السبت، 10 فبراير 2018

هل ثقة بعض الثقافات أقل من غيرها

 ٣١ يناير ٢٠١٨

المؤلفون: إيڤا كروشكو: طالبة ما بعد الدكتورا في علوم الصحة والسايكلوجيا في جامعة ليشستر 
و أندرو كولوم استاذ السايكلوجيا 
و بريونس بالفورد الاستاذة المشاركة في السايكلوجيا جامعة ليشستر    

المترجم: ابو طه/ عدنان احمد الحاجي 

المقالة ٥٧ لسنة ٢٠١٨

التصنيف : الأبحاث السايكلوجية  


Are some cultures less trusting than others?

أفكار مختلفة

وهناك مستوى آخر من التعقيد يضاف الى سرعة العولمة التي تقرب الناس من جميع أنحاء العالم معا. مع تزايد أعداد الزملاء الدوليين وشركاء الأعمال والمتعاونين، يصبح من الصعب معرفة من يوثق به.  الثقة يمكن ان تؤثر على طرق التواصل بين الناس، وإتيكاتهم ( الإتيكيت)  في مكان العمل، والتسلسل الهرمي التنظيمي، والتي قد تشكل جميعها عقبات هامة في التعاون الدولي. ومن أجل ضمان نجاح التجارة العالمية، نحتاج إلى فهم وتقبل   الفروق الثقافية في الثقة.

في بحثنا الأخير، استعددنا  للقيام بذلك بالضبط. ونظرا لتركيزنا على أعمال الثقة في التفاعلات الاقتصادية، قررنا مقارنة الدول ذات التنمية الاقتصادية المتشابهة ولكن بخلفيات ثقافية مختلفة. وعلى هذا النحو، ركزنا على اليابان والمملكة المتحدة، اللتين تتقاسمان تقريبا مستويات متطابقة من التنمية والناتج المحلي الإجمالي للفرد، ولكن لهما ثقافات مختلفة جدا. اليابان مُشكّلة بالتأثيرات المتنافسة من الشنتو والديانات البوذية وقيم جماعية، والتي تعطي الأولوية للمجموعة على الفرد. ومن ناحية أخرى، تتميز المملكة المتحدة بقيم مسيحية أو إنسانية إلى حد كبير وفيها تركيز   فرداني على الحرية الشخصية والاستقلالية.

 الثقافات المختلفة لكلا  البلدين تنعكس في طريقة تنظيم  مجتمع كل منهما . يتألف المجتمع الياباني من مجتمعات متماسكة بروابط قوية بين الأشخاص. في السياق المهني، هذا يتجلى في مجموعات أعمال مخلصة (ما يسمى ب "كيريتسو") وعملياً العمل مدى الحياة مع نفس الشركة. ومن ناحية أخرى، الأعمال الغربیة في المملکة المتحدة ترکز بشکل أکبر علی الابتکار، بما في ذلك من خلال دوران  ( تغيير) العاملین. هذه الفهم المختلف لإدارة الأعمال جنباً إلى جنب مع الاختلافات بين الثقافات في الثقة والإقدام على المخاطر هي عوامل هامة  على الأرجح في تحديد نجاح العلاقات التجارية الدولية.

الجماعية أو الفردانية
وقد حاول الباحثون اليابانيون بالفعل قياس وتقدير الثقة علمياً عبر الثقافات اليابانية والأمريكية بمساعدة التجارب المتحكم فيها  باستخدام مهام  صنع القرار المحفز  (ما يسمى بالألعاب التجريبية - المزيد من المعلومات عن نظرية الألعاب في هذه الورقة :http://www.oxfordbibliographies.com/view/document/obo-9780199828340/obo-9780199828340-0192.xml ) لاختبار كيف يتخذ المشاركون قرارات تفاعلية في سياقات مالية محفوفة بالمخاطر أو غير مؤكدة. وتكشف النتائج أن الشعب الياباني يبدو عموما أقل ثقة بالغرباء من  الغربيين. وقد وجد أن هذه النتيجة تنعزز إذا شك اليابانيون في  أنهم شاركوا بأي روابط شخصية مع الغرباء المعنيين.

ولذلك قد يبدو أن البحوث السابقة تشير إلى أن الثقافات الجماعية كاليابانيين أقل ثقة من الثقافات الفردانية  كالولايات المتحدة والبريطانية. ولكن نتائج المتابعة تكشف أن العلاقة بين الثقافة والثقة هي في الواقع أكثر تعقيداً. وقد وجدت التجارب المصممة بعناية أنه على الرغم من انخفاض مستويات الثقة في البداية تجاه الغرباء، فقد زادت ثقة وتعاون اليابانيين عندما شهد المشاركون إحساسا أكبر بالسيطرة على الوضع، عندما كان عملهم   قد سبقه عمل تعاوني من قبل الشخص الآخر، وعندما  يصادفوا  شخصاً   كانوا قد تعاملوا  معه من قبل.

وقد تبين من تجربتين جديدتين أن المشاركين اليابانيين كانوا في الواقع أكثر ثقة من المشاركين البريطانيين عندما يتعلق الأمر بحالات قرار متكررة تتميز بالتفاعلات المتبادلة والطويلة الأجل مع نفس الشخص الآخر. وعلاوة على ذلك، وجدنا أن  اليابانيين كانوا في الواقع أكثر استعدادا من  البريطانيين لعمل التزامات مكلفة على علاقات عندما تقلل هذه الالتزامات المخاطر المالية الآي ينطوي عليها  صنع القرار.

السؤال الخطأ
وبالنظر إلى هذه النتائج الأكثر تعقيدا، يبدو أننا طرحنا سؤالاً خاطئاً. ولعل الثقافات لا تختلف في مقدار الثقة ولكن في نوع الثقة التي تظهرها. إن نظرية الثقة النافذة ( المؤثرة) التي قدمها عالم النفس الياباني المتميز توشيو ياماجيشي تدعم هذا الرأي ( المزيد عن هذه النظرية في هذه الورقة:  https://link.springer.com/article/10.1007/BF02249397) .

ياماجيشي يفرق بين نوعين مختلفين من الثقة: الثقة العامة والثقة القائمة على الإطمئنان  (assurance-based trust). وفقا لهذه النظرية، الثقافات الغربية الفردانية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا تظهر ثقة أكثر تلقائية تجاه الغرباء (الثقة العامة). وعلى النقيض من ذلك، تتميز الثقافات الشرقية الجماعية مثل اليابان بنوع من الثقة المتبادلة تجاه الأشخاص الذين تعاملوا معهم سابقاً (الثقة القائمة على الإطئنان).

لذلك عند تبني تعاون تجاري في اليابان، أكبر عقبة هي انشاء  العلاقة وذلك بسبب عدم وجود  ثقة عامة لدى  اليابانيين. ولكن بمجرد أن تُأسس العلاقة، فإن المستوى العالي من الثقة القائمة على الإطمئنان يعني أن الصفقات التجارية المعقدة قد تكون مختومة بشكل غير رسمي على  الهاتف (تعليق من المترجم: هذه استعارة تعني ان مستوى الثقة قد وصل الى مستوى بحيث تعقد الصفقات على التلفون - بدون حتى التلاقي الشخصي) ، مما يجنب   الفحوص الخلفية التي تستغرق وقتاً طويلا، أو الحاجة الى عقود إضافية أو حتى معاملات ( اعمال)  ورقية .

هذا البحث بين الثقافات يدل على أن ثقافتنا لا تؤثر بالضرورة على مقدار  ما نثق به، ولكن الطريقة التي نثق بها. يجب على الشركات أن تضع ذلك في اعتبارها أثناء تنقلها في السوق الدولية ومتابعة التعاون العالمي. ولا ينبغي لنا أن نخطأ ونخلط بين الثقة وجدارة الثقة trustworthiness: ما إذا كان الفرد يستحق ثقتنا هو وضع مختلف تماماً .

المصدر :
للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على هذا العنوان؛
 https://adnan-alhajji.blogspot.com/?m=1


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق