الخميس، 5 أبريل 2018

الحرب النفسية للصناعة التقنية على الأطفال


الكاتب: ريتشارد فريد
اخصائي سايكلوجيا الأطفال والمراهقين والمؤلف لكتاب "طفل الأجهزة الرقمية: استصلاح الطفولة في العصر الرقمي"

 ١١ مارس ٢٠١٨


المترجم : أبو طه / عدنان أحمد الحاجي


المقالة رقم ١٢٧ لسنة ٢٠١٨


التصنيف: برامج التواصل الإجتماعي






Richard Freed
Child and adolescent psychologist,
: and the author of “Wired Child



"اتصلنا بالشرطة لأنها حطمت غرفتها وأصابت أمها ... كل ذلك بسبب أخذنا هاتفها" ، كما شرح والد كيلي. وقال إنه عندما وصلت الشرطة ذلك المساء ، كانت كيلي في حالة ذهول وأخبرت أحد الضباط أنها تريد أن تقتل نفسها. لذا تم استدعاء سيارة إسعاف ، وكانت البنت البالغة من العمر ١٥ عاماً مربوطةً بنقالة ، ونقلت إلى مستشفى للأمراض النفسية ، وتم مراقبتها لسلامتها قبل تخليتها. بعد أيام من دخول المستشفى ، جيء بها  إلى مكتبي من قبل والديها اللذين أرادا  الحصول على مساعدة لينتهى  المنزعجة.

تحدث والدا كيلي أولاً. وقال إن تنويم   ابنتهما في المستشفى كانت تتويجاً لإحباط متزايد  downward spiral استمر طوال العام ومدفوعا بهوسها بالهاتف. كانت كيلي ترفض قضاء بعض الوقت مع عائلتها أو التركيز على المدرسة. وبدلاً من ذلك ، فضلت ان تقضي وقتها على وسائل التواصل الاجتماعية.  كيلي الفتاة التي كانت سابقاً  سعيدة  وطالبة قوية اصبحت  غاضبة ومتجهمة ، أصبحت الآن تأتي  بتقرير  درجات  الى  المنزل   بدرجات هابطة. حاول والدا كيلي مرات عديدة في الأشهر السابقة وضع قيود على استخدام ابنتهما للهاتف ، لكنها أصبحت أكثر تحديا وخداعا ، حتى أنها تتخفى   بهاتفها في كل ساعات الليل.

عندما كشف أحدث  تقرير درجات لكيلي عن عدد من درجات الرسوب  ، شعر والداها بأنهما مجبران على التدخل. أخبرا كيلي في وقت مبكر من فترة ما بعد الظهر في اليوم الذي تم استدعاء الشرطة فيه أن عليها  ان تسلم  هاتفها بحلول الساعة التاسعة مساء. لكن عندما حان الوقت ، رفضت كيلي ، وتلو ذلك   تدافع بينها وبين والديها ، وانتهت بسورة غضب عنيفة أدت إلى دخول الفتاة  المستشفى.

سألتُ كيلي ، التي كانت تجلس في زاوية ، لتساعدنا  في فهم وجهة نظرها في تلك الأمسية. لم ترد وبدلاً عن ذلك  حدقت  في والديها. ولكن بعد ذلك ، فاجأت  الجميع في الغرفة ، وصرخت: "لقد أخذوا مني هاتفي الذكي!" وفي محاولة مني لإشراك كيلي في المحادثة ، سألتُها ما الذي  يعجبها في هاتفها ووسائل التواصل  الاجتماعية. أجابت: "إنها تسعدني".

تفكك الأسر
  كيلي وعائلتها وهم يواصلون  مواعيدهم معي في العيادة في الأشهر التالية ، هيمن قلقان على اجتماعاتنا. الأول هو أن ارتباط كيلي غير الصحي بهاتفها استمر ، مما تسبب في توتر شبه دائم في المنزل.  والقلق الثاني ظهر خلال لقاءاتي مع والدي كيلي لوحدهما. على الرغم من أنهما كانا محبين ومعانين بإبنتهم   ، لم تستطع ام  كيلي ألاّ تشعر  بأنهما قد فشلا  في ابنتهم ويجب أن يكونا  قد فعلا شيئًا خاطئًا أدى إلى مشاكلها.

 عملي كأخصائي نفسي للأطفال والمراهقين يعج  بعائلات كعائلة كيلي. يقول هؤلاء  أولياء الأمور إن الإفراط الشديد في استخدام الأطفال للهواتف  وألعاب الفيديو  ووسائل التواصل الاجتماعية هي أصعب قضية  تربوية يواجهونها  - وفي كثير من الحالات ، تؤدي الى تمزق الأسرة. ترفض فتيات ما قبل المراهقة  والمراهقات التخلي عن هواتفهن ، على الرغم من أنه من الواضح بشكل كبير  أن هذه الأجهزة تجعلهن يعانين من التعاسة. كما أنني أرى الكثير من الأولاد الذين يقودهم الإفراط في  الألعاب إلى التخلي عن الاهتمام بالمدرسة والأنشطة غير المنهجية وأي شيء آخر.   بعض هؤلاء الأولاد ، عندما يكونون  في مرحلة  المراهقة الأخيرة ، يستخدمون أجسادهم الكبيرة لإرهاب  والديهم الذين يحاولون وضع حدود للألعاب. الخيط المشترك الذي تشترك  فيه العديد من هذه الحالات هو ذنب الوالدين ، لأن الكثير منهم  متأكدين من أنهم فعلوا شيئًا ما جعلهم يضعون  أطفالهم على مسار مدمر.

ما لا يفهمه أي من أولياء الأمور هؤلاء  هو أن إفراط  أطفالهم ومراهقيهم المدمر للتكنولوجيا هو النتيجة المتوقعة للإندماج  غير المدرك  فعليًا بين الصناعة التكنولوجية والسايكلوجيا.  هذا التحالف يقرن بين ثروة صناعة التكنولوجيا الاستهلاكية وبين الأبحاث النفسية الأكثر تطوراً ، مما يجعل من الممكن تطوير وسائل تواصل  اجتماعية وألعاب فيديو وهواتف  تتمتع بقوة شبيهة بالعقاقير لإغراء المستخدمين الشباب.

ليس لدى  أولياء الأمور هؤلاء   فكرة  ان ما يختبيء وراء شاشات أطفالهم وهواتفهم  عدد كبير من علماء النفس وعلماء الأعصاب وخبراء العلوم الاجتماعية الذين يستخدمون معرفتهم بنقاط الضعف النفسي لتصميم منتجات تجذب انتباه الأطفال من أجل الربح الصناعي. ما لم يدركه  أولياء الأمور هؤلاء   واكثر  الناس هو أن السايكلوجيا  - المنهج  الذي نربطه بالشفاء - يُستخدم الآن كسلاح ضد الأطفال.

"آلات مصممة لتغيير البشر"
يقع مختبر  بيرسواسيڤ  للتكنولوجيا في  في مبنى غير مهم في حرم جامعة ستانفورد في بالو ألتو بكاليفورنيا، الذي أسسه  في عام ١٩٩٨  دكتور بي جي فوج Fogg  ، وهو طبيب نفساني وأب للتكنولوجيا الإقناعية. الأجهزة الرقمية والتطبيقات - بما في ذلك الهواتف الذكية ،ووسائل التواصل  الاجتماعية، وألعاب الفيديو - تم تصميمها لتغيير الأفكار والسلوكيات البشرية. كما يعلن الموقع الإلكتروني للمختبر بجرأة: ان "الآلات مصممة لتغير البشر."

يتحدث فوغ Fogg علانية عن القدرة على استخدام الهواتف الذكية والأجهزة الرقمية الأخرى لتغيير أفكارنا وأفعالنا: "يمكننا الآن صنع  آلات يمكنها ان تغير  ما يفكر فيه  وما يفعله الناس ، ويمكن للآلات القيام بذلك بشكل مستقل". سماه  ب فوغ Fogg "صانع البلايين" " درّب  طلاباً سابقين  استخدموا أساليبه لتطوير تقنيات  تستنزف  حياة الأطفال الآن. كما روج لذلك  مؤخرًا على موقعه الشخصي على الإنترنت ، "غالبًا ما يقوم طلابي بمشاريع رائدة ، ولا يزالون يؤثرون في العالم الحقيقي بعد مغادرتهم ستانفورد ... على سبيل المثال ، تطبيق الإنستغرام  Instagram أثر على سلوك أكثر من ٨٠٠  مليون شخص. كان المؤسس المشارك طالبًا عندي. "

ومن المثير للاهتمام أن هناك دلائل على أن فوغ Fogg يشعر بالضغط من المراقبة  الأخيرة في استخدام الأجهزة الرقمية لتغيير السلوك. تفاخره بالإستغرام Instagram ، والذي  كان موجوداً على موقعه على الإنترنت في أواخر يناير عام ٢٠١٨ تمت ازالته عن الموقع. شهد موقع فرغ Fogg الإلكتروني مؤخرًا تحولًا  كبيرًا ، حيث يبدو الآن وكأنه يبتعد عن طريقته ليشير إلى أن لعمله أهدافًا خيرية ، وعلق قائلاً: "أعلَمُ الأشخاصَ الجيدين كيف يعمل السلوك حتى يتمكنوا من صنع  منتجات وخدمات يستفيد منها كل  الناس  وبالمثل ، يدعي موقع مختبر ستانفورد بيرسواسيڤ للتكنولوجيا Stanford Persuasive Technology Lab w على نحو متفائل ، "تتمكن تكنولوجيات الإستدراج  من  إحداث تغييرات إيجابية في العديد من المجالات ، بما في ذلك الصحة  والأعمال  والسلامة  والتعليم. ونعتقد أيضًا أن التقدم الجديد في التكنولوجيا يمكن أن يساعد في تعزيز السلام العالمي في ٣٠ عامًا ".

في الوقت الذي يركز فيه فوغ Fogg على المستقبل المشمس لتصميم الإستدراج ، فهو غير مكترث تمامًا بالواقع المزعج الآن: حيث تستخدم تقنيات التكنولوجيا تأثيرًا مخفيًا في جذب المستخدمين واستغلالهم من أجل الربح. كما أن رؤيته المتحمسة تتجاهل بشكل مرتاح  لتشمل كيف أن هذا الجيل من الأطفال والمراهقين ، بعقولهم المرنة للغاية ، يتم التلاعب بهم وإيذاؤهم بقوى غير مرئية.

استخدام  الإستدراج  كسلاح
إذا لم تسمع بتكنولوجيا الاستدراج ، فهذا ليس من قبيل الصدفة - إذ تفضل شركات التكنولوجيا أن تبقي ذلك  في الظل ، لأن معظمنا لا يريد أن يكون خاضعًا للرقابة وينفر   من التلاعب بالأطفال من أجل الربح. تعمل تكنولوجيا الإستدراج  (والتي تسمى أيضًا بتصميم الإستدراج ) عن طريق إنشاء بيئات رقمية بشكل متعمد ، يشعر المستخدمون أنها تحقق غرائزهم البشرية الأساسية - ليكونوا اجتماعيين أو يحرزون  أهدافهم - أفضل من بدائل العالم الحقيقي. يقضي الأطفال ساعات لا تحصى على  وسائل التواصل الاجتماعية وبيئات ألعاب الفيديو بحثًا عن إبداء الإعجاب ( الليكات likes، "و أصدقاء" ، ونقاط اللعبة ، ومستوياتها - لأنها تحفزهم ، يعتقدون أن هذا يجعلهم سعداء وناجحين ، ويجدون أنه أسهل من القيام بأعمال  صعبة ولكنها  أنشطة هامة من الناحية التطورية للطفولة.

في حين تعمل تقنيات الإستدراج  بشكل جيد على البالغين ، فهي فعالة  بشكل خاص في التأثير على دماغ  الأطفال والمراهقين الذين ما زالوا في مرحلة النضوج . يقول فوغ Fogg: "ألعاب الفيديو ، أفضل من أي شيء آخر في ثقافتنا ، اذ تعطي  مكافآت للناس {المترجم: أطن انه يعني شعورهم بالسعادة] ، ولا سيما الأولاد المراهقين". " الفتيان مجبولون في سن المراهقة على البحث عن القدرات. ليتقن  عالمنا ويكون   أفضل في عمل الاشياء. يمكن لألعاب الفيديو ، في توزيعها  للمكافآت ، بمكن  توصل  للناس رسالة أن كفاءتهم تنمو ، يمكنك أن تتحسن في شيء ثانية بعد ثانية. "وهذا تصميم استدراج  يساعد في إقناع هذا الجيل من الأولاد بأنهم يكتسبون" قدرات "بقضاء عدد لا يحصى من الساعات في مواقع الألعاب ، عندما تكون الحقيقة المحزنة هي أنهم محجوزون في غرف ألعابهم ، متجاهلين المدرسة ، ولا يطورون  القدرات  الحقيقية التي تطلبها الكليات وأرباب العمل.

وبالمثل ، تستخدم شركات وسائل التواصل الاجتماعية تصميمًا استدراجياً لإصطياد  الرغبة الملائمة  للعمر  للأطفال بين سنّ ما قبل المراهقة والمراهقة ، وخاصة الفتيات ، ليكنّ  ناجحات  اجتماعيًا.  هذه الرغبة مدرجة  في حمضنا النووي  ، لأن المهارات العلائقية في العالم الحقيقي قد عززت التطور البشري.   مقالة هافينغتون بوست بعنوان، "ماذا يحدث فعلاٌ  على هاتف أي فون مراهقة. تصف حياة كيسي البالغة من العمر ١٤ عاماً من ميلبورن بولاية نيوجرسي. مع ٥٨٠ صديق على الانستغرام  Instagram و ١١١٠  صديق على  الفيس بوك Facebook ، مشغولة  بعدد من "إبداءات الإعجاب - اللايكات" التي تتلقاها صورتها على الفيس بوك Facebook مقارنة مع أقرانها. كما تقول ، "إذا لم تحصل على ١٠٠" من اللايكات  ، فاترك  الآخرين يشاركون رسالتك  حتى تحصل على ١٠٠ من الايكات ... وإلا فإنك ستغضب. الجميع يريد الحصول على "إبداءات الإعجاب". إنها كمسابقة شعبية. "

تقول الكاتبة  باينكا بوسكر Bianca Bosker أن هناك تكاليف تتلخص في افراط استخدام كيسي  للهاتف  ، مشيرة إلى أن "هاتف الفتاة، سواء أكان الفيس بوك  Facebook أو الانستغرام Instagram أو iMessage ، يدفعها  باستمرار  بعيداً من واجباتها المنزلية أو نومها أو محادثاتها مع عائلتها". تمنت كيسي  ان لو تتمكن   من أن تضع هاتفها . لكنها لا تستطيع ذلك. "أستيقظ في الصباح وأذهب الى  الفيس بوك فقط ... لأن ،" كما تقول. "ليس الأمر اني  أريد  أو لا أريد. إنما  فقط افتحه . أنا كالمضطرة  إلى ذلك. أنا لا أعرف لماذا. أنا بحاجة لــ.... الفيسبوك استولى على  حياتي كلها. "

أسئلة مهمة  ببساطة لم تُطرح
قد لا يكون فوغ B.J. Fogg اسمًا مألوفًا ، لكن مجلة فورشن Fortune تسمّيه بـ "المعلم الأعظم (  غورو Guru)  الجديد الذي يجب أن تعرفه" ، ويدفع بحثه جحفلاً   من مصممين لديهم خبرة  مستخدم  (UX) ( للمزيد من المعلومات عن UX من خارج النص يرجى مراجعة https://ar.m.wikipedia.org/wiki/تجربة_المستخدم) الذين يستخدمون ويوسعون نماذجه لتصميم الإستدراج . وكما كتب   في مجلة فوربس Forbes، أنثوني وينج كوزنر ، "لم يكن لأحد أن يكون مؤثراً على الجيل الحالي من المصممين الذين لديهم خبرة  المستخدم (UX) كالباحث في جامعة ستانفورد ب. ج. فوغ".

يأتي مصممو ال UX من العديد من التخصصات ، بما في ذلك علم النفس وكذلك علوم الدماغ والكمبيوتر. ومع ذلك ، فإن جوهر أبحاث ال UX يتعلق باستخدام علم النفس للاستفادة من نقاط ضعفنا البشرية. هذا مضر بشكل خاص عندما تكون الأهداف هي الأطفال. ونظرًا لأن فوغ  Fogg كان قد ذكر    في مقالة مجلة فوربس  ،  شركات Kosner ، "Facebook ، Twitter ، Google ، و سمِ ما شئت ، استخدمت هذه الشركات أجهزة الكمبيوتر للتأثير على سلوكنا". ومع ذلك ، فإن القوة الدافعة وراء تغيير السلوك ليست أجهزة الكمبيوتر. يقول فوغ: "إن الحلقة المفقودة ليست التكنولوجيا ، بل السايكلوجيا".

لا يتبع باحثو  ال UX نموذج تصميم فوغ  Fogg فحسب ، بل أيضًا ميله الظاهري إلى التغاضي عن الآثار الأوسع للتصميم الإستدراجي . وهم يركزون على المهمة المطروحة ، حيث يقومون ببناء آلات وتطبيقات رقمية تستلزم  اهتمام المستخدمين بشكل أفضل ، وتجبر المستخدمين على العودة مرارًا وتكرارًا ، وتنمية الأرباح النهائية للشركات. ومن الأمور الأقل اعتبارًا هي كيف  يكون  أطفال العالم  متأثرين بآلاف من مصممي ال UX الذين يعملون تزامنياً  لجذبهم الى عدد كبير من الأجهزة والمنتجات الرقمية على حساب الحياة الحقيقية.

ووفقًا لـ فوغ B.J. Fogg ، فإن "نموذج سلوك فوغ Fogg Behavior Model”"  هو طريقة تم اختبارها جيدًا لتغيير السلوك ، وفي صيغته المبسطة، ينطوي على ثلاثة عوامل أساسية: الدافع والقدرة والمثيرات. وهو يصف كيف أن صيغته فعالة في جعل الناس يستخدمون الشبكة الإجتماعية ،  يقول عالم النفس في ورقة أكاديمية منشورة  أن الدافع الرئيسي هو رغبة المستخدمين ل "القبول الاجتماعي" ، على الرغم من أنه يقول أن الدافع الأكثر قوة هو الرغبة في " تجنب ان يكون مرفوضاً اجتماعياً" وفيما يتعلق بالقدرة ، يقترح فوغ أن المنتجات الرقمية يجب أن تصنع  بحيث لا يضطر المستخدمون إلى "ان يفكروا  بجد". وبالتالي، فإن الشبكات الاجتماعية مصممة لسهولة الاستخدام. وأخيرًا ، يقول فوغ  إنه يجب ان يستثار  المستخدمون  المحتملون لاستخدام الموقع. ويتم تحقيق ذلك من خلال عدد لا يحصى من الحيل الرقمية ، بما في ذلك إرسال إشعارات متواصلة تحث المستخدمين على مشاهدة صور الأصدقاء ، وإخبارهم بأنهم ( انفسهم) مفقودون من على الشبكة   حين لا يكونون على الشبكة الاجتماعية ، أو تقترح  عليه  بمراجعة بالتشيك   - مرة أخرى - لمعرفة ما إذا كان أي شخص وضع اعجاباً - لايك like  على رسالته  أو صورته.

 صيغة فوغ Fogg بمثابة مخطط لإنشاء شبكات تواصل اجتماعية وشركات ألعاب  تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. ومع ذلك ، لا يتم طرح الأسئلة الأخلاقية حول تأثير تحويل تقنيات الإستدراج  على الأطفال والمراهقين. على سبيل المثال ، هل يجب استخدام الخوف من الرفض الاجتماعي لإجبار الأطفال على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل إجباري؟ هل من المقبول إغراء الأطفال لإبعادهم  عن الوظائف المدرسية التي تتطلب مجهودًا ذهنياً  قويًا ولذلك  يقضون  حياتهم على الشبكات الاجتماعية أو  ألعاب الفيديو التي لا تجعلهم يفكرون كثيراً على الإطلاق؟ وهل من المقبول أن يُحث الأطفال بشكل متواصل على  استخدام المنتجات الرقمية المدرة للدخل على حساب الانخراط مع الأسرة والأنشطة المهمة الأخرى في الحياة الواقعية؟

قرصنة الدماغ
تعمل التقنيات الاستدراجية بسبب إطلاقها  لإطلاق الدوبامين ما يبدو ، وهو ناقل عصبي قوي له دخل  في  المكافأة والاهتمام والإدمان. وفي منطقة فينيسيا في لوس أنجلوس ، التي يطلق عليها الآن "شاطئ السليكون" ،  شركة  Dopamine Labs الناشئة تفتخر باستخدامها تقنيات الإستدراج  لزيادة الأرباح: "أوصل  تطبيقك   بالذكاء الاصطناعي الاستدراجي معنا وأتركها واحصل على  عائد يصل  إلى ٣٠٪ بإعطاء المستخدمين عندك  دفقات رائعة من الدوبامين "، و" إن الدفقة من الدوبامين  تشعر  بالرضا تماماً: فقد ثبت أنه يغير   سلوك المستخدم وعاداته. "

يقول رامزي براون ، مؤسس Dopamine Labs ، في مقالة KQED Science: "لقد طورنا الآن تقنية دقيقة جداً. للعقل البشري، وهذا أمر مثير ومخيف. لدينا القدرة على ضبط  بعض المفاتيح  في لوحة أجهزة التعلم الآلي التي نبنيها ،  ومن شأن ذلك ان يجعل  مئات الآلاف من الناس في جميع أنحاء العالم يغيرون سلوكهم بشكل هاديء ، وبطرق  يجهلونها ، يشعرون بطبيعة ثانٍية ولكنها في الحقيقة مقصودة . "يطلق المبرمجون على هذا" القرصنة  العقلية "، حيث أنها تجبر المستخدمين على قضاء المزيد من الوقت في المواقع على الرغم من أنهم يعتقدون بشكل خاطيء  أنه بسبب خياراتهم الواعية ( اختاروه عن وعي).

تستخدم الشبكات الاجتماعية وألعاب الفيديو  تقنية  التلاعب بالدماغ بمكافأة متغيرة (افتكر  آلة القمار). لا يعرف المستخدمون مطلقًا متى سيحصلون على "الإعجاب التالي " أو مكافأة اللعبة ، ويتم توصيلها الى المستخدم  في الوقت المناسب لتعزيز الإثارة القصوى والحفاظ على الموقع. توظف بنوكاً من حواسيب الذكاء الإصطناعي "لتتعلم" أياً من  أعداد   عناصر التصميم الاستدراجية التي لا تحصى  ستبقي المستخدمين ملازمين ( مدمنين على) للمواقع .  بروفايل استدراجي   لنقاط الضعف الفريدة  بالمستخدم ينشأ في الوقت الفعلي ويتم استغلاله لإبقاء المستخدمين على الموقع وجعلهم يعودون مراراً    لفترات زمنية أطول. هذا يدفع بأرباح شركات الإنترنت الاستهلاكية التي تعتمد إيراداتها على كم تستخدم  منتجاتها

يعتبر المبرمجون التقنيات السرية التي تتلاعب بالمستخدمين لتحقيق دافع الربح "تصميمًا داكنًا". لماذا تلجأ الشركات إلى مثل هذه الأساليب؟ وكما يقول الرئيس التنفيذي السابق للتكنولوجيا ، بيل دايفو ، في ورقته التي نشرها في مجلة  أتلانتيك  "استغلال علم الأعصاب في إدمان الإنترنت" ،  قادة شركات الإنترنت يواجهون أهمية ملحة ، لو كانت مشكوكًا فيها أخلاقياً أيضًا: إما أنهم يختطفون علم الأعصاب للحصول على حصة في السوق وتحقيق أرباح كبيرة ، أو يسمحون للمنافسين بذلك والهرب من السوق ".

هناك عدد قليل من الصناعات كجامح  وغير منظم كوادي السليكون. تعتقد شركات التواصل الاجتماعي وشركات ألعاب الفيديو أنها مضطرة لاستخدام تكنولوجيا الاستدراج في سباق التسلح من أجل جذب الانتباه والأرباح والبقاء على قيد الحياة. أما  مصلحة الأطفال ليست جزءًا من حسابات القرارات.

نظرة خاطفة من وراء الستار
في الوقت الذي حققت فيه شركات التواصل  الاجتماعي وشركات ألعاب الفيديو نجاحًا مدهشًا في إخفاء استخدام التصميم الإستدراجي عن الجمهور ، حدث اختراق واحد في عام ٢٠١٧ عندما تم تسريب مستندات الفيس بوك Facebook إلى صحيفة ذا استراليان The Australian. أظهر التقرير الداخلي الذي أعده المسؤولون التنفيذيون في الفيسبوك أن الشبكة الاجتماعية التي تتباهى للمعلنين أنه من خلال مراقبة المشاركات والتفاعلات والصور في الوقت الحقيقي ، تستطيع الشبكة من تتبع متى يشعر المراهقون "بعدم الأمان" ،  و "لا قيمة لهم" ، و "متوترين" و، "عديمي الفائدة "و بالفشل". لماذا الشبكة الاجتماعية تفعل هذا؟ كما تفاخر التقرير  بقدرة Facebook على استهداف الإعلانات الصغيرة إلى "لحظات يحتاج فيها الشباب إلى رفع   الثقة".

مروجون رقميون
يتمثل خط صناعة التكنولوجيا الرسمي   في استخدام تقنيات الإستدراج  لجعل المنتجات أكثر جاذبية وممتعة. لكن كشف  المطلعين على الصناعة يمكن أن يكشف عن دوافع أكثر قتامة. مطور ألعاب الفيديو جون هوبسون ، حاصل على درجة الدكتوراه في مجال العلوم السلوكية والدماغية ، كتب ورقة بعنوان "تصميم لعبة سلوكية Behavioral Game Design.” . يصف فيها استخدام ميزات التصميم لتغيير سلوك لاعب ألعاب الفيديو ، يجعله يبدو وكأنه مجرّد مجرب يدير مختبر  حيوانات  ليعرف مدى قوتها ، حيث يجيب على أسئلة مثل: "كيف يمكننا جعل اللاعبين يحافظون على نسبة عالية ومتسقة من النشاط؟ "و" كيف نجعل اللاعبين يلعبون للأبد. "

كاشفاً عن العلوم الطبيعية الذي وراءه ، يقول هوبسون: "إن هذا لا يعني القول بأن اللاعبين هم نفس الفئران ، ولكن هناك قواعد عامة للتعلم تنطبق عليهما بالتساوي". بعد أن كتب الورقة  ، تم توظيف هوبسون من قبل مايكروسوفت. حيث ساعد في قيادة تطوير نظام اكس بوكس لايڤ  Xbox Live ، وهو نظام ألعاب مايكروسوفت  Microsoft عبر الإنترنت. كما ساعد في تطوير ألعاب إكس بوكس الرائجة عند الأطفال ، بما في ذلك تلك الموجودة في مسلسل هالو Halo. أولياء الأمور   الذين أعمل معهم ليس لديهم أدنى فكرة عن المقدار الهائل عن القوة النارية  المالية والنفسية التي تستهدف أطفالهم لإستبقائهم يلعبون ألعاب الفيديو "إلى الأبد".

وهناك خبير تكنولوجيا إستدراج  آخر هو بيل فولتون ، مصمم الألعاب الذي تدرب في علم النفس المعرفي والكم. بدأ مجموعة أبحاث المستخدم للألعاب المايكروسوفت    Microsoft’s Games User-Research في  قبل تأسيس وكالة استشارات خاصة به.  فولتون كان شفافاً  عن قوة التصميم الإستدراجي وعن نية صناعة الألعاب ، حيث كشف لمجلة شركة بيغ فور اكوانتينغ PwC’s: "لو كان مصممو اللعبة سيحسبون شخصًا  عن كل نشاط اجتماعي طوعي أو هواية أو تسلية ، سيضطرون إلى إشراك ذلك الشخص على مستوى عميق جدًا بكل طريقة ممكنة. "

هذا هو التأثير المهيمن للتصميم الاستدراجي  اليوم: بناء ألعاب فيديو ومنتجات وسائل تواصل  اجتماعية ، بشكل  جذاب جداً  للمستخدمين الى الحد الذي  يمكنه ان يبعدهم  عن العالم الحقيقي ليقضوا  حياتهم في المجالات التي هدفها الربح. لكن الانخراط في مهنة  على حساب أنشطة  العالم الحقيقي هو عنصر أساسي من عناصر  الإدمان. وهناك أدلة متزايدة على أن التصميم الإستدراجي  أصبح الآن قويًا إلى درجة أنه قادر على المساهمة في إدمان ألعاب الفيديو  و الإنترنت - التشخيصات التي اصبحت معترف بها رسميًا في الصين وكوريا الجنوبية واليابان والتي هي قيد النظر في الولايات المتحدة.

لا يبدو أن التصميم للاستدراجي  يؤدي إلى إدمان الأطفال على الأجهزة فحسب ، بل تُستخدم  معرفة الإدمان لجعل التصميم الإستدراجي  أكثر فاعلية في اختطاف العقل. كما يعترف رامزي براون في حلقة من برنامج قناة  CBS سي بي إس التلفزيونية ستون دقيقة ( CBS's 60 Minutes) ، "بما أننا قد توصلنا إلى حدٍ ما إلى كيف تعمل هذه الأجزاء من الدماغ التي تعالج الإدمان ، فقد اكتشف الناس كيفية يعصرونها  أكثر  وعن مدى كيف يدمجون  المعلومات في تطبيقات على التلفون. "

سرقة من الطفولة
إن إنشاء منتجات رقمية ذات تأثيرات شبيهة بالعقاقير قادرة على "سحب الشخص" عن الانخراط في أنشطة الخياة الواقعية هو السبب في أن تكنولوجيا الإستدراج  مدمرة للغاية. اليوم ، من المرجح أن يصرف تصميم الإستدراج   الأشخاص البالغين عن قيادة السيارة  بأمان، وتن العمل المنتج  وعن التواصل  مع أطفالهم - وكلها أمور مهمة  تحتاج إلى اهتمام عاجل. ومع ذلك ، ولأن عقل الطفل والمراهق يمكن التحكم فيه بسهولة أكثر من عقل البالغ ، فإن استخدام التصميم الاستدراجي  له تأثير مؤلم أكثر على الأطفال.

تعمل تقنيات الإستدراج  على إعادة تشكيل الطفولة ، وإغراء الأطفال حتى يكونوا بعيدين  عن الأسرة والعمل المدرسي لقضاء المزيد والمزيد من حياتهم جالسين أمام الشاشات والهواتف. وفقًا لتقرير مؤسسة أسرة كايزر Kaiser Family Foundation report, يقضي الأطفال الصغارفي الولايات المتحدة ٥ ساعات ونصف يوميًا على تقنيات الترفيه ، بما في ذلك ألعاب الفيديو ووسائل التواصل  الاجتماعية ومقاطع الفيديو عبر الإنترنت. وما هو أكثر من ذلك ، فإن المراهق العادي يقضي الآن ٨ ساعات كل يوم لاعباً  بالشاشات والهواتف. إن الإستخدامات المنتجة  للتكنولوجيا - عندما  يكون التصميم الإستدراجي  أقل تأثيراً - هو فائت لأوانه تقريباً  ، حيث يقضي أطفال الولايات المتحدة ١٦ دقيقة فقط يوميًا مستخدماً  الكمبيوتر في المنزل لواجبات مدرسية.

بشكل هاديء  ، أصبح استخدام الشاشات والهواتف للتسلية هو النشاط المهيمن للأطفال. يقضي الأطفال الصغار وقتًا أطول في التفاعل مع شاشات الترفيه أكثر مما يقضونه في المدرسة ، ويقضي المراهقون وقتًا أطول في اللعب باستخدام الشاشات والهواتف أكثر مما ينامون. والنتيجة واضحة في المطاعم ، وفي السيارة الواقفة  بجانبك على اشارة المرور ، وحتى العديد من الفصول الدراسية: ومما يشهد  على نجاح تكنولوجيا الإستدراج ،  الأطفال  مأخذون جداً بهواتفهم وأجهزةهم الأخرى الى حد انهم فد أداروا  ظهورهم عن العالم من حولهم  . مختبئون في غرف النوم على الأجهزة، أو مستغرقون على هواتفهم في وجود أفراد العائلة الآخرين ، العديد من الأطفال  يفتقدون الإنخراط  في الحياة الواقعية مع الأسرة والمدرسة ، وهما ركنان أساسيان في الطفولة يؤديان إلى نمو سعيد وناجح. حتى خلال اللحظات القليلة التي يقضي فيها الأطفال بعيدًا عن أجهزتهم ، غالبًا ما ينشغلون بفكرة واحدة: الرجوع إليها مرة أخرى.

بالإضافة إلى إزاحة  أنشطة الطفولة الصحية ، تعمل التقنيات الإستدراجية على جذب الأطفال إلى البيئات الرقمية السامة في كثير من الأحيان. وهناك تجربة متكررة لكثيرين هي التعرض للتنمر  عبر الإنترنت ، مما يزيد من خطر تركهم  المدرسة واحتمال الانتحار. وهناك اعتراف متزايد بالتأثير السلبي "للـخوف من تفويت الفرصة  FOMO"، حيث يقضي الأطفال حياتهم الاجتماعية على  وسائل التواصل وهم يشاهدون عرضًا للأقران الذين يبدون  انهم يتمتعون  بقضاء وقت ممتع بدونهم ، مما يغذي مشاعرهم بالوحدة، وأنهم أقل منهم.

الجيل المرتبط بالتنكلوجيا الرقمية  ينهار
إن الآثار المدمجة لأزاحة  أنشطة الطفولة الحيوية والتعرض للبيئات غير الصحية على الإنترنت تدمر جيلاً. في مقالها الأخير في موقع  أتلانتيك عنوانه ؛ "هل  الهواتف الذكية دمرت  جيلاً؟"  ،  الدكتورة جين توينج ، أستاذة علم النفس في جامعة ولاية سان دييغو ، تصف كم تدفع عدد  الساعات الطويلة التي تقضى على الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعية  بالفتيات المراهقات في الولايات المتحدة إلى معاناة  من  معدلات اكتئاب وسلوكيات انتحارية عالية.

ونظرًا لأن العمر المعتاد حين يحصل الأطفال فيه على أول هاتف ذكي لهم قد انخفض إلى ١٠  أعوام ، فلا غرابة في ان ترى  مشاكل نفسية خطيرة - كانت يوماً  مجالًا يختص بالمراهقين - اما الأن فقد تطور وأصبح  يعاني منه الأطفال الصغار . وقد زادت الإصابات الذاتية ( التي تقوم بها الفتاة بإيذاء نفسها بنفسها ) ، كجرح نفسها ، يصل الى حد  الخطورة مما يستدعي العلاج في غرفة الطوارئ ، بشكل كبير بين الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين ١٠ و ١٤ عامًا ، بزيادة ١٩٪ سنوياً منذ عام ٢٠٠٩.

في حين يتم جذب  الفتيات الى الهواتف الذكية ووسائل التواصل  الاجتماعية ، فمن المرجح أن يُغوى  الأولاد نحو عالم ألعاب الفيديو ، غالباً على حساب التركيز على المدرسة.  كميات كبيرة من الألعاب لها ارتباط بالخصول على درجات  مواد  دراسية  متدنية، لذا بما أن  الأولاد يقضون وقتاً  أكثر من البنات على الألعاب ، فليس من المستغرب ان ترى  هذا الجيل من الأولاد  يعاونون  من صعوبة في  دخول  الجامعة : ٥٧٪ من طلبات الالتحاق بالجامعات تمنح بالكامل للشابات  مقارنة بـ ٤٣ فقط. ٪  تمنح إلى الشباب. ومع انتقال الأولاد إلى مرحلة الرجولة ، لا يمكنهم التخلص من  عادات لعبهم. فقد أظهر الاقتصاديون الذين يعملون مع المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية مؤخراً أن العديد من الرجال الأمريكيين الشباب يختارون لعب ألعاب الفيديو بدلاً من الانضمام إلى القوى العاملة.

بصفتي طبيبة نفسية للأطفال والمراهقين ، فإن النتيجة الحتمية محرجة وكاسرة  للقلب  على حد سواء. القوى المدمرة للسكلوجيا  التي تنشرها صناعة التكنولوجيا تؤثر بشكل كبير على الأطفال أكثر من الاستخدامات الإيجابية للسايكلوجيا من قبل مقدمي خدمات الصحة النفسية وداعمي  الأطفال. من الواضح أن السايكلوجيا  تضر بالأطفال أكثر من ان تساعدهم .

الصحوة
 الأمل في هذا الجيل الملتصق بالأجهزة  قد يبدو  قاتماً حتى وقت قريب ، عندما تقدمت مجموعة مدهشة لانتقاد استخدام صناعة التكنولوجيا للتلاعب السايكلوجي : تنفيذيون تقنييون: تريستان هاريس Tristan Harris ، الذي كان سابقًا متخصصًا في أخلاقيات التصميم في قوقل  Google ، قد تقدم المسيرة في الكشف عن استخدام الصناعة للتصميم الإستدراجي. وقال في مقابلة أجرتها  الإيكونوميست ماغازين   ١٨٤٣ ، "إن مهمة هذه الشركات هي إغواء  الناس ، وهم يفعلون ذلك عن طريق اختطاف مواطن ضعفنا النفسية".

وهناك مبادرة أخرى  لمدير تقنية تنفيذي  رفعت  اشارة الخطر حول استخدام صناعة التقنية للتلاعب بالعقول ، وهو الرئيس السابق للفيسبوك شون Sean اركر. وفي مقابلة مع أكسيوس  Axios، قال: "إن عملية التفكير التي بدأت في بناء هذه التطبيقات ، وكان الفيس بوك أولها ... كانت تدور حول:" كيف نستنزف الكثير من وقتك واهتمامك الواعي بقدر الإمكان؟ " أن الفيسبوك يستغل نقاط "الضعف في السايكلوحيا  البشرية" وقال ، "الله وحده يعلم ما يُفعل بأدمغة أطفالنا".

يتمثل أحد المواضيع التي تطرحها هذه الشركات التقنية في أن الصناعة تستخدم تكنولوجيا الإستدراج بشكل غير عادل للحصول على عوائد  ربحية. يقول تشاماث باليهابيتيا Chamath Palihapitiya، نائب الرئيس السابق في الفيسبوك في حديث مثير للسخرية في مختبر  فوغ فيجامعة ستانفورد: "إن شركات الإنترنت الاستهلاكية تدور حول استغلال السايكلوجيا". "نريد أن نفهم  كيف نتعامل معك [يا فوغ] بشكل سايكلوجي في أسرع وقت ممكن ثم نعيد  لك  جرعة  الدوبامين هذه."

لو كان لديهم  أطفال يمكن ان يغير  منظور مدراء التكنولوجيا التنفيذيين  . يعتبر توني فادل ، الذي كان يعمل في شركة أبل في السابق ، اباٌ  لجهاز الآيباد  iPad وكذلك لمعظم   أجهزة الآيفون  iPhone. وهو أيضًا مؤسس ومدير تنفيذي حالي في نيست Nest. "لم يكن لدى الكثير من المصممين والمبرمجين الذين كانوا في العشرينات من العمر عندما كنا نصنع هذه الأشياء أطفالًا. الآن ، لديهم أطفال ، هذه كانت ”تصريحات فادل ، بينما كان يتحدث في متحف التصميم في لندن. "وهم يرون ما يحدث ، ويقولون:" انتظر لحظة. "وبدأوا في إعادة النظر في قراراتهم التصميمية."

مارك بينيوفMarc Benioff، الرئيس التنفيذي لشركة الحوسبة السحابية سيلزفورس Salesforce ، هو واحد من  الأصوات التي تدعو إلى تنظيم ( تقنين)  شركات التواصل  الإجتماعي وذلك بسبب إمكانيتها من إدمان  الأطفال . يقول إنه كما تم تنظيم ( تقنين) صناعة السجائر ، كذلك ينبغي عمل ذلك في  شركات التواصل  الاجتماعي. وقال بينيوف لمحطة سي.ان.بي.سي التلفزيونية في يناير  الماضي (٢٠١٨ ) "أثناء وجوده في دافوس بسويسرا ، في المنتدى الاقتصادي العالمي، أعتقد أن التكنولوجيا لها مشاكل إدمانية يتعين علينا معالجتها وأن مصممي هذه المنتجات يعملون على جعل هذه المنتجات أكثر إدمانا. ونريد كبح جماح ذلك قدر المستطاع."  .

يقول بينيوف أن أولياء الأمور  يجب أن يقوموا بدورهم للحد من أجهزة أطفالهم ، ومع ذلك ، "إذا كانت هناك ميزة غير عادلة أو أشياء غير مفهومة من قبل أولياء الأمور ، عندئذ يجب على الحكومة أن تتقدم وتسلط الضوء  على ذلك". الملايين من أولياء الأمور ، على سبيل المثال ، والديّ كيلي المريضة ، ليس لديهم أي فكرة على الإطلاق عن  أجهزة تُستخدم لتختطف عقول أطفالهم وحياتهم ، وأن تنظيم ( تقنين)  هذه الممارسات هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله.

مجموعة أخرى غير محتملة للتحدث نيابة عن الأطفال هم مستثمرو التكنولوجيا. وفي الآونة الأخيرة ،  مالكو أسهم شركة أبل الكبرى - ، وهي الشركات الاستثمارية  ، جانا بارتنرز ونظام التقاعد الخاص بمعلمي ولاية كاليفورنيا ، واللتان تملكان مجتمعتين  ملياري دولار في أسهم الشركة ، أثارت مخاوف من أن التصميم الإستدراجي  يسهم في معاناة الأطفال. وفي رسالة مفتوحة إلى شركة آبل ، قام المستثمرون ، بالتعاون مع خبراء رواد في مجال تكنولوجيا الأطفال ، بتقديم أدلة تفصيلية على أن استخدام الأطفال المفرط  للهواتف والأجهزة يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب وعوامل خطر الانتحار. على وجه التحديد ، محملينهم التأثير المدمر للتكنولوجيا الإستدراجية ، تقول الرسالة: "ليس سراً أيضًا أن المواقع والتطبيقات الخاصة بالوسائط الاجتماعية التي يكون فيها جهاز iPhone و iPad بوابة رئيسية ، عادة ما تكون مصممة لتكون إدمانية ومضيعة  للوقت الى حد  كبير. "

الذهاب الى مستوى أهبط
كيف استجابت صناعة التكنولوجيا الاستهلاكية  لدعوات  التغيير هذه؟ بالذهاب حتى الى أهبط  من ذلك. أطلقت فيسبوك Facebook مؤخرًا تطبيق ماسينجر الأطفال Messenger Kids ، وهو تطبيق وسائط تواصل اجتماعي سيصل إلى أطفال لا تتجاوز أعمارهم خمس سنوات. مما يشير إلى أن التصميم الإستدراجي  الضار يركز  الآن على الأطفال الصغار جدا هو إعلان  مدير فن الأطفال التابع لماسينجر ، شيو بى لوه ، "نريد أن نساعد على تعزيز التواصل [على الفيسبوك] ونجعل هذا أكثر الأشياء إثارة تريد ان تقوم  به. "

تعكس رؤية  ال"فيسبوك" الضيقة الأفق الخاصة بالطفولة ، كيف أن الشبكة الاجتماعية وشركات التكنولوجيا الاستهلاكية الأخرى بعيدة كل البعد عن حاجات الجيل المتزايد في الإضطراب . يجب أن يكون "الشيء المثير" بالنسبة للأطفال الصغار قضاء وقت مع العائلة ، واللعب في الخارج ، والانخراط في اللعب الإبداعي ، وغير ذلك من التجارب التنموية الحيوية - وليس الانجرار إلى دوامة وسائل التواصل الاجتماعية على الهواتف أو الأجهزة اللوحية. وعلاوة على ذلك، يقوم برنامج ماسينجر كيدز" Facebook Messenger Kids بإعطاء بداية مبكرة للحياة اللصيقة بالأجهزة على وسائل التواصل الاجتماعي التي نعرف بأنها تنطوي على مخاطر الاكتئاب والسلوك المتعلق بالانتحار للأطفال الأكبر سنًا.

ردا على إطلاق   ماسنجر  الفيسبوك للأطفال- ماسينجر كيدز"  Facebook’s Messenger Kids، أرسلت الحملة من أجل طفولة خالية من الإعلانات التجارية (CCFC)  الى الفيسبوك رسالة موقعة من العديد من المدافعين عن الصحة تدعو الشركة إلى سحب  التطبيق. لم تجب الفيسبوك Facebook بعد على الرسالة وبدلاً عن ذلك استمرت  في تسويق "ماسينجر كيدز" للأطفال الصغار بقوة.

صمت المهنة
في الوقت الذي يصرخ  فيه المسؤولون التنفيذيون والمستثمرون من التلاعب السايكلوجي لصناعة التونكلوجيا  بالأطفال ، فإن جمعية علم النفس الأمريكية (APA) - المكلفة بحماية الأطفال والأسر من الممارسات النفسية الضارة - كانت صامتة بشكل أساسي حول هذه المسألة. هذا لا يوحي بالخبث. وبدلاً من ذلك ، فإن قيادة APA - شأنها شأن أولياء الأمور - ليست واعية على الأرجح من استخدام صناعة التكنولوجيا المشوه للسايكلوجيا . ومع ذلك ، هناك مفارقة ، في حين  يسترشد  علماء النفس وأدواتهم القوية  بالأخلاق ، لكن الرؤساء  التنفيذيين والمستثمرين التقنيين ليسوا كذلك.

إن الكود  code الأخلاقي لل APA ، وهي  الجمعية المهنية الرئيسية  الأمريكية للسايكلوجيا ، واضح تمامًا: "يسعى علماء النفس إلى إفادة  أولئك الذين يعملون معهم ويحرصون  على عدم الإضرار". وعلاوة على ذلك ، تتطلب المعايير الأخلاقية  لل APA من المهنة بذل الجهود لتصحيح "سوء  استخدام" عمل علماء النفس ، والتي من شأنها ان تشمل تطبيق تقنيات فوغ  BJ Fogg الإستدراجية  للتأثير على الأطفال بما هو ضد مصالحهم الفضلى. حتى أن القانون يوفر حماية خاصة للأطفال لأن "مواضع  ضعفهم التنموية تضر بصنع القرار المستقل".

إن التلاعب بالأطفال من أجل الربح دون موافقتهم  أو موافقة أولياء امورهم  ، ودفع  الأطفال الى  قضاء المزيد من الوقت على الأجهزة التي تتسبب في مشاكل عاطفية وأكاديمية هو تجسيد لممارسة سايكلوجية  غير أخلاقية. شركات وادي السليكون  والشركات الاستثمارية التي تدعمها مأهولة  بشكل كبير من قبل رجال بيض من ذوي امتيازات عالية يستخدمون تقنيات مؤثرة على  العقل للسيطرة على حياة أطفال لا حول لهم ولا قوة. معالجاً  لهذا الظلم  يقول تريستان هاريس : "لم يحدث سابقاً  في التاريخ ، أن كانت ل  ٥٠ شخصًا معظمهم من الرجال ،  واعمارهم من   ٢٠ إلى ٣٥ ، ومعظمهم من مهندسي التصميم اليض على  بعد  ٥٠  ميلًا من المكان الذي نحن فيه الآن [وادي السليكون] ،   السيطرة على ما يفكر به ويفعله مليار من الناس،   كان هاريس يسرد مقتطفًا من العرض  الذي قدمه أثناء وجوده في قوقل  Google في مقابلة مع الصحفية كارا سويشر عن برنامجها  التلفزيوني  Recode Decode في فبراير ٢٠١٧.

قد يجادل البعض بأنه من مسؤولية أولياء الأمور حماية أطفالهم من خداع صناعة التكنولوجيا. ومع ذلك ، لا يمتلك أولياء الأمور أي فكرة عن القوى القوية المتحالفة ضدهم ، ولا يعرفون كيف يتم تطوير تقنيات بتأثيرات تشبه المخدرات لجذب عقول الأطفال. لا يستطيع أولياء الأمور ببساطة حماية أطفالهم أو المراهقين من شيء مخفي وغير معروف لهم.

يدعي آخرون أنه لا ينبغي القيام بأي شيء لأن القصد من وراء التصميم الإستدراجي هو بناء منتجات أفضل ، وليس التلاعب بالأطفال. في الواقع ، بالنسبة لأولئك الذين يعملون في مجالات تجربة المستخدم ( مزيد من التفاصيل عن تجربة المستخدم من خارج النص على هذا العنوان https://ar.m.wikipedia.org/wiki/تجربة_المستخدم)  والإستدراج ، أنا متأكد من عدم وجود نية لإلحاق الأذى بالأطفال. كانت التبعات  السلبية للتكنولوجيا الإستدراجية بالنسبة للجزء  الأكبر عرَضيًا ، وهي نتيجة ثانوية مؤسفة لعملية تصميم تنافسية  استثنائية. ومع ذلك ، توجد ظروف مشابهة في صناعة السجائر ، حيث أن شركات التبغ هدفها  هو ربحها من بيع منتجاتها ، وليس إيذاء الأطفال. ومع ذلك ، ولأن السجائر والتصميم الإستدراجي  يضران بالأطفال بشكل متنبأ به ، يجب اتخاذ إجراءات لحماية الأطفال من آثارهما.

ضمير في عصر الآلات
منذ بدايته ، يعمل مجال التكنولوجيا الإستدراجية في فراغ أخلاقي. والمأساة الناتجة ليست بمفاجئة.
في الحقيقة ، لقد تم الاعتراف بالقدرة الضارة لاستخدام التصميم الإستدراجي منذ وقت طويل. يقول فوغ نفسه في مقال نشر في دورية عام ١٩٩٩ ، "  أجهزة الكمبيوتر الإستدراجية  يمكن إستخدامها لأغراض مدمرة.  الجانب المظلم لتغيير الأمزجة والسلوكيات يؤدي إلى التلاعب والعنف ". وفي ورقة أكاديمية عام ١٩٩٨ ، يصف فوغ Fogg ما ينبغي  أن يحدث إذا سارت الأمور بشكل خاطئ ، قائلاً ، لو أُُعتبرت  التقنيات الإستدراجية"  ضارة أو مشكوكاً فيها في بعض الجوانب ، فيجب على الباحث حينئذ اتخاذ إجراء اجتماعياً  أو الدعوة إلى أن يقوم الآخرون بذلك ".

وفي الآونة الأخيرة ، اعترف فوغ  Fogg بالفعل بالآثار السيئة للتصميم الإستدراجي. في مقابلة أجراها إيان ليسلي في عام ٢٠١٦  للإيكونوميست ماغازين  1843 ، يقول فوغ: "أنظر إلى بعض طلابي السابقين وأتساءل ما إذا كانوا  يحاولون جعل العالم أفضل منا هو عليه ، أو يحاولون كسب الأموال". وفي  مقابلته مع ماغازين  032c ، حيث اعترف قائلاً: "لو  نظرت الى المطاعم ، ستجد تقريباً أن  الكل واضعين  هواتفهم  على الطاولة ، وهم يبتعدون باستمرار عن التفاعل  المباشر مع الشخص الآخر  وجهاً لوجه - أعتقد أن هذا أمر سيئ ومع ذلك ، لم يتخذ فوغ Fogg أي إجراء ذي مغزى لمساعدة أولئك المصابين بالأمراض التي اصبح  هو أباً لها ( سبباً لها) . ولم يكن لدى من يشغلون مناصب في السلطة ، باستثناء  مدراء تنفيذيين في مجال التكنولوجيا ، أي شيء للحد من الاستخدام التلاعبي  والعنفي للأجهزة الرقمية المضادة للأطفال والمراهقين.

إذن ، كيف يمكن حماية الأطفال من استخدام صناعة التكنولوجيا للتصميم الإستدراجي ؟ أقترح التوجه إلى توجيهات الرئيس جون كنيدي المتميزة: قال إن التكنولوجيا "ليس لها وعي خاص بها. "ما إذا كانت ستصبح قوة للخير أو الشر ، فهذا يعتمد على الإنسان". أعتقد أن وظيفة علم النفس ، مع معرفته  للعقل وكود code الأخلاق كمرشد ، يمكن أن يتقدم ليصبح موجهاً  واعياً لكيف تتفاعل شركات التكنولوجيا مع الأطفال والمراهقين .

يجب أن تبدأ APA بالمطالبة بإخراج أساليب التلاعب السلوكي في صناعة التكنولوجيا من الظل وتعريضها لضوء وعي  الناس. يجب إجراء تغييرات في قانون أخلاقيات ال APA من أجل منع علماء النفس من التلاعب بالأطفال باستخدام الآلات الرقمية تحديدًا ، خاصةً لو كان هذا التأثير يمثل خطراً  على مصالحهم. علاوة على ذلك ، يجب أن تتبع APA معاييرها الأخلاقية من خلال بذل جهود قوية لتصحيح سوء استخدام الإستدراج النفسي من جانب صناعة التكنولوجيا ومن قبل مصممي تجربة المستخدم خارج مجال علم النفس.

هناك ما هو أكثر لما يمكن لوظيفة علم النفس ان تقوم  ويجب ان تقوم  به لحماية الأطفال ومعالجة  الضرر الذي يـُفعل بالأطفال. يجب أن تنضم إلى المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا الذين يطالبون بتقنين (بتنظيم( التصميم الإستدراجي  لمنتجات التكنولوجيا للأطفال. كما يجب APA أن تجعل صوتها القوي مسموعًا بين الجوقة المتنامية التي تدعو شركات التكنولوجيا التي تستغل عمداً نقاط ضعف الأطفال. ويجب على APA بذل جهود أقوى وأكثر جرأة لتثقيف أولياء الأمور والمدارس وزملاء الأطفال الآخرين عن أضرار الإفراط في استخدام الأطفال للأجهزة الرقمية.

مع كل يوم يمر ، يتم نشر تقنيات إستدراجية جديدة وأكثر تأثيراً للاستفادة بشكل أفضل من حدود القدرات  المتأصلة للأطفال والمراهقين. وظيفة علم النفس ينبغي ان تصر في هذا العصر الجديد على أن تستخدم  أدواتها لتحسين صحة الأطفال ورفاههم بدلاً من إعاقتهم. من خلال إصدار بيان قوي ضد الاستخدام الاستغلالي للتصميم الإستدراجي، يمكن أن تساعد APA ووظيفة علم النفس في توفير الوعي اللازم لتوجيهنا في  عصر  الآلات الرقمية القوية بشكل خطير .

المصدر
https://medium.com/s/story/the-tech-industrys-psychological-war-on-kids-c452870464ce



للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على هذا العنوان؛
 https://adnan-alhajji.blogspot.com/?m=1


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق