهر قلب)، ولكن كرموز. وهذا هو السبب في أن القارئ الماهر يستطيع ان  يتعرف على الكلمة بسرعة، بغض النظر عن نمط الخط ( cAsE) ، أو شكله.

ومم ثم ترحل المعلومات  من صندوق البريد إلى الفص الجبهي والزمني من الدماغ، ليعمل  على ايجاد معنى ونطق  للكلمة . هذه هي نفسها المناطق  التي يتم  تنشيطها عندما نسمع كلمة، لذلك فهي متخصصة باللغة، بدل ان تكون  لمجرد القراءة والكتابة.
ونظرا لأن المعلومات يمكن أن تنتقل  بسرعة عبر الطرق السريعة المتشابكة للقارئ الماهر، فإن الرحلة بأكملها تستغرق أقل من نصف ثانية.
ولكن ماذا يحدث في دماغ طفل يبلغ من العمر خمس سنوات، والذي لا تزال  طرقه السريعة قيد الإنشاء؟

الدماغ المتنامي
بالنسبة للأطفال الصغار، فإن عملية الانتقال  من المكتوب  إلى المعنى بطيئة ومجهدة. ويرجع ذلك جزئيا إلى أن القراء المبتدئين لم ينشئوا حتى الآن مخزناً من الكلمات المألوفة التي يمكنهم التعرف عليها بالرؤية، لذا يجب عليهم بدلا من ذلك أن "ينطقوا" كل حرف أو تسلسل حرفي.
في كل مرة يمارس الأطفال  فك رموز الكلمات، فإنهم يقومون بتشكيل  وصلات جديدة بين المناطق البصرية واللغة المنطوقة  للدماغ، مضيفين تدريجيا حروف وكلمات جديدة إلى صندوق البريد الهام جداً.

تذكر، عندما يتعرف القارئ المتمرن على كلمة بالرؤية، فإنه بعالج الحروف في تلك الكلمة، بدلا من شكلها.

ومن ثم، يمكن للتوجيهات التعليمية  أن تدعم تعلم الأطفال من خلال إبراز الطابع الرمزي للحروف - وبعبارة أخرى، من خلال لفت الانتباه إلى العلاقات بين الحروف وأصوات الكلام.

هنا، الأدلة من أبحاث تصوير الدماغ والأبحاث التعليمية تتلاقى لتظهر أن تعليم الصوتيات في وقت مبكر يمكن أن يساعد في بناء شبكة قراءة فعالة في الدماغ.
ما الذي يمكن أن يحمله المستقبل لتطوير التعلم ؟
وكما تتطور التكنولوجيا، يجب أيضا ان يتطور تعريفنا لما يعني أن تكون "متعلماً". الأدمغة الشابة تحتاج الآن للتكيف ليس فقط  مع اللغة المكتوبة، ولكن أيضا مع وسائل التواصل  السريعة الخطى والتي من خلالها يتم عرض اللغة المكتوبة.
فقط الوقت سيخبرنا كيف يؤثر هذا على تطور تلك الإسفنجة ذات اللون البيج الغامضة  الواقعة بين أذنينا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق