٤ أكتوبر ٢٠١٧
الكاتبة : كلير ميليكن
المترجم : ابو طه/ عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم ٤٣٦ لسنة ٢٠١٧
بين باحثون من جامعة نورثويسترن ان الجينات لا تمثل الا جزءاً من صحتنا
Beyond blue eyes or brown eyes: Rethinking genetics
Northwestern researchers show genes are just one part of our health
October 04, 2017
نحن كثيرا ما نسمع بأن السمات "وراثية". وبالنسبة للكثيرين منا، ذلك هو رمز "لمصيرنا". اذا كان كلا الوالدين طويلي القامة، نعتقد ان أطفالنا سيكونون كذلك. أو إذا كانت جدتنا مصابة بمرض الزهايمر، فإننا نفترض أن ذلك سيكون هر مستقبلنا.
ولكن من الواضح ان لدينا صورة غير مكتملة عن كيفية عمل الجينات. بالتأكيد، بعض الجينات تعطينا عيون زرقاء أو عيون بنية. ولكن الصحة والتطور البشري ليست بهذه البساطة.
باستخدام القياس الإكلينيكي والبحوث الرصدية وتحليل الحمض النووي، اظهر باحثون من جامعة نورثويسترن أن الجينات تعمل ليس في الفراغ ولكن بالتنسيق مع البيئة. من خلال النظر في حالات كالتوحد، اظهر الباحثون أن خرف جدتك لا بعني ان ذلك هو مصيرك، وطريقة تفكيرنا في الصحة والمرض يحتاج إلى إصلاح.
"عندما يسمع الناس كلمة" جينات، " لا أريدهم أن يفكروا في نسخة البيولوجيا التي تدرس في مدارس الثانوية"، يقول عالم الأنثروبولوجيا في جامعة نورثويسترن ثوم ماكداد. "أريدهم أن يفكروا في الجينات على أنها ديناميكية - ليست ثابتة - وكمكونات لبيولوجيتنا التي تتأثر بنيتها ووظيفتها بشكل أساسي بالبيئة. خبراتنا تشكل حمضنا النووي بالمعنى الحرفي، مما يساعد على تحديد متى تعمل الجينات وتسلسل ( تعبر) نفسها. "
الطبيعة والرعاية
التخلق هو آلية يمكن من خلالها أن تؤثر فيها بيئتنا على جيناتنا. ويقول ماكديد إن الكثير من الأبحاث المبكرة في هذا المجال جاءت من الأبحاث على السرطان واستكشاف كيفية تأثير المخاطر البيئية على مخاطر الاصابة بالسرطان. ولكن بنحو متزايد، يحتضن علماء الاجتماع ك مكديد التخلق وما يمكن أن يعنيه للتنمية والصحة.
ويستشهد عالم الأنثروبولوجيا في جامعة نورثويسترن كريس كوزاوا بالسمنة كمثال على كيف يتكشف التخلق: فالعديد من نظم الجسم، من الشهية وكيف ينظم جسمنا درجة الحرارة الى كيف نتعامل مع الإجهاد، كلها داخلة في ما إذا كان شخص ما يعاني من السمنة المفرطة او لا يعاني. على سبيل المثال، قد يمنع غذاء الطفل الغني بالسكريات تعبير ( تسلسل) الجينات المنظمة للشهية، مما يزيد من احتمال البدانة. ثم أضف العوامل الخارجة عن اجسامنا: وصولنا إلى الغذاء المغذي، ونوعية الهواء وارتفاع منزل طفولتنا عن مستوى البحر ، ومقدار التمييز العنصري ( وغيرها) ضدنا والإجهاد في بواكير حياتنا. كل هذه الأشياء، كما يقول كوزاوا، لها تأثير دائم على حجم جسمنا واحتمال اصابتنا بالبدانة.
البحث من استاذ علوم الاتصالات والاضطرابات في جامعة نورثويسترن مولي لوش يقدم مثالا عملياً آخر على التخلق . يقول لوش، الذي يقود مختبر الإعاقة العصبية، أن دراسات التوائم تظهر دورا جينيا في التوحد، ولكن هذا البحث يشير أيضا إلى أن الجينات ليست القصة الكاملة.
ويقول لوش: «التوائم المتماثلة تشترك تقريبا في كل تركيبها الجيني، لذا لو كان احد التوائم مصابا بالتوحد، فمن المرجح جدا أن يكون الآخر مصابا بالتوحد ايضاً». واضاف "لكن ذلك ليس ١٠٠ في المائة، مما يشير الى ان هناك وجود دور لعوامل بيئية ".
وفي السنوات الأخيرة، صعد لوش وكوزاوا وماكديد من عملهم في هذا المجال، واثقين من أن الاعتراف بفضل التخلق يساعدنا على فهم المرض وعلاجه والوقاية منه.
يقول ماكديد: "إن توجه التخلق يختلف اختلافا نوعيا عن نهج الوراثة النوعي التقليدي لأنها تقول إن البيئات لها تأثير دائم على الجينوم، مما يسلط الضوء على الدور الذي يمكن أن يلعبه علماء الاجتماع في فهم التنمية وتحسين الصحة". "من خلال التحقيق في هذه الآليات، يمكننا تحسين البيئات الاجتماعية والتنموية بطرق لها آثار مفيدة على مدى الحياة".
وبعبارة أخرى، يمكن أن يكون تناول الطعام الصحي أو التخلص من التلوث أو معالجة الإجهاد وسيلة لتحسين الصحة على المستوى الجيني.
الرموز الجينية تلتقي مع الرموز البريدية
في حين يؤيد علماء الاجتماع مثل لوش كوزوا Losh، Kuzawa وماكديد التخلق فان أطباء جامعة نورثويسترن يحولون الطريقة التي يفكر بها الأطباء عن الصحة وعلاج مرضاهم.
"عندما افحص المرضى في عيادتي، أعرف أن ما أنا قادر على القيام به كطبيب ليس سوى جزء صغير مما يحدث ويؤثر على صحتهم في الواقع"، ويقول طبيب الأطفال مات ديفيس. "عوامل مثل الإسكان والغذاء والدخل والتعليم وفرص العمل والدعم الاجتماعي - كل هذه هي مهمة للغاية للصحة".
وكان ديفيس سريعاً في أن يلاحظ أن التخلق ليس وراء جميع المشاكل الصحية. في بعض الحالات، كالسمنة، اذ قد يكون نمط الحياة هو المحدد الرئيسي. "إذا كان الشخص يعيش في فقر غذائي حيث الخيارات الوحيدة هي وجبات سريعة غير مكلفة من بقالة قريبة، فمن المرجح أن يصبح سميناً"، ويقول ديفيس. "هذا ليس شيئا تخلقي المنشأ - الغذاء الذي يستهلكه هو عال جدا في السعرات الحرارية. أنت لا تحتاج دائما إلى التخلق "لتسبب" السمنة."
يقول ديفيس: "تهدف هذه المصطلحات إلى مساعدة العلماء الإكلينيكين وعلماء الاجتماع في التحدث بنفس اللغة . "لو كنا نقدّر ونتحدث عن مختلف التأثيرات على الصحة - طبياً واجتماعياً وبيئياً - باستخدام نفس المصطلحات، يمكننا أن نكون أكثر وضوحا حول ما يؤثر على صحة الإنسان وما يمكننا القيام به حيال ذلك".
في مقترحهم، الذي نشر في مجلة العلوم الإكلينيكية والانتقالية ، يناقش الأطباء أن بيئات بيت ومدرسة الطفل في كثير من الأحيان يكون لها تأثير أكبر على صحة الطفل من جيناتهم، وعلى لغة الطب أن تعكس ذلك.
يقول شانلي: "نحن كأطباء بحاجة إلى أن نسأل عن مدى تعرض المرضى بيئياً واجتماعياً من أجل مساعدة المرضى على إدارة مرضهم وتعافيهم". "في نهاية المطاف، قد نكون قادرين حتى على فحص الدم لبعض التعرضات والبحث عن بعض الإشارات التخلقية التي نعلم أنها مهمة للتعبير الجيني".
من خلال دمج العوامل الاجتماعية والبيئية في الرعاية الصحية، يمكن للعلماء الإكلينيكيين والاجتماعيين العمل بنحو أكثر فعالية تجاه صحة أفضل للجميع.
"إن التحدي الكبير الذي نواجهه في نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة اليوم هو أننا نود حل المشاكل العلمية ولم نقم بعمل جيد بما فيه الكفاية بعد لمعالجة المشاكل الاجتماعية التي تسبب الكثير من احتياجات الرعاية الصحية"، يقول ديفيس . "إذا كنا سنحقق أهدافا مثل خفض معدلات الأمراض المزمنة والسيطرة على التكاليف، لا يمكننا أن نبحث عن حلول علمية فقط. بل سنحتاج إلى إيجاد حلول اجتماعية أيضا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق