الكاتب: كريستوفر انغرهام
٢٢ سبتمبر ٢٠١٧
المترجم : ابو طه / عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم ٤٠٩ لسنة ٢٠١٧
How children’s self-control has changed in the past 50 years
مقدمة المترجم
لا بد من التذكير هنا بمقدمة وضعناها للمقالة رقم ١٧٨ لسنة ٢٠١٧ لموضوع سابق لما للموضوع من اهمية في تربية النشء بل في تربية النفس وهو تأخير الإشباع .
تأخير الإشباع هو القدرة على مقاومة إغراء مكافأة فورية وانتظار مكافأة مستقبلية افضل. إن قدرة الشخص على تأجيل الإشباع لها علاقة بمهارات أخرى مماثلة كالصبر وضبط النفس وقوة الإرادة والقدرة على التكيف.
وأشهر قضية تاريخية تعطينا نموذجاً على الفشل في تأخير الإشباع هي فضية رماة جبل احد.
وقد ربطت مجموعة متزايدة من الابحاث القدرة على تأخير الإشباع بمجموعة من النتائج الإيجابية ، بما في ذلك النجاح الأكاديمي والصحة البدنية والصحة النفسية والكفاءة الاجتماعية والغنى .
— النص—
هل أصبحت قدرات الأطفال على تأخير الإشباع أفضل أو أسوأ على مر السنين؟ أجرى الباحث اختباراً ليرى.
اختبار حلوى المارشمالو هو تجربة سايكلوجية مشهورة تهدف إلى قياس ضبط النفس عند الأطفال. فالباحث يضع حلوى لذيذة للأطفال - غالبا ما تكون حلوى المارشمالو - للطفلة، ويعطيها خياراً: انها تستطيع أن تأكل الحلوى الآن، أو يمكنها أن تنتظر فترة زمنية محددة وتعطى اثنين من الحلوى .
الاختبار هو مقياس لقدرة الطفل على تأخير الإشباع، والتي أظهرت الأبحاث اللاحقة انه مرتبط بجميع أنواع النتائج الإيجابية، مثل درجات أفضل وسلوك جيد وحتى مؤشر كتلة جسم صحي.
وكان الباحثون يديرون الاختبار لمجموعات من الأطفال لأكثر من ٥٠ عاما ، الأمر الذي يؤدي إلى سؤال طبيعي: هل قدرات الأطفال على تأخير الإشباع اصبحت أفضل أو أسوأ على مر السنين؟
قد تجيب انها اصبحت "أسوأ"، نظرا لجميع الدراسات المثيرة للقلق التي نشرت عن كيف تشل الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية والتابلت أدمغة الأطفال، ولذا تشل قدراتهم على ضبط النفس وعموماً تحولهم إلى مدمني شاشة كسالى.
ولكن قد تكون خاطئاً.
جون بروتسكو، الباحث في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، أراد أن يعرف ما إذا اصبح الأطفال أفضل أو أسوأ في اختبار حلوى المارشمالو على مر الزمن. لذلك جمع وحلل نتائج أكثر من ٣٠ اختبار مارشمالو اجريت بين عامي ١٩٦٨ و ٢٠١٧.
لكل دراسة، قام برسم متوسط مقدار الوقت الذي استطاع الأطفال فيه تأخير تناول المارشمالو على محور ال "ص" مقابل الزمن بالسنة على محور ال "س" . كما قام بتصحيح الاختلافات بسبب أعمار الأطفال عند إجراء الاختبار (الأطفال الأكبر سنا أفضل في تأخير الإشباع من الأصغر سنا).
وهذا ما يبدو عليه الاتجاه في تأخير الإشباع على مر السنين كما هو مبين في الشكل .
الرسم البياني يبين أتجاه تأخير الإشباع لدى الأطفال على مدى ال ٥٠ سنة الماضية حيث نجد ارتفاعاً فيه كلما اتجهنا نحو تحارب الحاضر ( يمين الرسم البياني) ، على محور ال س سنة التجربة وعلى محور ال ص معدل تأخير الإشباع ( دقائق)
"الأطفال في هذه الأيام أفضل في تأخير الإشباع على اختبار حلوى المارشمالو "، كما افاد به بروتسكو. "كل عام، على افتراض ان كل شيء آخر متساو، يقابل زيادة في القدرة على تأخير الإشباع مقدارها ست ثوان أخرى."
كان هذا شيئا مفاجئا. قبل إجراء التحليل، قام بروتسكو باستطلاع ٢٦٠ خبيرا في مجال التنمية الادراكية لمعرفة ما ذا يتوقعون أن يحدث.
وقال أكثر من نصفهم أنهم يعتقدون أن قدرة الأطفال على تأخير الإشباع قد ازدادت سوءا بمرور الوقت. وقال ٣٢ فى المائة اخرون انه لن يكون هناك اى تغيير، بينما قال ١٦ فى المائة فقط ان ضبط النفس لدى الاطفال تحسن خلال الخمسين عاما الماضية.
ويبدو أن الخبراء كانوا متشائمين تماما بشأن قدرات أطفال اليوم كالناس الآخرين .
ليس من الواضح ماذا، بالضبط، يمكن أن بحسن من أداء الأطفال - ليست القضية قضية تعليم اختبار حلوى المارشمالو في المدارس. فالأطفال يتطورون في مجالات أخرى أيضا: يشير بروتسكو إلى أن درجات الذكاء زادت بمعدل مماثل لدرجات اختبار المارشمالو، مما يشير إلى وجود صلة محتملة بين الاثنين.
على مجموعة كاملة من الإجراءات الأخرى - استخدام المخدرات والسلوك الجنسي، واستخدام حزام الأمان، على سبيل المثال لا الحصر - اداء المراهقين اليوم أفضل بكثير من أقرانهم منذ عدة عقود. وتعكس كثيرٌ من هذه الممارسات على وجه التحديد نوع القدرة على تأخير الإشباع الذي بُين ان اختبار المارشمالو يتنبأ به.
وبالنظر إلى كل الأخبار الجيدة عن الأطفال، أراد بروتسك أن يعرف لماذا العديد من الخبراء لهم مثل هذه النظرة القاسية.
ضع اختبار المارشملو جانبا، بروتزكو فقط مهتم بالسبب الذي جعل العديد من الخبراء يتنبأون بذلك بشكل غير صحيح. "كيف يمكن لهذا العدد الكبير من الخبراء في التنمية الإدراكية أن يعتقدوا أن القدرة على تأخير الإشباع ستنخفض، تتساءل الورقة البحثية؟". واطلق عليها "تأثير أطفال هذه الأيام": "الاعتقاد غير الصحيح على وجه التحديد بأن الأطفال في الوقت الحاضر مختلفون اختلافا جوهريا وأسوأ بالضرورة من الأطفال قبل جيل أو جيلين".
ويلاحظ أن الحكماء يشكُون من الضعف لدى الأطفال منذ ٤١٩ قبل الميلاد على الأقل، عندما كتب الكاتب المسرحي اليوناني أريستوفانيس مسرحية "الغيوم".
"لا يمكن أن يكون المجتمع في تراجع بسبب الأطفال الذين فشلوا لأكثر من ألفي سنة"، ويختتم بروتزكو. "خلافا للشكاوى التاريخية والحالية، يبدو أن الأطفال في هذه الأيام أفضل مما كنا عليه. الثقافة الحديثة المفترضة للإشباع الفوري لم تساند مسيرة التحسن ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق