الأحد، 4 فبراير 2018

دراسة جديدة تكشف لماذا بعض الناس أكثر إبداعاً من آخرين

الكاتب : روجر بيتي 

١٦ يناير ٢٠١٨

المترجم : ابو طه/ عدنان احمد الحاجي 

المقالة رقم ٤٩ لسنة  ٢٠١٨ 

التصنيف : أبحاث الذكاء 

New study reveals why some people are more creative than others


غالبا ما يُعرّف الإبداع ( الخلاّقية)  على أنه القدرة على التوصل إلى أفكار جديدة ومفيدة. مثل الذكاء، يمكن اعتباره سمة حيث ان  كل شخص  - وليس فقط "العباقرة" المبدعون ك بيكاسو وستيف جوبز - يمتلكه في بعض القدرات.

الإبداع  ليس فقط قدرتك على رسم صورة أو تصميم منتج. نحن جميعاً بحاجة إلى التفكير بشكل خلاق في حياتنا اليومية، سواء كان ذلك معرفة كيف نعد العشاء باستخدام بقايا الطعام أو نصمم  ثوب الهالوين Halloween  ( احد الأعياد المعروفة في امريكا) من الملابس الموجودة في خزانة الملابس.  المهام الإبداعية تتراوح بين ما يسميه الباحثون بالإبداع "الذي يبدأ حرف كلمته الانجليزية الأول creativity  ب “c "  صغيرة- مثل تأسيس موقع على شبكة الإنترنت، أو حرفة  هدايا عيد الميلاد أو حتى  الإتيان بنكتة مضحكة - إلى الإبداع "الذي يبدأ حرف كلمته الانجليزية الأول  Creativity  ب “C  كبيرة ": مثل، كتابة خطاب أو تأليف قصيدة أو تصميم تجربة علمية .

بدأ باحثون  في السايكلوجيا  وعلم الأعصاب في تحديد عمليات التفكير ومناطق الدماغ الداخلة  في الإبداع. وتشير الأدلة الحديثة إلى أن الإبداع ينطوي على تأثير متبادل  معقد بين التفكير التلقائي والمتحكم فيه - وهو القدرة على كل من العصف الذهني  للأفكار بشكل تلقائي وتقييمها بتروٍ لتحديد ما إذا كانت ستعمل فعلاً.

وعلى الرغم من هذا التقدم، ظلت الإجابة على سؤال واحد بعيدة المنال بشكل خاص: ما الذي يجعل بعض الناس أكثر إبداعاً من آخرين؟

في دراسة جديدة، قمت أنا و زملائي  بدراسة  ما إذا كان يمكن تفسير قدرة التفكير الإبداعي لشخص ما ، جزئيا، عن طريق الربط بين ثلاث شبكات دماغية.

مسح الدماغ أثناء التفكير الإبداعي
في الدراسة، كان لدينا ١٦٣ مشارك يقومون  بإكمال  اختبار كلاسيكي في "التفكير التباعدي divergent thinking” " يسمى بمهمة الاستخدامات البديلة ، الأمر الذي يتطلب من الناس التفكير في استخدامات جديدة وغير عادية لأشياء ما. وبعد ان  أكملوا الاختبار، خضعوا لفحص الرنين المغناطيسي الوظيفي، والذي يقيس تدفق الدم إلى أجزاء من الدماغ.

تقيم المهمة  قدرة الناس على التباعد عن الاستخدامات الشائعة للشيء. على سبيل المثال، في الدراسة، أرينا المشاركين أشياء مختلفة على الشاشة، مثل أغلفة العلك   أو الجوارب، وطُلب منهم  التوصل إلى طرق مبتكرة لاستخدامها. وكانت بعض الأفكار أكثر إبداعاً من غيرها. بالنسبة للجوارب، اقترح أحد المشاركين استخدامه لتدفئة القدمين  - وهو الاستخدام المألوف للجوارب - في حين اقترح مشارك آخر استخدامه كنظام ترشيح للماء.

وما هو مهم من ذلك، فقد وجدنا أن الناس الذين كان أداؤهم  أفضل في هذه المهمة كانوا أيضاً يميلون  إلى الإفادة عن وجود الكثير من الهوايات  الإبداعية  والإنجازات، وهو ما يتسق مع الدراسات السابقة التي تبين أن المهمة تقيس  القدرة العامة على التفكير الإبداعي.

بعد أن أكمل المشاركون  مهام التفكير الإبداعي هذه وهم تحت آلة  الرنين المغناطيسي الوظيفي، قسنا الاتصال الوظيفي بين جميع مناطق الدماغ - كم يرتبط  النشاط في منطقة بالنشاط في منطقة أخرى.

قمنا أيضا بترتيب  أفكارهم من حيث أصالتها:  الاقكار عن استخدامات مألوفة للشيء  تتلقى درجات أقل (مثلاً، استخدام الجورب لتدفئة القدمين)، في حين تتلقى  الاستخدامات غير المألوفة  أعلى الدرجات (مثلاً، استخدام الجورب كنظام لترشيح الماء).

ثم ربطنا درجة الإبداع لكل شخص بجميع التوصيلات  الدماغية الممكنة (حوالي  ٣٥ ألف توصيلة)، ثم ازلنا  التوصيلات  التي، وفقا لتحليلنا، لا ترتبط مع درجات الإبداع.  التوصيلات  المتبقية شملت شبكة " إبداع عالية"، وهي مجموعة من التوصيلات  ذات علاقة وثيقة  بتوليد أفكار أصيلة.

بعد تحديد الشبكة، أردنا أن نرى ما إذا كان لدى شخص  توصيلات أقوى في هذه الشبكة الإبداعية العالية من شأنه ان يبلي  بلاءًا حسناً في هذه المهام. لذلك قمنا بقياس قوة توصيلات  شخص ما في هذه الشبكة، ثم استخدمنا النمذجة التنبؤية لاختبار ما إذا كنا نستطيع تقدير درجة إبداع الشخص.

أظهرت النماذج وجود علاقة ارتباط  ذات دلالة   بين درجات الإبداع المتوقعة والملحوظة. وبعبارة أخرى، يمكننا تقدير مدى الإبداع الذي تستند إليه أفكار الشخص بناءًا على قوة و توصيلاته في هذه الشبكة.
وعموماً،  الأشخاص الذين لديهم توصيلات أقوى جاءوا  بأفكار أفضل.

ما الذي يجري في شبكة " الإبداع العالية"
وجدنا أن مناطق الدماغ ضمن شبكة "الإبداع  العالية" تنتمي إلى ثلاثة أنظمة دماغية محددة: الشبكات الافتراضية default و"تمييز الأهمية   salience" و التنفيذية executive .

الشبكة الافتراضية هي مجموعة من مناطق دماغية  تنشط عندما ينهمك  الناس في تفكير تلقائي، كحالة سرحان الذهن وأحلام اليقظة والتخيل. قد تلعب هذه الشبكة دوراً رئيسيا في توليد الأفكار أو العصف الذهني - وهو  التفكير في العديد من الحلول الممكنة لمشكلة ما .


الصورة ؛أداءان موسيقيان يظهران فصوص الدماغ المتصلة في الشبكة الإبداعية العالية. 

شبكة التحكم التنفيذية هي مجموعة من المناطق  تنشط عندما يحتاج الناس إلى التركيز على أو التحكم في( ضبط)   عمليات التفكير. قد تلعب هذه الشبكة دوراً رئيسياً في تقييم الأفكار  أو تحديد ما إذا كانت الأفكار المستحصلة  من العصف الذهني  عملية بالفعل  وتعديلها لتلائم الهدف الإبداعي.

شبكة "تمييز  الأهمية   salience"  (* التعريب من المترجم حسب ما فهمه من التعريف الوظيفي. المزيد من التعريف لهذه الشبكة  -من خارج النص - موجود في آخر  البحث) هي مجموعة من المناطق التي تعمل كآلية تبديل  بين الشبكة االإفتراضية والشبكة التنفيذية. وقد تلعب هذه الشبكة دورا رئيسيا في التناوب بين توليد الأفكار وتقييمها.

ميزة مثيرة للاهتمام لهذه الشبكات الثلاث هي أنها عادة لا تُفعّل   كلها في نفس الوقت ( تزامنياً). على سبيل المثال، عندما تُفعّل  الشبكة التنفيذية، يُلغى تفعيل  الشبكة الافتراضية عادة. نتائجنا تشير إلى أن المبدعين هم أكثر قدرة على تفعيل وبشكل متزامن  شبكات الدماغ  الثلاث التي عادة تعمل بشكل منفصل.

نتائجنا تشير إلى أن الدماغ الإبداعي هو "مسلٌك"  ( يرجى مراجعة المقالين اللذين ترجمناهما سابقاً على هذا العنوان http://adnan-alhajji.blogspot.com/2017/03/blog-post.html?m=1 و http://adnan-alhajji.blogspot.com/2017/11/blog-post_25.html?m=1) بشكل مختلف، وأن المبدعين هم أكثر قدرة على إشراك أنظمة  الدماغ التي لا تعمل عادة معاً. ومن المثير للاهتمام أن النتائج تتفق مع الدراسات الأخيرة التي استخدمت  الرنين المغناطيسي الوظيفي  على الفنانين المحترفين، بما في ذلك موسيقيوا الجاز  وهم يرتجلون ألحاناً  وشعراء يكتبون  اسطراً جديدة من الشعر وفنانون تصويرون يرسمون أفكاراً لغلاف كتاب.

يلزم إجراء بحوث مستقبلية لتحديد ما إذا كانت هذه الشبكات قابلة للتغير أو ثابتة نسبياً. على سبيل المثال، هل يؤدي أخذ دروس في الرسم إلى زيادة التوصيلات داخل شبكات الدماغ هذه؟ هل من الممكن تعزيز القدرة على التفكير الإبداعي العام عن طريق تعديل التوصيلات  الشبكية؟

في الوقت الحالي، لا تزال هذه الأسئلة دون إجابة. وبوصفنا باحثين، نحتاج فقط إلى إشراك شبكاتنا الإبتكارية  لمعرفة  كيف نجيب عليها.

المصدر:

* تعريف مصطلح alliance 
يتلقى    الدماغ وابلاً  مستمراً  من  المحفزات، والأهمية النسبية  لهذه المدخلات يحدد أياً منها هو أكثر احتمالاٌ في ان يسترعي  الانتباه. نظام الدماغ المعروف باسم "شبكة "تمييز الأهمية  salience "، مع العقد الرئيسية في القشور الجزيرية، لديه دور مركزي في الكشف عن المحفزات التي  لها علاقة من  الناحية  السلوكية وتنسيق الموارد العصبية. (التعريف مترجم من هذا المقال  على هذا الرابط) https://www.nature.com/articles/nrn3857

للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على هذا العنوان؛
 https://adnan-alhajji.blogspot.com/?m=1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق