الاثنين، 18 مارس 2019

المعتقدات الشخصية مقابل الابتكار العلمي: تجاوز عقلية الأرض المسطحة


١٣ يونيو ٢٠١٦

بقلم  ايغور يروسيڤيك

المترجم:  ابو طه / عدنان احمد الحاجي

المقالة رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٩

التصنيف: ابحاث سلوكية علمية
  

June 13, 2016

Author Igor Juricevic

تاريخ العلوم هو ايضاً تاريخ الناس الذين قاوموا الاكتشافات الجديدة التي  تتعارض مع العرف السائد. 

هل يمكن للأفكار الجديدة اختراق الأفكار المسبقة التصور؟ 

عندما نشر غاليليو   نظرية كوبرنيكوس في ان الارض تدور حول الشمس (١) - والتي كانت عكس ما تعتقده الكنيسة حينها في ان الارض هي مركز الكون - انتهى يشجبه من قبل محاكم التفتيش الرومانية في ١٦٣٣. كانت نظرية دارون للنشوء والتطور (٢)  - والتي تقول ان الأنواع الجديدة تتطور بسبب الانتقاء الطبيعي للسمات الموروثة . - واجهت  معارضة لانها كانت تعارض معتقدات علمية وسياسية ودينية  قد تمسكوا بها لوقت  طويل. 

فرضية الفريد ويغنر Alfred Wegener    (٣) في عام ١٩١٢ في  ان القارات الارضيّة تتحرك تجاه بعضها. - وهي نظرية الانجراف القاري - قد رفضت لعقود، جزئياً لأن العلماء تمسكوا بقوة بالنظريات التقليدية التي استغرقوا وقتاً في وضعها. 

هذه  الأنواع من الأمثلة للأسف  ليست فقط تاريخية. فقد تعودنا على ان نسمع عن مدى معرفة الناس  بالعلوم (٤).  قد تتوقع ان بعض  عامة الناس يأخذون وقتاً قبل ان يصلوا  الى  أفكار رائدة (٥)  تتعارض مع ما قد كانوا دائما يعتقدون به .

ولكن العلماء أيضا، يتمسكون بمعتقداتهم الشخصية - من حيث التعريف، استنادا إلى طرق التفكير القديمة - وهذه  يمكن أن تعيق الابتكار الذي هو  قلب العلم. وهذا هو مشكلة. انه شيء واحد للرجل العادي  ان يقاوم  تطور النظريات العلمية. ويكون شيئاً آخر  تماماً إذا ما كانت الأفكار المسبقة لباحث ما  تمنعنا من اكتشاف الجديد والمجهول - سواء أكان ذلك علاجاً للزيكا أو تكنولوجيا متطورة لمكافحة تغير المناخ.

المعتقدات الشخصية وحواجز نشر الأبحاث
يحدث التقدم العلمي الحقيقي عندما تُنشر الابحاث المختبرية أو الميدانية. وإذا كان هناك حظ، يتم قبول النتائج وتوضع موضع التنفيذ و يتم تطوير الأدوية وتوضع  القوانين الاجتماعية، وتحسن الإجراءات  التعليمية وهلم جرا.
هذا عادة ما يحدث من خلال  نشر البحوث في المجلات العلمية. هناك خطوة هامة قبل نشر الابحاث  المختبرية   ربما لا يعرفها عامة  الناس    - تقييم الابحاث  من قبل باحثين آخرين. هؤلاء الباحثون الآخرون هم أقران للباحث الذي يريد نشر نتائج أبحاثه ، وعادة ما يعمل هؤلاء الأقران  في مجال ذي صلة بالبحث المراد نشره. ويشار إلى هذه الخطوة  عادة باسم مراجعة  الأقران (٦).

في العالم المثالي ، تحكيم البحث (٧) ينبغي ان يحدد ما اذا كانت الدراسة محكمة ونوعية .  ويراد من هذا التحكيم ان يكون تقييماً حيادياً لمعرفة ما إذا يصلح للنشر من قبل الدورية العلمية،  وهذه الخطوة المهمة من شأنها ان تمنع الابحاث الضبابية من الوصول الى العامة.      

ولكن في الواقع فان الباحثين  هم بشر وغالباً ما يكونون منحازين ويسمحون بمعتقداتهم ان تؤثر على المحكمين . وكمثال ، هناك الكثير من التقارير تشير الى انر الباحثين يقومون بتقييم الابحاث في صالح ما اذا كانت النتائج توافق معتقداتهم المسبقة (٨) . والأسوأ من كل شيء هذه المعتقدات المسبقة ليس لها ربط بالعلم ولكنها ببساطة معتقدات الباحث الشخصية.

لكن هذا عكس ما اظنه 
كيف تمثل هذه مشكلةً للابداع العلمي؟ دعنا ننظر الى كيف بمكن للمعتقدات الشخصية ان تحول دون الإبداع العلمي. 

الأقليات ليسوا جيدين في العلوم والتنكلوحيا والهندسة والرياضيات STEM . النمطية على ان النساء لسن جيدات في الرياضيات  (٩) من الاشياء الشائعة وهو ايضاً غير صحيح .  لو كان الباحث متمسكاً بهذا الاعتقاد الشخصي فهو من المحتمل ان يحكّم اي بحث قامت به نساء في مجالات العلوم والتنكلوحيا والهندسة والرياضيات STEM بشكل سلبي - ليس من جهة النوعية ولكن بسبب موقف المحكُم الشخصي.   

وكمثال ، بعض الدراسات اظهرت ان النساء المتقدمات على تخصصاصات  العلوم والتنكلوحيا والهندسة والرياضيات STEM  في المجالات الاكاديمية كن يُقيمن بشكل أكثر تددتً من نظرائهن الذكور (١٠) .  بسبب هذا التحيّز ضد الجندر فمن المحتمل ان تأخذ الباحثة الأنثى في مجال  العلوم والتنكلوحيا والهندسة والرياضيات وقتاً اكثر وجهداً قبل ان يصل بحثها الى الناس ( ينشر)  . 

بعض الأقليات العرقية تواجه نفس الأنواع من التحيز ، وكمثال، احد الدراسات ان المتقدمين من  السود اقل احتمالاً في الموافقة على طلبهم  تمويلاً  لأبحاثهم من معاهد الصحة الوطنية الامريكية بالمقارنة مع نطرائهم البيض (١١).  وهذا عائق كبير لهؤلاء الباحثين من التقدم في بحوثهم. 


الكتب المصورة هي كتب ترفيه هزيلة من الناحية الفكرية  للاطفال
وكمثال  من واقع خبرتي. الابحاث في الكتب المصورة (١٢) هي مجال دراسي حديث نسبياً .  وربما وبسبب هذا،  النتائج الابداعية في السايكلوجيا قد اكتشفت عن طريق تحليل الصور في الكتب المصورة (١٣).

ولكن الناس يعتقدون ان الكتب المصورة هي فقط كتب هزيلة من الناحية الفكرية للاطفال (١٤). فَلَو كان الباحث متمسكاً بموقفه  الشخصي فيمكن ان يحَكّم بشكل سلبي بحثاً سايكلوجياً يستخدم الكتب المصورة  . ولذلك من هم مثلي  ممن يركزون على هذه الأنواع من الكتب لايمكن ان ينشروا  في دوريات السايكلوجيا الاكثر انتشاراً . ولنفس الأسباب  فان عدداً  قليلاً من سيطّلع على بحثي هذا .  

الطرق التقليدية هي افضل الطرق 
وكمثال نهائي ، الاعتقاد الشخصي والذي يعارض مباشرة الإبداع العلمي . غالباً يعتقد الباحثون ان الطرق التقليدية والتقنيات هي افضل من اي مقاربة مقترحة.
يعطينا تاريخ السايكلوجيا مثالاً،   السايكلوجيا  السلوكية كانت  المدرسة  السايكلوجية المهيمنة  على الفكر في القسم الأول من القرن ال٢٠، معتمدة  على  السلوك الملاحظ لإعطاء الرؤى.  مؤيدو هذه المدرسة رفضوا التقنيات الجديدة لدراسة علم النفس. في  عهد هذه  المدرسة ، أي حديث عن العمليات الداخلية في الدماغ  كان يعتبر  محرماً. أحد رواد الثورة الادراكيةٌ  اللاحقة، جورج أ ميلر Miller، قال ان"استخدام 'الإدراك كان بمثابة  تحد." (١٥) لحسن الحظ بالنسبة لنا، فقد كان متحدياً  وقام بنشر ورقته العلمية حيث كانت واحدة من أكثر التي استشهد بها في أبحاث علم النفس (١٦).  

لو اعتقد باحث ان  الطريقة التي نقوم دائماً بها  في المختبرات انها الأفضل ، فإنه سوف يحكّم بأكثر سلبية أي بحث قام  على أساس  منهج جديد. وبسبب هذا، فالابحاث ذات  الدرجة العالية من الإبداع (١٧)   نادراً ما تنشر في أفضل المجلات العلمية و غالبا ما يتأخر طويلاً الاعتراف بها.

عندما تسود  الأفكار القديمة اليوم، فان  التقدم العلمي سيتوقف. وحيث  يتغير عالمنا بوتيرة أسرع من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى التفكير الإبداعي لمواجهة التحديات القادمة (١٨).

تقريبا بحكم التعريف، معظم الاكتشافات العلمية الهامة والمبتكرة غالبا  ضد المعتقدات القائمة للناس. فإذا  كانت  البحوث  التي تتفق مع المعتقدات الشخصية هي المفضلة ، إذاً  فأي بحث يقوم على أفكار جديدة فانه معرض للتجاهل . نحتاج  الى قفزة لتصور أرض مستديرة  في وقت لا يزال  يعتقد  الجميع   أنها مسطحة. 

كيف يمكن للعلماء ان يوقفوا  معتقداتهم الشخصية عن إعاقة التقدم العلمي؟ إزالة  المعتقدات الشخصية بشكل تام  من هذه السياقات أمر مستحيل. ولكن يمكننا أن نعمل على تغيير مواقفنا ذلك أنه وبدلاً من ان يكون  معرقلاً للتقدم العلمي يكون مشجعاً له. وقد حددت العديد من الدراسات السبل الممكنة لتعديل المواقف (١٩). والامر متروك للعلماء، بل والمجتمع أيضا، للبدء في النظر في مواقفهم وتغييرها نحو الأفضل.

بعد كل شيء، فنحن لا نريد تأخير الفكرة الجذرية القادمة في علم المناخ  والريادة في إيجاد علاج السرطان، أو الاكتشاف المبهر في علم الفلك لمجرد أننا لا نستطيع رؤية ما وراء  معتقداتنا   الأصلية.

مصادر من داخل النص؛
١-https://earthobservatory.nasa.gov/features/OrbitsHistory

٢-http://www.pewforum.org/2009/02/04/darwin-and-his-theory-of-evolution/

٣-http://www.scientus.org/Wegener-Continental-Drift.html

٤-http://www.pewresearch.org/science/2015/09/10/what-the-public-knows-and-does-not-know-about-science/

٥-http://www.pewresearch.org/fact-tank/2015/01/29/5-key-findings-science/

٦-https://www.elsevier.com/reviewers/what-is-peer-review

٧-https://authorservices.wiley.com/Reviewers/journal-reviewers/what-is-peer-review/index.html

٨-http://link.springer.com/10.1007/s12144-010-9087-5

٩-https://www.sciencemag.org/news/2014/03/both-genders-think-women-are-bad-basic-math

١٠-https://www.pnas.org/content/109/41/16474

١١-http://science.sciencemag.org/content/333/6045/1015

١٢-https://www.ingentaconnect.com/content/intellect/stic/2014/00000005/00000001/art00006

١٣-http://doi.org/10.16995/cg.71

١٤-https://www.peterlang.com/index.cfm?event=cmp.ccc.seitenstruktur.detailseiten&seitentyp=produkt&pk=46531&concordeid=68892

١٥-https://www.nytimes.com/2012/08/02/us/george-a-miller-cognitive-psychology-pioneer-dies-at-92.html?pagewanted=all&_r=0

١٦-https://psycnet.apa.org/doiLanding?doi=10.1037/h0043158

١٧-https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=2710572

١٨-http://www.penguinrandomhouse.com/books/isbn/9780140282023

١٩-https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/0163853X.2015.1026680

المصدر الرئيسي
https://theconversation.com/personal-beliefs-versus-scientific-innovation-getting-past-a-flat-earth-mentality-58842



للمواضيع المترجمة السابقة يرجى زيارة المدونة على صفحتنا على الإنترنت على هذا العنوان؛
 https://sites.google.com/view/adnan-alhajji




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق